المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17834 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ترجمة أبي القاسم العزفي
2024-12-02
تأثيرات الإعلان على الصحافة العربية
2024-12-02
عوائق الصحافة العربية
2024-12-02
خصائص الصحف العربية
2024-12-02
العوامل المؤثرة على مضمون الصحف
2024-12-02
السياسة التحريرية للصحف
2024-12-02



الانصات خلف الامام  
  
497   12:03 صباحاً   التاريخ: 2024-07-30
المؤلف : محمد بن علي الاسترابادي
الكتاب أو المصدر : آيات الاحكام
الجزء والصفحة : ص289 - 297
القسم : القرآن الكريم وعلومه / آيات الأحكام / العبادات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-13 1273
التاريخ: 2024-09-25 262
التاريخ: 2024-08-26 311
التاريخ: 2023-09-11 1103

 الانصات خلف الامام

 

قال تعالى : {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ * إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 204 - 206]

في المجمع [1] الإنصات السكوت مع استماع ، قال ابن الأعرابي : نصت وأنصت وانتصت : استمع الحديث وسكت وأنصت وأنصت له وأنصت الرجل سكت ، وأنصت غيره عن الأزهري ، وفي القاموس [2] نصت ينصت وأنصت وانتصت سكت : والاسم النصتة بالضم ، وأنصته وله سكت له واستمع لحديثه وأنصته أسكتّه.

فلما قدم هنا الأمر بالاستماع له ، فالظاهر أنّ الإنصات إمّا بمعنى السكوت أو هو مع الاستماع تأكيدا فيه أيضا ، فالحمل على مجرد الاستماع بعيد.

في المجمع [3] اختلف في الوقت المأمور بالإنصات للقرآن والاستماع له ، فقيل إنّه في الصلاة خاصّة خلف الإمام الذي يؤتمّ به إذا سمعت قراءته ، عن ابن مسعود وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيّب ومجاهد والزهريّ ، وروي ذلك عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قالوا : وكان المسلمون يتكلّمون في صلاتهم ويسلّم بعضهم على بعض ، وإذا دخل داخل فقال لهم كم صلّيتم أجابوه ، فنهوا عن ذلك وأمروا بالاستماع.

وقيل إنّه في الخطبة أمر بالإنصات والاستماع إلى الامام يوم الجمعة ، عن عطاء وعمرو بن دينار وزيد بن أسلم ، وقيل : إنه في الخطبة والصلاة جميعا عن الحسن وجماعة.

وقال الشيخ أبو جعفر قدّس الله روحه وأقوى الأقوال الأول لأنه لا حال يجب فيه الإنصات لقراءة القرآن إلّا حال قراءة الإمام في الصلاة ، فان على المأموم الإنصات والاستماع فأما خارج الصلاة ، فلا خلاف أنّ الإنصات والاستماع غير واجب.

وروي عن أبى عبد الله (عليه‌ السلام) أنّه قال : يجب الإنصات للقرآن في الصلاة وغيرها ، قال : وذلك على وجه الاستحباب.

وفي كتاب العيّاشي بإسناده عن أبى كهمس عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال : قرأ ابن كوّاء خلف أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] فأنصت له أمير المؤمنين.

وعن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال قلت له الرجل يقرأ القرآن أيجب على من سمعه الإنصات له والاستماع؟ قال : نعم إذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات والاستماع [4].

قال الزجّاج ويجوز أن يكون (فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) أي اعملوا بما فيه ولا تجاوزوا ، لأنّ قول القائل سمع الله دعاءك : أجاب الله دعاءك ، لأنّ الله سميع عليم ، وقال الجبائي : أنّها نزلت في ابتداء التبليغ ليعلموا ويتفهّموا وقال أحمد بن حنبل : أجمعت الأمة على أنها نزلت في الصلاة.

