أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-12-2015
7893
التاريخ: 11-12-2015
8723
التاريخ: 8-11-2014
7960
التاريخ: 13-12-2015
7709
|
المشهور بين أوساط جلّ علماء المسلمين شيعة وسنة، أنّ القرآن لم يتعرض لأي نوع من التحريف، وأن الذي بين أيدينا هو عين القرآن الذي نزل على صدر الحبيب محّمد النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فلا زيادة أو نقصان، حتى ولو بكلمة واحدة، أو قل بحرف واحد.
ومن جملة مَنْ صرح بهذا من العلماء الأعلام الشيعة (من المتقدمين والمتأخرين) تغمّدهم اللّه برحمته.
1 ـ الشّيخ الطوسي المعروف بشيخ الطائفة (460 هـ ق)، وله بحث صريح وقاطع بهذا الشأن في أوّل تفسيره المعروف بـ (التبيان).
2 ـ الشريف المرتضى، ويعتبر من كبار علماء الإِمامية في القرن الرّابع الهجري.
3 ـ الشّيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه المعروف برئيس المحدثين، حيث يقول في بيان عقائد الإِمامية: (إَن اعتقادنا بالقرآن أنّه سالم من أي تحريف).
4 ـ المفسّر الكبير الشّيخ الطبرسي، وله في مقدمة تفسيره بحث مفصل بهذا الشأن.
5 ـ المرحوم الشّيخ محمد حسين كاشف الغطاء، من كبار العلماء المتأخرين.
6 ـ المرحوم المحقق اليزدي، وقد نقل في كتابه (العروة الوثقى) مسألة عدم تحريف القرآن عن جمهور مجتهدي الشيعة.
7 ـ بالإِضافة إِلى جمع من العلماء الآخرين، أمثال: الشّيخ المفيد، الشّيخ البهائي، القاضي نور اللّه مع سائر محققي الشيعة.
وقد نحى هذا المنحى علماء ومحققوا أهل السنة.
وقد نُقل عن بعض مُحدِّثي الشيعة وبعض أهل السنة، اعتقادهم بوقوع التحريف في القرآن. إِلاّ أن كبار علماء الفريقين بأدلتهم القاطعة قد أبطلوا زعم هؤلاء وأدخلوه في حيز النسيان.
وأفاد العلاّمة الشريف المرتضى في جواب (المسائل الطرابلسيات) «إن صحة نقل القرآن واضحة وبيّنة كمعرفتنا لعواصم العالم والحوادث المهمّة في التأريخ والكتب الشهيرة»
فهل هناك مَنْ يشك في وجود مدن كمكّة والمدينة أو لندن وباريس وإن لم يزرها؟! أو هل هناك مَن ينكر وقوع الهجوم المغولي على الشرق، الثورة
الفرنسية، الحرب العالمية الأُولى أو الثّانية؟!
فإِنّ لم يكن هناك من يشك أو ينكر، بسبب تواتر ذكر وجودها، فكذلك آيات القرآن الكريم، وهذا ما سيأتي بيانه إِن شاء اللّه.
وإِذا كان بعض المغرضين قد نسبوا للشيعة اعتقادهم بتحريف القرآن، فغايتهم إِشعال فتيل التفرقة والفتنة بين الشيعة والسنة، وقد فندت كتب كبار علماء الشيعة هذه الأباطيل الفاقدة لأي دليل منطقي.
ولا نستغرب من الفخر الرازي قوله في ذيل الآية مورد البحث: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]
(إنّ الآية: (إِنّا نحن نزلنا الذكر وإِنّا له لحافظون) دليل على بطلان قول الشيعة في حصول التغيير والزيادة والنقصان في القرآن)، ممّا نعلمه عن هذا الرجل من حساسية وتعصب تجاه الشيعة.
وهنا.. لابدّ من كلمة: إِن كان يقصد بالشيعة كبار علمائهم ومحققيهم، فليس هناك مَنْ يعتقد بذلك.
