أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-4-2020
2942
التاريخ: 31-3-2021
2912
التاريخ: 14-2-2021
1574
التاريخ: 22-7-2021
3352
|
شرح مقتضب للمسار التأريخي لعلم الأخلاق :
فمما لا شك فيه أنّ الأبحاث الأخلاقية ، ولدت مع أوّل قدم وضعها الإنسان على الأرض ، لأن النّبي آدم (عليه السلام) لمُ يعلّم أبناءه الأخلاق فقط ، بل إنّ البّاري تعالى ، عند ما خلقه وأسكنه الجنّة ، أفهمه المسائل الأخلاقيّة والأوامر والنّواهي ، في دائرة السّلوك الأخلاقي مع الآخرين.
واتخذ سائر الأنبياء (عليهم السلام) طريق تهذيب النّفوس والأخلاق ، والتي تكمَن فيها سعادة الإنسان ، حتى وصل الأمر إلى السيّد المسيح (عليه السلام) ، حيث كان القسم الأعظم من تعاليمه ، هو أبحاثٌ أخلاقيّةٌ ، فَنَعَته حواريّوه وأصحابه بالمعلِّم الأكبر للأخلاق.
ولكن أعظم مُعلِّمي الأخلاق ، هو : رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لأنّه رفع شعار : «إنّما بُعثت لُاتمّم مكارَم الأخلاق».
وقال عنه الباري تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)([1]).
ويوجد قديماً بعض الفَلاسفة ، مَنْ لُقّب بمعلّم الأخلاق ، مثل : إفلاطون ، وأرسطو ، وسُقراط ، وجَمعٌ آخر من فَلاسفة اليونان.
وعلى كلّ حال ، فإنّه وبعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فإنّ الأئمّة (عليهم السلام) هم أكبر معلّمي الأخلاق ، وذلك بشهادة الأحاديث التي نُقلت عنهم ، حيث ربّوا أشخاصاً بارزين يمكن أن يعتبر كلّ واحد منهم مُعلِّماً لعصرهِ.
فحياة المعصومين (عليهم السلام) وأتباعهم ، هي خيرُ دليلٍ على سُمّو نفوسهم ، ورفعة أخلاقهم ، في حركة الواقع.
ويبقى السّؤال في أنّه متى تأسّس علم الأخلاق في الإسلام ، ومن هم مشاهيره؟. وهذا البحث مذكورٌ بالتّفصيل في الكتاب القيّم : تأسيس الشّيعة لعلوم الإسلام ، بقلم آية الله الشّهيد الصّدر (قدس سره). ولا بأس بالإشارة إلى بعض ما جاء فيه ، حيث قسّم السيد الصدر الموضوع إلى ثلاثة أقسام :
أ ـ يقول إنّ أوّل من أسّس علم الأخلاق ، هو الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، (وذلك من خلال الرّسالة التي كتبها لإبنه الإمام الحسن (عليه السلام)) بَعد رجوعه من صفّين ، حيث بيّن الاسس الأخلاقيّة ، وتطرق للمَلكات الفاضلة والصّفات الرذيلة ، وحلّلها بأحسن وجهٍ ([2]).
ونقل هذهِ الرّسالة ، بالإضافة إلى السيّد الرّضي في نهج البلاغة ، الكثير من علماء الشّيعة أيضاً.
ونقلها كذلك بعض علماء أهل السُنّة ، مثل : أبو أحمد بن عبد الله العسكري ، في كتابه الزّواجر والمواعظ ، حيث أوردها كلّها وقال : (لو كانَ مِنَ الحِكمةِ ما يجب أن يُكتبَ بالذّهبِ لكانتْ هذِهِ).
ب ـ أوّل من كتب كتاباً في دائرة (علم الأخلاق) ، هو : إسماعيل بن مهران أبو النصر السكوني ، وهو من علماء القرن الثاني ، وأسماه : المؤمن والفاجر ، (وهو أوّل كتاب أخلاقي عُرف في الإسلام).
ج ـ بعدها يذكر بعض من أسماء أكابر العلماء في هذا المجال ، (وإن كانوا لم يألفّوا كُتباً فيها) مثل : «سلمان الفارسي» ، حيث قال في حقّه الإمام علي (عليه السلام) : «سَلمانُ الفارسِي مِثلُ لُقمانِ الحَكيمِ ، عَلِمَ عِلمَ الأوّلِ والآخرِ ، بحرٌ لا يُنزفُ ، وهو مِنّا أهلَ البيتِ» ([3]).
2 ـ «أبو ذَرْ الغَفاري» ، والذي بقيَ طويلاً يُروّج للأخلاق الإسلاميّة ، وهو الّنموذج الحيّ لها ، والمشاحنات التي كانت بينه وبين الخليفة الثّالث «عَثمان» ، و «معاوية» ، في المسائل الأخلاقيّة معروفةٌ لدى الجميع ، حيث أودت بحياته ، ومات في سبيل ذلك الطّريق القويم.
