المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الأخلاق والأدعية والزيارات
عدد المواضيع في هذا القسم 6329 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

مزارع المحاليل المغذية (مزارع البينات الصلبة)
19-4-2017
Stressed vowel system FOOT, GOOSE
2024-04-17
آيات الأحكام
20-12-2014
وسائل التنمية المستدامة - التحول المدني
2023-03-10
Finding Really Slick Stuff: Teflon
31-1-2017
طاقة أشعة γ
29-11-2021


الغرور والعُجُب  
  
205   01:26 صباحاً   التاريخ: 2024-12-11
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : الأخلاق في القرآن
الجزء والصفحة : ج2/ ص93-107
القسم : الأخلاق والأدعية والزيارات / الرذائل وعلاجاتها / العجب والتكبر والغرور /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10/12/2022 1565
التاريخ: 24-8-2020 1870
التاريخ: 4-2-2022 2069
التاريخ: 3-4-2022 2295

تنويه :

إن أحد الرذائل الأخلاقية المشهورة ليس عند علماء الأخلاق فحسب بل عند سائر أفراد الناس هي (الغرور) ، وهذه الصفة الرذيلة تتسبّب في انفصام الشخصية والجهل بالنسبة إلى الذات والآخرين والغفلة عن مكانته الفردية والاجتماعية والتخبّط في دوّامة الجهل والعجب وعدم الإطلاع على حقائق الامور.

إنّ الغرور يفضي بالإنسان أن يبتعد عن الله تعالى ويسير في خطّ الشيطان ، ويقلب الواقعيات في نظره ، وهذا الأمر يتسبب في اضرار كثيرة على المستوى المادي والمعنوي للإنسان.

الشخص المغرور يعيش في المجتمع مكروهاً من الآخرين حيث يتعامل معهم من موقع التوقعات الكثيرة الّتي تُفضي به إلى الإنزواء والعزلة الإجتماعية.

والغرور يُعتبر من الدوافع والمصادر لصفات رذيلة اخرى من قبيل التكبّر والانانية والعُجب والحقد والحسد بالنسبة إلى الآخرين والتعامل معهم من موقع التحقير والازدراء.

ونعلم أنّ أحد العوامل الأصلية لطرد الشيطان الرجيم من مرتبة القرب الإلهي هو (الغرور) الّذي كان يعيشه الشيطان ، وأحد الأسباب في عدم انقياد الكثير من الأقوام السالفة لدعوات الأنبياء السماوية وجود هذه الصفة الذميمة في واقعهم وأنفسهم.

إن الفراعنة والنماردة ابتعدوا عن الله تعالى بسبب غرورهم وبالتالي أصبح مصيرهم الأسود عِبرة للبشرية.

(الغرور) أحياناً يتجلّى في فرد معين ، واخرى في قوم ومجتمع أو عِرقٍ بشري ، ولا شكّ أنّ القِسم الثاني اخطر على واقع الإنسان والمجتمع لأنّه قد يدمّر بلد كامل أو يُحرق العالم بناره ، كما حصل في الحرب العالمية الاولى والثانية حيث كان الغرور والتعصّب العِرقي للألمان على الأقل أحد العوامل المهمّة لنشوب هذين الحربين

وبهذه الإشارة نستعرض أوّلاً تفسير مفردة (الغرور) ومفهومها في منابع اللغة وكتب علماء الأخلاق ، ثمّ نعود إلى الآيات والروايات الشريفة لإستجلاء أسباب الغرور وآثاره وافرازاته وطرق علاجه والوقاية منه.

  • مفهوم الغرور

إن هذه المفردة وردت بشكل واسع في كلمات العرب ولا سيّما في الآيات القرآنية الكريمة والروايات الإسلامية.

يقول الراغب في مفرداته عن هذه الكلمة : فالغرور (بفتح الغين ليتضمن معنىً وصفياً) كلّ ما يغرّ الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان ، وقد فسّر بالشيطان إذ هو أخبث الغارّين.

وفي (صحاح اللغة) عن كلمة (غُرور) انها بمعنى الامور الّتي تجعل الإنسان غافلاً (سواءاً المال والثروة أو الجاه والمقام أو العلم والمعرفة).

ويقول بعض أرباب اللغة كما يذكر الطريحي في (مجمع البحرين) : إن الغُرور هو ما كان جذاباً وجميلاً في ظاهره ولكنه مظلم ومجهول في باطنه.

وجاء في كتاب (التحقيق في كلمات القرآن الكريم) بعد نقل كلمات أرباب اللغة : أنّ الجذر الأصلي لهذه المفردة هي بمعنى اصول الغفلة بسبب التأثر بشيء آخر لدى الإنسان ومن لوازمها وآثارها الجهل والغفلة والنقصان والانخداع و... وجاء في (المحجّة البيضاء في تهذيب الأحياء) الّذي يُعتبر من أفضل كتب الأخلاق وعبارة عن تهذيب لكتاب (إحياء العلوم) للغزالي : «فالغرور هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه الطبع عن شبهة فاسدة فهو مغرور ، وأكثر الناس يظنون بأنفسهم الخير وهم مخطئون فيه ، فأكثر الناس إذاً مغرورون وإن اختلفت أصناف غرورهم واختلفت درجاتهم» ([1])

جاء في (التفسير الأمثل) في معنى هذه المفردة أنّ (غَرور) على وزن (جسور) ، صيغة مبالغة بمعنى الموجود الشديد الخُداع والحيلة والمكر ولذلك سُمّي الشيطان ب(غَرور) حيث يوسوس للإنسان ويخدعه ويستغفله ، وفي الحقيقة هو من قبيل بيان المصداق الواضح ، وإلّا فإنّ كلّ إنسان أو كتاب يمكن أن يقع في مقام الوسوسة وكلّ موجود إذا عمل على إضلال الإنسان فإنه يدخل في مصاديق كلمة (غَرور).

