أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-27
413
التاريخ: 2024-07-27
334
التاريخ: 18-9-2016
373
التاريخ: 18-9-2016
410
|
الأوّل: حديث الجبّ: رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "الإسلام يجبّ ما قبله"(1) ، و"التوبة تجبّ ما قبلها"(2) . وقد اختلفت كلمات الأعلام في تقييمه، قبولاً ورفضاً، فقال الميرزا القمّيّ: "ولا يجب القضاء على الكافر الأصليّ إذا أسلم, لأنّ الإسلام يجبّ، ولعلّه من المتواترات (3) ". و"ولا وجه للقدح في السند والدلالة، إذ هو متلقّى بالقبول، بل أدّعي تواتره"(4) ، وقال: "ويظهر من بعض الأصحاب تواتره، رواه الخاصّة والعامَة"(5) .
وناقش الأعلام (6) في وجود الرواية في مصادر الإماميّة، فقال السيّد الخوئيّ قدس سره: "ورواية حديث الجبّ لم ترومن طرقنا"(7)، وقال أيضاً عن الحديث: "غير صالح لأن يُستند إليه, لعدم روايته من طرقنا، لا في كتب الحديث، ولا في الكتب الاستدلاليّة للفقهاء المتقدّمين، كالشيخ ومن سبقه ومن لحقه، ما عدا ابن أبي جمهور الأحسائي في غوالي اللئالي (8)، الّذي لا يخفى ما في المُؤلَّف والمُؤلِّف، حتّى طعن فيه من ليس من شأنه الطعن، كصاحب الحدائق، ودعوى الإنجبار موهونة جدّاً، بل غير قابلة للتصديق، إذ كيف يحتمل استناد المشهور إلى رواية لم يذكروها في كتبهم الروائيّة ولا الاستدلاليّة؟"(9) . وذكر مثل هذه العبارة في كتاب الصلاة أيضاً (10) .
وقال قدس سره - أيضاً - في كتاب الصوم: "ولكنّها بعد الفحص التامّ والتتبّع الكامل غير موجودة في كتب أحاديثنا جزماً، ولا مأثورة عن أحد من المعصومين عليهم السلام قطعاً، وإنّما هي مرويّة بغير طرقنا عن عليّ عليه السلام تارة، وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أخرى، نعم، رويت في بعض كتبنا مرسلة، كمجمع البحرين وغوالي اللآلي عنه صلى الله عليه وآله وسلم، ومجرّد كونها مشهورة في كتب المتأخّرين لا يستوجب اعتبارها بعد خلو كتب السابقين عنها"(11).
وقد وردت الرواية في مصادر السنّة بالصيغ الآتية:
- قال محيي الدين النوويّ: "هذا حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه من رواية عمرو بن العاص، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "الإسلام يهدم ما قبله"، هذا لفظ رواية مسلم، ذكره في أوائل الكتب، في كتاب الإيمان في رواية غيره: "يجبّ ما قبله"، بضم الجيم وبعدها الباء موحّدة، من الجبّ، وهو القطع (12) .
- قال الشوكاني: "الحديث أخرجه أيضاً الطبراني، والبيهقي من حديثه، وابن سعد من حديث جبير بن مطعم، وأخرج مسلم في صحيحه معناه، من حديث عمرو أيضاً بلفظ: "أما علمت أنّ الإسلام يهدم ما قبله، وأنّ الهجرة تهدم ما قبلها، وأنّ الحج يهدم ما قبله؟". وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث عبد الله بن مسعود قال: "قلنا: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل"(13).
النتيجة: إذا اتّضح حال الحديث من حيث السند، وأنّه حتّى عند السنّة الذين رووه خبر آحاد، لا يفيد القطع، يتّضح مراد الميرزا القميّ القائل بتواتره، فلعلّه يقصد بذلك معنى مسامحي، هو شهرته وتداوله في كتب الفقهاء. والله العالم.
الثاني: روايتا الصوم: عن عيص بن القاسم، قال: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيّام، هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه أو يومهم الّذي أسلموا فيه؟ فقال: ليس عليهم قضاء ولا يومهم الّذي أسلموا فيه، إلّا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر"(14). وعن الحلبيّ، عن أبي عبد الله عليه السلام: "أنّه سئل عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيامه؟ قال: ليس عليه إلّا ما أسلم فيه"(15).