وفي الكشاف [5] : ظاهره وجوب الاستماع والإنصات وقت قراءة القرآن في صلاة وغير صلاة ، وقيل : كانوا يتكلّمون في الصلاة فنزلت ، ثمّ صار سنّة في غير الصلاة أن ينصت القوم إذا كانوا في مجلس يقرأ فيه القرآن ، وقيل : معناه وإذا تلا عليكم الرسول القرآن عند نزوله فاستمعوا له ، وفي الجوامع ما هو قريب من ذلك.

وفي المعالم عن سعيد بن جبير : هذا في الإنصات يوم الأضحى والفطر ويوم الجمعة ، وفيما يجهر به الامام ، وعن عمر بن عبد العزيز : الإنصات لقول كل واعظ قال : والأول وهو أنّها في القراءة في الصلاة أولى ، لأنّ الآية مكية ، والجمع وجبت بالمدينة ، وهو واضح.

وأما قول الجبائيّ فيستلزم النسخ أو تقديرا كثيرا من غير موجب ، وأبعد منه ما قيل من إلحاق المعصومين (عليهم‌ السلام) في ذلك بالنبيّ (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) وما روي عن الزّجاج فإنّما يحتمله فاستمعوا له كما في الكشاف ، وقيل : معنى فاستمعوا فاعملوا بما فيه ولا تجاوزوه ، وينبه عليه أيضا ما ذكر في توجيهه ، فاما أن يكون معنى الجميع ذلك فلا ، بل حيث قارنه قوله و (أَنْصِتُوا) أبعده عن هذا كما لا يخفى.

وأما ما روي عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) فهو ظاهر عبارة القرآن ، وربما يحمل على ما إذا قصد به إسماع السامع كما وقع لأمير المؤمنين (عليه‌ السلام) وربما أشعر به قول أبى عبد الله (عليه‌ السلام) حيث لم يكتف في الحكم بالوجوب على مجرّد السماع ، بل قال نعم إذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات والاستماع.

ومما يؤيد هذا الحمل أنه لو وجب مطلقا لزم عدم جواز قراءة اثنين أو جماعة على وجه يسمع كلّ قراءة الآخر ، وعدم جواز الأذان بعد دخول الوقت عند من يقرأ ، وكذا صلاة النافلة والدعاء ونحو ذلك ، بل الاجتماع في القراءة في الفريضة.

وفي الصحيح [6] أنه سئل أبو عبد الله (عليه‌ السلام) عن القراءة خلف الامام ، فقال : أما الّتي يجهر فيها فإنّما أمرنا بالجهر لينصت من خلفه ، فان سمعت فأنصت ، وإن لم تسمع فاقرأ.

فقراءة الإمام ممّا قصد به استماع المأموم وإنصاته له ، أو في حكمه فتأمّل. ثمّ على الحمل على الوجوب في الصلاة ، يدلّ على عدم جواز القراءة في موضع الوجوب خلافا للشافعيّة حيث استحبّوا قراءة الحمد للمأموم في كلّ ركعة مطلقا ، وكذا على الوجوب مطلقا ، لكن إن جهر الإمام حينئذ في موضع الإخفات على القول باستحبابهما ولو عمدا أو سهوا على القول بوجوبهما وجب الإنصات ، ومقتضاه : أما لو تعمد حينئذ فالأظهر الوجوب ، وأما على ما ذكرنا فالجميع موضع نظر ، وربما يأتي تفصيل.

وعلى القول بأنّ الأمر في الآية للاستحباب وقد علم الوجوب في الصلاة فيما علم بدليل من خارج أو للرجحان المطلق المتحقّق مع الوجوب والندب ويعلم الوجوب بدليل من خارج أيضا كما قيل فكان الأولى الإنصات ، وكذا إن قرء المأموم كما اتّفق لعلى (عليه‌ السلام) مع ابن الكوّاء لا ما استلزم ما ينافي الصلاة من السكوت الطويل أو فوت الوقت ونحوه.

