أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-12-26
118
التاريخ: 2024-09-07
137
التاريخ: 2024-09-07
164
التاريخ: 2024-09-08
157
|
باب الهمزتين إذا التقتا
وذلك على ضربين: فضرب يكونان فيه في كلمة واحدة, وضرب في كلمتين منفصلتين, اعلم: أن الهمزتين إذا التقتا في كلمة واحدة لم يكن بُدٌّ من إبدال الآخرةِ ولا تخفف, فمن ذلك قولك في فاعل من "جئت": جائي, أبدلت مكانها الياء لأن ما قبلها مكسور وكذلك إن كان قبلها مفتوح جعلتها ألفًا نحو آدمَ لانفتاح ما قبلها، قال(1): وسألت الخليل(2) عن فَعْلَلٍ من جئتُ فقال (3): جَيأَي, مِثال جَيعا, وإذا جمعت آدم قلت: أَوادم كما أنك إذا حقرت قلت: أُويدم, صيروا ألفهُ بمنزلة ألف خالدٍ؛ لأن البدل من نفس الحرف فشبهت ألف آدم بألف "خالدٍ" لانفتاح ما قبلها لأنها ليست من نفس الكلمة ولا بأصل فيها, وأما خَطايا فأصلها خَطَائي فحقها أن تبدل ياء، فتصير: خطائي فقلبوا الياء ألفًا ورفَعوا ما قبلها, كما قالوا "مُداري" أبدلوا الهمزة الأولى ياء كما أبدلوا "مَطايا" وفرقوا بينها وبين الهمزة التي من نفس الحرف, وناس يحققون فإذا وقعت الهمزة بين ألفين خففوا, وذلك قولهم: كساءان ورأيت كساءين كما يخففون إذا التقت الهمزتان؛ لأن الألف أقرب الحروف إلى الهمزة ولا يبدلون ياء لأن الألف الآخرة تسقط, ويجري الاسم في الكلام.
الضرب الثاني: من التقاء الهمزتين وهو ما كان منه في كلمتين منفصلتين:
اعلم: أن الهمزتين إذا التقتا وكل واحدة منهما في كلمة, فإن أهل التحقيق يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما, كما يستثقل أهل الحجاز تحقيق الواحدة, وليس من كلام العرب أن تلتقي همزتان محققتان إلا إذا كانتا عينًا مضاعفة في الأصل نحو سماءين ومن كلامهم تحقق الآخرة وهو قول أبي عمرو(4) وذلك قول الله عز وجل: فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا (5)، يَا زَكَرِيَّا إِنَّا (6)، ومنهم من يحقق الأولى ويخفف الآخرة, وكان الخليل(7) يستحب هذا ويقول: لأني رأيتهم يبدلون الثانية في كلمة واحدة كآدم, وأخذ به أبو عمرو(8) في قوله: يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ(9) فحقق الأولى وقال سيبويه: وكل عربي والزنة واحدة محققة ومخففة، ويدلك على ذلك قول الأعشى(10):
أَانْ رَأَتْ رَجُلًا أَعْشَى أَضَرَّ بِهِ ...