3 ـ «عَمّار بن ياسِر» ، وقد ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقّه وحقّ إخوانه وأصحابه المخلصين ، يبيّن منزلتهم الأخلاقية السّامية ، فقال : «أينَ إِخواني الّذين رَكِبُوا الطَّريقَ وَمَضوا عَلَى الحَقِّ ، أينَ عَمّارُ ... ثُمَّ ضَربَ يَدَهُ عَلَى لِحيَتِهِ الشَّريفَةِ الكَريمَةِ فأطالَ البُكاءَ ، ثُمَّ قَالَ : اوَّهْ عَلى إِخواني الَّذِينَ تَلَوا القُرآنَ فأحكَمُوهُ ، وَتَدّبَرُوا الفَرضَ فأقامُوهُ ، أَحْيَوا السُّنّةَ وأماتُوا البِدعَةَ» ([4]).
4 ـ «نوف البكّالي» ، كان مثال الزّهد والعبادة وحُسن الأخلاق ، وتوفّي بعد السّنة (90) للهجرة.
5 ـ «محمد بن أبي بكر» ، كان من خُلّص أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ويحذو حَذو الإمام في الزّهد والعبادةِ والأخلاق.
6 ـ «الجارود بن المنذر» ، كان من أصحاب الأئمّة الرابع والخامس والسادس (عليهم السلام) ، ومن كبار العلماء في العِلم والعمل ، وله مقامٌ رفيعٌ جدّاً.
7 ـ «حذيفة بن المنصور» ، كان من أصحاب الأئمّة : الباقر والصادق والكاظم (عليهم السلام) ، وقيل عنه : (أنّه أخذ عن اولئك العظام ، وقد نبغ في مكارم الأخلاق وتهذيب النفس).
8 ـ «عثمان بن سعيد العمري» ، هو أحد الوكلاء الأربعة للإمام المهدي (عليه السلام) ، ومن أحفاد عمّار بن ياسر (رحمه الله) ، وقالوا فيه : (ليس له ثانٍ في المعارف والأخلاق والفقه والأحكام).
وكثيرٌ من العظماء الّذين يطول ذكرهم.
ونودُّ الإشارة إلى أنّ كثيراً من الكتب الأخلاقيّة ، وعلى مدى التأريخ الإسلامي ، قد كُتبت ، ونذكر منها :
1 ـ من القَرن الثّالث ، كتاب : «المانعاتُ من دخول الجنّة» ، بقلم جعفر بن أحمد القُمي ، وهو من كبار العلماء في عصره.
2 ـ من القَرن الرّابع ، كتاب : «الآداب» وكتاب «مكارم الأخلاق» ، بقلم عليّ بن أحمد الكوفي.
3 ـ كتاب : «طهارة النّفس» أو «تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق» ، بقلم إبن مَسكويه ، والمُتوَفّى في القَرن الخامس ، فهو من الكتب المعروفة في هذا المجال ، وله كتاب آخر في علم الأخلاق ، وإسمه «آداب العرب والفُرس» ، ولكن شهرته ليست كشهرة الكتاب المذكور آنفاً.
4 ـ كتاب : «تنبيه الخاطر ونزهةُ الناظر» ، والذي عُرِف ب : «مجموعة ورّام» ، أحد الكتب المعروفة أيضاً في هذا المجال وكاتبه «ورّام بن أبي الفوارس» ، من علماء القَرن السّادس الهجري.
5 ـ ونرى في القَرن السّابع كتابي : «الأخلاق النّاصرية وأوصاف الأشراف وآداب المتعلمين» ، للشيخ خَواجة نصير الطّوسي (رحمه الله) ، فكلّ واحد منها مَعلَم من مَعالم التّصنيف في هذا المجال ، في ذلك القرن.
6 ـ وفي باقي القُرون نرى كتباً مثل : «إرشاد الديلمي» ، «مصابيح القلوب للسبزواري» ، «مكارم الأخلاق لحسن بن أمين الدين» ، و «الآداب الدينية لأمين الدين الطّبرسي» ، و «المحجة البيضاء للفيض الكاشاني» ، وهو كتاب قيّم جداً في هذا العلم ، و : «جامع السّعادات» و «معراج السّعادة» ، وكتاب : «أخلاق شبّر» ، وكثير من الكتب الاخرى ([5]).
والمرحوم العلّامة الطّهراني ، أورد عشرات التّصانيف في كتابه المعروف ب : «الذريعة» ([6]).
ويجب الإشارة إلى أنّ كثيراً من الكتب الأخلاقيّة ، طُبعت بعنوان كتب : السير والسلوك إلى الله ، والبعض الآخر طُبع بعنوان : الكتب العرفانيّة ، وتطرّق البعض الآخر لمسائل الأخلاق في فصل أو فصلين ، ككتاب : «بحار الأنوار» و «اصول الكافي» ، حيث يُعدّان من أفضل مصادر هذا العلم.
[1] سورة القلم ، الآية 4.
[2] رسالة الامام السّجاد عليهالسلام الحقوقية ، ودعاء مكارم الأخلاق ، وكثير من الأدعية والمناجاة في طليعة الآثار الأخلاقية الإسلامية المعروفة ، بحيث لا يوازيها أثر ولا يصل إلى مقامها شيء.
[3] بحار الأنوار ، ج 222 ، ص 391.
[4] نهج البلاغة ، خطبه 182.
[5] مُلخص ومُقتبس من كتاب تأسيس الشّيعة لعلوم الإسلام. الفصل الأخير.
[6] الذريعة ، ج 1.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|