أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-31
977
التاريخ: 2024-03-15
916
التاريخ: 2024-06-11
724
التاريخ: 2024-10-15
773
|
تدل المصادر المصرية التي في متناولنا حتى الآن على أن مجموعات السلالات الرئيسية التي يتألف منها قوم اللوبيين تُنسب إلى أربع سلالات وهي: «التحنو» و«التمحو» و«المشوش» ثم السلالات «اللوبية»، وسنبحث هنا تاريخ هذه السلالات بقدر ما تسمح به الكشوف الحديثة لأهميتها بالنسبة لمصر. وترجع معلوماتنا عن سلالة «تحنو» إلى عهد فجر التاريخ المصري؛ إذ لدينا أثر من مقبرة لملك يُدعى الملك «وازي» ( لم تُبْقِ منه الأيام إلا على جزء صغير محفوظ الآن «بالمتحف المصري» وهذا الأثر مصنوع من الإردواز، وينقسم الجزء الباقي منه أربعة صفوف أفقية؛ نُقش في الثلاثة الأولى منه صور ثيران وحمير وغنم على التوالي، ونُقش في الصف الرابع صور شجر، وعلى يمين الشجر نُقشت علامة فُسِّرت بأنها رمز للفظة «تحنو«(1). وقد عثر على أثر آخر يرجع عهده إلى عصر الملك «نعرمر» أحد أخلاف الملك «وازي» السابق الذكر، وهذا الأثر هو أسطوانة من سن الفيل نُقش عليها اسم الملك «نعرمر» وأمامه أعداء مكبلون بالأغلال نُقش فوقهم لفظة «تحنو» وقد مُثل على هذا الأثر سكان بلاد «تحنو «.
والواقع أنه لولا وجود شواهد أخرى من العصور التالية لما أمكننا أن نصدر حكمنا على حقيقة سحنات هؤلاء القوم بصفة قاطعة. وأهم أثر كشف لنا النقاب عن كنه هؤلاء الناس هو ما عُثر عليه من نقوش في معبد الملك «سحورع «(2) أحد ملوك الأسرة الخامسة، ولكن مما يؤسف له جد الأسف أنه لم يَبقَ لنا من الوثائق الخاصة بهؤلاء القوم إلا جزء يسير، ومع ذلك فإن البقية الباقية تقدم لنا صورة صادقة عن هؤلاء القوم؛ إذ قد جاء في النقوش الخاصة بهم العبارة التالية: «ضرب تحنو «(3). وكذلك وُجد في معبد الملك «بيبي الثاني «(4) أحد ملوك الأسرة السادسة نسخة أخرى من المنظر الذي وُجد على جدران معبد «سحورع». والظاهر أن تمثيل هذا المنظر على جدران المعابد قد أصبح من المشاهد الرمزية المألوفة الدالة على قوة الفرعون وتغلبه على ما جاوره من البلاد الأجنبية المعادية لمصر، ويُشاهد في هذا المنظر كذلك الفرعون وهو يضرب الأعداء بمقمعه، كما يُشاهد فيه صورة الغنائم التي غنمها من قوم «تمحو»، وتشمل الثيران والحمير والغنم، هذا فضلًا عن قطعان من الماعز لم تُمثل في المنظرين السابقين الخاصين بالعهد العتيق. ويُشاهَد كذلك فوق هذه الغنائم وتحتها صور أسرى مكبلين نُقش فوقهم اسما إقليمين وهما: «باش» و«يكت»، وتدل الظواهر على أنهما إقليمان من بلاد «تحنو»، وفي أسفل الصورة نرى أقارب أمير هذه البلاد، وهم: زوجه وابنته وولداه، كما يُشاهَد في الركن الأعلى على اليمين من هذا المنظر خلف الأسرى صورة إلهة الكتابة والحساب «سشات» تكتب وتحصي عدد الأسرى، كما يدل على ذلك اللوحة التي وضعت أمامها. وكذلك نشاهد في أسفل المنظور خلف أسرة أمير «تحنو» إلهين آخرين وهما إله الغرب والإله «عش» سيد بلاد «تحنو»، وقد منح هذان الإلهان الفرعون كل خيرات البلاد الأجنبية، وليس من شك في أن هذا المنظر على جانب عظيم من الأهمية؛ إذ يضع أمامنا صورة واضحة كل الوضوح مثلت فيها سحنات هؤلاء القوم وشكل ملابسهم، ومن أجل ذلك يُعد مصدرًا عظيمًا يُعتمد عليه في هذا الموضوع، وسنصف أولًا ملابس هؤلاء القوم؛ فأول ما يُلاحظ فيها أن الرجال والنساء كانوا يلبسون لباسًا واحدًا مشتركًا، وهذه ظاهرة تدعو للغرابة والدهشة، فيرتدي كل من الرجل والمرأة شريطًا عريضًا على الصدر من الجلد مُحلى بورود صغيرة ومزخرفًا بالأشكال الدقيقة، ويتدلى طرفاه على الظهر عموديًا ثم يلف كل الجسم ويتمنطق بحزام مزين بخطوط عمودية وأفقية، وكذلك يرتدي كل فرد كيسًا خاصًّا بعضو التناسل، ويلبس في وسطه شريطًا عريضًا مستديرًا مُحلًّى من جهة الحزام اليسرى، ولا نفهم الغرض من هذا الملبس الأخير، وقد اعتقد البعض أنه كيس تُوضع فيه السهام وليس ذلك محتملًا، والظاهر أنه مجرد حلية، أما النحر فقد حُلي بعقد ذي خيوط طويلة تختلف في سمكها نُظمت فيها خرزات بيضية الشكل، ويظهر شعر الواحد من هؤلاء القوم طويلًا متموجًا خفيفًا ومسبلًا إلى ما فوق الكتف، ويُشاهد على الجبين خصلة صغيرة نُظمت منتصبة، أما الفرق الوحيد الذي كان يُلاحَظ بين ملابس الرجال والنساء — خلافًا للحية — فهو ذيل حيوان يتحلى به الرجل، وكانت الأميرة ترتدي ميدعة قصيرة ربما كانت مجرد حلية للزينة وحسب.