فلو لم يكن بزنتها محققة لانكسر البيت, وأما أهل الحجاز(11) فيخففون الهمزتين لأنه لو لم يكن إلا واحدة لخففت, فتقول: اقرأ آية في قول من خفف الأولى؛ لأن الهمزة الساكنة إذا خففت أبدلت بحركة ما قبلها, ومن حقق الأولى قال: اقْر آية ويقولون: اقْرِي مثل: اقر آية؛ لأنه خفف همزة متحركة قبلها حرف ساكن, وأما أهل الحجاز(12) فيقولون: اقرأ آيةً ويقولون: أَقرِي باكَ السلام, يبدلون الأولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها, ويحذفون الثانية لسكون ما قبلها, ومن العرب ناس(13) يدخلون بين ألف الاستفهام وبين الهمزة ألفًا إذا التقتا؛ وذلك لأنهم كرهوا التقاء الهمزتين ففصلوا كما قالوا: اخشينانِ(14)، فهؤلاء أهل التحقيق، وأما أهل الحجاز فمنهم من يقول: آإنكَ وآأنتَ وهي التي يختار أبو عمرو (15) ويدخلون بين الهمزتين ألفًا ويجعلون الثانية بينَ بين كما يخفف بنو تميم في التقاء الهمزتين, وكرهوا الهمزة التي هي بينَ بين مع الأول كما كرهوا معها المخففة, وأما الذين لا يخففون الهمزة فيحققونهما جميعًا ويدخلون(16) بينها ألفًا, وإن جاءت ألف الاستفهام وليس قبلها شيء لم يكن من تحقيقها بد وخففوا الثانية, واعلم: أن الهمزة التي يحقق أمثالها أهل التحقيق من بني تميم وأهل الحجاز وتُجعل في لغة أهل التخفيف بينَ بين, قد تبدل مكانها الألف إذا كان ما قبلها مفتوحًا والياء إذا كان ما قبلها مكسورًا, ياء مكسورة, وليس هذا بقياس مطرد، وإنما يحفظ عن العرب(17) حفظًا، فمن ذلك قولهم
في "منسأةٍ" مِنْسأة, ومن العرب من يقول في أوْ أَنْتَ, أوَّنْتَ وأبو يوب في "أبو أيوب" وكذلك المنفصلة إذا كانت الهمزة مفتوحة وقال بعض هؤلاء: سَوَّةٌ وضَو شبهوهما بأوَّنْتَ, فإن خففت في قولهم: أحْلِبني إبلَكَ وأبو أُمِّكَ لم تثقل الواو كراهية لاجتماع الواوات والضمات والياءات والكسرات وحذفت الهمزة وألقيت حركتها على ما قبلها, وبعضهم يقول: يريد أن يَجيكَ ويَسُوكَ وهو يجيكَ ويَسُوكَ يحذف الهمزة ويكره الضمة مع الياء والواو, وعلى هذا تقول: هُوَ يَرم خوانَهُ يريد: يَرمِ إخْوانه حذف الهمزة وأذهب الياء لالتقاء الساكنين. قال أبو بكر: ذكرنا ما يلحق الكلم بعد تمامها وبقي ما يلحق الكلم في ذاتها وهو تخفيف الهمز وقد ذكرناه, والمذكر والمؤنث والمقصور والممدود, والتثنية والجمع الذي على حدها, والعدد, وجمع التكسير, والتصغير, والنسب, والمصادر وما اشتق منها, والإمالة, والأبنية, والتصريف, والإِدغام، وضرورة الشاعر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أي سيبويه، انظر الكتاب 2/ 169.
2- انظر الكتاب 2/ 169.
3- أضفت كلمة "فقال" للمعنى.
4- أي: أبو عمرو بن العلاء، وانظر الكتاب 2/ 167، والمقتضب 1/ 158.
5- محمد عليه الصلاة السلام: 18.
6- مريم: 7 والآية: {زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} .
7- انظر الكتاب 2/ 196.
8- انظر الكتاب 2/ 197.
9- هود: 72 وفيها قراءات كثيرة سبعية، انظر إتحاف فضلاء البشر/ 259، وغيث النفع/ 130.
10- من شواهد الكتاب 2/ 167 على أن الهمزة المخففة بزنة المحققة، ولولا ذلك لانكسر البيت؛ لأن بعد الهمزة نونًا ساكنة، فلو كانت بين بين في حكم الساكنة، لالتقى ساكنان في الحشو، ولا يكون ذلك في الشعر إلا في القوافي. وعجز البيت:
ريب المنون ودهر مفسد خبل.
ورأيت بمعنى: أبصرت، والأعشى: هو الذي لا يبصر بالليل.
وانظر المقتضب 1/ 155، والحجة 1/ 231، وشرح السيرافي 5/ 11، والإنصاف/ 389، والديوان/ 55.
11- انظر الكتاب 2/ 167-168.
12- انظر الكتاب 2/ 168.
13- انظر الكتاب 2/ 168.
14- فصلوا هنا بالألف كراهية التقاء هذه الحروف المضاعفة.
15- أبو عمرو، زيادة من الكتاب 2/ 168 يقتضيها المعنى.
16- في سيبويه 2/ 168: "ولا يدخلون"، وأظنها أصح من عبارة: "ويدخلون".
17- انظر الكتاب 2/ 169.
|
|
هذه العلامة.. دليل على أخطر الأمراض النفسية
|
|
|
|
|
إحصائية مركز الوارث (ديرمان) للأطراف الذكية والتأهيل الطبي التابع لهيئة الصحة في العتبة الحسينية للعام (2024)
|
|
|