المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6059 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
مستحبات الاعتكاف
2024-06-23
ألقاب الشرف في الجيش.
2024-06-23
حماية الحدود.
2024-06-23
كفارة من افسد اعتكافه
2024-06-23
قائد الجيش.
2024-06-23
الاعتكاف واحكامه
2024-06-23

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


إخناتون.  
  
154   01:18 صباحاً   التاريخ: 2024-06-06
المؤلف : سليم حسن.
الكتاب أو المصدر : موسوعة مصر القديمة.
الجزء والصفحة : ج5 ص 235 ــ 244.
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /

نظرة عامة في حياته: لقد صدق من قال: إن الولد سر أبيه. فهذا «إخناتون«(1) بن «أمنحتب الثالث» قد ورث عن أبيه حبه للنساء وولعه بالأجنبيات منهن اللائي دلفن إليه من المستعمرات المصرية، وقد أفرد لهن جناحًا خاصًّا في قصره يزوره كلما برح به الشوق أو دفعه الهوى، وإنك لتجد في قصره الذي تركه في «إخناتون» (أفق آتون) منظرًا يجذب الأبصار إليه لجماله وغرابته، يمثل حورًا عينًا كأمثال اللؤلؤ المكنون في مقصورات خاصة بهن في القصر الملكي قد توفرن على التزين والتجمل أفرادًا وجماعات، فمن تزجيج وتكحيل، إلى تطرية وترجيل، وبعضهن يتمايلن راقصات، وأخر يتواثبن عازفات، وإذا أنعمت النظر في لباسهن وزينتهن، وطرق تصفيف شعورهن، وفي آلاتهن الموسيقية عرفت أن جمهرتهن أجنبيات وردن إلى قصر الأمير من «سوريا» وغيرها من البلدان التي تدين لمصر بالولاء والسلطان (راجع Davies, “El Amarna”, VI, Pl. XXVIII, p. 36ff ). ولقد أصبح التعرف بالأجنبيات والتودد إليهن، والاتصال بهن عن طريق الزواج أو التسري نزعة محببة إلى النفوس، وموجه جارفة طغت على مصر في ذلك العهد، وشملت الأمراء وغير الأمراء، وما كان المصريون يحيدون عن تقاليد البلاد الموروثة لولا أنهم تأسوا بفراعنة البلاد سادتهم وآلهتهم، وموضع الرجاء والتقديس فيهم؛ وذلك أن ملوك الأسرة الثامنة عشرة منذ أن تولوا أريكة الملك دأبوا على تحطيم التقاليد التي جرى عليها القوم؛ فتزوجوا أولًا من بنات الشعب، ثم انتقلوا من ذلك إلى التزوج بالأجنبيات، وقد كان فارس حلبتهم في هذا المضمار «أمنحتب الثالث» كما قدَّمنا، فكانت زوجته «تي» التي تزوجها من عامة الشعب، وتنتسب لأبوين من دهماء القوم أحب زوجاته عنده، وأقربهن إليه، وكان الرأي ما تراه والحكم ما ترضاه؛ حتى سيطرت على أمور الدولة، (2) ووجهت سياسة الإمبراطورية المصرية، وكان زوجها «أمنحتب» لحبه العميق لها وسلطانها العظيم عليه فخورًا بها، ويحتفل دائمًا بذكرى زواجه السعيد منها، وقد خلده بنقشه على جُعل عُملت منه عدة صور، وذكر فيه صراحة أن التي يحبها وتسيطر على قلبه ليست بذات جاهٍ ولا غنًى، ولكنها من أبوين فقيرين، معلنًا بذلك فخره وخروجه على التقاليد البالية الموروثة.

شكل 1: إخناتون في شبابه.

