أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-7-2016
28197
التاريخ: 21-11-2019
2274
التاريخ: 18-1-2017
1568
التاريخ: 8-7-2020
6445
|
إلام يشير مصطلح «الواقعية العلمية» في سياق الواقعية العلمية القياسية، أو الواقعية العلمية البنيوية؟ وفقًا لوجهة النظر التي يتبناها معظم الفلاسفة ومعظم العلماء – وإن كان ذلك ضمنيًّا على الأقل – يشير هذا المصطلح إلى أنَّ نجاح النظريات العلمية الحالية يعطينا سببًا وجيهًا للاعتقاد بأنها صحيحة بالفعل (وليست محض أدوات مفيدة للتوصل إلى تنبؤات). فصحيح أننا لا نستطيع رصد الإلكترونات مثلًا، ولا الكواركات ولا الثقوب السوداء رصدًا مباشرًا؛ أي إننا لا نستطيع رؤيتها أو سماعها أو لمسها، لكنَّ لدينا – وفقًا لمذهب الواقعية العلمية – أسبابًا وجيهةً تجعلنا نعتقد أنها موجودة بالفعل.
للواقعية العلمية حجتان أساسيتان، وكلٌّ منهما مرتبطة بالأخرى. تُستهل الحجتان بالدليل البين الذي يُفيد بأن أفضل نظريات الفيزياء فعّالة للغاية في وَصْف العالم المادي. (من لا يستحق أن يؤخذ على محملِ الجِدِّ هو من يؤيد الواقعية العلمية فيما يتعلق بالتنجيم؛ لأن التنجيم ليس نظرية ناجحة في الأساس.) الحجة الأولى إذن هي أنه لا توجد طريقة وجيهة ولو بشكل طفيف لفَهم أسباب نجاح هذه النظريات، إلا بافتراض أنها صحيحة بدرجة ما على الأقل. يُطلق على هذه الحجة في بعض الأحيان «حجة غياب المعجزات» المستقاة من ملاحظة الفيلسوف هيلاري بوتنام، التي تقول إنها لمعجزة لو أنَّ النظريات العلمية على هذه الدرجة من الفعالية وهي غير صحيحة. على سبيل المثال، تنبأت نظرية الجاذبية لنيوتن بوجود كوكب نبتون في بقعة محدّدةٍ من الفضاء؛ وحين نظرنا إلى الفضاء وجدنا الكوكب. لا عجب في هذا الاكتشاف إذا كانت نظرية نيوتن عن الجاذبية صحيحة؛ لكن هذا الاكتشاف كان سيصبح مصادفةً إعجازية إن لم تكن النظرية صحيحة. أما الحجة الثانية للواقعية العلمية، فتفيد بأنه ما دامت لا تُوجد (كما رأينا) طريقة فعلية لفصل المحتوى الرصدي في النظرية عن المحتوى غير الرصدي فيها، فإنه لا توجد طريقة تستند إلى مبادئ محدَّدة يمكن استخدامها لقبول النظرية العلمية، باعتبارها مناسبة من المنظور الرصدي من دون قبول النظرية بالكامل. وبناءً على هذا، فحينما تقودنا منهجية علمية جيدة إلى صياغة نظرية علمية واختبارها وقبولها، نكون قد التزمنا بذلك بالإقرار بصحة النظرية.
ربما تبدو الواقعية العلمية واضحةً تمامًا؛ أليس التشكيك في النظريات الراسخة نوعًا من التشكيك المناهض للعلم؟ لكن ثمة أسباب تدعو إلى التعامل مع هذا المذهب بحذر. وقد تناولنا أول هذه الأسباب بالفعل، متمثلا في التهديد الذي يطرحه نقص الإثبات. إذا كان لدينا نظريتان تطرحان التنبؤات الرصدية نفسها، لكنهما تتعارضان إحداهما. مع الأخرى، فلا بد أن إحداهما (على الأقل) خاطئة؛ ومن ثمَّ فلا يمكن أن تكون حجة غياب المعجزات صحيحة. (وهذا من الأسباب التي تجعل الفلاسفة مهتمين للغاية بمعرفة ما إذا كان نقص الإثبات القوي يحدث بالفعل أم لا.)