ومن المدهش أن الأميرة الوحيدة الممثلة في هذا المنظر كانت تلبس تحت كيس عضو التناسل ميدعة قصيرة ربما كانت بمثابة حلية قد أضافها المثال من خياله هو.
أما الأطفال فكانوا يرتدون اللباس الأساسي الذي يحلي الجزء الأعلى من أجسامهم، ولم يُشاهَد واحد منهم يرتدي حزامًا أو كيسًا لعضو التناسل أو ذيل الحيوان، وهي التي كان يرتديها الرجال والنساء، على أن ما يسترعي النظر في هذه الملابس شيئان:
أولًا: أننا لا نجد في المناظر المصرية ملابس للزينة وحدها.
ثانيًا: يظهر عليها أنها كانت ذات صبغة سحرية؛ إذ لا نجد من بينها قطعة واحدة حيكت للوقاية أو للمحافظة على الجسم من تقلبات الجو، أو للوقاية من حيوان مهاجم، هذا إذا استثنينا حزام قراب عضو التناسل، أما سائر الملبس فليس له غرض عملي ظاهر بل كانت كلها تُلبس لمجرد الزينة أو لأغراض دينية، أو لتمييز مكانة الرجل بين أفراد قومه.
على أن تمييز الرجال بالتحلي بذيل الحيوان لم يأتِ من باب الصدفة، بل يرجع إلى عقيدة سحرية خاصة بالصيد؛ ولذلك أصبح التحلي به موقوفًا على الرجال وحدهم، وفضلًا عن ذلك نشاهد أن البالغين من الرجال كانوا يلبسون كيس عضو التناسل والحزام، والظاهر أن ذلك كان له علاقة بالختان الذي كان عادة متبعة في مصر عند الرجال الذين لم يبلغوا الحلم، غير أن المدهش في ذلك أن هذا الكيس كانت تلبسه النساء أيضًا وهذه ظاهرة واضحة على الآثار تمامًا.
وقد فسرها بعض علماء الآثار بأن الغرض المقصود من لبس هذا الكيس عند قوم «التحنو» قد نُسي، غير أن الأستاذ «مولر» يقول إن لباس الرجال كانت تلبسه الأميرات من نساء «التحنو» وذلك لإظهار مكانتهن، بيد أنه لا يمكن تصديقه؛ لأن الغرض الأول من لبس كيس عضو التناسل هو الإشعار بختان هذا العضو.
وفي اعتقادي أن النسوة كن يلبسنه دلالة على ختانهم أيضًا — كما هي الحال في مصر حتى يومنا هذا إذ نجد الفتيات الصغيرات يُختن. يُضاف إلى ذلك أن الختان كان علامة على الطهارة والنظافة فضلًا عن دلالته على العشق والغرام، فإذا لبسته المرأة كان غرضها أولًا إظهار طهارتها مع إشباع شهواتها وميولها الغزلية.
أما الأمر الثاني الذي يسترعي النظر فهو ما نلاحظه من التشابه بين حلية ملوك مصر وحلية أهل «تحنو»، وقد بدا ذلك واضحًا على آثار معبد الملك «سحورع»؛ إذ نشاهد في ملابس هؤلاء القوم الذيل المعلق في الحزام يرتديه البالغون منهم، وهذا نفس ما نشاهده في ملابس ملوك مصر الذين كانوا يتحلون بتعليق الذيل، وهو من أمارات الملك، يُضاف إلى ذلك أن اللوبي كان يتحلى بخصلة من الشعر نظمها وصفها على جبينه بصورة تحاكي صورة «الصل» المقدَّس الذي كان يتحلى به الفرعون ليحميه شر الأعداء إذا هاجموه.
ويقول الأستاذ «مولر» عن خصلة الشعر التي تزين الجبهة إنها توجد كذلك عند الحاميين الذين يسكنون جنوبي مصر وكذلك عند أهل «كريت»، هذا فضلًا عن أننا نراها حتى يومنا هذا في شرق آسيا، وقد ظنَّ البعض في أول الأمر أن هذه الخصلة هي الصل نفسه، بيد أن من ينعم النظر يجدها خصلة شعر وحسب.
........................................
1- راجع: A. Z. 52, p. 57 ff.
2- راجع: Borchardt, Sahure II. Pl. 1.
3- راجع: Urkunden I. p. 167.
4- راجع: A. S. 27 p. 57.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|