الغَرور في القرآن الكريم :

لقد وردت هذه المفردة في القرآن الكريم مرّات عديدة ، وكذلك ورد مضمونها في آيات اخرى أيضاً :

1 ـ (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)([2]).

2 ـ (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ .... قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ»)([3]).

3 ـ (قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ)([4]).

4 ـ (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ* أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ)([5]).

5 ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)([6]).

6 ـ (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)([7]).

7 ـ (يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)([8]).

8 ـ (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ* يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)([9]).

9 ـ (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)([10]).

10 ـ (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ* سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ). ([11])

11 ـ (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا ...)([12]).

12 ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ .... إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)([13]).

تفسير واستنتاج :

إن أوّل شرارة للغرور كما أشرنا إلى ذلك سابقاً كانت في بداية خلق الإنسان وتجلّت في إبليس كما تتحدّث عن هذه الواقعة «الآية الاولى» من الآيات مورد البحث عند ما سَأل الله تعالى إبليس عن السبب في امتناعه عن السجود لآدم (قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ...)([14]).

قال الشيطان الّذي تملّكه الغرور والعُجب (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)([15]).

أجل فإنّ حجاب الغرور والعجب قد أسدل على عين بصيرته حجاباً سميكاً إلى درجة أنّه لم يسوّغ له سلوك طريق السعادة وامتثال الأمر الإلهي الصريح ، فسقط في هُوَّة العصيان والتمرد وأصبح مطروداً وملعوناً إلى الأبد ، وعلى هذا يمكن القول انه كما أنّ قائد المستكبرين في العالم هو إبليس ، فكذلك قائد المغرورين في العالم إبليس أيضاً ، وهذان المفهومان أيّ الغرور والاستكبار بمثابة اللازم والملزوم.

إن إبليس وبسبب الغرور والاستكبار لم يستطع أن يرى حقيقة كرامة التراب على النار وأفضلية التوبة على العناد والإصرار على الذنب ، فكان من ذلك أن سلك في خط الضلال والتيْه وبقي كذلك إلى الأبد.

«الآية الثانية» تتحدّث عن قصة نوح أيْ أوّل أنبياء اولو العزم وتوضح جيداً أنّ أحد العوامل المهمّة في عناد قومه ووقوفهم ضد دعوته وارشاداته المخلصة من موقع الغرور هو هذه الصفة الرذيلة (الغرور) حيث تقول الآية (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ)([16]).

وبعد عدّة آيات يستعرض القرآن الكريم حالة الغرور والعُجب أكثر لدى هؤلاء الضالين حيث قالوا لنوح بصراحة (قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)([17]).

عادّة يتخذ الإنسان طريقاً يُبعده عن الأضرار المحتملة بحكم العقل ويتجنب عن سلوك الطريق الّذي يُحتمل أن يواجه الخطر فيه ، ولكن هؤلاء القوم المغرورين وبالرغم من مشاهدتهم لآثار حقّانية دعوة هذا النبي الكريم من خلال معجزاته ووجود احتمال نزول العذاب الإلهي فإنّهم لم يكتفوا بعدم الإهتمام والاعتناء بدعوته بل تحرّكوا مع دعوة نوح من موقع طلبهم لنزول العذاب الإلهي.

أجل فإنّ ذلك الغرور الّذي صار حجاباً على بصيرة الشيطان قد أصبح حجاباً لقوم نوح عن رؤية الحقيقة ، وبالتالي ذاقوا العذاب الإلهي الشديد وهلكوا عن آخرهم ، وهذا هو مصير المغرورين على طول التاريخ.

وتأتي «الآية الثالثة» لتتحدّث عن قوم شعيب الّذين جاءوا بعد قوم نوح وتورطوا في الغرور والعُجب أيضاً فكان مصيرهم هو نفس ذلك المصير المؤلم حيث تقول الآية (قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ)([18]).

هؤلاء في الحقيقة لن يجدوا جواباً منطقياً أمام البراهين العقلية والدعوة السماوية الحكيمة والمعجزات الإلهية الّتي جاء بها شعيب ، ولكنّ غرورهم وأنفتهم لم تبح لهم الإستسلام أمام دعوة الحقّ وبالتالي غشيهم العذاب الإلهي وأصابتهم الصاعقة السماوية والصيحة المهولة ، فدمّرت كلّ ما لديهم في طرفة عين ، ولم تبق لهم سوى أجساد متمزقة وآثار خاوية.

«الآية الرابعة» ناظرة إلى قصة فرعون وتستعرض بُعداً آخر من أبعاد هذه الصفة الرذيلة ، وتشير إلى أنّ الغرور والعُجب قد يمتد إلى باطن الإنسان ويستولي على عقله وروحه بحيث انه ليس فقط لا يهتم بالأدلة الواضحة على نبوة موسى (عليه‌ السلام) بل يواجهها بكلمات طفولية تنطلق من موقع العناد والغرور حيث تقول الآية (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ* أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ)([19]).

ثمّ تمادى فرعون في مواجهته لموسى وتمسّك بكلمات واهية وغير منطقية من قبيل أنّ موسى إذا كان صادقاً فلما ذا لا يلبس الأسورة من الذهب؟ ولما ذا لم تنزل الملائكة معه؟

وهكذا نجد أنّ الأشخاص المغرورين كالفراعنة والنمروديين وبسبب إهمالهم لدعوة الحقّ وغرورهم لا يدركون جيداً ما ذا يقولون ولا يهتمون لذلك حيث نجد كثيراً أنّ مثل هؤلاء يتكلمون بكلمات سخيفة بحيث يسخر منها حتّى المقربون منهم في أنفسهم ، ومن المعلوم أنّ هذه الحالة تتسبّب في غلق جميع نوافذ المعرفة الإلهية أمام الإنسان ، وايصاد جميع الطرق لسلوك سبيل الكمال المعنوي والتعالي الأخلاقي.

