أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-26
224
التاريخ: 27-9-2019
1903
التاريخ: 13-1-2016
2316
التاريخ: 2024-06-11
665
|
ترى هل لاحظتم الطوفان الموحش للأنهار الكبيرة... تلك التي لا تعرف أمامها سداً، فتتقدم مزمجرة مزبدة، محمحمة جارفة معها كل ما يقف في طريقها من الصخور العظيمة إلى الأشجار الكثيفة الضخمة مكسرة أغصانها وجذوعها تاركة العمران قاعاً صفصفاً؟
والحصان الجامح المجنون الذي إذا انطلق لا يكبح جماحه شيء يحطم كل شيء أمامه بضربات حافره المميتة الا ان يصطدم بمانع أقوى منه وأكبر فيهلك؟
ان للخمر أثراً يشبه طغيان النهر وجموح الحصان؟ فالسكران، يزمجر، ويطغى ويصرخ، ويسب ويزبد فمه، ويعيش السوء كله في حالته الفظيعة.
وما أكثر الأحبة المتآلفين الذين يجلسون حول مائدة واحدة يتبادلون المحبة والصفاء ويعيشون الفرح ولكن ما ان يلجأوا إلى السكر حتى تحمى الرؤوس وتخلو من الشعور وتحمرّ عروق العين وتتبدّل المحبة إلى العداوة والثورة ويبدأ التهجم والجدال وما أكثر ما ينتهي الأمر إلى إراقة الدماء.
عدو الإنسان الأول:
ان القرآن المجيد يعبر عن الخمر تعبيراً دقيقاً هو: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90 ـ 91].
ان القوة المخربة للخمر تعطل العقل وهو مقياس تمييز الحسن من القبيح، وان عوارضه الخاصة لها وقعها المخوف في عصرنا وخصوصاً في المدن الصناعية حيث كشفت عن وجه كالح مميت وعادت مشكلة مهمة تركت المسؤولين في حيرة ودهشة من أمرهم.
وكثرت الجرائم والانحرافات التي تنشأ منها وراحت تلتهم القرابين واحداً بعد الآخر وبازدياد ملحوظ، وقد اجتمع الأطباء من أنحاء العالم - قبل مدة - في مؤتمر عظيم وأعلنوا للعالم - مرة أخرى - ان (الخمر هي العدو رقم واحد للبشرية).
وبعث يوانكاريه، الرئيس السابق للجمهورية الفرنسية نداء إلى شعبه يقول فيه: (يا أبناء فرنسا! ان أكبر أعدائكم المسكرات، وقبل ان تحاربوا المانيا انهضوا لحرب الخمر وذلك لان الخسارات بالأنفس والأموال الناتجة منها سنة 1870 فما بعد في قطرنا هي أكثر بمراتب من الخسارات الناشئة من الحرب مع الالمان).
لماذا تحرم الخمر؟
المفضل بن عمر يسأل الإمام الصادق (عليه السلام) فيقول: لِمَ حرم الخمر؟ قال: (حرم الله الخمر لفعلها وفسادها لان مدمن الخمر تورثه الارتعاش وتذهب بنوره وتهدم مروءته، وتحمله ان يجسر على ارتكاب المحارم وسفك الدماء وركوب الزنا ولا يؤمن إذا سكر ان يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك ولا يزيد شاربها الاّ كل شر) (1).
ويسأله شخص لا يؤمن بالله فيقول: فلم حرّم الله الخمر ولا لذة أفضل منها؟ فيجيب الإمام (عليه السلام) (حرمها لأنها أم الخبائث ورأس كل شر يأتي على شاربها ساعة يسلب لبّه فلا يعرف ربه ولا يترك معصية إلآ ارتكبها ولا حرمة إلا انتهكها... والسكران زمامه بيد الشيطان، ان امره ان يسجد للأوثان وينقاد حيث قاده) (2).
والآن إلى مراجعة موجزة لأضرار الخمر:
1ـ الأضرار الفكرية والنفسية:
يقول البروفيسور باروك، العالم النفسي الفرنسي: (ان الخط المنحني لتزايد الأمراض النفسية يطابق الخط المنحني لتزايد انتشار الخمر، وان عدم التمكن من الحصول على الخمر أثناء الحرب هو أحد علل قلة المرضى آنذاك).
ويقول الأمين العام للجنة محاربة الخمر في المؤتمر الرابع والعشرين لمحاربة الخمر متحدثاً حول التأثيرات الضارة لها على الروح والعقل:
(ان مرض 80% من المجانين و40% من المبتلين بالأمراض العصبية والاختلاط كان نتيجة لاستعمال المشروبات الكحولية وطبقاً لتحقيق العلماء الانكليز فقد ثبت ان 95% من المجانين ابتلوا بالجنون أثر استعمال المواد الكحولية).
(تتوضح شدة العلاقة بين الجنون والخمر من المطالعات النفسية واحصاء المبتلين... حتى ان الدكتور باركر الأمريكي ينسب نصف حوادث الجنون والقلق الروحي المحطم إلى الخمر ويعتقد أنه في الدول الكبرى يوجد تناسب مباشر بين عدد الحانات وعدد المجانين وان أول ما يفقده الخمر من الإنسان ومن الزاوية الروحية، هو العقل والإدراك).