وإن كان يقصد بوجود قول ضعيف بهذا الشأن بين أوساط الشيعة، فإِنَّ نظيره موجود في أوساط السنة أيضاً، وهو ما لم يُعتَن به من قبل الطرفين.
وقد تطرق لذلك بوضوح المحقق الشّيخ جعفر المعروف بكاشف الغطاء في كتابه (كشف الغطاء) بقوله: لا ريب أنّه (أيْ القرآن) محفوظ من النقصان بحفظ المَلك الديان، كما دل عليه صريح القرآن، وإِجماع العلماء في كل زمان، ولا عبرة بنادر(1).
إِنّ التأريخ الإِسلامي مزدحم بالتهم الباطلة المتغذية من ثدي العصبية المقيتة، مع علمنا القاطع بأنّ أعداء الإِسلام يقفون وراء حياكة ونشر هذه التهم لإِيقاع البغضاء بين أبناء الدين الواحد، وأنّ غاية ما يسعون إليه أن يروا المسلمين أُمّةً مفككة غير قادرة على القيام بمهامها الوحدوية التوحيدية.
ترى كاتباً معروفاً (من أهل الحجاز) في عرض ذمّه للشيعة من خلال كتابه (الصراع) يقول: (والشيعة هم أبداً أعداء المساجد)(2).
والحال لو أجرينا إحصاءاً لعدد المساجد في شوارع وأسواق وأزقة المدن الشيعية لأخذ منّا الوقت الطويل لكثرتها، لدرجة أنّ بعضاً من الشيعة بات يُشكِل على كثرة المساجد في المنطقة الواحدة ويرى لو يلتفت المحسنون لدور الأيتام والمستشفيات الخيرية وما شاكلها، بدلا من بناية المساجد لكفاية الموجود ومع هذا ترى كاتباً معروفاً يتحدث بصراحة عن أمر يدعو إلى الضحك.
وعليه فلا ينبغي الإِستغراب لما افتراه الفخر الرازي.
أدلة عدم تحريف القرآن :
1 ـ أدلة عدم تحريف القرآن كثيرة ـ فبالإضافة الى الآية محل البحث: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] وآيات اخُر ـ كيفية تعامل الناس مع هذا الكتاب السماوي العظيم عبّر التأريخ.
وقبل البداء ينبغي التنويه بأنّ من احتمل التحريف في القرآن، إِنّما أراد بذلك حصول النقص فيه، ولم نر مَنْ احتمل الزيادة في القرآن.
ونظرة فاحصة إِلى تاريخ حياة المسلمين نرى من خلالها أنّهم كانوا يعايشون القرآن في كافة مرافق حياتهم، فهو القانون والدستور الحاكم، ونظام الدولة، وهو الكتاب المقدس السماوي ورمز العبادة.. وبعد هذا كله هل يحتمل أن تطرأ عليه الزيادة أو النقصان؟!
يحدثنا التأريخ بأنّ القرآن ما كان ليفارق الإِنسان المسلم في: صلاته، المسجد، البيت، ميدان الحرب عند مواجهة الأعداء، بل إِنّ المسلمين كانوا
يجعلون تعليم القرآن مهوراً للنساء. فكان للقرآن الحضور الفاعل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون المسلمين، حتى أن الطفل ينمو على هديه.
ومرّة أُخرى نقول: أوَ يعقل أن يصاب هذا الكتاب السماوي المقدس بسهام التحريف والتغيير وهو محفوظ في قلوب وسلوك المسلمين على مرّ التأريخ؟!
لقد تمّ جمع القرآن ـ كما ذكرنا في المجلد الأوّل من هذا التّفسير ـ في عهد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، واهتمّ به المسلمون الأوائل أقصى درجات الإِهتمام، في مجال تعلم أحكامه وحفظه، لدرجة أصبحت فيها مكانة الفرد الإِجتماعية تقاس بقدر حفظه من سور القرآن الكريم، حتى أصبح عدد حفاظ القرآن من الكثرة بحيث أنّه في إِحدى المعارك قتل فيها أربعة آلاف منهم(3).
