أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-02-2015
1641
التاريخ: 2023-08-15
1174
التاريخ: 29-09-2015
1499
التاريخ: 23-1-2023
1221
|
قال تعالى : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب : 33]
إنّ هذه الآية بالرغم من أنّها وردت ضمن الآيات المتعلّقة بنساء النّبي ، إلاّ أنّ تغيير سياقها ـ حيث تبدّل ضمير الجمع المؤنث إلى ضمير الجمع المذكّر ـ دليل على أنّ لهذه الآية معنىً ومحتوىً مستقلا عن تلك الآيات ، ولهذا فحتّى اُولئك الذين لم يعتبروا الآية مختّصة بمحمّد (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ، فإنّهم إعتقدوا أنّ لها معنىً واسعاً يشمل هؤلاء العظام ونساء النّبي (صلى الله عليه وآله) .
إلاّ أنّ الرّوايات الكثيرة التي بين أيدينا تبيّن أنّ هذه الآية خاصّة بهؤلاء الأجلاّء ، ولا تدخل الزوجات ضمن الآية ، بالرغم من أنهنّ يتمتّعن بإحترام خاصّ ، ونضع بين أيديكم بعضاً من هذه الروايات :
أ : الرّوايات التي رويت عن أزواج النّبي (صلى الله عليه وآله) أنفسهنّ ، والتي حدثن فيها : إنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) عندما كان يتحدّث عن هذه الآية الشريفة سألناه : أنحن من أصحاب هذه الآية؟ فكان يجيب : بأنكنّ إلى خير ، ولكن لستنّ من أصحابها.
ومن جملتها الرواية التي رواها «الثعلبي» عن «اُمّ سلمة» في تفسيره ، وذلك أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) كان في بيتها إذ أتته فاطمة (عليها السلام) بقطعة حرير ، فقال النّبي (صلى الله عليه وآله) : «ادعي لي زوجك وإبنيك ـ الحسن والحسين ـ» فأتت بهم فطعموا ، ثمّ ألقى عليهم النّبي (صلى الله عليه وآله) كساءً له خيبرياً وقال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» فنزلت آية التطهير ، فقلت : يا رسول الله وأنا معهم؟ قال : «إنّك إلى خير» ولكنّك لست منهم (1) .
ويروي «الثعلبي» أيضاً عن «عائشة» أنّها عندما سئلت عن حرب الجمل وتدخّلها في تلك الحرب المدمّرة الطاحنة ، قالت بأسف : كان ذلك قضاء الله. وعندما سئلت عن علي (عليه السلام) قالت : تسأليني عن أحبّ الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وزوج أحبّ الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ لقد رأيت علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً (عليهم السلام) ، وجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بثوب عليهم ثمّ قال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» قالت : فقلت : يا رسول الله ، أنا من أهلك! قال : «تنحّي فإنّك إلى خير» (2) ـ إلاّ أنّك لست جزءاً منهم ـ .
إنّ هذه الرّوايات تصرّح أنّ زوجات النّبي (صلى الله عليه وآله) لسن جزءاً من أهل البيت في هذه الآية.
ب : لقد وردت روايات كثيرة جدّاً بصورة مجملة في شأن حديث الكساء ، يستفاد منها جميعاً أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ـ أو أنّهم أتوا إليه ـ فألقى عليهم عباءة وقال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» ، فنزلت الآية : (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ...) .
وقد روى العالم المعروف «الحاكم الحسكاني النيسابوري» هذه الروايات في (شواهد التنزيل) بطرق مختلفة عن رواة مختلفين (3) .
وهنا سؤال يلفت النظر ، وهو : ماذا كان الهدف من جمعهم تحت الكساء؟
كأنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) كان يريد أن يحدّد هؤلاء ويعرّفهم تماماً ، ويقول : إنّ الآية أعلاه في حقّ هؤلاء خاصّة ، لئلاّ يرى أحد أو يظنّ ظانّ أنّ المخاطب في هذه الآية كلّ من تربطه بالنّبي (صلى الله عليه وآله) قرابة ، وكلّ من يعدّ جزءاً من أهله ، حتّى جاء في بعض الرّوايات أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) قد كرّر هذه الجملة ثلاث مرّات : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» (4) .
ج : نقرأ في روايات عديدة اُخرى أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) بقي ستّة أشهر بعد نزول هذه الآية ينادي عند مروره من جنب بيت فاطمة سلام الله عليها وهو ذاهب إلى صلاة الصبح : «الصلاة يا أهل البيت! إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً». وقد روى الحاكم الحسكاني هذا الحديث عن أنس بن مالك (5) .
وروى ابن عبّاس أيضاً هذا الحديث عن النّبي (صلى الله عليه وآله) (6) .