أما السبب الآخر، فينبع من تاريخ العلوم، ولا سيما الفيزياء. لقد حدث مرارًا خلال ذلك التاريخ أن أطيح بنظرية راسخة على الرغم من نجاحها الكبير في طرح التنبؤات. فنظرية الجاذبية لنيوتن على سبيل المثال «خاطئة» من أحد الجوانب المهمة، وقد حلت محلها نظرية النسبية العامة؛ ليس من الصواب إذن الاعتقاد بأنَّ اكتشاف كوكب نبتون كان سيصبح معجزةً لو أنَّ النظرية كانت خاطئة وبوجه عام، يبدو أن العلوم تتقدم جزئيًا على الأقل عبر خطواتٍ ثوريةٍ تُستبدل فيها بالنظريات القديمة أخرى جديدة تتعارض مع المزاعم المركزية في النظرية القديمة. على سبيل المثال، دأب علماء الفيزياء على اعتقاد أن الحرارة عبارة عن مائع، لكنَّهم يعتقدون الآن أنها حركة عشوائية للجزيئات؛ وقد كانوا يعتقدون أن الضوء عبارة عن اهتزاز في «أثير» شامل، وهم يعتقدون الآن أنه يمكن أن يوجد في غياب أي شيء من هذا القبيل. وقد كانت هذه «الحجة التشاؤمية» هي الاعتراض الأساسي الذي أُثير ضد مذهب الواقعية على مر التاريخ.
على الرغم من ذلك، قد توجد مُبالغة في التعبير عن مدى تغير النظريات، حتى في الفيزياء. فلا تزال نظرية الجاذبية لنيوتن تُدرَّس للطلاب حتى الآن، وليس ذلك على سبيل الإحماء للدرس فحسب (فلعلك تتذكَّر أنَّ الاختصار MOND يشير إلى «نظرية ديناميكا نيوتن المعدَّلة»). والسبب القياسي الذي يُقدَّم تبريرًا لذلك أن نظرية الجاذبية لنيوتن تعد تقريبا ممتازا للنسبية العامة في ظروف معينة. وبناءً على هذا، يصبح السؤال المطروح أمام أنصار الواقعية العلمية ما يلي: هل تُعد تنبؤات إحدى النظريتين نتائج تقريبية جيدة لتنبؤات النظرية الأخرى؟ أم إنَّ محتوى النظرية القديمة لا يزال صحيحًا بالتقريب في النظرية الجديدة؟
للفرق بين الواقعية القياسية والواقعية البنيوية أهمية كبيرة في هذا المقام أيضًا. فعندما يقول علماء الفيزياء إن نظريةً ما تقرّب نظريةً أخرى، فإنهم عادةً ما يقصدون بذلك أن البنية الرياضية للنظرية الأولى تبقى متحققة بشكل تقريبي في النظرية الثانية. ولهذا إذا كان البنيوي على صواب في أن النظرية تُقدَّم بالكامل من خلال بنيتها الرياضية، فلن يكون من الصعب للغاية أن نرى كيف أنَّ النظرية القديمة يمكن أن تظل صحيحةً بدرجة تقريبية، على الرغم من أفضلية النظرية الجديدة. فمعادلات تدفق الحرارة لا تهتم بما إذا كان ما يتدفق مائعا أم كميةً من الاهتزازات والمعادلات الضوء أيضًا البنية نفسها تقريبًا، في كلٌّ من نظرية الأثير ونظرية الموجات الكهرومغناطيسية الحديثة. أما أنصار الواقعية القياسية، فيواجهون تحديًا أصعب.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|