من موارد السقط والتحريف والتصحيف والحشو في الأسانيد / عبد الله بن المغيرة عن أبي الجارود. |
663
11:27 صباحاً
التاريخ: 2024-06-09
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-21
1142
التاريخ: 2023-05-31
1081
التاريخ: 2023-07-27
1079
التاريخ: 2023-05-18
1147
|
عبد الله بن المغيرة عن أبي الجارود (1):
روى الشيخ (قده) (2) بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن العباس - وهو ابن معروف - عن عبد الله بن المغيرة عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): إنّا شككنا سنة في عام من تلك الأعوام في الأضحى، فلمّا دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وكان بعض أصحابنا يضحّي فقال: ((الفطر يفطر الناس، والأضحى يوم يضحّي الناس، والصوم يوم يصوم الناس)).
وهذا الخبر لا يخلو من شائبة إرسال، فإنّ عبد الله بن المغيرة إنّما هو من الطبقة السادسة من رجال الحديث من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا (عليهما السلام) وعامّة مَن يروي عنهم هم مِن الطبقة الخامسة في حين أنَّ أبا الجارود من الطبقة الرابعة من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) فمثله لا يروي عن مثله بلا واسطة بل مع الواسطة كما لوحظ في بعض الموارد، ومنها ما ورد من روايته عنه بواسطة أبي اليسع وهو عيسى بن السري (3).
إن قيل: ولكن توجد في الأسانيد رواية محمد بن أبي عمير والحسن بن محبوب وصفوان بن يحيى وعثمان بن عيسى ومحمد بن سنان عن أبي الجارود وهؤلاء كلّهم من الطبقة السادسة أيضا علما أنّ البخاري (4) عدَّ أبا الجارود ممّن مات بين الخمسين ومائة إلى الستين، ونصّ ابن حجر (5) على أنّه مات بعد المائة والخمسين، ومعدّل وفيات الطبقة السادسة هو سنة مائتين واثنتين وعشرين، فلا غرابة في إدراك مَن كان قد عمّر أزيد من ثمانين سنة منهم لأبي الجارود في أوائل شبابه وبالفعل نجد في بعض الرواة من العامّة عن أبي الجارود من هذا حاله وهو محمد بن سنان العوقي وقد ذكره الذهبي (6) في عداد مَن روى عنه مِن الرجال، ونصّ (7) على أنّه مات سنة مائتين وثلاثة وعشرين في عشر التسعين.
كان الجواب عنه أنّ محمد بن أبي عمير إنّما وردت روايته عن أبي الجارود في موضع من أمالي الصدوق (8)، ولكن ورد في موارد اخرى روايته عنه مع الواسطة(9)، ووردت رواية الحسن بن محبوب عن أبي الجارود في موضع من الكافي (10)، ولكن وردت روايته عنه بواسطة محمد بن سليمان في بعض المصادر الأخرى (11)، ووردت روايته صفوان بن يحيى عن أبي الجارود في موضع ممّا يسمّى بتفسير القمي (12)، ولكن وردت روايته عنه بواسطة أبي أسامة زيد الشحام في المحاسن (13).
فيلاحظ أنّ روايات الثلاثة (محمد بن أبي عمير والحسن بن محبوب وصفوان) عن أبي الجارود إنّما هي موارد منفردة، ويوجد في مقابلها موارد وردت روايتهم عنه مع الواسطة، ولا يمكن الوثوق بعدم سقوط الواسطة بينهم وبينه في تلك الموارد النادرة، ومثله متداول في الأسانيد كما لا يخفى على الممارس، مضافًا الى أنّ الثلاثة المذكورين لو كانوا معمّرين قد أدركوا أبا الجارود لكانوا قد أدركوا العديد من أمثاله في الطبقة مع أنّه لم يتمثّل في الأسانيد.
وأمّا عثمان بن عيسى فروايته عن أبي الجارود متكرّرة (14)، ولكن يمكن أن يُقال: إنّه من كبار الطبقة السادسة أي أسبق طبقة من المذكورين، إذ روى عن أبي حمزة الثمالي المتوفّى عام (150) (15)، وقد حكى الكشي (16) أنّه لم يكن يتهم في روايته عنه ـ أي بخلاف الحسن بن محبوب الذي وردت روايته عن أبي حمزة الثمالي أيضا واتهم فيها ـ وهذا يقتضي كونه ممّن أدرك أمثاله من الطبقة الرابعة.
وأمّا ما ورد في رجال الكشي أيضا من أنّه (كان شيخًا عمّر ستّين سنة) فالظاهر كون (ستّين) فيه مصحّف (تسعين) إذ لا يستخدم التعبير بـ(عمّر) إلّا فيمَن تجاوز المتعارف في العمر والستّين متعارف كما لا يخفى.
بالجملة: يمكن أن يقال: إنّ عثمان بن عيسى كان من كبار الطبقة السادسة فلا بعد في روايته عن أبي الجارود بغير واسطة (17).
