أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-2-2022
2124
التاريخ: 7-5-2019
1788
التاريخ: 4-2-2020
2208
التاريخ: 2024-03-23
969
|
قد يقال: إنّنا نرى كثيرًا من الناس يدعون الله تعالى فلا يستجاب لهم، وقد ورد في الحديث أيضاً ما يدلُّ علىٰ تأخّر الاجابة لعشرين أو أربعين عاماً.
فعن إسحاق بن عمّار، قال: قلتُ لأبي عبد الله عليهالسلام: يستجاب للرجل الدعاء ثم يؤخّر؟ قال: «نعم، عشرين سنة» (1).
وعنه عليهالسلام: «كان بين قول الله عزَّ وجل: {قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا} وبين أخذ فرعون أربعين عاماً» (2).
فهل يتنافى ذلك مع ما جاء في محكم الكتاب الكريم: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} وقوله سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وما جاء علىٰ لسان الصادق الأمين صلىاللهعليهوآله: «ما فُتح لأحد باب دعاء، إلّا فتح الله له فيه باب إجابته» (3)؟
نقول: إنّ الدعاء من أقوى الأسباب في تحقيق المطلوب ودفع المكروه، ولكنّه قد يكون ضعيفاً في نفسه بأن يكون دعاءً لا يحبه الله لكونه مخالفاً لسنن التكوين والتشريع، أو لأن الداعي لم يراعِ شروط الدعاء ولم يتقيد بآدابه، أو لوجود الموانع التي تحجب الدعاء عن الصعود: كأكل الحرام، ورين الذنوب علىٰ القلوب، واستيلاء الشهوة والهوى وحبّ الدنيا علىٰ النفس.
فإذا قيل بعدم الاخلال في جميع ذلك، فيمكن حصر الأسباب المؤدية إلىٰ تأخر الاجابة بما يلي:
1 ـ إنّ الداعي قد يرى في دعائه صلاحاً ظاهراً، فيلحُّ بالدعاء والمسألة، ولكن لو استجيب له، فإنّ الاستجابة قد تنطوي علىٰ مفسدة له أو لغيره لا يعلمها إلّا الله تعالى، قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وفي زبور داود عليهالسلام: يقول الله تعالى: «يا بن آدم، تسألني فأمنعك، لعلمي بما ينفعك» (4).
وعليه فإنّ إجابة الدعاء إن كانت مصلحة والمصلحة في تعجيلها، فإنّه تعالى يعجّلها، وان اقتضت المصلحة تأخيرها إلىٰ وقت معين أُجّلت، ويحصل للداعي الأجر والثواب لصبره في هذه المدة.
وإذا لم يترتّب علىٰ الاجابة غير الشر والفساد، فإنّه تعالى لا يستجيب الدعاء لسبق رحمته وجزيل نعمته، ولأنّه تعالى لا يفعل خلاف مقتضى الحكمة والمصلحة: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} وفي هذه الحالة يثاب المؤمن علىٰ دعائه إمّا عاجلاً بدفع السوء عنه، وإعطائه السكينة في نفسه، والانشراح في صدره، والصبر الذي يسهل معه احتمال البلاء الحاضر، أو آجلاً في الآخرة كما يثاب علىٰ سائر الطاعات والصالحات من أعماله، وذلك أعظم درجة عند الله تعالى، لأنّ عطاء الآخرة دائم لا نفاد له، وعطاء الدنيا منقطع إلىٰ نفاد.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم: «ما من مؤمن دعا الله سبحانه دعوة، ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم، إلّا أعطاه الله بها أحد خصال ثلاث: إمّا أن يعجّل دعوته، وإمّا أن يدّخر له، وإمّا أن يدفع عنه من السوء مثلها. قالوا: يا رسول الله، إذن نكثر؟ قال: أكثروا» (5).
وعن أبي جعفر عليهالسلام، أنّه قال: «والله ما أخّر الله عزَّ وجلَّ عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم ممّا عجّل لهم فيها، وأيّ شيءٍ الدنيا!» (6).
وورد في دعاء الافتتاح: «وأسألك مستأنساً لا خائفاً ولا وجلاً مدلّاً عليك فيما قصدت فيه إليك، فإن أبطأ عنّي عتبتُ بجهلي عليك، ولعلَّ الذي أبطأ عنّي هو خيرٌ لي لعلمك بعاقبة الاُمور» (7).
2 ـ وقد تؤخّر الاجابة عن العبد المؤمن لزيادة صلاحه وعظم منزلته عند الله عزَّ وجلَّ، فتؤخّر إجابته لمحبّة سماع صوته والاكثار من دعائه، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: «إنّ الله ليتعهد عبده المؤمن بأنواع البلاء، كما يتعهّد أهل البيت سيّدهم بطرف الطعام، قال الله تعالى: «وعزّتي وجلالي وعظمتي وبهائي إنّي لأحمي وليّي أن أعطيه في دار الدنيا شيئا يشغله عن ذكري حتىٰ يدعوني فأسمع صوته، وإنّي لأعطي الكافر منيته حتىٰ لا يدعوني فأسمع صوته بغضا له» (8).
وعن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال: «إنّ المؤمن ليدعو الله عزَّ وجلَّ في حاجته، فيقول الله عزَّ وجلَّ: أخّروا إجابته شوقاً إلىٰ صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال الله عزَّ وجلَّ: عبدي، دعوتني فأخّرت اجابتك، وثوابك كذا وكذا، ودعوتني في كذا وكذا فأخّرت إجابتك وثوابك كذا وكذا، قال: فيتمنّى المؤمن أنّه لم يستجب له دعوة في الدنيا ممّا يرى من حسن الثواب» (9).
وقال الإمام الرضا عليهالسلام: «إنّ الله يؤخّر إجابة المؤمن شوقا إلىٰ دعائه، ويقول: صوت أحبّ أن أسمعه...» (10).
وممّا تقدّم يتبيّن أنّ الدعاء مستجاب إذا أخلص الداعي في إتيان أدبه وشرطه، وتوجّه بقلبه إلىٰ الله تعالى منقطعاً عن جميع الأسباب، والاستجابة إمّا عاجلة في دار الدنيا، أو آجلة في الآخرة، وإذا تأخّرت الاستجابة فلمصالح لا يعلمها إلّا عالم السرّ وأخفى، وتأخيرها يصبُّ في صالح الداعي، فعليه ألّا يقنط من رحمة ربّه، ولا يستبطئ الإجابة فيملّ الدعاء.
__________________________
(1) الكافي 2: 355 / 4.
(2) الكافي 2: 355 / 5.
(3) أمالي الطوسي 1: 5.
(4) بحار الأنوار 73: 365 / 98.
(5) وسائل الشيعة 7: 27 / 8.
(6) الكافي 2: 354 / 1. وقرب الإسناد: 171.
(7) مصباح المتهجّد: 578.
(8) بحار الأنوار 93: 371 / 10.
(9) الكافي 2: 356 / 9.
(10) بحار الأنوار 93: 370 / 7.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|