ومن هنا نجد ان الإسلام ـ وهو يلتفت لهذه الأضرار - يصر بقوة وجدية على محاربة الخمر ويعلن حرمتها صريحاً.
تأثير الخمر على عملية التوالد:
ان قوة تأثير الخمر كبيرة جداً بحيث لا يأمن تأثيرها حتى النسل السابع شاربها ولو وضعنا نطفة شارب الخمر - حال انعقاد الجنين في الرحم - تحت المجهر فانه يمكننا ان نشاهد الاضطراب الشديد الحاصل فيها على أثر تهييج الخمر لها فهي بدلاً من الحركة العادية تتحرك حركة سريعة قوية.
ان الخمر كما يؤثر على مخ الأم يؤثر أيضاً على الجنين وان تأثيرها (على الجينات الجنينية) يصل إلى حد لا بد لمعرفته من ملاحظة الأرقام الاحصائية التي تتحدث عنه:
فان هناك 1% فقط من أطفال المدمنين على الخمر يتمتعون بصحة جيدة كاملة اما الـ 99% الآخرون منهم فهم مبتلون بأنواع الأمراض الجسمية والروحية.
وطبقاً لإحصاء تم من ملاحظة وضع 353 طفلاً نشأوا في عوائل تشرب الخمر فقد ظهر أن 142 شخصاً منهم هم مرضى ومتسولون ومساكين و74 شخصاً يفقدون القدرة البدنية و76 شخصاً يسلكون مسالك اجرامية و61 امرأة احترفت مهنة الرقص).
ويجب ان تعلم النساء الحاملات انه علاوة على الأضرار التي يصبن بها من شرب الخمر فان الجنين الذي في بطونهن ليس في مأمن من ذلك وحتى انه يجب ان لا يسلم الطفل إلى مرضعة تشرب الخمر لان الحليب الذي تعطيه ممزوج بالكحول.
وللخمر أثر مباشر وضار على الأعضاء التناسلية ولذا فهو يهدد سلامة الأجيال الآتية وكنموذج لذلك نذكر الرقم التالي:
وفقاً لآخر احصاء قد ولد في أمريكا سنة 1961م 25000 ألف طفل ناقص الخلقة.
هذا ويجب ان لا نغفل عن الأضرار الروحية لنشوء الطفل في بيئة موبوءة لعائلة سكيرة بالإضافة للتأثيرات المباشرة للخمر نفسها.
الأضرار الجسمية:
بشهادة من العلم الحديث المنظور فان الخمر يؤثر على جميع أنحاء البدن وخصوصاً الجهاز العصبي تأثيراً ضاراً؛ فيرفع من ضغط الدم، ويزيد من خفقان القلب، ويجعل التنفس صعباً، ويكون سبباً لظهور (الكَاستريت) الذي يسبب النزيف الحاد للمعدة وكذلك حدوث (السيروز) أو التشمع الكبدي الذي يحمل معه خطر الموت.
وللخمر رابطة كبرى مع ظهور السل؛ وان احصاء وفيات مستشفى (كوت) بشيكاغو يوضح ان 49% من المتوفين بالسل وعددهم 3422 شخصا كانوا مدمنين بشدة في حين ان 34% منهم كانوا معتادين عليها.
وتقول شركات التأمين على الحياة اننا عرفنا بالتجربة ان عمر المعتادين على الخمر هو أقل بمقدار 25 ـ 35 سنة من الآخرين.
وطبقاً لاحصاءات النشرة الفرنسية (آ. وتر. سانته) فان الخمر في فرنسا يقتل في 26 دقيقة شخصاً وفي سنة 1962 مات 14194 ألف شخصاً لحصول التشمع الكبدي (سيروز) وهو مرض المبتلين بشرب الخمر.
ويمكننا ان نضيف إلى هذه الأرقام، تلك التي تتحدث عن الوفيات التي تحدث بعنوان آخر ظاهراً لكن سببها الواقعي هو الخمر فمثلاً هناك.
80% من المبتلين بسرطان المريء.
75% من حوادث الطرق.
3% من حوادث العمل.
كلها حدثت على أثر شرب الخمر.
تقول مجلة علمية أنه: (علم اليوم ان الخمر ليس محركاً مركزياً للمخ بل هو مضعف لـ ـ دبرسور ـ فيه وحتى انه بمقدار متوسط من الخمر يمكن القضاء على الكفاية العلمية للشعور).
والاعتياد المزمن يبعث على النشاط الديوباتى الكحولي وهو نقص قلبي يبتلي به المرضى الكحوليون بالتدريج ويرفع الضغط الوريدي للعنق ويكبر الكبد ويحدث الاسيت فعلى أثره يحدث التقلص المرضي في الرجلين وقد تكون علة ظهور هذه العارضة المرضية نقصاً متابولياً وفي الواقع هو نوع من سوء التغذية الذي يبتلي به أغلب المرضى الكحوليين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ وسائل الشيعة، ج 17، ص 244، علل الشرايع، ج 2، ص 161.
2ـ مستفاد من الوسائل، ج 17، ص 253، والاحتجاج، ج 2، ص 92.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|