أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-21
204
التاريخ: 2023-09-16
1066
التاريخ: 2023-07-27
1218
التاريخ: 2024-02-15
953
|
وإنه لمن الصعب أن يفهم العقل الحديث الذي لم يندمج في أفكار هؤلاء القوم الدينية وتاريخهم، كيف أن مرافق الحياة جميعها قد تسرب إليها الاعتقاد في السحر بحالة صيرته صاحب السيطرة على السعادة الشعبية، وكان ذلك ظاهرًا على الدوام حتى في أبسط الأحوال المنزلية العادية؛ إذ صار من الأشياء التي يزاولها الإنسان بطبيعة حياته كالنوم أو تجهيز الطعام، فقد صار السحر يتألف من نفس الجوِّ الذي كان يعيش فيه أهل الشرق قديمًا. وقد كانت الحياة المنزلية في الشرق قديمًا غير ممكنة إلا بالالتجاء إلى نفوذ تلك العوامل السحرية الناجعة، التي كانت تستعمل على الدوام، والتي لولا نفوذها لأبادت القوى المهلكة الخفية كل البشر كما كانوا يعتقدون، وبخاصة عند العامة. ولما كان من الضروري استعمال هذه الطرق ضد الأمراض بخاصة؛ فإن الوسائل العادية المتعلقة بالحياة المنزلية والاقتصادية كانت توضع دائمًا تحت حماية السحر فكانت الأم (1) لا يمكنها أن تهدئ من روع طفلها المتألم المريض وتجعله يضطجع طلبًا للراحة إلا بعد الاستنجاد بالقوى الخفية لتقوم بتخليص هذا الطفل من المرض، ومن الحسد، ومن سلطان أشباح الشر السوداء التي كانت تنزوي في أحد أركان البيت المظلمة،(2) أو التي كانت تتسلل من الأبواب المفتحة عندما يسدل الظلام خيامه فوق البيت حتى تدخل جسم هذا الطفل الصغير فتنتشر فيه. وكان من أشباح الشر الشيطان الذي يمكنه أن يتشكل في صورة محبوبة ثم يتقرب من المريض الصغير مظهرًا له أنه في قدرته أن يشفيه من أوجاعه أو تخفيف آلامه. ويمكننا أن نستمع — حتى في أيامنا هذه — إلى صوت الأم وهي منحنية على طفلها ترنو إليه بنظراتها السريعة من هذا الباب المفتوح في تلك الظلمة المسكونة بقوى الشر هذه وتقول: «أسرع إلى الخارج أنت يا من يأتي في الظلمة، ويا من يدخل إلينا خلسة، وأنفه إلى خلفه، ووجهه ملتفت إلى الوراء، ويا من تفقد من قد جئت من أجله.
هل تأتي لتقتل هذا الطفل؟ إني لن أسمح لك بقتله
هل تأتي لتخفف آلامه؟ إني لن أسمح لك بتخفيف آلامه
هل تأتي لتضره؟ إني لن أسمح لك أن تضره
هل تأتي لتأخذه؟ إني لن أسمح لك بأن تأخذه مني
لقد أعددت ما يحميه منك من نبات «افت» إنه يسبب الآلام؛ ومن البصل الذي يلحق بك الضرر، ومن الشهد الحلو المذاق (للأحياء) من الرجال ومر المذاق لمن هنالك (يعني الموت)، ومن الأجزاء المؤذية من سمك «ابدو» ومن فك «مررت»، ومن العمود الفقري للسمك «... ولم تكن الأم الوجلة على ابنها تستعمل هذه التعويذة المذكورة بمثابة رقية وحسب، وإنما كانت تتبعها بمزيج شهي تعطيه الطفل المريض فيبتلعه، وهو مزيج مصنوع من الأعشاب والشهد والسمك، وكان خاصًّا بطرد الشياطين المرجومة التي كانت تعذب المرضى من الأطفال ذكورًا وإناثًا مهدِّدة بانتزاع حياتهم. كما نجد في وصف الشهد بأنه حلو المذاق (للناس الأحياء)، ومرُّ المذاق لمن هم هنالك (الموتى). فكان الواضح إذن أن من الشياطين من يخاف الإنسان بأسه؛ لأن بعضهم يكونون هم نفس الأموات الذين تجردوا من أجسامهم؛ ولذلك كانت حياة أهل الدنيا في تصادم مع الأموات طوال مدة حياتهم في هذه النقطة، فكان من اللازم حينئذ العمل على كبح جماح أولئك الأموات الأشرار، ووقفهم عند حدودهم؛ ومن هنا كانت التعاويذ والحيل السحرية التي دلت على تأثير فعلهم ضدهم في الحياة الدنيا لها قيمتها في الحياة الآخرة أيضًا، فإن هذه الرقية السالفة التي منعت أخذ الطفل بعيدًا عن أمه يمكن استعمالها كذلك ضد من يسعى لسلب قلب أي رجل في العالم السفلي، فلأجل أن يتمكن الرجل المُتوفَّى من الدفاع عن نفسه يقول «هل حضرت لتأخذ قلبي هذا الحي: إن قلبي هذا الحي لن تُعطاه«. وعلى ذلك فإن الشيطان الذي يريد أخذ قلبه ليضر به كان يتسلل بعيدًا عنه لا محالة، وبتلك الطريقة كان السحر الذي يستعمل في الحياة الدنيا يستعمل بحالة مضطردة في الحياة الآخرة، وكان الأموات يعرفونه؛ إذ كانت تعاويذه توضع تحت تصرفهم.
....................................
1- (Erman, Zauberspruche für Mutter und Kind, aus dem Papyrus 3027 des Berliner Museums).
2- هذه العادات لا تزال مستعملة حتى الآن في ريف مصر وصعيده بين الطبقات الدنيا، وحتى بين علية القوم الذين تستحوذ على أفكارهم الخرافات الموروثة.
|
|
استبدال مفصل الركبة.. "خطوة ضرورية" قبل إجراء الجراحة
|
|
|
|
|
روسيا.. ابتكار محطة طاقة شمسية على شكل موشور
|
|
|
|
|
خلال استقباله وفدًا من مدغشقر.. السيد الصافي يؤكد استعداد العتبة العباسية لمساعدة المؤمنين بمختلف الدول في حدود الإمكانات المتوفرة
|
|
|