 

من هذه الزوجة المحبوبة وُلد «أمنحتب الرابع» (إخناتون)، وترعرع في كنف والده مدللًا محبوبًا، ولم يلبث والده أن أنهكته الشهوات التي غرق في بحارها فحطمت قواه، وألزمته الفراش، ولم تُجْدِه الرقى والتمائم، ولم يَشْفِه طب الطبيب ولا سحر الساحر، ولم تستطع الإلهة «عشتارت«(3) التي أرسلها إليه صهره ملك «متني» من «نينوة» أن تبعث البرء والصحة في جسم حطمته الخلاعة وتجرَّع اللذة في نهم وإسراف، فأشرك معه ابنه «إخناتون» في حكم البلاد عجزًا منه عن القيام بأعبائه، ورغبة في أن يتفرغ لإرضاء شهواته وميوله التي لم يقلل من إقباله عليها علته التي ألحت عليه. مكث «إخناتون» يدير الملك مع والده أكثر من تسع سنوات، بل يُقال اثنتا عشرة سنة، ثم ما لبث والده أن دفع صحته وشبابه ثمنًا لملاذه وأهوائه؛ فمات ولم يتجاوز الخمسين ربيعًا من عمره، ولا نستبعد أن يكون قد عرف قبل مماته ذلك الانقلاب الديني الذي يعد ابنه «إخناتون» العدة لإحداثه؛ فقد عُثر على صورة في مقبرة «حوى» أحد رجال بلاط «إخناتون» ظهر في جهة منها «أمنحتب الثالث» على عرش الملك ومعه الملكة «تي»، وفي الجهة المقابلة لهما ظهر «إخناتون ونفرتيتي» وعليهما تاج الملك أيضًا، ووُجد قرص الشمس (آتون) مرسومًا فوق كل من الملكين، ومرسلًا أشعته التي تتدلى منها أياد ترمز إلى الخيرات التي يمنحانها من هذا المعبود. ويرجع تاريخ هذا المنظر إلى السنة الثانية عشرة من حكم «إخناتون»، وإن كان من المحتمل أنه رُسم تذكارًا لزيارة والدته «تي» له في «إختاتون»، وتخليدًا لذكرى والده وإظهارًا لرضائه عن مذهبه الجديد، غير أنه توجد شواهد أخرى تعزز أنه عاش حتى هذا التاريخ وانفرد «أمنحتب الرابع» (إخناتون) بالملك بعد موت والده، وكان قد تزوج من «نفرتيتي» أخته بنت «تي» على أصدق الأقوال. ولدينا من الحقائق التاريخية ما يجعلنا نعتقد أن الانقلاب الديني الذي أحدثه لم يتم بغتة، وأن مقدماته قد ظهرت منذ عهد «تحتمس الرابع» جد «إخناتون»؛ فقد عثرنا على لوحة بجوار معبد «بو الهول» ظهر فيها «تحتمس» يعبد قرص الشمس «آتون» وقد تدلى من هذا القرص شعاع ينبعث من الشمس حاملًا إليه الخيرات، وهذه الصورة تنطبق إلى حد كبير على الصورة الرمزية لديانة «إخناتون»؛ فقد كان يتعبد إلى قرص الشمس الذي ينبعث منه شعاعات تنتهي بأياد إنسانية. يُضاف إلى ذلك أن «تحتمس الرابع» كان أول فرعون ثار على سلطان كهنة «آمون» وانتزع من يدهم وظيفة رئيس كهنة القطرين، وقلدها أحد قواده الذين يركن إليهم ويثق فيهم. وفي عهد «أمنحتب الثالث» خطا الميل إلى عبادة قرص الشمس خطوة ثانية؛ إذ نشاهد هذا العاهل يطلق على القارب الذي كان يتنزه فيه في بحيرته الصناعية بمدينة «هابو» اسم آتون يضيء (تحن آتن). فلما تولى «إخناتون» عرش البلاد وجد الأمور مهيَّأة بعض الشيء لعبادة إله الشمس وحده، ورمز له بقرصها الذي سماه «آتون»، وقال عن معبوده: «إنه القوة الكامنة وراء هذا القرص، وإنه واحد لا شريك له»، وبنى له في بادئ الأمر معبدًا في «طيبة» عاصمة الملك، فلم يغضب ذلك كهنة «آمون رع»؛ لأن معبودهم «آمون رع» يمثل إله الشمس أيضًا، ولكن الذي أحفظهم إصرار «إخناتون» على عبادة إلهه وحده، وتحريم عبادة «آمون» وغيره من الآلهة الأخرى. ولقد أفلح في نشر مذهبه