(وَاذْكُرْ رَبَّكَ) في المجمع أنّه خطاب للنبيّ (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) والمراد به عامّ وكأنه أراد من جهة التأسّي كما هو الظاهر ، فعلى ظاهر إطلاقه معناه اذكر ربك في نفسك أي بقلبك وفي خاطرك (تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) أي متضرعا متذلّلا متوقّعا ما عند الله وخائفا من عقابه ، بل من موبقات ذنوبك ، قيل : هما مصدران وضعا موضع الحال.

(وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) عطف عليه فيجب أن يكون في موضع الحال أي وغير رافع صوتك حتّى يبلغ حدّ الجهر ، والأظهر عطفه على (فِي نَفْسِكَ) أي وفيما دون الجهر من القول ، لأنّ الإخفات أدخل في الإخلاص وأقرب إلى حسن التفكّر.

(بِالْغُدُوِّ) جمع غدوة بالضمّ وهي البكرة أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس كالغداة ، قاله في القاموس.

(وَالْآصالِ) في المجمع أنّه جمع أصل وأصل جمع أصيل فهو جمع الجمع ، ومعناه العشيّات ، وهو ما بين العصر إلى غروب الشمس والذي في القاموس أنّهما جمعان لأصيل ، وهو العشيّ ، وهو آخر النهار كالعشيّة ، فيكون أمرا له (عليه‌ السلام) بالذكر في هذين الوقتين لفضلهما أو لأنهما حال فراغ عن طلب المعاش ، فيكون الذكر فيهما ألصق من القلب كما أكّد التعقيب فيهما بعد صلاتي الصبح والعصر في أخبار كثيرة ، وربما كان إشارة إليه ، ويمكن أن يكون أراد الدوام تعبيرا عن جميع الوقت بطرفيه كما قيل ، لكنه بعيد.

وقيل إنه أمر للإمام أن يرفع صوته في الصلاة بالقراءة مقدار ما يسمع من خلفه عن ابن عباس ، ويمكن ذلك على أن يكون الخطاب له (عليه‌ السلام) من حيث إنّه إمام لكن ذلك بأن يراد بدون الجهر من القول ما ذكره من رفع الصوت مقدار ما يسمع من خلفه لا أكثر ، وهو بعيد ، وكذا يلغو قوله الآصال إن أبقى (فِي نَفْسِكَ) على ظاهره.

ولو حمل على الإخفات الشّرعي مع كونه خلاف ظاهره ، احتيج إلى أن يراد بالغدوّ والآصال مجموعهما مع ما بينهما ، أو حمل الآصال على ما بعد الزوال إلى الغروب ، إن اكتفى بشمول الظهرين أو إلى نصف الليل مثلا إن أريد الإشارة إلى الصلوات الخمس ، وهو خلاف الظاهر كما تقدّم فتأمل.

وقيل : إنّ الآية متوجهة إلى من أمر بالاستماع للقرآن والإنصات ، وكانوا إذا سمعوا القرآن رفعوا أصواتهم بالدعاء عند ذكر الجنّة والنار ، عن ابن زيد ومجاهد وابن جريج ، فيكون إشارة إلى أنّ المستمع ينبغي أن يكون ذاكرا بقلبه متضرعا خائفا ، وبما دون الجهر من القول عند ذكر الجنّة والنار ونحوهما.

ولا يخفى أنه على تقدير كون الأمر بالاستماع والإنصات للقرآن في الصلاة وغيرها يأبى هذا القول قوله تعالى (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) اللهمّ إلا أن يراد بهما مجموع الليل والنهار.

وأما على القول بالاختصاص بالمأموم في الصلاة فأقرب إذ يكفي حمل الآصال على ما بعد الزوال أو إرادة الدوام كما تقدم.

وأما الحكم في العشائين فمعلوم انه كما في الصبح أو يحمل الآصال على ما يشتمل وقت العشائين أيضا استحسانا ، وليس ذلك كالأوّل ، فإنّهما حيث كانا من أوقات الصلاة ناسب ذكرهما هنا دون الأول ، وعلى هذا ففيها أمر بالاستعاذة وطلب الرحمة عند سماع آيتي العذاب والرحمة في الصلاة ، مع الأمر بالإنصات ، فهي كالمخصّص له ، وفيه مع ذلك من التقييدات والتجوّزات ما لا يخفى.