واللطيف أنّ موسى الّذي كان يشكو من لُكنة في لسانه تتعلق بمرحلة الطفولة ولكنه عند ما بُعث إلى النبوة وطلب من الله تعالى أن يحلُل عقدةً من لسانه فإنّ الله تعالى استجاب له ذلك ولكنّ فرعون لم يهتم لهذه الظاهرة العجيبة وبقي مصراً على وضعه السابق حيث أشار في كلامه إلى تلك اللكنة الّتي كانت لدى موسى في الصِغر.

«الآية الخامسة» تشير إلى اليهود الّذين كانوا يرون في أنفسهم حالة من التشخّص

والغرور والعُجب بتصورهم مميزات مختصة بهم تجعلهم يتفوقون ويمتازون على غيرهم من أفراد البشر ، وهذا التفكير الخاطيء هو السبب في ضلالهم وطغيانهم حيث تقول الآية (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)([20]).

أي أنّ الله إذا أراد أن يعذبنا فإنّ عذابه سيكون خفيفاً ولأيّام معدودة وذلك بسبب اننا قوم ممتازون.

إن تاريخ بني إسرائيل يشير إلى انّ هؤلاء القوم كانوا أكثر الأقوام والشعوب طغياناً وذنوباً ، وأحد العوامل والأسباب المهمة في سلوكهم الخاطيء هذا هو الغرور والعُجب لديهم.

ومع الأسف إننا نجد أنّ طائفة منهم باسم (الصهاينة) يرتكبون كلّ يوم جرائم بشعة ضدّ الشعوب البشرية بسبب ما دخلهم من الغرور الكبير بعرقهم وامتيازاتهم الزائفة ، وفي ذلك شوّهوا تاريخهم السيّء أكثر من السابق.

هؤلاء يريدون كلّ شيء لهم ولا يرون للآخرين الحقّ في أيّ شيء ، فهم يرون أنّهم قوم متميزون على سائر البشر وينظرون إلى الآخرين نظر الاحتقار والدونية.

«الآية السادسة» ناظرة إلى قوم صالح ، الّذين قد أسكرهم الغرور إلى درجة أنّهم طلبوا من نبيّهم نزول العذاب الإلهي عليهم ، بالرغم من رؤيتهم المعجزات الإلهية على يد نبيّهم صالح فتقول الآية (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)([21]).

ويتابع القرآن الكريم ما حدث لهؤلاء القوم الظالمين ويتحدّث عن مصيرهم المأساوي ويقول : «فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين» وهكذا كانت عاقبة القوم المغرورين.

«الآية السابعة» تتحدّث عن أهل النار الّذين يعيشون العذاب والظلمة الشديدة يوم القيامة في حين يعيش المؤمنون بنور الإيمان ويردون عرصات المحشر مسرعين ، فيناديهم هؤلاء المنافقون وأهل النار : (يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)([22]).

ثمّ تقول الآية الّتي بعدها بصراحة انه يُقال لهم «فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الّذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير».

وهنا يتجلّى بصورة واضحة أنّ أحد الصفات البارزة لهؤلاء المنافقين من أهل النار هي الغرور والابتلاء بحبال الأماني الطويلة والتوهمات الزائفة في حركة الحياة الدنيوية.

وكما ذكرنا في بداية البحث أنّ كلمة (غَرور) تتضمن معنى الخداع والمكر ، ولكن أحياناً يخدع الإنسان نفسه أيضاً ويكون مغروراً بذلك ، وأحياناً اخرى ينخدع بوساوس الشيطان أو الأفراد الّذين يعيشون حالة الشيطنة والمكر.

«الآية الثامنة» تتحدّث عن المنافقين المغرورين في هذه الدنيا وكيف أنّهم ينظرون إلى فقراء المؤمنين الحقيقيين من موقع الحقارة والازدراء ويتظاهرون أمامهم بالثروة والمال حيث تقول الآية متحدّثة عنهم وعن حالة الغرور المسيطرة عليهم (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ)([23]).

ثمّ يصل بهم الغرور إلى ذروته بحيث يصرّحون بأنه إذا رجعنا من ميدان الحرب إلى المدينة فسوف نُثبت لهؤلاء الفقراء والمعدمين مَن نحنُ «يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ» ([24]).

إذا لم يكن المنافقون يعيشون حالة (الغرور) فلا داعي لأن يتبجّحوا بثروتهم وأموالهم أمام المؤمنين وينظروا إليهم نظر الاحتقار والازدراء وبالتالي ينزلقون في وادي الكفر والنفاق والضلال.

«الآية التاسعة» تتحدّث عن طبيعة الإنسان ، أو بعبارة اخرى : طبيعة الإنسان الّذي لم يتكامل في مدارج الكمال الأخلاقي بل بقي في حالة عدم النُضج النفسي والروحي ، فمثل هذا الإنسان عند ما يجد الله قد أنعم عليه نعمة فإنه يتملكه الغرور والطغيان بسبب ضيق افقه وتفكيره فتقول الآية (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)([25]).