وكذلك الحال في عهد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما استشهد سبعون رجلا من الصحابة الذين حفظوا القرآن في معركة بئر معونة ـ وهي إحدى المناطق المجاورة للمدينة ـ(4).
من هذين المثلين (وأمثالهما كثير) يتّضح لنا أن حفظة وقراء ومعلمي القرآن الكريم من الكثيرة بحيث يستشهد منهم في معركة واحدة ذلك العدد الضخم.
وهذا طبيعي جداً إذا ما نظرنا إِلى طريقة تعامل المسلمين مع القرآن، باعتباره القانون الحاكم النافذ، والكتاب المقدس الذي لا يوجد سواه.
لم يكن القرآن الكريم كتاباً مهملا في زوايا البيوت والمساجد يعلوه غبار النسيان حتى تسنح الفرصة لمن يريد أن يزيد فيه أو ينقص، بل إنّ مسألة حفظه كانت وما زالت عبادة عظيمة وسنّة متبعة تمتد جذورها في عمق التاريخ الإسلامي.
وبعد أن ظهرت الطباعة كان القرآن الكريم أكثر الكتب من حيث الطبع والإنتشار بين صفوف المسلمين في كافة بلدانهم، ولا تخلو مدينة إسلامية من حفاظ للقرآن. والأمثلة أكثر من أن تقال، ففي البلدان الإسلامية هناك مدارس خاصة لقراءة وحفظ القرآن وذكر أحد المطلعين: أنّه يوجد في بعض بلاد الإسلامية ما يقرب من مليون ونصف المليون حافظ للقرآن.
وبناءً على ما ذكره فريد وجدي في كتابه (دائرة المعارف): إِن من شروط امتحان القبول في كلية الأزهر في مصر، هو حفظ القرآن الكريم كاملا ودرجة النجاح في ذلك (20) من (40) كحد أدنى.
خلاصة القول: إنّ حفظ القرآن منذ عصر ظهور الإِسلام أصبح سنّة حية في حياة المسلمين، من خلال ما أمر وأكّد عليه النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (وهو ما تعضده الرّوايات الكثيرة)، وإِلى هنا نعاود طرح السؤال: هل هناك مجال لاحتمال وجود التحريف في القرآن؟!
2 ـ بالإضافة إلى ما تقدم تواجهنا مسألة (كتّاب الوحي) وهم الأشخاص الذين أوكل إِليهم النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مهمّة تسجيل الآيات القرآنية بعد نزولها، ويذكر أن عددهم كان بين 14 ـ 43 رجلا.
يقول أبو عبد اللّه الزنجاني في كتابه القّيم (تأريخ القرآن): (كان للنبي كتّاب يكتبون الوحي وهم ثلاثة وأربعون، أشهرهم الخلفاء الأربعة، وكان ألزمهم للنّبي زيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب (عليه السلام)) فكيف لكتاب له كل هؤلاء الكتّاب أن تمتد إليه يد التحريف؟!
3 ـ دعوة الأئمّة المعصومين عليهم السلام للعمل بالقرآن الموجود بين أيدينا. ولو تفحصنا كلامهم عليهم السلام لوجدنا أنّهم قد دعوا الناس لتلاوة ودراسة القرآن والعمل على هديه منذ صدر الإسلام وعلى امتداد وجودهم المبارك بين الناس، وهذا دليل على أن الأيادي المفسدة ما استطاعت النيل من هذا الكتاب السماوي.
وخطب الإِمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة خير شاهد ينطق بهذا الإِدعاء: فنقرأ في الخطبة (133) : «وكتاب اللّه بين أظهركم، ناطق لا يعيا لسانه، وبيت لا تهدم أركانه، وعز لا تهزم أعوانه».
