أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-02
1148
التاريخ: 2023-09-29
801
التاريخ: 2024-09-14
290
التاريخ: 2023-10-06
1043
|
وعُني الروم في هذه الحقبة عناية فائقة بالجيش، وقال أحدُ كبرائهم: «إن الجيش للدولة كالرأس للجسم، إن هو ضعف تعرضت الدولة للخطر (1) «. وكان هذا الجيش يتألف من عناصرَ وطنية وعناصر أجنبية، وكانت العناصر الوطنية خيَّالة تُقطع أراضٍ لها ولذريتها لا تصادر ولا تتحول ملكيتها، وكانت العناصر الأجنبية مرتزقة يستهويها سخاء الروم، فتؤمُّ القسطنطينية من أوروبة وآسية، وكان بينها الخزري والبتشناغي والنروجي والصقلبي والدانيماركي والنورماندي والسكسوني والكرجي والتركي والعربي، ولم يكن هنالك ما يمنع التحاق هؤلاء بِأَيَّةِ فرقة من فرق الجيش، ففرقة الحرس الهترية Heteria كانت تتألف من الروس والنروجيين والدانيماركيين والخزر، ولم يكن في صفوفها أَيُّ عنصر وطني، وكثر عدد الأرمن في الجيش بصورة خاصة وتقلدوا أعلى الرتب. وكان هذا الجيش يقسم إلى قسمين رئيسين: التغامتا Tagmata في العاصمة وضواحيها، والثيماتا Themata في الولايات، وشمل القسم الأول فرق الخيالة الأربع: السوكولس Scholes والإكسكوبيتور Excubitor والأريثموس Arithmos والهيكاناتس Hicanates، وفرقة المشاة النوماري Numeri، وكانت كُلُّ فرقة من فرق الحرس الخمس تتألف من أربعة آلاف مُقاتل، وتخضع لقيادة ضابط كبير يحمل رتبة دوميستيكوس Domesticus، وكان قائد فرقة السوكولس قائد الجيش الأكبر، وكان القسم الثاني جيش الولايات الثيماتا يتألف من أربعةِ آلافٍ إلى عشرة آلاف مقاتل ويخضع لقيادة ضابط من رتبة إستراتيجوس Strategos، وكان معظم هؤلاء من الخيالة أيضًا بنوعيها الثقيل Cataphractes والخفيف Trapazistes، وكان هنالك أيضًا جيش الحدود Acritai وكانت مهمة هؤلاء تقضي بالدفاع عن اللامس Limes وبالمحافظة على الأبراج والقلاع وسائر أنواع التحصينات التي كانت تنتشر على طول خط الحدود، وكان عليهم أيضًا أن يراقبوا الأعداء ويسدوا الممرات ويردوا الهجوم بهجوم مماثل. ولم يكن عدد هذا الجيش كله كبيرًا؛ فإنه لم يزد على السبعين ألفًا في آسية ومثل ذلك في أوروبة، ولكنه امتاز بانتظامه وشجاعته وحُبه للوطن واندفاعه في سبيله، وتقوَّى بحذقٍ في صنع الأسلحة، ومهارةٍ في تخطيط القلاع وبنائها، واستعمل النار الإغريقية في الحروب، كما استعان بالمجانيق الكبيرة في أعمال الحصار وبمجانيق أصغر منها في قتال الميدان، وكانت هذه تنقل بمركبات خاصة تحمل المنجنيق ورجاله فتنقل القصف حيث تدعو الحاجة. ويستدل من مضمون رسالة في علم التكتيك، صنِّفت في عهد نيقيفوروس فوقاس (2)، أن الحرب التي كان يخوضُها هذا الجيش كانت حرب كمين واستطلاع ومفاجآت والتحامات، وأن أبراج المراقبة كان تنبئ بالخطر بإشارات نارية، فيهب المشاة إلى الممرات يكمنون فيها، وتنطلق دوريات الفرسان الخفاف حاملة مئونة يوم واحد من الزاد مخفية سلاحها تستطلع حركات العدو، ويهرع السكان من القرى والدساكر إلى القلاع والأبراج، بينما يتجمع الجيش في نقاط معينة استعدادًا للعمل. ويستدل من هذه الرسالة أيضًا وغيرها من نوعها أن ترتيبات القيادة كانت كاملة تشمل خُطط التجسس والاستطلاع، ونقل العتاد والمؤن، وتجمُّع الوحدات، وكيفية سيرها، ويدل ما تبقى من الروايات المعاصرة أن تدريب هذا الجيش كان متواصلًا غيرَ منقطع، وأن التمريس في القتال كان يشمل جميع ضروب التعب وأنواع الضنك والقلة، وأن الأباطرة كانوا يعيرون الجنود نصيبًا وافرًا من عنايتهم الشخصية فيُفيضون عليهم النعم ويغمرونهم بالإحسان ويشملونهم بشتى مظاهر التقدير والإكرام. وكانوا لا ينفكون عن الإشارة إلى الماضي المجيد الحافل بالانتصارات العسكرية وإلى صيانة الفادي الحبيب الذي لا يغفل ولا ينام، وكان مِن حُسن حظ الجيش أَنْ تولى قيادته عددٌ متسلسلٌ من كبار الرجال، أمثال غرغون وفوقاس وسكيليروس وشمشيق. وتلخص نقائص هذا الجيش بأن نظام التعبئة فيه كان يربط الجنود بكبار رجال الإقطاع ربطًا وثيقًا يشجع هؤلاء على الانتقاض على السلطة، وأن المرتزقة كانوا لا يهتمون إلا للغنائم(3).
..............................................
1- Lingenthal, Z., Jus Graeco-Romanum, Novelle Canstantine VII, III, 261.
2- Vari, Incerti Secriptoris de Re Militari, Leipzig, 1901.
3- Bréhier, L., Inst. De l’Emp. Byz. 366–382.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|