أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2019
1611
التاريخ: 9-5-2022
1405
التاريخ: 15-5-2020
1769
التاريخ: 3-4-2022
1738
|
ثم إنَّ لهذه السبعة أسباباً لا تتمّ بدونها، فسبب الحضور الاهتمام، انّ القلب يتبع ما يهمّه ويحضر عند همّه شاء أم لم يشأ، فهو مجبول عليه، مسخّر تحت حكمه، فعدم حضوره في الصلاة إنّما هو لأجل حضوره فيما يهمّه من أمور الدنيا، إذ لا يبقى متعطّلاً، ولذا تراه حاضراً إذا حضرت عند ملك من ملوك الدنيا مستغرقاً همّه فيه فلا يمكن إحضاره للصلاة الا بصرف همّه إليها وهو لا يمكن الا باليقين بكون الآخرة خيراً وأبقى، والصلاة وسيلة إليها مع حقارة الدنيا، فعدم الحضور في الصلاة ليس الا من ضعف الإيمان، فلابدّ من السعي في تقويته.
وسبب التفهمّ بعد الحضور إدمان الفكر وصرف الذهن إلى فهم المعنى. وعلاجه بما ذكر مع الإقبال على الفكر والتشمّر لرفع الخواطر الشاغلة بقطع موادّها من علائق الدنيا التي حدث الخاطر النفساني بسببها، فمن أحبّ شيئاً أو أبغضه أو خاف منه أكثر ذكره، فذكرها يغلب على القلب ضرورة.
وأمّا التعظيم فإنّه حالة للقلب تتولّد من معرفتين:
إحديهما: معرفة جلاله تعالى، إذ لا تذعن النفس لتعظيم أحد الا بعد اعتقاد عظمته، وهذه من أصول الإيمان.
والثانية: معرفة حقارة النفس وذلّتها وكونها مسخّرة تحت حكمه تعالى غير قادرة على نفع أو ضرّ فيتولّد منها الاستكانة والانكسار والخشوع، ويعبّر عنها بالتعظيم، ولا يتحقّق بدون انضمام الثانية إلى الأولى، إذ من استغنى عن غيره وأمن منه على نفسه لم يعظّمه ولم يخشع له، وإن عرف جلاله وعظمته.
وأمّا الهيبة والخوف فحالة للنفس تتولّد من المعرفة بقدرته وسطوته ونفوذ مشيّته فيه، وأنّه لو أهلك الأوّلين والآخرين لم ينقص من ملكة شيء مع تذكّر ما جرى على الأنبياء والأوصياء من المصائب وأنواع البلاء مع قدرته على دفعها، فكلّما ازداد العلم بالله وصفاته وأفعاله زادت الخشية والهيبة.
وأمّا الرجاء فسببه معرفة لطف الله وإكرامه وعميم إحسانه وإنعامه ولطائف صنعه ومعرفة صدقه في وعده الجنّة بالصلاة، فإذا حصل اليقين بوعده ولطفه انبعث الرجاء.
وأمّا الحياء فسببه استشعار القصور في المعرفة والتقصير في الطاعة وعلمه بالعجز عن القيام بتعظيم حقّ الله، ويقوى ذلك بمعرفة عيوب النفس وآفاتها وقلّة إخلاصها وخبث باطنها وميلها إلى الحظّ العاجل في جميع أفعالها مع علمها بجميع ما يقتضيه جلال الله وعظمته واطلاعه على السرائر وخطرات الضمائر وإن كانت خفيّة، فبعد حصول هذه المعارف ينبعث الانفعال والحياء ضرورة.