ويقول في الخطبة (176) : «واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل...».
ونطالع قوله (عليه السلام) في نفس الخطبة المذكورة: «وما جالس هذا القرآن أحدٌ إَلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عمى».
ونتابع ذات الخطبة حتى نصل لقوله (عليه السلام): «وإِنّ اللّه سبحانه لم يعظْ أحداً بمثل هذا القرآن، فإِنه حبل اللّه المتين، وسببه الأمين».
ونقرأ في الخطبة (198): «ثمّ أنزل عليه الكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه، وسراجاً لا يخبو توقده،...، ومنهاجاً لا يضل نهجه،...، وفرقاناً لايخمد برهانه» وأمثال ذلك كثير في كلام علي والأئمّة(عليهم السلام).
ولو فرضنا أنّ يد التحريف قد طالت كتاب السماء، فهل من الممكن أن يدعو إِليه الأئمّة عليهم السلام بهذه القوة؟ و يصفونه بأنّه: صراط هداية، وسيلة التفريق بين الحق والباطل، النّور الذي لا يطفأ أبداً، مصباح هداية لا يخبو، حبل اللّه المتين والعروة الوثقى.
4 ـ وإِذا ما سلمنا بـ (خاتمية) النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ الدين الإِسلامي هو خاتم الأديان الإِلهية، وإِنّ رسالة القرآن باقية إِلى يوم القيامة.
فهل يصدق أنّ اللّه سبحانه سوف لا يحفظ دليل دينه وحجّة نبيّه الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وهل يجتمع تحريف القرآن مع بقاء الإِسلام عبر آلاف السنين ودوامه حتى نهاية العالم؟!
5 ـ وهناك دليل آخر على أصالة القرآن وحفظه من أية شائبة نتلمسه في روايات الثقلين المروية عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بطرق متعددة معتبرة.
فقد روي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «إِنّي تارك فيكم الثقلين، كتاب اللّه وعترتي، ما إِن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً»(5).
فهل يصح هذا التعبير عن كتاب تطاله يد التحريف؟!
6 ـ بالإِضافة إِلى كل ذلك فالقرآن طُرح على المسلمين باعتباره الحد الفاصل المأمون الجانب في تمييز الأحاديث الصادقة من الكاذبة، وتشير كثير من الرّوايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام إِلى أن صدق أو كذب أي حديث يتبيّن من خلال عرضه على القرآن، فما وافق القرآن فهو حق وما خالفه فهو باطل.
فلو افترضنا أنّ تحريفاً قد طرأ على القرآن (ولو بصورة نقصان) فهل يمكن اعتباره فاصلا بين الحق والباطل، أو معياراً دقيقاً لتمييز الحديث الصحيح من السقيم؟!
__________________
1.تفسير الاء الرحمن ,ص35.
2.الصراع ,لعد الله علي القصيمي ,ج2,ص33,على ما نقل عنه العلامة الاميني في الغدير ,ج3,ص300.
3.منتخب كنز العمال , نقلا عن البيان في تفسير القران ,ص262.
4.سفينة البحار , ج1,ص57.
5. حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة، رواه عن النّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم جمع من الصحابة مثل: أبو سعيد الخدري، زيد بن أرقم، زيد بن ثابت، أبو هريرة، حذيفة بن أسيد، جابر بن عبد اللّه الإنصاري، عبد اللّه حنطب، عبد بن حميد، جبير بن مطعم، ضمرّة الأسلمي، أبوذر الغفاري، أبو رافع، أم سلمة وغيرهم.
|
|
للتخلص من الإمساك.. فاكهة واحدة لها مفعول سحري
|
|
|
|
|
العلماء ينجحون لأول مرة في إنشاء حبل شوكي بشري وظيفي في المختبر
|
|
|
|
|
قسم العلاقات العامّة ينظّم برنامجاً ثقافياً لوفد من أكاديمية العميد لرعاية المواهب
|
|
|