وهنا مسألة تستحقّ الإنتباه ، وهي أنّ تكرار هذه الأمر ستّة أشهر أو ثمانية أو تسعة أشهر بصورة مستمرّة جنب بيت فاطمة إنّما هو لبيان هذه المسألة تماماً لئلاّ يبقى مجال للشكّ لدى أيّ شخص بأنّ هذه الآية قد نزلت في شأن هؤلاء النفر فقط ، خاصّة وأنّ الدار الوحيدة التي بقي بابها مفتوحاً إلى داخل المسجد بعد أن أمر الله نبيّه بأن تغلق جميع أبواب بيوت الآخرين ، هي دار فاطمة (عليها السلام) ، ولا شكّ أنّ جماعة من الناس كانوا يسمعون ذلك القول من النّبي (صلى الله عليه وآله) حين الصلاة هناك ـ تأمّلوا ذلك ـ .
ومع ذلك ، فإنّ ممّا يثير العجب أنّ بعض المفسّرين يصرّون على أنّ للآية معنىً عامّاً تدخل فيه أزواج النّبي ، بالرغم من أنّ أكثر علماء الإسلام ، السنّة منهم والشيعة ، قد حدّدوها بهؤلاء الخمسة.
وممّا يستحقّ الإلتفات أنّ عائشة ـ زوجة النّبي لم تكن تدع شيئاً في ذكر فضائلها ، ودقائق علاقتها بالنّبي (صلى الله عليه وآله) بشهادة الروايات الإسلامية ، فإذا كانت هذه الآية تشملها فلابدّ أنّها كانت ستتحدّث بها في المناسبات المختلفة ، في حين لم يرو شيء من ذلك عنها مطلقاً.
د : رويت روايات عديدة عن الصحابي المعروف «أبي سعيد الخدري» تشهد بصراحة بأنّ هذه الآية قد نزلت في شأن هؤلاء الخمسة الأطهار : «نزلت في خمسة : في رسول الله ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين» (7) . وهذه الرّوايات كثيرة بحيث عدّها بعض المحقّقين متواترة. وممّا قلناه نستنتج أنّ المصادر ورواة الأحاديث التي تدلّ على إختصاص الآية بالخمسة المطهّرة وحصرها بهم كثيرة بحيث لا تدع لأحد المجال للشكّ في هذه الدلالة ، حتّى أنّه ذُكر في شرح (إحقاق الحقّ) أكثر من سبعين مصدراً من مصادر العامّة المعروفة ، وأمّا مصادر الشيعة في هذا الباب فتربو على الألفا (8) . وقد روى صاحب كتاب (شواهد التنزيل) ـ وهو من علماء الإخوة السنّة المشهورين ـ أكثر من (130) حديثاً في هذا الموضوع (9) .
وبغضّ النظر عن كلّ ذلك ، فإنّ بعض أزواج النّبي قد قمن بأعمال طوال حياتهنّ تخالف مقام العصمة ، ولا تناسب كونهنّ معصومات ، كحادثة «حرب الجمل» التي كانت ثورة وخروجاً على إمام الزمان ، والتي تسبّبت في إراقة دماء كثيرة ، فقد بلغ عدد القتلى في هذه الحرب ـ عند بعض المؤرخّين ـ سبعة عشر ألف قتيل.
ولا شكّ أنّ هذه المعركة لا يمكن توجيهها ، بل إنّنا نرى أنّ عائشة نفسها قد أظهرت الندم بعدها ، وقد مرّ نموذج من هذا الندم في البحوث السابقة.
إنّ إنتقاص عائشة من خديجة ـ والتي هي من أعظم نساء المسلمين ، وأكثرهنّ تضحية وإيثاراً ، وأجلّهنّ فضيلة وقدراً ـ مشهور في تاريخ الإسلام ، وقد آلم هذا الكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى ظهرت على وجهه الشريف آثار الغضب وقال : «لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدّقتني إذ كذّبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس» (10) .
__________________________
1 ـ روى الطبرسي في تفسير مجمع البيان ج8 ، ص 357 ، ذيل الآية مورد البحث ، هذا الحديث بهذا المضمون بطرق متعدّدة عن اُمّ سلمة. راجع شواهد التنزيل ، للحاكم الحسكاني ، ج 2 ، ص 56 وما بعدها.
2 ـ المصدر السابق.
3 ـ شواهد التنزيل ، ج 2 ، ص 31 وما بعدها.
4 ـ تفسير الدرّ المنثور ذيل الآية مورد البحث.
5 ـ شواهد التنزيل ، ج 2 ، ص 28 ، 29.
6ـ تفسير الدرّ المنثور ، ذيل الآية مورد البحث.
7 ـ شواهد التنزيل ، ج 2 ، ص 25.
8ـ يراجع ج2 ، من إحقاق الحقّ وهوامشه.
9 ـ شواهد التنزيل ، ج2 ، ص 10-92 .
10 ـ الإستيعاب ، وصحيح البخاري ، وصحيح مسلم. طبقاً لنقل المراجعات ص229 الرسالة 72.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|