ثم العلاج في تحصيل هذه الأسباب يتمّ بتحصيل معرفة الله وجلاله وعظمته واستناد الأشياء بأسرها إليه وعلمه بكلّ شيء، ولابدّ من كونها يقينيّة ليترتّب عليها الأثر، إذ مالم يحصل اليقين بأمر لا يحصل التشمّر في طلبه والهرب عنه، وهذه المعرفة يعبّر عنها بالإيمان، ثمّ تفريغ القلب عن مشاغل الدنيا، إذ لا ينفكّ العارف المذكور عن المعاني المذكورة الا لتفرّق الفكر وغفلة القلب غير الحاصلين الا من الخواطر الرديّة الشاغلة فالدواء في الإحضار بعد المعرفة المذكورة رفع تلك الخواطر بدفع أسبابها وهي إمّا أمور خارجة مثل ما يظهر للبصر أو يقرع على السمع فإنّه قد يختطف الهمّ حتّى يتبعه ويتصرّف فيه، ثم ينجرّ منه إلى غيره، ويتسلسل فيصير النظر الأوّل باعثاً لفكر، وذلك الفكر لآخر وهكذا. فعلاج هذا القسم بغضّ البصر واختيار مكان مظلم ضيّق خالٍ عن الأشياء الملهية كما كان ذلك عادة لأكابر السلف.
وإمّا أمور باطنة في نفسه، وهي أشدّ فإنّ من تفرّقت همومه وكثرت مشاغله وعلائقه في الدنيا لم ينحصر فكره في فنّ واحد، بل لا يزال يطير من جانب إلى آخر، فلا يغنيه غضّ البصر وأخواته لكفاية ما وقع في القلب سابقاً في الهمّ.
وعلاجه ردّ نفسه قهراً إلى ما يشغلها به من غيره ويعينه بالإعداد له قبل التحريم بتجديد ذكر الآخرة وعظم خطر المقام بين يدي الله تعالى وهول المطّلع فيفرغ قلبه قبل التحريم عمّا يهمّه من أمور الدنيا فلا يترك لنفسه شيئاً يلتفت إليه، فإن سكن داؤه بهذا الدواء والا فلا ينجيه الا المسهل الذي يقمع مادته من أعماق العروق بأن نظر فيما يصرفه من إحضار القلب، ومآله إلى مهمّاته التي اهتمّ بها لأجل علائقه وشهواته فليعاقب نفسه بالنزوع عنها وقطعها لكونها مضادّة لدينه ومعاونة لعدوّه الذي هو الشيطان في إخراجه عن الجنّة التي يستحقّها بصلاته وهذا هو الدواء الحقيقي القامع للمادّة والنافع في قطع الشهوة القويّة التي لا تزال تجاذب وتجادل حتّى تغلب فتنقضي الصلاة في الجدال معها والا فالأوّل ينفع فيما يضعف من الشهوات والهموم الشاغلة لحواشي القلب، فمن جلس تحت شجرة لمطالعة أو فكر يهتمّ به فإنَّ أصوات العصافير تؤذيه وتشوّش عليه فكره، فالأول بمنزلة تطهيرها بالعصا، ثم إذا عاد إلى فكره عادت العصافير وهكذا، والثاني بمنزلة قطع الشجرة فلا تعود العصافير أبداً، وكذلك شجرة الشهوة إذا استقلت وتفرّعت أغصانها انجذبت إليها الأفكار انجذاب العصافير إلى الأشجار والذباب إلى الأقذار، ويطول الشغل في دفعها ويجمعها حبّ الدنيا وهو رأس كلّ خطيئة، فمن انطوى باطنه عليه ومال إلى شيء منها لا ليتزوّد بها إلى الآخرة فلا يطمعنّ في أن يصفو له لذّة المناجاة، فهمّة الرجل مع قرّة عينه، فهذا هو الدواء ولمرارته استبشعته الطباع وصار الداء عضالاً مزمناً، هذا كلّه في الخواطر الناشئة عن مشاغل الدنيا وعلائقها.
وأمّا الوساوس الباطلة الحاصلة من دون اختيار للعبد في خطورها مع عدم تعلّقها بعمل دنيويّ فالأمر فيها أصعب وإن كان لقطع حبّ الدنيا وقلع شهواتها عن القلب مدخل عظيم فيها أيضاً، وقد تقدّم التفصيل في ذلك في بحث الوساوس.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|