أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-15
205
التاريخ: 2023-11-12
1015
التاريخ: 2023-11-04
1049
التاريخ: 2024-11-17
152
|
وكان بين رفاق ميخائيل في السلاح ضابطٌ كبيرٌ، صقلبيُّ الأصل أو أرمنيٌّ، التحق بخدمة أحد البطارق في عهد إيرينة، فاتصل سرًّا بزوجة البطريق وذاع هذا السر، فهرب إلى الشام وبقي فيها حتى عهد لاوون الخامس، فلما كان عهد نقفور عاد إلى بلاد الروم واشترك في ثورة بردانيوس في السنة 803، ثم عاد إلى جوار الرشيد وبقي حتى عهد المأمون (813–833)، وهذا الضابطُ الكبير هو توما الصقلبيُّ، بَطَل هذه الثورة التي نحن بصددها. ومما جاء في المراجع اليونانية أنه في أثناء ثورة بردانيوس (803) على نقفور؛ تنبأ أحد الرهبان بفشل بردانيوس ورفاقه لاوون وميخائيل وتوما، وبأن الأولَين يحملان التاج الإمبراطوري، وبأن الثالث ينادَى به إمبراطورًا، ولكنه يهلك بعد ذلك بقليل. والواقع أَنَّ لاوون أصبح فسيلفسًا، وأن ميخائيل استوى على العرش بعده، وأن توما طمحت نفسُهُ إلى الملك، فبدأ يسعى له في أرمينية والبونط منذ أواخر عهد لاوون، فلما قتل لاوون في السنة 820 استغل توما الظرف واتجهت أنظارُهُ شطر القسطنطينية وعرشها، وأيدت آسية الصغرى — بمعظمها — توما الصقلبي، لم يشذ منها سوى ثيمتي أرمينية والأبسيق، وادعى توما أنه قسطنطين السادس ابن إيرينة، فالتف حوله مكرمو الأيقونات. ورأى المستضعفون من سكان آسية الصغرى في توما محرِّرًا، فدخلوا في حزبه؛ أملًا في تحسين مستقبلهم «فرفع الخادم يده في وجه سيده، والجندي في وجه قائده، والقائد في وجه أميره (1) «. ويرى بعضُ رجال الاختصاص أن الصقالبة في آسية الصغرى رأوا في توما محررًا قوميًّا، فاندفعوا في سبيل نُصرته اندفاعًا عظيمًا، ولا ننسى أَنَّ الأباطرة كانوا قد نقلوا إلى آسية أُلوفًا من الصقالبة. وتفاهم توما والمأمون فأَمَدَّهُ هذا بجيشٍ قويٍّ، ثم استمال جُبَاةَ الضرائب في آسية، فتَوَافَرَ لديه المالُ، وأمر المأمون أيوب بطريرك الروم في أنطاكية أن يرسم توما فسيلفسًا؛ لأنه سمع أن الفسيلفس لا يقام من غير بطريرك «فقرأ البطريرك عليه الأدعية ووضع على رأسه تاجًا ذهبيًّا بأحجار ثمينة (2) «، والتحق بتوما أيضًا أسطول إيجه فلم يبقَ لدى ميخائيل الثاني سوى الأسطول الإمبراطوري. ونهض توما بجيوشه إلى بر الأناضول، ولم يكن عند ميخائيل الثاني فكرة صحيحة عن قوة خصمه، فدفع لملاقاته بجيشٍ صغيرٍ، ونشبتْ معركةٌ انتصر فيها توما وانهزم جيشُ الفسيلفس، فأدرك ميخائيل أنه يواجه ثورة ليست كالمعتاد وأن أنصار الأيقونات يؤيدون توما؛ ولهذا أسرع فاستدعى إليه زُعَمَاءَ القائلين بتكريم الأيقونات وحاول إقرارَ السلام الديني بمؤتمر في القصر — كما سبقت معنا الإشارة — ولكن ثيودور الراهب رفض الاجتماع مع الهراطقة، وقصد توما القسطنطينية متناسيًا أنه يترك وراءَه أنصارًا لخصمه، ووصل إلى المضايق وعبر البحر إلى تراقية، فتَبِعَهُ عددٌ كبيرٌ من السكان وبينهم الصقالبة المقدونيون، وبلغ القسطنطينية في أواخر السنة 821 وبدأ حصارها برًّا وبحرًا، وكان يتوقع أن تفتح العاصمة أبوابها بمجرد اقترابه منها، ولكنها لم تفعل، وضعفت الحماسة له في أوساط حزب الأيقونات؛ لأنه كان قد أحاط نفسه بالمسلمين وجاء منهم بعدد كبير، ورفع ميخائيل علم الحرب على سطح كنيسة بلاخرنة، وترأس ابنه ثيوفيلوس موكبًا رافعًا الصليب ورداءَ العذراء ودار حول الأسوار يسأل المعونة الإلهية لإنقاذ المدينة. واستمرتْ عمليات الحرب متساجلة واقتصرتْ على اصطداماتٍ يسيرة؛ لأن ميخائيل صرف نفسه عن الاشتباك بمعركةٍ حاسمةٍ لكثرة جُنُود توما، ثم اتفق ميخائيل وأمورتاج خاقان البلغار فأصبح توما أمام عدوين، وضج جيشه ساخطًا؛ لأن الحرب طالت دونما وصول إلى نتيجة حاسمة، وانحاز قسمٌ كبيرٌ من جيش توما إلى الفسيلفس في إحدى المعارك، فارتد تُوما إلى أركاذيوبوليس، فحصره ميخائيل فيها خمسة أَشْهُر، فجاع أهلُ المدينة وقامت فيها مؤامرةٌ فألقي القبض على توما وقيد وسُلِّم إلى ميخائيل في منتصف تشرين الأول من السنة 823 فقتله(3)، ولم يَقْوَ المأمونُ على إمداد توما بأكثر مما فعل؛ لاشتغاله بثورة الخُرَّمية.
.........................................
1- Theophanes Continuatus, 53
2- Michel le Syrien, III, 57
3- وأفضل من صنف في ثورة توما الأستاذ ألكسندر فازيلييف، راجعْ ترجمة مؤلفه: الروم والعرب، ص28–48، تعريب الدكتور محمد عبد الهادي شعيره، والدكتور فؤاد حسنين علي، القاهرة، دار الفكر العربي.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|