إذا كان هذا الكلام صادراً من موقع الشكر والثناء لله تعالى فإنه يدلّ على التواضع قطعاً ويدفع الإنسان بالتالي إلى مساعدة الأيتام والمساكين ، ولكن كما هو الظاهر من جوّ الآيات أنّ هذا الإنسان بعد ذلك يتحدّث من موقع الغرور والعجب ، وبهذا فإنّ هذا الكلام ليس فقط لا يترتب عليه أثراً إيجابياً ومطلوباً بل سيكون مصدراً لطغيانه وتكبره على الحقّ.

«الآية العاشرة» تتحدّث عن المشركين الأنانيين والمغرورين في مكّة وتقول (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ)([26]).

ولكن الله تعالى بعد ذلك يحذر هؤلاء المغرورين وينذرهم بالعذاب القريب ويقول (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)([27]).

وفي جميع هذه الموارد نلاحظ جيداً أنّ الغرور يمثل عاملاً مهماً في تورط الإنسان في دوّامة الذنوب والشقاء والتعاسة ، والقرآن الكريم يُخبرنا بخبر إعجازي عن إنهزام هؤلاء المغرورين وسرعان ما تلحق بهم الهزيمة والدمار ويكونون عبرة للآخرين.

«الآية الحادي عشر» تتحدّث عن المشركين الّذين اتخذوا الدين السماوي لعباً ولهواً بسبب الغرور الّذي أصابهم والّذي ادّى بهم إلى الكفر والعناد مع الحقّ فتقول الآية (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا ...)([28]).

ولعلّ هذا التعبير يشير إلى أنّ هؤلاء لا يقبلون الهداية وغير جديرين بها ، لأن الغرور قد اسكرهم إلى درجة أنّهم خُدعوا بزخارف الدنيا وبريقها المادي ، فهم لا يجدون في أنفسهم استعداداً للتسليم والإذعان للحقّ ولا يواجهون الحقّ إلّا على مستوى السخرية والاستهزاء ، وهذا يعني عمق الفاجعة الّتي تورطوا فيها بسبب غرورهم وعُجبهم.

وعبارة (دينهم) هي إشارة إلى فطرية الدين الإلهي حيث يشترك فيه جميع أفراد البشر حتّى المشركين ، أو هو إشارة إلى الأشخاص الّذين اتخذوا دينهم الوثني سخرية بسبب الغرور ، فلا يجدون في أنفسهم إلتزاماً بأحكام الوثنية ولا يتحركون مع الأوثان من موقع الانضباط والالتزام ، أو إشارة إلى الدين الإسلامي الّذي أنزله الله تعالى من أجلهم ولمصلحتهم.

«الآية الثانية عشر» تتحرّك من موقع التحذير لجميع الناس بأن لا ينخدعوا بالحياة الدنيا وبزخارفها ولا يغتروا بجمالها المادي ولا يقعوا في مصائد الشيطان وتقول «يا أَيُّهَا النَّاسُ .... إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ» ([29]).

واللطيف أنّ هذه الآية ذكرت من أسباب الغرور سببين : أحدهما زخارف الدنيا ، والثاني الشيطان ، وهذا التعبير يدلّ على أنّ الإنسان أحياناً يغتر بالأوهام وبالتصورات الواهية بدون أن يحظى بشيء من الحياة المادية المرفهة ويتصور لنفسه مقاماً ومنزلة غير واقعية ، وبذلك يطغى أمام الحقّ ويواجه الله والدين من موقع الطغيان والتكبّر ويقع في شراك الشيطان ، وصحيح أنّ زخارف الدنيا وجمالها وبريقها هو أحد مصائد الشيطان ، ولكن أحياناً يكون الخيال والتصوّرات الذهنية نافذة يعبر منها الشيطان ويستقر في فكره ويوسوس له ما يغتر به.

النتيجة النهائية :

ومن مجموع ما تقدّم من الآيات الكريمة وتفسيرها تتبيّن لنا هذه الحقيقة ، وهي أنّ مسألة الغرور والعُجب والأنفة كانت من العوامل الأصلية للفساد والانحراف والكفر والنفاق منذ أن وضع آدم قدمه على هذه الكرة الأرضيه وحتّى في جميع أدوار التاريخ البشري وعصور الأنبياء والأقوام السالفة وإلى هذا اليوم ، وقراءة هذه الشواهد ومطالعة هذه الآيات يشير إلى أيّة درجة كانت هذه الصفة الرذيلة مصدر شقاء طائفه عظيمة من الشعوب والمجتمعات البشرية ، ولو لم يكن دليلاً على قبح هذه الرذيلة الأخلاقية سوى هذه الآيات لكفى ذلك.

الغرور في الروايات الإسلامية:

إنّ الموقف السلبي والشديد من الغرور في الروايات الإسلامية ينعكس في أبواب كثيرة وطوائف متعددة من الروايات :

1 ـ ففي حديث عن الإمام أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) يقول : «سُكْرُ الْغَفْلَةِ وَالْغُرُورِ ابْعَدُ افَاقَةً مِنْ سُكْرِ الْخَمُورِ» ([30]).

2 ـ وفي حديث آخر عن هذا الإمام أنّه قال : «جِمَاعُ الشَّرِّ فِي الْاغرَارِ بِالْمَهَل وَالْاتِّكَالِ عَلَى الْعَمَلِ» ([31]).

فالإنسان المغرور هو الّذي يأتي بعمل بسيط ويتصور بذلك انه من أهل النجاة يوم القيامة ويتحرّك في حياته الدنيا بكامل الحرية بسبب هذا الغرور ، أو انه يكون قد ارتكب بعض الذنوب والمعاصي ولكنه يجد في امهال الله تعالى له امتيازاً لنفسه وبذلك يغتر بهذا الإمهال.

