قوله سبحانه : {إِنَّكَ لٰا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولٰكِنَّ اللّٰهَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ} [القصص : 56] .
قالوا كان النبي -عليه السلام- يُحبُّ إسلامَ أبي طالبٍ ويَكرَهُ إسلام الوحشيِّ فنزلتِ الآيةُ (1) في أبي طالب ونَزَلتْ في الوحشيِّ : {يٰا عِبٰادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ} [الزُّمر : 53] . فلم يسلم أبو طالبٍ ، وأسلَمَ الوَحشيُّ (2).
فلو جاز للنبيَّ -عليه السلام- أن يُّخالف الله تعالى في إرادته لجاز أن يُخالفه في أوامره ونواهيه.
وإذا كانَ لم يرد إيمانهُ ، وأراد كُفرهُ ، وأراد النبي -عليه السلام- إيمانهُ ، فقد حصل غايةُ الخلاف بين إرادتي الرَّسُولِ ، والمُرسلِ . ابن رزِّيك‌ (3) :
ولو لم يكن قد شاء طاعاتهم لما            أتاهم بها عن ربهم مطلق الأمر
يوافق إبليس اللعين بزعمهم               بغير وفاق المصطفى العلم الطهر
وحين أراد الكفر من معشر فلم            دعاهم إلى الإيمان هذا من الهجر
وما حاجة الدنيا إلى الرسل حين من                توخى بهم إيمانهم سبب الكفر
____________________
1- جامع البيان 20 : 92 بروايات مختلفة . أيضاً : مجمع البيان 4 : 259 . ثم أنظر : أسباب النزول للواحدي : 226-227 . الدر المنثور 6 : 428-429 وفي الجامع لأحكام القرآن 13 : 299 : أجمع جلُّ أهل التفسير أنها نزلت في أبي طالب .
2- أسباب النزول للواحدي 227 ، 249 . الدر المنثور 7 : 235 . الجامع لأحكام القرآن 15 : 268 .
3- أخلَّ بها ديوانه بتحقيق محمد هادي الأميني .