وعلى توجّه الخطاب إلى المأموم المستمع يمكن أن يراد بالذكر في النفس الذكر بالقلب حال الاستماع والإنصات ، وبالذكر بما دون الجهر من القول الذكر في باقي الأحوال من اذكار الركوع والسجود وغيرها ، لكن يقتضي أن يراد بالآصال وقت العشائين أو ما يعمّه ، أو أن يكون الأول في الصلاة الجهريّة والثاني في الصلاة الإخفاتيّة ، ولعله أقرب ، وكأنّه المراد بما في المجمع.

وروى زرارة [7] عن أحدهما (عليه‌ السلام) قال : «إذا كنت خلف الإمام تأتمّ به فأنصت وسبّح في نفسك» يعني فيما يجهر الامام فيه بالقراءة ، أما أن يراد بالجميع حكم الإخفاتيّة فبعيد يدفعه ذكر الغدوّ في الآية ، وأما ظاهر الحديث فبالجهريّة أنسب وفي الحمل عليه ما لا يخفى (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) عن ذكر الله أو عمّا أمرناك به في هذين الوقتين ، أو مطلقا وهو أظهر ، ومع ذلك يحتمل الوجوب حملا على عموم التوجه إلى الله ، وشدّة العناية بامتثال أوامره ونواهيه ، فيذكر الله ويتذكّر ثوابه وعقابه عند أوامره ، فلا يفوته شيء منها ، وعند نواهيه فلا يرتكب شيئا منها أو على ذكره عند أوامره ونواهيه فتمتثلها ، وأما الأمر المتقدّم فبحسب ما فسّر به فيحمل على ظاهره من الوجوب ، إلّا أن يمنع مانع من الإجماع أو غيره.

ثمّ ذكر سبحانه ما يبعث إلى الذكر ويدعو إليه ويحثّ عليه ، فقال (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) قالوا هم الملائكة ، ومعنى «عند» دنو الزلفة والقرب من رحمة الله وفضله ، وربما أمكن أن يراد ما يعمّ جميع المقرّبين من الملائكة وغيرهم ، الفائزين بمزيد الفضل والرحمة وعلوّ الدرجة ، فتأمل فيه.

(لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) بل يتوفّرون على طاعته وابتغاء مرضاته ، ويذكرونه متضرّعين خائفين كما أمرناكم به (وَيُسَبِّحُونَهُ) ينزهونه عمّا لا يليق به (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) ويختصّونه بالعبادة لا يشركون به غيره ، وهو تعريض بمن سواهم من المكلّفين قاله الكشاف وفي المجمع : أى يخضعون ، وقيل يصلّون ، وقيل يسجدون في الصلاة.

اعلم أنّهم ذكروا استحباب السجدة [8] في هذه الآية ، وكأنّ فيها إشارة ما إلى ذلك ، وكذا في عشرة مواضع غيرها في الرّعد ، والنحل ، وبني إسرائيل ، ومريم ، والحجّ في موضعين ، والفرقان ، والنمل وص وإذا السماء انشقّت ووجوبه في أربع «الم» عند قوله {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] الاية و«حم» عند قوله {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] الاية ، ويحتمل عند {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] والأحوط السجدة عندهما ، وآخر النجم {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] وآخر اقرأ {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19].

ودليل الأصحاب في ذلك كلّه الإجماع والأخبار ، فالاستدلال على الوجوب بأنّها واردة بصيغة الأمر الدال على الوجوب منقوض وممنوع ، إذ لا دلالة فيها على الوجوب عند سماع تلك الآية وقراءتها ، فلا بدّ من انضمام دعوى الإجماع على أنّها ليست سجدة الصلاة وأنه لا وجوب بغير هذا الوجه ، على أنّ دعوى الإجماع على المدّعى أظهر وأولى.