3 ـ ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام أنّ الغرور يتقاطع مع العقل حيث يقول «لَا يُلْقَى الْعَاقِلُ مَغْرُوراً» ([32]).

4 ـ ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام أيضاً أنّ الغرور يوقع الإنسان في دوّامة من الخيالات والتصورات الزائفة ويقطع عنه أسباب النجاة حيث يقول : «مَنْ غَرَّهُ السَّرَابُ تَقْطَعَتْ بِهِ الْاسْبَابُ» ([33]).

5 ـ ويقول الإمام أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) أيضاً في تعبير جميل حول طائفة من المنحرفين : «زَرَعُوا الْفُجُورَ وَسَقَوْهُ الْغُرُورَ وَحَصَدُوا الثُّبُورَ» ([34]).

6 ـ وفي حديث آخر عن هذا الإمام أنّه يعدّ الغرور والعُجب أحد الموانع لقبول الإنسان للموعظة والنصيحة ويقول : «بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمَوْعِظَةِ حَجَابٌ مِنَ الْغِرَّةِ» ([35]).

7 ـ وورد في الحديث الشريف عن هذا الإمام أيضاً في جملة قصيرة وعميقة المحتوى «طُوبَى لِمَنْ لمْ تَقْتُلُهُ قَاتِلَاتِ الْغَرُورِ» ([36]).

إن ما ورد أعلاه من الروايات الشريفة لا يُعدّ إلّا نماذج قليلة ممّا ورد من النصوص الكثيرة حول بيان أخطار الغرور والعُجب ، ولكن مطالعة هذه النماذج القليلة من الروايات في هذا الباب يكفي لبيان الأضرار الوخيمة والآفاق السلبية للغرور.

  • أسباب الغرور

ذكر بعض علماء الأخلاق أنّ الغرور من الصفات القبيحة الّتي يبتلي بها كلّ طائفة من الناس بشكل من الأشكال رغم تعدّد أسبابه ومراتبه ودرجاته.

فقد ذكروا أنّ أسباب الغرور والعجب كثيرة جدّاً ، وقسّموا المغرورين إلى طوائف مختلفة :

طائفة المغرورين بالعلم والمعرفة وهم الأشخاص الّذين يتملكهم الغرور عند ما يصلوا إلى مرتبة معيّنة من العلم ، فيتصورون أنّهم ملكوا الحقيقة فلا يرون سوى أفكارهم وعلومهم ولا يهتمون بأفكار الآخرين ولا يعتبرون لها قيمة ، وأحياناً يرون أنفسهم من المقربين عند الله تعالى ومن أهل النجاة قطعاً ، ولو انّ البعض واجههم بقليل من النقد فإنّهم سوف يجدون الألم يعتصر قلوبهم لأنهم يتوقعون من الجميع احترامهم وقبول كلامهم. وأحياناً يصيب الغرور بعض الأشخاص الضيقي الافق الّذين تعلّموا عدّة كلمات وقرءوا عدّة كتب وتصوّروا أنّهم فتحوا بلاد الصين وحلّوا المشكلات العويصة في العلم لمجرّد أنّهم قرأوا الكتاب الفلاني ، وهذا من أسوأ أنواع الغرور الّذي يجر العالم إلى منزلقات السقوط والانحطاط العلمي والاجتماعي.

ونقرأ في حديث شريف عن رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) يقول لابن مسعود: «يَا ابْنَ مَسْعُود! لَا تَغْتَرَّنَّ بِاللهِ وَلَا تَغْتَرَّنَّ بِصَلَاحِكَ وَعِلْمِكَ وَعَمَلِكَ وَبِرِّكَ وَعِبَادَتِكَ» ([37]).

فنرى في هذا الحديث الشريف إشارة لعوامل وأسباب اخرى للغرور منها : الأعمال الصالحة، الإنفاق في سبيل الله ، العبادات ، والّتي يمثل كلّ واحدٍ منها عاملاً من عوامل الغرور.

وقد نرى بعض الأشخاص الصالحين الّذين عند ما يُوفّقون لأداء بعض العبادات أو الأعمال الصالحة يتملكهم الشعور بالغرور بسبب ضيق افقهم وصغر نفوسهم فيتصوّرون أنّهم من أهل النجاة والسعادة ويرون سائر الناس بمنظار الإستهانة والتصغير ، وهذا قد يؤدي بهم إلى الهلاك والسقوط في وادي الضلالة والانحراف.

وأحد العوامل الاخرى للغرور هو أن يغتر الإنسان بلطف الله وكرمه ومغفرته ، حيث نجد بعض الأشخاص يرتكبون الذنوب بجرأة وبدون أيّ تردّد ، وعند ما يُسأل منهم عن سبب ارتكابهم لهذه الأعمال القبيحة ، يقولون : الله كريم وغفور ورحيم ، فنحن نعرف أنّ الله أكبر وأسمى من أن يؤاخذ بهذه الذنوب ويعاقبنا بسبب هذه التصرفات ، وأساساً فنحن لو لم نُذنب فلا معنى لعفو الله ومغفرته.

إنّ مثل هذه الأفكار المنحرفة والكلمات غير المنطقية تزيد من جرأتهم على ارتكاب الذنوب وبالتالي تؤدي بهم إلى السقوط والهلاك.

ولهذا نجد أنّ القرآن الكريم والروايات الإسلامية قد ذمّت هذا النوع من الغرور بشدّة ونهت عنه نهياً مؤكداً كما نقرأ في الآية السادسة من سورة الإنفطار قوله تعالى «يَا ايُّهَا الْانْسَانُ مَا غَرَّكَ بِربِّكَ الْكَرِيمِ».