في طول البلاد وعرضها، وفي القضاء على المذاهب الأخرى بدون كبير عناء؛ مما يدل على أن الأذهان كانت مستعدة لقبوله، وعلى أن للفرعون قداسة، وعلى أن قوله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه معصوم من الخطأ، والقول ما قال، وهذه بلا شك أفكار كان يخضع لها الشعب؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن الملك إله وابن إله. ومن الغريب أن هذا المليك الذي بدا لنا سديد الرأي صائب النظر فيما اتخذه من إصلاح ديني يتمثل في توحيد الإله وتمجيد ذاته مما يدل على عقل راجح، ونفس صافية، وتفكير عميق؛ من الغريب أن صاحب هذه المثل العليا في الإصلاح كان شاذًّا في خلقه، وكما يُقال شاذًّا في عقله، منحدرًا إلى الحضيض في بعض تصرفاته. أما شذوذه الجسمي فلا دخل له فيه، ولا ذنب له في أنه خُلق على تلك الهيئة التي لا تناسب بين أعضائها ولا انسجام، وتماثيله تدل على تركيب غريب شاهد بقدرة الله، وأما شذوذه العقلي فلمخالفته لأهل عصره في عدم تشيعه لآلهة «طيبة» ومقته الشديد للإله «آمون»، وأما شذوذه الخلقي فهذا موضع الغرابة، وقد وصل فيه إلى مرتبة يتنزه عنها الحيوان الأعجم إذا صح ما قيل، فإننا لفي شك مريب في تلك العلاقة بينه وبين أخيه «سمنكارع»؛ إذ كان حبه له وتعلقه به خارجًا عن نطاق العقل والمألوف. وإن انحطاطه الخلقي ليتجلى كذلك في زواجه من ابنته الثالثة «عنخس إن با آتون» التي أصبحت زوجة «لتوت عنخ آمون» فيما بعد، كما تلمس خشونته في تحوله عن حبه لزوجته الجميلة (نفرتيتي) وسوء معاملته لها؛ على حسب ما توحي به الآثار المكشوفة. مما سنفصل فيه القول. كان «إخناتون» يمقت الإله «آمون» مقتًا شديدًا؛ فأغلق معابده حيثما وُجدت، ومحا اسمه أينما رآه، بل محا اسم والده؛ لأن في تركيبه اسم «آمون» (أمنحتب)، ثم ولَّى وجهه شطر الآلهة الأخرى فأنزل بها ما فعل «بآمون»، وزاد بأن محا لفظة الآلهة بصيغة الجمع في كل المعابد؛ حتى لا ينصرف الذهن إلا إلى إله واحد، والظاهر أن «إخناتون» قد وجه اهتمامًا كبيرًا لمذهبه الجديد عندما كان شريكًا لوالده في إدارة الملك، ولم يستعمل القوة في نشره احترامًا لعقيدة والده الذي كان يتعبد للإله «آمون رع»، والذي أعاد لكهنة هذا الإله وظيفة رياسة معابد القطرين بعد أن انتزعها منهم «تحتمس» الرابع كما قدمنا. وكان والده «أمنحتب الثالث» من جهة أخرى لا يعارض ابنه في عبادته «لآتون» والعمل على نشرها؛ بدليل أنه تركه يبني لهذا الإله معبدًا في «الكرنك»، وليس من البعيد أن يكون والده «أمنحتب» ووالدته «تي» قد خشيا عليه تحمسه لمذهبه الجديد، فأسديا له النصح بالهجرة من «طيبة» والاستقرار في بلدة يتخذها مركزًا لنشر مذهبه الجديد، وإن كان «إخناتون» ينكر ذلك، ويدعي في نقش له على إحدى لوحات مدينة «إختاتون» التي هاجر إليها، أنه ترك «طيبة» من تلقاء نفسه، ويقسم أغلظ الأيمان على أنه هو الذي أراد ذلك، ولم يوجهه أحد إليه، ولقد كان تعلقه شديدًا بعاصمته الجديدة، فأوصى بأن يكون مرقده الأخير فيها إن مات هو أو أحد أفراد أسرته، وإن شاءت الأقدار أن يموت خارجها فلتُحمل جثته إليها حتى يهدأ بالًا، ويرتاح في حياته الثانية. بنى «إخناتون» عاصمته الجديدة «إختاتون» في سرعة، وكانت البيوت الأولى لعظماء الدولة ورجال البلاط على طراز صحي فاخر، وقد استوفى وسائل الراحة والترف، وقد عمد كل موظف إلى نقش اسمه وألقابه على واجهة بيته بجانب أدعية للإله «آتون»، وبعد أن استقر المقام بعلية القوم توافد الصناع تدريجًا على العاصمة الجديدة، فاتخذوا مساكنهم في الفضاء المتخلف بين منازل كبار الموظفين، ومن هنا ترى في هذه المدينة القصر المنيف يسكنه الوزير بجانب الكوخ الحقير يأوي إليه الصانع الصغير، ولقد سمى الكاشفون الأحداث شوارعها باسم أعظم بيت فيها؛ فسموا شارع الوزير، وشارع رئيس الكهنة، وهكذا. ولما هاجر «إخناتون» إلى مدينته تبعه جمٌّ غفير من الأشراف وكبار رجال الدولة اقتناعًا بدينه الجديد، أو جريًا وراء مغانم ينتظرونها، فكثير من الناس يقتفون أثر النجم الساطع، ويولون ظهورهم للكوكب الآفل، أو هاجروا إليها فرارًا من أذى أتباع «آمون» إن بقوا في «طيبة» على مذهبهم الجديد متعبدين لإلهه الواحد. ظل «إخناتون» يحكم في عاصمته بتل العمارنة مدة طويلة بانيًا لإلهه معابد مختلفة منثورة في مختلف جهات القطر بالكرنك، والأشمونين (3) وأسيوط، ومنف، وفي نوبيا العليا عند الشلال الثالث، وفي سوريا. ومع هذا الإخلاص العظيم للدين الجديد لم يتورع «إخناتون» عن الاستجابة لداعي الشهوة إذا دعاه. فها هو ذا لا يزال متورطًا مع أخيه «سمنكارع» في أقبح عادة عرفها الناس، ثم هو لا يخجل من أن يطلق على أخيه لقبًا نسويًّا من ألقاب الملكة «نفرتيتي» وهو «الجمال الفائق لآتون» (نفر نفرو آتون)، ولا يخجل من أن يطلق عليه لقب «محبوبه»، ولا يخجل من أن يمثل على لوحة محفوظة الآن في متحف «برلين» تدل على منتهى الاستهتار بالأخلاق والآداب يبدو فيها «إخناتون» ملاصقًا لأخيه «سمنكارع» مطوقًا خصره بإحدى يديه، ويداعب بالأخرى ذقنه في حب وتدليل، وكل منهما يلبس تاج الملك، ولا شك في أن هذه الصورة تبعث في نفس من يراها معاني كثيرة عن العلاقة الجنسية الشاذة بين الأخوين، وتعيد إلى الأذهان تلك العلاقات الجنسية الشاذة التي كانت تربط الإمبراطور «هدريان» بغلامه «أنطونيوس» (راجع Newberry, J. E. A, Vol. XIV, pp. 3ff ). ولم تُطِقْ «نفرتيتي» زوجه الجميلة صبرًا على ذلك، فقام نزاع بينها وبين الفرعون؛ فهجرت قصرها طوعًا أو كرهًا إلى حي آخر في المدينة يُسمَّى «ظل رع»، وانتحت مع «توت عنخ آمون» هذا المكان الجديد، وتركت قصرها الأول «لإخناتون» وأخيه المحبوب «سمنكارع» وزوجته، وهي الابنة الثانية له المسماة «مريت آتون». ومن هنا وجدنا الملك قد أمر بمحو اسم «نفرتيتي» من كل مكان يتحلى به في القصر، ونقش بدله اسم «مريت آتون وسمنكارع»، ولأمر ما أثبت «إخناتون» اسم «مريت آتون» على قصر والدتها «نفرتيتي» مع ذكر نسبتها إليه دون أمها، مخالفًا بذلك التقاليد الملكية التي كانت متبعة. على أن هناك أمرًا ذا بالٍ ربما كان سببًا في ازدياد النفور بين «نفرتيتي» و«إخناتون»، ذلك أن «إخناتون» لم يقتصر في ضلاله على الحد الذي ذكرنا، بل إنه تمادى وتزوج من ابنته الثالثة «عنخس (4) إن با آتون»، ووضعت منه أنثى سُميت بهذا الاسم، فأي صلاح يُرجى منه بعد، ولم يكن زواج الملوك من بناتهم شائعًا حتى ذلك الوقت، ولا نعرف منه إلا ثلاث حوادث من هذا النوع في تاريخ الفراعنة، منها واحدة مشكوك فيها.

شكل 2: إخناتون وسمنكارع (؟).

 

وهذه الحوادث الشاذة هي زواج «أمنحتب الثالث» من ابنته «ست آمون»، ويقول بعض المؤرخين إنها أخته بنت «تحتمس الرابع» وليست ابنته، والحادثة الثانية هي التي نحن بصددها الآن، أما الثالثة فإنا نعرف أن «رعمسيس الثاني» قد تزوج باثنتين من بناته على أقل تقدير (راجع (Ibid, p. 108)). نرجع مرة أخرى «لسمنكارع» حبيب «إخناتون» وأخيه معًا، فنقول: إن هذا الخليع — إذا صح ما يقال عنه — بعد أن تمَّ له الاشتراك مع أخيه في الملك آثر الذهاب إلى «طيبة» رغبة منه في أن يستل سخائم كهنة «آمون«(5) ويعيد أواصر الود والصفاء بينهم وبين أخيه بعد أن رأى أخوه انفضاض الناس من حوله، وتآمرهم على قتله، حتى اتخذ حرسه من رجال «المازوي« (6) (الشرطة)، ومع هذه الحيطة فقد تمت المؤامرة عليه، واشترك فيها هؤلاء الأجانب، ولولا يقظة رئيس الشرطة (ماحو) لنجحت المؤامرة، ولقضي على «إخناتون» وقتها على أبشع صورة، ولقد وجدنا رسمًا مفصلًا لتلك المؤامرة في مقبرة رئيس الشرطة المذكور، فرأيناه يستدفئ (7) ذات يوم قر، وأحد خدمه يعبث بالنار ليزيدها اشتعالًا، فسمع صياحًا، فامتطى عربته، وأخذ في ركابه أربعة من رجاله الأقوياء، فباغت المتآمرين في وكرهم، وكبَّلهم بالأغلال، وساقهم إلى قاعة الوزير للمحاكمة، ثم نرى الوزير يحف به الكبراء والأشراف في حضرة الفرعون يُقدم إليه المجرمون، وهم: مصري أصلع الرأس، وأجنبيان قد استرسل شعرهما، وقصرت لحيتهما، وعندئذٍ نزل «ماحو» من عربته وصاح قائلًا: «أيها الأمراء، حاكموا بأنفسكم هؤلاء الأجانب المقبوض عليهم.» وهنا توجه الوزير بالشكر «لآتون» الذي وفقهم لكشف هذه المؤامرة قبل تنفيذها. والواقع أن هذا الانقلاب الديني الذي أحدثه «إخناتون» جاء سابقًا لأوانه، ولو أنه يدل على تفكير راجح لفرعون مصر، ولقد تقبله الناس مرضاة لراعيهم وسيدهم، ولكنهم لم يكونوا مخلصين له مرتاحين إليه، اللهم إلا في «إختاتون» نفسها حيث الملك يقيم، وحيث ذوو الزلفى والأطماع يحرقون البخور بين يديه، ولقد خشيت والدته مغبة نفور الناس من بدعته التي استحدثها؛ فذهبت إليه زائرة في «إختاتون» تقدم إليه النصيحة، وقد لمست تحرج الأحوال في داخل البلاد وخارجها، فأكرم وفادتها وفاء عليها من ولائمه وقصوره وخدمه، ولكنه لم يستمع لرجائها على ما يبدو فإنا رأيناه يزور معها معبد «آتون» ويتعبدان لإلهه. لم تستطع تلك المبادئ الدينية السامية، وهذه الآراء الفلسفية العالية التي أتى بها «إخناتون» ونادى بها الأنبياء المرسلون فيما بعد أن تحفظ إمبراطورية سليمة من بواعث الوهن والتصدع؛ فقد رُزق بطانة سيئة مرتشية ضربت حجابًا كثيفًا بينه وبين الحقائق المؤلمة التي كانت تتورط إمبراطوريته العظيمة فيها، فما كانت تقفه إلا على الزيف من الأخبار السارة، أما المآسي والثورات وغضب الشعب ومخاوفه فما كانت تصل للمليك من بطانته، فكان بينه وبين الحقيقة هوة كبيرة، وليس من إخلاصك للعرش أن تقدم لصاحبه ما يسره ويرضيه، وإن كان كاذبًا زائفًا، وأن تبعد عنه ما يقضه وإن كان حقيقة لا مراء فيها، بل الإخلاص أن تبسط إليه الحال كما وقع، وتشير بالرأي إذا هدى ولمع؛ حتى يتملك ناصية الأمر، ويتخذ للموضوع أهبته، ويثب على المارق في الوقت المناسب وثبته، عندئذٍ تكون قد أدَّيت الرسالة، ومكنت مولاك من أن يصيب المحز فيما يفعل وفيما يذر. لم يجد «إخناتون» هذه البطانة المخلصة؛ فتزلزلت أركان إمبراطوريته وهو لا يدري عن ذلك شيئًا، بل إن سخرية القدر تجعله يرسل إلى مختلف بقاع مملكته الواسعة غير عالم بما فيها يقول لرعاياه: اعلموا أن المليك يتمتع بكل عافية مثل الشمس في السماء، وأن جنوده وعرباته الحربية تجوس خلال الديار الجنوبية والشمالية، وتطوي كل مكان تشرق عليه الشمس وتغرب في أمن وسلام.» (راجع الخطاب 162 Mercer, “Tell el Amarna Tablets”, p. 525)، ولو درى ما تحت قدمه مما حُجِبَ عنه لأرسل جزءًا من هذه القوة المحاربة إلى بلاد آسيا لتحمي جزءًا من إمبراطوريته التي كادت تذوب وتفنى. وبعد، فقد قضى هذا الرجل نحبه بعد أن حكم ثمانية عشر ربيعًا إلا قليلًا، ولا ندري إن كان قد مات حتف الأنف على فراشه أو اغتاله المتآمرون بعد أن غفلت عنه عين العناية التي كانت تحرسه، وكل ما قرأناه في الكشوف الأثرية أنه قد مات في وقت لمع فيه نجم مملكة «الخيتا» وازدادت قوة وشوكة، فأخذت تطرق أبواب سيدتها مصر، وتهاجم حدودها آملة أن تسودها. مات «إخناتون» بعد أن وضع سياسة دينية قويمة، وبعد أن خطا بالعقيدة خطوات موفقة نحو الغاية الصحيحة، التي أُرسل من أجلها الأنبياء.

..............................................

1- كان «إخناتون» في بادئ أمره يُسمَّى «أمنحتب الرابع». وقد تسمى «إخناتون» في السنة السادسة من حكمه، غير أنه غيَّر ألقابه بوصفه إخناتون فيما بعد، وهاك ألقابه الأولى والثانية كما أوردها «جن» في مقال له عن هذه الألقاب.  (J. E. A., Vol. XI, p. 168. 176).

(أ) ليت الإله الطيب يعيش، وهو الذي يفرح بالصدق، وسيد كل ما يحيط به «آتون» رب السماء ورب الأرض «آتون» الحي، العظيم، الذي يضيء الأرضين، ليت الوالد (المقدس والإلهي) يعيش: رع يعيش، وهو «حور أختي» الذي يفرح على الأفق باسمه: الحرارة التي في «آتون» والمعطي الحياة أبد الآبدين، آتون العائش، العظيم في عيد ثلاثيني، والذي يسكن في معبد «آتون» في «إخناتون».

(ب) رع يعيش حاكم الأفق، الذي يفرح على الأفق باسمه رع الأب الذي عاد في صورة «آتون». والعبارة الأخيرة تشير إلى عودة إله الشمس «رع» إلى حكم العالم بعد أن رفع نفسه إلى السماء كما فصلنا ذلك في كتاب الأدب عند الكلام على قصة هلاك الإنسانية (راجع الأدب المصري القديم، ج1، ص71–74).

2-  كان الملكة «تي» على علم تام بالأحوال السياسية كما يدل على ذلك خطابات تل العمارنة (راجع Mercer, “Tell El Amarna Tablets”, 26, 7–18; 24, 42ff; 29, 8, 9. 45ff)، وقد تراسلت مع «توشرتا» من أجل ابنها أمنحتب الرابع (Ibid, 26, 20ff)، وقد كان لها نفوذ في سياسة كل من زوجها وابنها (Ibid. 29, 66ff)، وقد أرسل لها ملك «متني» هدايا خاصة (Ibid, 27, 112)، كما أرسل إليها تحيات في مناسبات عدة (Ibid, 27, 4, 28, 7; 29, 3 ). 

3- جاء في الرسالة رقم 23 أن الإلهة «عشتارت» رغبت في الذهاب إلى مصر والعودة ثانية في السنة السادسة والثلاثين من حكم أمنحتب الثالث (راجع Ibid, I, 23)، وقد نُصح للفرعون أن يستقبلها ويكرم وفادتها، وقد كان مقرها بلدة «نينوة«.

4- راجع: Brunner, “Ein Neue Amarna-Prinzessin” , A. Z. Vol. LXXIV, PP. 104–108.

5- يعتقد الأستاذ «ولف» أن ما يدعيه أو يخمنه بعض المؤرخين عن العلاقة بين «إخناتون» وبين أخيه «سمنخ كارع» مجرد خيال. (راجع A. Z. Vol. LXV, p. 100)، ولا يبعد أن يكون هذا الرأي صحيحًا؛ لأن «إخناتون» كما يقول الدكتور غليونجي قد طغا على جسمه التحنث في آخر أيامه، حتى تحول، وقد تكلمنا عن ذلك فيما بعد.

6- راجع:  A. S. Vol. XL, p. 138ff .

7- يعتقد الأستاذ «جاردنر» أن المازوي كانوا في هذا العهد من المصريين لا من أهالي بلاد النوبة. كما أشرنا إلى ذلك من قبل.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).