وأمّا محمد بن سنان فقد وردت روايته عن أبي الجارود في الكثير من الأسانيد ولكن لا وثوق بإدراكه إيّاه، فقد روى أيوب بن نوح (18) عنه ـ أي عن محمد بن سنان ـ أنّه قال قبل موته: (كل ما حدّثتكم به لم يكن لي سماع ولا رواية إنّما وجدته)، فيجوز أنّ ما رواه عن أبي الجارود إنّما كان ممّا وجده في الكتب من غير أن يدركه ويتلقّى الأحاديث منه مباشرة ولعلّ هذا هو الوجه في ما حكاه ابن الغضائري (19) من أنّ أصحابنا يكرهون ما رواه محمد بن سنان عن أبي الجارود، ويعتمدون ما رواه محمد بن بكر الأرحبي، أي أنّ الأصحاب كرهوا روايات ابن سنان عن أبي الجارود لاحتمال كونها على سبيل الوجادة.
نعم، بعض رواياته عنه كالنصّ في سماعه منه، فقد روى النجاشي (20) بإسناده عنه قال: قال لي أبو الجارود: (ولدت أعمى ما رأيت الدنيا قط).
وروى الكليني (21) بإسناده عنه قال: قلت لأبي الجارود في حديث: وما نهبة ذات شرف؟ قال: (نحو ما صنع حاتم ...).
ولكن الرجل غير موثّق على المختار كما مرّ في شرح حاله مفصّلا فلا سبيل إلى الاعتماد على دعواه أنّه أدرك أبا الجارود وروى عنه مباشرة ليجعل ذلك دليلا على إدراك من في طبقته كعبد الله بن المغيرة له أيضًا.
والحاصل: أنّ سند الرواية المبحوث عنها لا يخلو من شائبة الإرسال لعدم إحراز رواية ابن المغيرة عن أبي الجارود مباشرة، فليتأمّل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحوث في شرح مناسك الحج ج18 ص 430.
(2) تهذيب الحكام ج4 ص 317.
(3) التوحيد ص 457.
(4) تهذيب التهذيب ج3 ص 333.
(5) تقريب التهذيب ج1 ص 323.
(6) ميزان الاعتدال ج2 ص 93.
(7) سير أعلام النبلاء ج10 ص 386.
(8) أمالي الصدوق ص 191.
(9) لاحظ: الكافي ج1 ص 298، ج2 ص 189، والمحاسن ج2 ص 388، وبصائر الدرجات ص 397 وغير ذلك.
(10) الكافي ج1 ص 532.
(11) طب الأئمة (عليهم السلام) ص 17.
(12) تفسير القمي ج1 ص 109.
(13) المحاسن ج1 ص 157.
(14) الكافي ج: 5 ص 150. المحاسن ج:1 ص: 251. كامل الزيارات ص: 47. علل الشرائع ج:2 ص: 585.
(15) رجال النجاشي ص: 115.
(16) اختيار معرفة الرجال ج: 2 ص: 860.
(17) يمكن أن يقال: إنّ عبد الله بن المغيرة أيضاً كان كذلك، فقد عدّه السيد البروجردي (قده) في موضع من موسوعته الرجالية (ج: 6 ص : 506) من كبار الطبقة السادسة، ويؤيد ذلك روايته عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري (كما في الكافي ج 1 ص 212 وبصائر الدرجات ص:76 و 330)، وهذا كان من الطبقة الرابعة وقد مات سنة (147 هـ) عن (81) سنة، كما نصَّ عليه النجاشي (رجال النجاشي ص: 249) ، وأيضاً وردت روايته عن أبي الصباح الكناني في التهذيب ( ج 2 ص 87) والخصال (ص:131) ومعاني الأخبار (ص: 192) ، وأبو الصباح معدود من الطبقة الرابعة، كما وردت روايته عن بريد العجلي في الكافي ج : 5) ص: (96) وبريد من الطبقة الرابعة وقد توفّي عام (150هـ)، وأمّا روايته عن عمرو بن أبي المقدام ثابت كما في الكافي (ج:6 ص: 383) والتهذيب (ج: 8 ص : 34) فلا تشهد لكونه من كبار الطبقة السادسة؛ لأنّ المذكور في بعض المصادر أنّ عمرو بن أبي المقدام بقي إلى عام (170) أو (172).
هذا ولكن بالرغم ممّا تقدم فإنّ في النفس من إدراك ابن المغيرة لأبي الجارود شيئاً؛ لعدم تكرّر روايته عنه بلا واسطة وورودها مع الواسطة في بعض المواضع، فليتأمّل.
(18) اختيار معرفة الرجال ج 2 ص: 795.
(19) رجال ابن الغضائري ص: 61.
(20) رجال النجاشي ص: 170.
(21) الكافي ج:5 ص: 123.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|