ويقول أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) في تفسير هذه الآية الكريمة «يَا ايُّهَا الْانْسَانُ مَا جَرَّأَكَ عَلَى ذَنْبِكَ؟ وَمَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ؟ وَمَا انَّسَكَ بِهَلَكَةِ نَفْسِك؟!» ([38])

وفرق بين الشخص الّذي يرتكب الذنب ولكنه مع ذلك يعيش الجرأة ولا يجد في نفسه غضاضة لذلك وكأنه يطلب الله شيئاً ، وبين الشخص الّذي يرتكب الذنب ولكنه يعيش الخجل والندم ويأمل أن يشمله الله تعالى برحمته وعطفه ، فالأوّل قد ركب مَطِيّة الغرور، والثاني هو المتّصل بحبلٍ من الله ولطفه والأمل برحمته الواسعة.

ومن العوامل والأسباب الاخرى للغرور هو الجهل وعدم الإطلاع والمعرفة ، كما أنّ العلم والمعرفة أحياناً يكون سبباً للغرور ، فكذلك عدم المعرفة أيضاً قد يسبب الغرور في الكثير من الأشخاص الجهّال ، ولذلك ورد عن أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) قوله «مَنْ جَهِلَ اغَرَّ بِنَفْسِهِ وَكَانَ يَوْمُهُ شَرّاً مِنْ امْسِهِ» ([39]).

والآخر من أسباب الغرور والّذي يبتلي به الكثير من الناس هو الإغترار بزخارف الدنيا وبريقها من المال والمقام والشباب والجمال والقدرة وأمثال ذلك.

إنّ بعض الأشخاص الّذين يعيشون ضيق الافق وصِغَر النفس إذا وجدوا أحياناً أنّهم على شيءٍ من الثروة والمال أو المقام ، فسوف ينسون أنّ هذه عارية بأيديهم وأنّها في معرض الزوال والفناء ، وهذا النسيان يتسبّب لهم في العُجب والوقوع في دوّامة الغرور ، وهذا الغرور يتسبّب لهم في الابتعاد عن الله تعالى والاقتراب من الشيطان والتلوث بكثير من الذنوب.

ونقرأ في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) قوله «الدُّنْيَا حُلُمٌ وَالْاغْتِرَارُ بِهَا نَدَمٌ» ([40]).

وفي حديث آخر عن هذا الإمام (عليه‌ السلام) أنّه قال : «لَا تَغُرَّنَّكَ الْعَاجِلَةُ بِزُورِ الْمَلَاهِي ، فَانَّ الْلَهْوَ يَنْقَطِعُ ، وَيُلْزِمُكَ مَا اكْتَسَبْتَ مِنَ الْمَآثِم» ([41]).

ومن العجائب أنّ جميع الناس يرون بامّ أعينهم ظاهرة الزوال السريع للنعم المادية والدنيوية وتلاشي الأموال والثروات وسقوط الحكومات والقدرات الدنيوية كلّ يوم ، ولكن عند ما تصل النوبة إليهم يتملكهم الغرور الشديد بحيث يتصوّرون انّ ما يتعلق بهم مخلّد وسيبقى إلى الأبد ولا يزول عنهم إطلاقاً.

أجل فإنّ أسباب الغرور متنوعة بشكل كبير ، والخلاص من هذه المصيدة صعبٌ جداً ولا يتسنّى للإنسان إلّا في إطار التقوى والتوكل على الله والالتفات إلى انّ جميع هذه الامور سريعة الزوال وفانية.

  • علائم الغرور

إن علامات الغرور تارة تكون واضحة جداً بحيث إنّ الإنسان يدركها فوراً وفي أوّل بادرة ويدرك أنّ الشخص الفلاني مصاب بداء الغرور والعُجب ، من قبيل عدم اهتمامه بالآخرين ، عدم اهتمامه بالحلال والحرام والأحكام الشرعية ، عدم مراعاة الأدب مع الكبار وترك المودّة والمحبّة مع الأصدقاء والأقرباء ، التعامل مع الأقل منه شأناً من موقع القساوة والخشونة ، التحدّث بكلام مرتبك وبعيد عن الأدب ، الضحك العالي والقهقهة ، قطع كلام الآخرين ، النظر إلى الصالحين والأخيار والعلماء بعين الحقارة والازدراء ، وكذلك المشي بصورة غير متعارفة ، ضرب الأقدام على الأرض عند المشي ، تحريك الكتفين ، النظرات غير المتعارفة إلى الأرض والسماء ، وحتّى أحياناً يصدر منه بعض سلوكيات المجانين والسفهاء من الناس ، وكلّ ذلك من علائم الغرور والفخر.

ولكن أحياناً اخرَى تكون علائم الغرور خفية ومستورة ، فلا يمكن إدراكها بسهولة بل تحتاج إلى دقّة وتأمل للعثور على هذه الصفة في واقع النفس أو لدى الآخرين ، من قبيل أنّ بعض الأشخاص وبعد مدّة قصيرة من الدرس يتركون استاذهم ويرون أنّهم مستغنون عن الدرس والاستاذ ، أو من قبيل الشخص الّذي يجد في نفسه علاقة شديدة للإنزواء والعزلة عن الناس ، ويمكن أن يبرّر ذلك بعدم حضور مجالس الغيبة والتلوث بالذنوب وأمثال ذلك ، في حين أنّه مع قليل من الدقة نجد أنّ السبب الحقيقي لذلك هو الغرور والفخر والعجب حيث يرى نفسه طاهراً ومؤمناً ويرى الآخرين أقلّ من ذلك شأناً لتلوّثهم وجهلهم.