وفيه: أنّهما واردان في خصوص الصوم، فالانتقال منه إلى غيره يشاركه في العلّة الظنّيّة قياس لا نقول به، فلا يصحّ جعلهما دليلاً على قاعدة الجبّ بصورة عامّة، بل يقتصر على موردهما أعني الصوم.
_________________
(1) النوري، حسين: مستدرك الوسائل، ط2، بيروت، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التراث، 1408هـ.ق/ 1988م، ج7، باب15، من أسلم في شهر رمضان لم يجب عليه قضاء...،ص448،ح1-2 .
(2) م.ن، ج 12، باب 85، وجوب التوبة من جميع الذنوب،ح12، ص129 .
(3) القمّي، أبو القاسم: غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام، تحقيق عباس تبريزيان؛ وآخرون، ط1، قم المقدّسة، مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، 1417هـ.ق/ 1375هـ.ش، ج3،ص339 .
(4) القمّي، أبو القاسم: غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام، تحقيق عباس تبريزيان؛ وآخرون، ط1، قم المقدّسة، مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، 1417هـ.ق/ 1375هـ.ش، ج4،ص52 .
(5) القمّي، أبو القاسم: غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام، تحقيق عباس تبريزيان؛ وآخرون، ط1، قم المقدّسة، مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، 1417هـ.ق/ 1375هـ.ش، ج5،ص368 .
(6) ولكن يتّضح لكلّ من سبر كتب الفقه من زمان الشيخ إلى زمان المتأخّرين، يكاد يطمئنّ في استناد الفقهاء إليه في مقام الفتوى، ما يورث كون الحديث صادراً عنهم، متلقّى بالقبول، وقد عاشه المتشرّعة سلوكاً وتطبيقاً، وهذا ما يفسّر قيام الإجماع على مفاد قاعدة الجبّ، فإنّ الإجماع من أهل النظر والفتوى من فقهاء عصر الغيبة المتقدّمين يكشف عن ارتكاز ووضوح في الرؤية، متلقّى من الطبقات السابقة على أولئك الفقهاء المتقدّمين، بالرغم من عدم وجود مستند لفظيّ مشخّص بأيديهم، قال السيّد الشهيد الصدر رحمه الله: "وكثيراً ما تشكّل سيرة المتشرّعة.....الحلقة الوسيطة بين الإجماع والدليل الشرعيّ... إنّ الإجماع المذكور يكشف عن رواية غير مكتوبة، ولكنّها معاشة سلوكاً وارتكازاً بين عموم المتشرّعة"، "فإذا أمكن أن نستكشف بقرائن مختلفة أنّ سيرة المتشرّعة المعاصرين للأئمّة والمخالطين لهم واقتناعاتهم ومرتكزاتهم، كانت منعقدة على الالتزام بحكم معيّن، كفى ذلك في إثبات هذا الحكم".
(7) الخوئي، شرح العروة الوثقى (تقرير بحث السيد الخوئي)، كتاب الحج، ج1، ص263 .
(8) الإحسائي، عوالي اللئالي، م.س، ج2، ص54 .
(9) الخوئي، شرح العروة الوثقى(كتاب الزكاة)،ج1، ص133 .
(10) الخوئي، شرح العروة الوثقى(كتاب الصلاة)،ج5، ق1، ص113 .
(11) الخوئي، شرح العروة الوثقى(كتاب الصوم)،ج2، ص156 .
(12) النووي، محيي الدين: المجموع، لاط، لام، دار الفكر، لات، ج7، باب ما يجبّ الحجّ على بائع مسلم...، ص18 .
(13) الشوكاني، محمّد بن علي بن محمّد: نيل الأوطار، لاط، بيروت، دار الجيل، 1973م، ج1، ص379 .
(14) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج10، الباب22 من أبواب أحكام شهر رمضان،ح1 .
(15) العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج10، الباب22 من أبواب أحكام شهر رمضان،ح2 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|