وعند الشافعيّ كلّها سنّة ، وأسقط سجدة ص ، وعند أبي حنيفة كلّها واجبة وأسقط السجدة الثانية من الحجّ. في الكشاف : لأنّ المراد بالسجدة فيه سجدة الصلاة بقرينة مقارنتها بالركوع ، ولا يكفى ذلك مع دلالة الرواية كما استدلّ بها الشافعيّ وذكره الكشاف أيضا ، لكن مراد الكشاف بيان معتمد كلّ منهما ذهابا من كل إلى أصله وإن تنافيا.

هذا ولا يجب فيها تكبير للافتتاح ولا للسجود ولا تشهّد ولا تسليم ، ولا طهارة من حدث ، ولا من خبث ، ولا للثوب ، ولا استقبال القبلة ، ولا ستر العورة ، نعم يستحب التكبير بعد الرفع والذكر.

في الصحيح [9] عن أبى عبد الله (عليه‌ السلام) إذا قرأت شيئا من العزائم الّتي يسجد فيها فلا تكبّر قبل سجودك ، ولكن تكبّر حين ترفع رأسك.

وفي الصحيح [10] عنه (عليه‌ السلام) أيضا إذا قرأ أحدكم السجدة من العزائم فليقل في سجوده «سجدت لك تعبدا ورقا لا مستكبرا من عبادتك ولا مستنكفا ولا مستعظما بل أنا عبد ذليل خائف مستجير» وأما وضع غير الجبهة من الأعضاء السبعة ومساواة المسجد للموقف أو كون علو أحدهما على الآخر بلبنة فما دون ، وكون السجود على ما يصحّ السجود عليه في الصلاة ، فقد يبنى على أنّ مفهوم السجود هل يقتضي شيئا من ذلك فيجب مقتضاه أولا؟ والثاني أظهر والأوّل أحوط.

 


[1] المجمع ج 2 ص 515.

[2] القاموس كلمة نصت.

[3] ترى ما افاده هنا الى قوله وقال أحمد بن حنبل أجمعت الأمة على انها نزلت في الصلاة ـ في المجمع ج 2 ص 515 فلا نطيل الكلام بإخراج الأحاديث.

[4] قال المؤلف قدس‌سره في الهامش : وفي التهذيب : «في الصحيح عن بكير بن أعين قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن الناصب يؤمنا ما نقول في الصلاة معه فقال : أما إذا جهر فأنصت للقرآن واسمع ثم اركع واسجد أنت لنفسك». راجع الوسائل ج 5 ص 431 المسلسل 10927 الباب 34 من أبواب صلاة الجماعة.

[5] الكشاف ج 2 ص 192.

[6] انظر الوسائل ج 5 ص 422 المسلسل 10891 ومثله اخبار أخر يستفاد ذلك منها.

[7] الوسائل ج 5 ص 426 الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة المسلسل 10906 ثم لا تغفل عن مراجعة مسالك الافهام تفسير هذه الآية أيضا فإن فيه أيضا مطالب مفيدة وقد أشرنا في تعاليقنا عليه الى المصادر الأصلية للأحاديث ولم نكتف بذكر نقل الوسائل.

[8] انظر تفصيل مواضع السجدة في العروة الوثقى المسئلة 2 من مسائل سائر أقسام السجود وانظر أيضا دعائم الإسلام ط دار المعارف بالقاهرة ج 1 ص 214 والحدائق ج 8 ص 329 والبحار ج 18 الصلاة ص 371.

[9] الوسائل ج 4 ص 880 الباب 42 من أبواب قراءة القرآن المسلسل 7837 ومثله أحاديث أخر بعبارت متفاوتة.

[10] انظر الوسائل ج 4 ص 884 الباب 46 من أبواب القراءة المسلسل 7854 ولا تغفل عن مراجعة مسالك الأفهام في هذا الباب وتعاليقنا عليه وابحاثه في هاتين الآيتين ج 1 من ص 298 الى ص 308.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .