أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-5-2017
2643
التاريخ: 17-3-2016
2321
التاريخ: 8-1-2019
2342
التاريخ: 24-11-2020
18784
|
من المتفق عليه أن الغاية والسبب الرئيس للعلامة التجارية قيامها بوظيفتها الرئيسة في تمييز السلع التي تُستعمل عليها منعاً لغش جمهور المستهلكين، أو تضليلهم وخداعهم . ومع أن قوانين العلامات التجارية في أغلبها لا تشترط استعمال العلامة التجارية كشرط لطلب تسجيلها أو حتى تسجيلها فعليا، الأمر الذي يُبنى عليه أنه لا يكون هناك مغزى اقتصادي لحماية العلامة التجارية بتسجيلها دون اشتراط أو فرض استعمالها، ذلك أن العلامة التجارية غير المستعملة تشكل حاجزًا صناعيًا لتسجيل علامات جديدة، فإن هناك حاجة لوجود نص قانوني في قانون العلامات التجارية يلزم باستعمال العلامة التجارية، مع الأخذ بعين الاعتبار حاجة أصحاب العلامات التجارية إلى بعض الوقت بعد التسجيل إلى أن يدخل الاستعمال الفعلي للعلامة حيز التنفيذ، لا سيما لدى الشركات العاملة في مجال التجارة الدولية، إذ تحتاج لبعض الوقت وذلك من أجل تفادي أي ثغرات في حماية علاماتها التجارية والتي قد يستغلها المنافسون لهم ، وحتى داخل الدولة إذ تحتاج الشركات إلى مدة من الوقت حتى تستطيع إطلاق منتجاتها في الأسواق، خصوصًا فيما يتعلق بمنتجات الأدوية، كونها تخضع لإجراءات خاصة من حيث الفحص والموافقة على التداول. (1)
وذهب رأي (2) إلى أن الحكمة والسبب في شطب العلامة التجارية نتيجة لعدم استعمالها هي أن حمايتها يجب أن تدور وجودا واستمرازا وعدمًا مع الغاية من الحماية، وهي استعمال العلامة لتمييز السلع والخدمات الموضوعة عليها، بحيث إذا لم تستعمل وبصفة جدية مدة خمس سنوات من تسجيلها دون مسوغ يبرر عدم الاستعمال هذا، تنتفي الحكمة من الاعتراف لصاحبها بحقه عليها. وفي هذه الحالة، أجاز المشرع لكل ذي شأن أن يطلب من المحكمة المختصة الحكم بشطبها، ولعل الحكمة من الشطب في هذه الحالة هي القضاء على العلامات التجارية غير المستخدمة من أصحابها وحتى ننتهي من هذه العلامات والتي تسمى في بعض الحالات بالعلامات المانعة، إذ يتم تسجيلها لغاية منع الغير من استعمالها، وأحيانا أخرى تسمى بالعلامات الاحتياطية والتي تسجل لغايات استخدامها في وقت لاحق من تسجيلها.
وأما على صعيد الاتفاقيات الدولية، فقد أجازت اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (TRIPS) في المادة (3/15) للدول الأعضاء فيها أن تجعل من الاستخدام الفعلي للعلامة التجارية شرطًا لتسجيلها . (3) ولكن كما يلاحظ من هذا النص، فإنه جعل هذا الأمر جوازيًا للدول الأعضاء، إذ يجوز لها أن تضمّن قوانينها إجازة تسجيل العلامة التجارية دون وجوب استخدامها فعليا وقت التقدم بطلب التسجيل، ذلك أنه وفقًا لاتفاقية (TRIPS) يُمنح طالب التسجيل مدة ثلاث سنوات من تاريخ تقديم الطلب للقيام باستعمال العلامة، فإذا لم يقم مالك العلامة باستعمالها خلال تلك المدة، فإنه ينبغي عندها شطب تسجيل العلامة. (4) وأيضًا نجد أن المادة (1/19) من اتفاقية (TRIPS) قد حظرت على الدول الأعضاء فيها إلغاء تسجيل العلامة إلا بعد انقضاء مدة لا تقل عن ثلاث سنوات متصلة من عدم استعمالها، في الحالة التي يكون فيها استخدام العلامة شرطا لاستمرار تسجيلها (5) وعلى الصعيد ذاته، نجد أن المادة (5/ج/1) من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية قد نصت على ما يأتي: "عدم جواز إلغاء التسجيل في أي دولة يكون استعمال العلامة المسجلة فيها إجباريًا إلا بعد مضي مدة معقولة..." وعلى الصعيد الوطني، فإن عدم استعمال المالك للعلامة التجارية هو ترك ضمني لها وتخلي عنها بمحض إرادته، ويؤدي ترك العلامة وعدم استعمالها إلى عدها علامة جديدة يتوافر فيها شرط الجدة للاستعمال والتسجيل. ونصت الفقرة (1) من المادة (22) من القانون الأردني على ما يأتي: "مع مراعاة أحكام المادة (25) من هذا القانون يجوز لأي شخص ذي مصلحة أن يطلب من المسجل إلغاء تسجيل أي علامة تجارية مسجلة لغيره إذا لم يستعملها فعليًا وبصورة مستمرة خلال السنوات الثلاث التي سبقت الطلب، إلا إذا أثبت مالك العلامة التجارية أن عدم استعمالها يعود إلى ظروف تجارية خاصة، أو إلى أسباب مسوغة حالت دون استعمالها." وفي المقابل، نجد أن المشرع المصري قد نصَّ في المادة (65) من القانون على ما يأتي: يُعتبر من قام بتسجيل العلامة مالكا لها، متى اقترن ذلك باستعمالها خلال الخمس سنوات التالية للتسجيل، ما لم يثبت أن أولوية الاستعمال كانت لغيره."
وهذا ما سار عليه المشرع العراقي في المادة (2/21/ث) التي أجازت تقديم طلب إلغاء العلامة التجارية لكل ذي مصلحة في حال عدم استعمال العلامة التجارية لمدة ثلاث سنوات مستمرة ما لم يثبت أن عدم الاستعمال ناشئ عن سبب خارج عن الإرادة أو لعذر قانوني. وعليه فان الشطب هو عدم الاستعمال المطلق للعلامة بعد تسجيلها، أو الاستعمال غير الجدي للعلامة التجارية، أو التوقف عن استعمالها لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات مستمرة (6).
وقد نصت المادة (91) من القانون المصري على أنه يجوز للمحكمة المختصة بناءً على طلب كل ذي شأن أن تقضي بشطب تسجيل العلامة بحكم قضائي واجب النفاذ إذا ثبت أنها لم تستعمل بصفة جدية دون مبرر تقدره لمدة خمس سنوات متتالية، ويُستدل على الجدية من خلال الاستعمال المنتظم للعلامة التجارية، أي الانتظام في استعمالها بصفة دائمة.
وهنا يكون الترك ضمنيا بوجود قرائن تدل على ذلك وتؤكد نية مالك العلامة التجارية في الترك النهائي لها، وعدم استعمالها لاحقا، ويُعَدُّ ذلك للظروف والواقع التي تحيط بها، كاستعمال الغيرللعلامة التجارية بدون اعتراض مالكها الأصلي، أو استعمالها كعلامة جديدة على المنتجات والبضائع التي كانت تميزها العلامة الأولى . (7) وقد ذهبت محكمة العدل العليا الأردنية في الدعوى رقم (2011/388) بتاريخ 2012/1/25 إلى أنه على كل من له مصلحة في طلب ترقين علامة تجارية أن يثبت بأن العلامة التجارية لم تستخدم من قبل مالك هذه العلامة لمدة ثلاث سنوات وذلك من تاريخ التسجيل الفعلي والنهائي، وفقا الأحكام المادة (22). ومن ثم تم تعديل المادة بإضافة فقرة تقول إنه يعتبر استعمال الغير لعلامة تجارية مسجلة بموافقة مالكها استعمالا لها لمقاصد استمرار تسجيلها (8) .
ولعل المشرع اتجه إلى ذلك لعدم حرمان الآخرين من استعمال العلامة التجارية وتجميد وضع العلامة لدى شخص محدد لا يستعملها ؛ لأنه قد تترتب مزايا ومكاسب من استعمالها، كما أن تجميدها قد يؤثر على الاقتصاد الوطني، ومن ثم لا يجوز شطب العلامة التجارية قبل مضي المدة القانونية، وذلك لتوفير حماية العلامة التجارية. (9) وقد جاء في قرار محكمة العدل العليا الأردنية رقم (2005/687) بتاريخ 2005/6/20 أنه: تعتبر مسألة عدم استعمال العلامة التجارية من الوقائع المادية البحتة، ويقع عبء إثبات واقعة عدم الاستعمال على طالب الترقين، الذي له حق إثبات عدم الاستعمال بكافة طرق الإثبات، كما أن لمالك العلامة المطلوب ترقينها دفع ذلك بكافة طرق الإثبات، ويخضع القرار في هذا الشأن لرقابة محكمة العدل العليا.
ويلحظ أن القانون أعطى الحق لمالك العلامة التجارية في دفع الطلب المقدم من الغير لشطب علامته، وذلك بأن يثبت أنها غير مستعملة بناءً على الأحوال التجارية الخاصة، أو أن المالك يواجه ظروفا تجارية تُعَدُّ من الظروف القاهرة، مثل تراجع المبيعات أو التوقف عن الإنتاج لأسباب ترجع إلى التجارة بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها الدولة التي تمنعه أو تحد من ممارسة العمل التجاري بصورته الطبيعية وعدم قدرته على الإنتاج، فهنا الأمر خارج عن إرادة مالك العلامة التجارية؛ لأنه يرجع إلى أسباب خارجة عن إرادته. ففي هذه الأحوال، تبقى العلامة التجارية إلى أن تزول الظروف التي حالت دون استعمالها، وتبقى سلطة تقديرية لمسجّل العلامات التجارية لتقدير قيمة الظروف، وأيضًا سلطة تقديرية للمحكمة عند تقديم طلب شطب العلامة التجارية أو الطعن في قرار المسجل (10).
وإذا كان استعمال العلامة التجارية شكليًا أو للدعاية التجارية بدون أن يكون هناك منتج أو بضاعة حقيقية على أرض الواقع تحمل اسم العلامة التجارية، فهذا لا يشكل شطبًا لها بسبب عدم الاستعمال أو التخلي عنها، فبمجرد شطب العلامة التجارية تصبح بلا مالك ويحق لأي شخص استعمالها وذلك بعد مضي عشر سنوات على شطبها. (11)
ومن خلال استقراء النصوص السابقة، نجد أن المشرع الأردني والمشرع العراقي أعطيا صلاحية لمسجل العلامات التجارية في شطب العلامة لعدم استعمالها، بينما ذهب المشرع المصري في المادة (91) إلى الشطب يكون من اختصاص المحكمة المختصة للشطب. وعليه يرى الباحث أن المشرعين موضوع الدراسة الأردني والمصري والعراقي، لم يشترطوا الاستعمال المسبق للعلامة التجارية لتسجيلها، متفقين في ذلك مع ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية التي سبقت الإشارة إليها، مع ملاحظة أن المشرع الأردني والمشرع العراقي عذا مدة. عدم الاستعمال الموجبة للشطب هي ثلاث سنوات، في حين أن المشرع المصري عدها خمس سنوات. وعليه يرى الباحث أنه على المشرع العراقي تضمين قانون العلامات شرط الاستخدام الفعلي المسبق للعلامة التجارية لغايات تسجيلها، كونه بالفعل لا يوجد أي مغزى اقتصادي من منح العلامة التجارية الحماية نتيجة التسجيل مع عدم الاستعمال، كما أنه من خلال هذا الشرط الذي يتوافق مع ما أشارت إليه الاتفاقيات الدولية على النحو السالف الذكر ، نستطيع القضاء على ما أصبح يطلق عليه العلامة المائعة أو الاحتياطية، ومن ثم يكون هناك مجال لتجار منافسين آخرين لكي يقوموا بتسجيل مثل هذه العلامات لتمييز سلعهم ومنتجاتهم أو خدماتهم المشابهة لتلك السلع والمنتجات والخدمات المسجلة لها هذه العلامة ولكنها غير مستعملة، الأمر الذي من شأن أثره أن ينعكس إيجابا على عجلة الاقتصاد.
والبحث في شروط شطب العلامة التجارية المسجلة لعدم الاستعمال يقتضي الإجابة عن تساؤلات منها: ما هي المدة اللازمة للتوقف عن استعمال العلامة التجارية لكي يقال بأن مالكها لم يَعُدْ يقوم باستعمالها؟ وهل يُشترط الاستعمال داخل بلد الحماية ؟ أم يؤخذ بعين الاعتبار استعمال العلامة التجارية خارجه ؟ وما هو الوضع فيما لو وقع الاستعمال على جزء من المنتجات أو البضائع أو الخدمات التي تحملها العلامة التجارية داخل الصنف الواحد دون الجزء الآخر؟ هذا ما سيتم بيانه فيما يأتي:
أولا - مرور مدة معينة على عدم الاستعمال:
لقد حدد القانون الأردني وفقًا للفقرة (1) من المادة (22) منه مدة عدم الاستعمال للعلامة التجارية التي بمرورها يجوز لأي شخص ذي مصلحة أن يطلب من المسجّل إلغاء تسجيل أي علامة تجارية مسجلة وذلك بثلاث سنوات تسبق طلب الإلغاء، وهذا مشابه لما جاء في المادة (2/21/ث) من القانون العراقي. وفي المقابل، نجد أن القانون المصري في المادة (91) منه قد حددها بخمس سنوات متتالية.
ونلحظ أن القوانين موضوع البحث قد انسجموا مع ما تتطلبه الاتفاقيات الدولية، فاتفاقية باريس لم تجز في المادة (5/ج/1) منها إلغاء تسجيل العلامة التجارية نتيجة عدم الاستعمال إلا بعد مضي مدة معقولة، في حين أن اتفاقية (TRIPS) حددت مدة لا تقل عن ثلاث سنوات متواصلة لجواز طلب إلغاء تسجيل العلامة التجارية، وذلك في المادة (1/19) منها كما رأينا سابقا. وذهب رأي (13) إلى أن مدة عدم الاستعمال خمس سنوات متتالية لها محاذير، لا سيما وأن مالك العلامة التجارية بوسعه أن يستغل هذه المدة ويستعمل العلامة لسنة أو سنتين ثم يتوقف عن استعمالها مدة أربع سنوات دون إمكانية طلب شطبها، وعليه فمن الأفضل أن يتم تقصير هذه المدة منعا للتحايل على القانون.
كما ذهب رأي آخر (14) إلى أن مضي مدة الثلاث سنوات على عدم استعمال العلامة التجارية التي تسبق تقديم طلب شطبها كافٍ لتأكد المسجّل من عدم رغبة مالكها في استعمالها إلا إذا وجدت أسباب تبرر عدم الاستعمال.
ومن ثم، وعلى ضوء الآراء السابقة يرى الباحث أن عدم الاستعمال لمدة ثلاث سنوات مستمرة من شأنه منع قيام صاحب العلامة التجارية من التحايل على القانون، فضلاً عن أنها مدة كافية للقول بأن مالكها لم تعد لديه رغبة في استعمالها، وعليه، ولهذه الغاية، يتمنى الباحث من المشرع المصري تقصيرها إلى ثلاث سنوات.
ثانيا - عدم الاستعمال داخل دولة الحماية
باستقراء النصوص القانونية المنظمة لأحكام شطب العلامة التجارية المسجلة لعدم الاستعمال في القوانين موضوع الرسالة، وكذلك في الاتفاقيات الدولية، نجد أنها قد خلت من النص على هذا الشرط. وقد ذهب أحد الآراء (15) إلى عدم الاعتراف بالاستعمال خارج الدولة؛ لأن الغاية من وجود العلامة لم تتحقق، إذ إن العلامة يجب أن تعمل على إيصال الجمهور بالبضاعة أو بالخدمة، وهذه الغاية لا يتم تحقيقها ما لم يكن هناك استعمال للعلامة داخل إقليم الدولة واختلف هذا الرأي مع ما أخذ به القضاء الفرنسي من الاعتراف بالاستعمال داخل فرنسا إذا كان المنتج يُصنع في فرنسا من مقاول من الباطن ولكنه لم يسوق فيها، كون تفسير القضاء الفرنسي هذا تفسيرا تجاريا فالاستعمال لا يرتبط بالإنتاج بل بمعرفة الجمهور بالعلامة.
أما فيما يتعلق بموقف القضاء، نجد أن هناك استقرارا في أحكام محكمة العدل العليا الأردنية بعد صدور القانون المعدل لسنة (1999) بخصوص الاعتداد بالعلامة التجارية المشهورة وحمايتها، وذلك بعدم اشتراط استعمال العلامة التجارية داخل الأردن لاعتبار علامة ما علامة مشهورة، ما دامت هذه العلامة مشهورة خارج الأردن، ومن ثم توفير الحماية القانونية لها في حالة رغبة الغير في تسجيلها أو الاعتداء عليها باستعمالها بالفعل دون موافقة مالكها الأصل. (16) وفي هذا، قضت محكمة العدل العليا الأردنية بما يلي : (17) ..... استقر الاجتهاد على منح الحماية للعلامات التجارية المشهورة بغض النظر عن تسجيلها أو استعمالها في المملكة الأردنية ذلك أن الحماية ليست فقط للعلامة بل أيضًا لحماية الجمهور من الخداع والتضليل والغش، وعليه وحيث أن العلامة (DUMBO) المطلوب تسجيلها باسم المستأنف تطابق وتشابه العلامة ذاتها (DUMBO) المملوكة إلى شركة والت ديزني كومباني والمسجلة باسمها في كثير من بلدان العالم الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى غش الجمهور، كما يؤدي إلى تشجيع المنافسة التجارية غير المحقة، فبالتالي يكون القرار المطعون فيه والمتضمّن رفض طلب تسجيل العلامة (DUMBO) متفقا وأحكام القانون..."
ويرى الباحث ضرورة عدم الاعتراف بالاستعمال للعلامة التجارية خارج دولة الحماية لكي يدفع مالكها الطلب المقدم لشطبها لعدم الاستعمال، مع ضرورة التفريق بين العلامات بالطبع، إذ إن الباحث يؤيد موقف محكمة العدل العليا وما استقرت عليه من عدم اشتراط الاستعمال داخل الأردن لاعتبار علامة ما علامة مشهورة .
ذلك أن هذا الشرط إنما يرتبط بالنطاق المكاني الذي سُجّلت فيه العلامة التجارية، وأن تسجيل العلامة له أثر نسبي من حيث المكان الذي تستخدم فيه، ذلك أن استخدام العلامة التجارية في النطاق الجغرافي للمكان الذي سُجّلت فيه يحول دون التقدم بطلب شطبها لعدم الاستعمال، واستخدامها خارج هذا النطاق لا يكون سببا مبرزا لدفع عدم الاستعمال والحيلولة دون المطالبة بشطبها (18).
ثالثا - أن يكون الاستعمال غير واضح
معنى هذا الشرط أو المقصود منه هو أنه إذا كان الاستعمال غير واضح فإنه لا يؤدي إلى قطع مدة التقادم الذي يؤدي إلى سقوط الحق في العلامة ومن ثم المطالبة بشطبها، كون ذلك يؤدي إلى عرقلة اتصال الجمهور بالعلامة، فلا يُعدُّ استعمال العلامة كاسم تجاري أو كشعار استعمالا لها، أما استعمالها بصورة مزدوجة كعلامة تجارية واسم تجاري فإنه يُعدُّ استعمالا واضحا لها ولا يتحقق هذا الوضوح في الاستعمال إلا من خلال ممارسة نشاط تجاري. وهذا يعني أنه إذا كان الاستعمال على سبيل التجربة كاستعمال الدواء في مستشفى لغايات الترخيص، فلا يُعَدُّ استعمالا، كما يجب لاعتبار الاستعمال واضحًا وصحيخا أن يكون منصبا على البضاعة أو الخدمة التي تحملها العلامة، فلا يُعَدُّ استعمالا للعلامة استعمالها في غير الغرض الذي وجدت من أجله، في حين أن استعمال العلامة في جزء منها في الوقت الذي يتحقق فيه الهدف من وجودها يُعَدُّ استعمالا، ومن ذلك استعمال علامة (Carrefour Vacance) بدلا من Carrefour Voyages) والذي لا يُعَدُّ ذلك كافيًا للمطالبة بشطب العلامة كون كلمة (Carrefour) وحدها
كافية لتمييز مكتب السياحة عن غيره، بمعنى عدم تأثيرها على الصفة المميزة للعلامة (19). من كل ما تقدم، نخلص إلى القول بأنه ومن خلال عرض الفقرة (1) من المادة (22) من القانون الأردني، يمكن إجمال هذه الشروط بما يأتي:
1- عدم استعمال العلامة التجارية المسجلة استعمالا فعليا.
2- أن تمضي مدة ثلاث سنوات متتالية على عدم الاستعمال، وهو ما عبر عنه المشرع بعبارة: بصورة مستمرة".
3- عدم استطاعة مالك العلامة التجارية إثبات أن عدم استعماله لها إنما يعود لظروف تجارية خاصة، أو إلى أسباب مسوّغة حالت دون استعمالها.
4- تقديم طلب الشطب إلى المسجّل، وليس إلى محكمة العدل العليا، ولكن يكون قرار المسجل
قابلا للطعن أمامها. كما أنه ومن خلال عرض نص المادة (91) من القانون المصري والتي سبقت الإشارة إليها، نجد أنه يُشترط لشطب العلامة التجارية المسجلة عدة شروط (1) وهي:
1- أن تمضي مدة خمس سنوات متتالية متصلة على عدم استعمال المالك العلامة التجارية، ولا يختلف الأمر فيما إذا كانت مدة الخمس سنوات هذه من تاريخ تسجيل العلامة التجارية، أو بعد أن تم تسجيلها أو بعد استعمالها لفترة معينة.
2- تقديم طلب الشطب إلى المحكمة المختصة، وليس لمصلحة التسجيل التجاري، والمحكمة تأمر هنا بالشطب إذا ما ثبت عدم الاستعمال للعلامة التجارية من مالكها مدة خمس سنوات متصلة ومتتالية، ولكن يجوز لمالك العلامة التجارية أن يقدم إلى المحكمة ما يسوغ به عدم الاستعمال هذا طوال هذه المدة البالغة خمس سنوات.
3- يُشترط في حكم المحكمة أن يكون واجب النفاذ.
وفي الفقرة (2) من المادة (21) من القانون العراقي، يمكننا بيان شروط شطب العلامة لعدم الاستعمال من خلال ما يأتي:
1- أن تمضي مدة ثلاث سنوات مستمرة على عدم الاستعمال.
2- ألا يكون هناك سبب خارج عن الإرادة أو لعذر قانوني.
3- أن يكون تقديم طلب الإلغاء إلى المحكمة وليس إلى المسجل.
ويرى الباحث أن المشرع الأردني كان الأفضل في إعطاء الحق لكل ذي مصلحة في تقديم طلب الشطب لعدم الاستعمال إلى المسجّل وليس إلى المحكمة، وجعل صلاحية المحكمة بالنظر بالطعون المقدمة على قرار المسجّل الذي سيصدر بخصوص قبول الشطب أو رفضه. ونقترح على المشرع العراقي تعديل المادة الفقرة (2) من (21) لتكون كالاتي: الكل ذي مصلحة الحق في أن يطلب من مسجل العلامات التجارية شطب العلامة التجارية وتكون قراراته قابلة للطعن لدى المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوم من تاريخ التبليغ بقرار المسجل.
___________
1- دليل الويبو للملكية الفكرية، السياسة والقانون والاستخدام تمت الترجمة من قبل المجمع العربي للملكية الفكرية جنيف، حزيران السنة 2001 ، ص 94
2- د. عبد الرحمن السيد ،قرمان الاتجاهات الحديثة في حماية العلامات التجارية المشهورة، دراسة مقارنة بين القانونين المصري والفرنسي في ضوء اتفاقية التربس وقواعد منظمة الويبو، دار النهضة العربية - القاهرة، الطبعة الثانية، السنة 2008، ص 89.
3- نصت المادة (3/15) من اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية على ما يلي: "يجوز للبلدان الأعضاء جعل قابلية التسجيل معتمدة على الاستخدام، على أنه لا يجوز اعتبار الاستخدام الفعلي للعلامة شرطا للتقدم بطلب لتسجيلها، ويُحظر رفض طلب التسجيل لمجرد أن الاستخدام المزمع لم يحدث قبل انقضاء فترة ثلاث سنوات اعتبارًا من تاريخ تقديم الطلب."
4- د جلال وفاء محمدين، الحماية القانونية للملكية الصناعية وفقًا لاتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (تربس) دار الجامعة الجديدة - الأزاريطة، السنة 2004، ص 109.
5- نصت المادة (1/19) من اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية على ما يلي: إذا كان استخدام العلامة التجارية شرطا لاستمرار تسجيلها، لا يجوز إلغاء التسجيل إلا بعد انقضاء مدة لا تقل عن ثلاث سنوات متواصلة من عدم استخدامها."
6- عرار نجيب خريس جرائم الاعتداء على العلامة التجارية في القانون الأردني والقوانين العربية، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العلياء الجامعة الأردنية، 1991م، ص 26.
7- سميحة القليوبي، الملكية الصناعية والتجارية دار النهضة العربية الطبعة 10 القاهرة 2016 ، ص 606.
8- صلاح زين الدين، الملكية الصناعية والتجارية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005 ، ص 373.
9- شذى احمد عساف ، شطب العلامة التجارية في ضوء اجتهاد محكمة العدل العليا دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان 2011 ، ص 140.
10- سميحة القليوبي، مرجع سابق، ص 610.
12- صلاح زين الدين الملكية الصناعية، مرجع سابق، ص 379
13-Joanna Schmidt-Szalewski et Jean-Luc Pierre, Droit de la Propriété Industrielle, op. cit., p. 236.
14- الله حسين الخشروم، الوجيز في حقوق الملكية الصناعية والتجارية دار وائل للنشر والتوزيع عمان 2005 ، ص 219
15- د. نوري حمد خاطر، شرح قواعد الملكية الفكرية الملكية الصناعية، دراسة مقارنة في القوانين الأردني والإماراتي والفرنسي دار وائل للنشر - عمان، الطبعة الثانية السنة 2010، ص 321.
16- د. سامر الدلالعة حق الاستئثار بملكية العلامة التجارية كأثر لتسجيلها (دراسة مقارنة)، مجلة المنارة، جامعة آل البيت، المجلد 13 العدد 80، السنة .2007، ص 97.
17- حكم محكمة العدل العليا الأردنية رقم (2000/428) هيئة خماسية، تاريخ 2001/2/12، منشورات مركز عدالة للمعلومات القانونية.
18- د نوري حمد خاطر، مرجع سابق، ص 320.
19- نوري حمد خاطر، مرجع سابق ، ص 320.
20- د. سميحة القليوبي، الملكية الصناعية والتجارية، مرجع سابق، ص 517.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|