أجل ليس فقط صفة الغرور هي الّتي تختفي أحياناً في زوايا النفس ، بل هناك الكثير من الصفات الرذيلة تعيش في واقع الإنسان في حالة كمون وخفاء ولا يعلمُ بها الشخص بل قد تظهر هذه الصفات الرذيلة بمظهر حسن وتلبس لباس الفضيلة بحيث يعتقد صاحبها بأنّها فضائل ولا يستطيع تشخيص ذلك إلّا للأساتذة والأساطين من علماء الأخلاق وأصحاب السلوك وأرباب المعرفة.

  • المعطيات الفردية والاجتماعية للغرور

قلّما نجد لسائر الصفات الرذيلة من الآثار السيئة والنتائج السلبية والمضرة مثلما نجده في الغرور والفخر.

إن افرازات الغرور السلبية تكاد تستوعب جميع حياة الإنسان الدنيوية والأخروية على مستوى الضرر والفساد ، ومن بين الأضرار المترتبة على الغرور ما يلي :

1 ـ إن الغرور يسدلّ على عقل الإنسان وبصيرته حجاباً سميكاً يمنعه من إدراك حقائق الامور ولا يسمح له برؤية نفسه والآخرين كما هو الواقع ولا يسمح له أن يقيّم الحوادث الإجتماعية تقييماً سليماً ويتخذ منها موقفاً صحيحاً.

وقد سبق أن ذكرنا الحديث الشريف الوارد عن أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) أنّه قال : «سُكْرُ الغَفلةِ والغُرور أبْعدُ إفاقةً مِن سُكْرِ الخُمور».

2 ـ إن الغرور يُعد عاملاً مهماً للفشل والتخلّف الفكري والجفاء النفسي في حركة الحياة. فالجيش المغرور من السهل أن يقع في حبائل الهزيمة والفشل الذريع ، والسياسي المغرور من اليسير أن يسقط في حركته السياسية ويخسر نفوذه الإجتماعي ومقامه السياسي ، والطالب المغرور يفشل في الامتحان ، والرياضي المغرور سوف يخسر اللعبة مع الطرف المقابل ، وأخيراً فالمسلم المغرور سيكون مورد الغضب الإلهي ، والتعبير بقوله (قاتلات الغرور) في الروايات الإسلامية يمكن أن يكون إشارة إلى هذا المعنى.

3 ـ إنّ الغرور يعمل على توقف حركة الإنسان التكامليّة بل قد يؤدي به إلى الإنحطاط والتخلّف ، لأن الإنسان عند ما يُصاب بالغرور فإنه لا يرى نقائصه ومعايبه ، وبالتالي فالشخص الّذي لا يشعر بالنقصان فسوف لا يتحرّك باتّجاه الكمال وإصلاح الخلل.

وهذا ما نقرأه في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) حيث قال : «مَنْ جَهِلَ أغرّ بنفسهِ وكان يَومه شرّاً من أمْسِهِ».

4 ـ إن الغرور يتسبّب في حبط الأعمال وفساد الطاعات ، لأنّه لا يسمح للإنسان بأعمال الدقة في عمله وبالتالي يتسبّب في خراب العمل ، فالطبيب المغرور يمكن أن يبعث بمريضه إلى الموت أو يؤدي به إلى تلف أحد الأعضاء ، والسائق المغرور سيبتلي بالحوادث الخطرة ، وهكذا المؤمن المغرور قد يبتلي بالرياء والعُجب وسائر الامور الّتي تفسد العمل وتحبط الحسنات كما ورد في الحديث عن أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) أنّه قال «غَرُورُ الْامَلِ يُفْسِدُ الْعَمَلَ» ([42]).

5 ـ إن الغرور يمنع من التفكّر في عواقب الامور كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) قوله «لَمْ يُفَكِّرْ فِي عَوَاقِبِ الْامُورِ مَنْ وَثِقَ بِزُورِ الْغُرُورِ» ([43]).

6 ـ انّ الغرور غالباً ما يتسبّب في الندم وذلك لأن الإنسان المغرور لا يستطيع التقييم الصحيح للحوادث بالنسبة له وللآخرين وسيقع في محاسباته الفردية والاجتماعية في الخطأ والاشتباه ، وهذا الأمر يُفضي به إلى الندم ، وفي هذا المجال يقول أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) : «الدنيا حلم والاغترار بها ندمٌ» ([44]).

7 ـ ويمكن القول في جملة واحدة : إن الأشخاص الّذين يعيشون حالة الغرور هُم في الواقع فقراء ومساكين في الدنيا والآخرة كما ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه‌ السلام) «الْمَغْرُورُ فِي الدُّنْيَا مِسْكِينٌ وفِي الْآخِرَةِ ، مَغْبُونٌ لِانَّهُ بَاعَ الْافْضلَ بِالْادْنَى» ([45]).

  • طرق علاج الغرور

بما أنّ الغرور ينشأ غالباً من الجهل وعدم المعرفة بالنفس وعدم تقييم الذات بشكل صحيح فإنّ أوّل خطوة لعلاج هذا المرض الأخلاقي هو معرفة النفس ومعرفة الله تعالى وكذلك معرفة الاستعدادات والقابليات لدى الأشخاص الآخرين.

إذا رجع الإنسان في ذكرياته إلى مرحلة الطفولة وجد نفسه عاجزاً عن كلّ شيء ، وإذا تفكّر الإنسان في المراحل المتقدّمة من عمره وجد نفسه عاجزاً أيضاً عن عمل أيّ شيء، وإذا تفكّر فيما لديه من القدرة والمال والثروة والشباب والجمال ، لوجد انّ جميع هذه الامور تتعرض للتلف والزوال وتصيبها الآفات المختلفة.

وكذلك إذا عاد لينظر في تاريخ الأقوام السالفة والمجتمعات البشريه الماضية وسرعة زوال قدراتها وتلف أموالها وثرواتها واندثار ما تبقى من امكاناتها وحضارتها وشموخها ، لما أصابه الغرور.

كيف يغتر الإنسان بعلمه والحال انه من المحتمل أن يُصاب بضربة على رأسه فينسى جميع علومه بل ينسى حتّى اسمه؟

وكيف يغتر الإنسان بأمواله في حين أنّ تغييراً بسيطاً في السوق أو وقوع حادثة مهمة اجتماعية أو سياسية أو عسكرية بامكانها أن تُبيد جميع أمواله بل قد يغرق في الدين والقرض أيضاً.

وعلى أيّة حال فإنّ ممّا يزيل عن الإنسان حالة الغرور والفخر والسكر بزخارف الدنيا وبريقها هو معرفة النفس وأوضاع العالم الدنيوي المتحركة وعدم ثباتها وكثرة تغيرها وتبدلّها.

والقرآن الكريم يخاطب هؤلاء المغرورين من موقع التحذير والإنذار ويقول : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)([46]).

وشبيه هذا المعنى ورد في سورة غافر الآية 21 و 82 أيضاً إذا تفكر الإنسان جيداً في معالم وأعضاء جسمه وكوامن روحه ونفسه لوجد الضعف مهيمناً على أجواء كيانه وكيف أنّ الحوادث الجزئية والتوافه بإمكانها أن تهدم حياته وتشل حركته فسوف لا يصاب بسكر الغرور أبداً كما يقول أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) «مِسْكِينُ بْنُ آدَمَ مَكْتُومُ الْاجَلِ ، مَكْنُونُ الْعِلَلِ مَحْفُوظُ الْعَمَلِ ، تُؤْلِمُهُ الْبَقَّةُ وَتَقْتُلُهُ الشَّرْقَةُ وتُنْتِنُهُ الْعَرْقَةُ» ([47]).

ونقرأ في حالات (عيّاض) الوزير المعروف والمقتدر للسلطان محمود الغزنوي حيث ورد انه كان يدخل كلّ يوم في غرفة خاصّة ويغلق الباب من ورائه وبعد لحظات يخرج منها ، فلفت هذا السلوك نظر البعض وتعجّبوا من هذا السلوك وتصوروا أن سرّاً خطيراً كامناً في هذه الغرفة ، وبعد التحقيق اتّضح لهم انه اخفى ملابسه الّتي كان يلبسها أيّام كان راعياً للغنم في هذه الغرفة ، وكلّ يوم يدخل إلى هذه الغرفة لينظر إلى تلك الملابس الرثّة ويقول لنفسه : لقد كنتَ يا عياض راعياً للغنم والآن سلّمك الله مقام الوزارة ، فلا تغتر بذلك وعليك أن تخشى غداً عند ما تفقد هذا المقام وعليك دينٌ ولا تستطيع الوفاء به.

ولو أنّ جميع أرباب القدرة والسلطة سلكوا هذا المسلك في تربية نفوسهم فإنّ الغرور لا يجد طريقاً للنفوذ إلى قلوبهم ، ولكن مع الأسف فإنّ كلّ إنسان لا يكون مثل عيّاض.


[1] المحجّة البيضاء ، ج 6 ، ص 293.

[2] سورة الأعراف ، الآية 12.

[3] سورة هود ، الآية 27 ـ 32.

[4] سورة هود ، الآية 91.

[5] سورة الزخرف ، الآية 51 و 52.

[6] سورة آل عمران ، الآية 24.

[7] سورة الأعراف ، الآية 77.

[8] سورة الحديد ، الآية 14.

[9] سورة المنافقون ، الآية 7 و 8.

[10] سورة الفجر ، الآية 15.

[11] سورة القمر ، الآية 44 و 45.

[12] سورة الأنعام ، الآية 70.

[13] سورة لقمان ، الآية 33.

[14] سورة الأعراف ، الآية 12.

[15] سورة الأعراف ، الآية 12.

[16] سورة هود ، الآية 27.

[17] سورة هود ، الآية 32.

[18] سورة هود ، الآية 91.

[19] سورة الزخرف ، الآية 51 و 52.

[20] سورة آل عمران ، الآية 24.

[21] سورة الأعراف ، الآية 77.

[22] سورة الحديد ، الآية 14.

[23] سورة المنافقون ، الآية 7.

[24] سورة المنافقون ، الآية 8.

[25] سورة الفجر ، الآية 15.

[26] سورة القمر ، الآية 44.

[27] سورة القمر ، الآية 45.

[28] سورة الأنعام ، الآية 70.

[29] سورة لقمان ، الآية 33.

[30] غرر الحكم ، ح 5750.

[31] غرر الحكم ، ح 3002.

[32] غرر الحكم ، ح 7183.

[33] غرر الحكم ، ح 2376.

[34] نهج البلاغة ، الخطبة 2.

[35] نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الحكمة 282.

[36] غرر الحكم ، ح 5973.

[37] مكارم الأخلاق ، ج 2 ، ص 350.

[38] نهج البلاغة ، الخطبة 223.

[39] غرر الحكم ، ح 8744.

[40] غرر الحكم ، ح 1384.

[41] غرر الحكم ، ح 10363.

[42] غرر الحكم ، ح 6390.

[43] غرر الحكم ، ح 7566.

[44] غرر الحكم ، ح 1384.

[45] ميزان الحكمة ، ج 3 ، ص 2237 (مادّة غرور).

[46] سورة الروم ، الآية 9.

[47] نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الحكمة 419.




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.