أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2017
6037
التاريخ: 2024-02-22
1151
التاريخ: 3-4-2017
4040
التاريخ: 3-4-2017
4738
|
إن تعريفنا للسلطة الرئاسية لن يكون وافياً وجلياً إذ لم نتناول خصائص السلطة الرئاسية، والتي سنحاول توضيحها بغية اكتمال مفهوم السلطة الرئاسية في إطار الوظيفة الإدارية، وإن السلطة الرئاسية تتمتع بمجموعة من الخصائص والتي تميزها من غيرها داخل النظام الوظيفي وهذه الخصائص هي:
أولاً: السلطة الرئاسية هي سلطة إدارية تتميز السلطة الرئاسية كونها سلطة إدارية أي تصدر عن الرئيس الإداري في شأن من الشؤون الإدارية من أجل احترام المشروعية والملائمة أي أن تخضع الدولة بهيئاتها وأفرادها لأحكام القانون، وأن لا تخرج عن حدوده وإلا عدت أعمالها غير مشروعة وتعرضت للبطلان(1)، إذ يملك الرئيس الإداري الأعلى إلغاء قرارت مرؤوسيه وتعديلها والحلول محلهم في اتخاذها (2)، ولهذا نستبعد الصفة القضائية للسلطة الرئاسية إذ لم يعد هناك مجال لوجود نظرية الوزير القضائي، والتي أخذت بها فرنسا في المرحلة السابقة على إنشاء مجلس الدولة الفرنسي (3). وعليه فالوزير يمكنه تعديل قرار المرؤوس لعدم المشروعية أو عدم الملائمة وذلك إما من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب من كل ذي شأن (4)، وهنا نجد أن الوزير لا يلزم بتسبيب قراراته الرئاسية، كما لا يمكن للقاضي إلغاء القرار الإداري غير المشروع إلا بناء على طلب صاحب المصلحة الشخصية المباشرة، وعليه عدم تمتع قرار الوزير الرئاسي بأية حجة قانونية كما هو الحال في الحكم القضائي(5) وحيث أنه بدون استخدام سلطات واختصاصات السلطة الرئاسية فإن النظام الإداري يبقى مجرد قواعد ومخططات جامدة دون تفعيل أو تجسيد، الأمر الذي يؤدي إلى عجز الوظيفة الإدارية عن تحقيق الأهداف المرسومة، فمجموع القرارات التي يصدرها الرئيس الإداري في إطار ممارسة سلطته الرئاسية وخضوع المرؤوسين لتعليمات وأوامر الرؤساء الإداريين ضمن تدرج هرمي متسلسل تشكل أبرز خصائص فكرة السلطة الرئاسية على أنها قدرة تنظيمية رسمية (6).
ثانياً: السلطة الرئاسية سلطة مفترضة بقوة القانون
تتميز الرقابة الرئاسية بأنها رقابة إدارية مفترضة أي تتم بقوة القانون، ولو لم يوجد نص خاص يُسمح بها للرئيس الإداري، معنى ذلك أنها تتقرر للرئيس على مرؤوسه بشكل طبيعي وبدون نص خاص (7) فهي ليست بحاجة لنص قانوني خاص يقررها وهي شاملة لأشخاص المرؤوسين وأعمالهم، وهي مطلقة من حيث أن الرئيس الإداري له أن يلغي أو يعدل قرارات المرؤوس أو يحل قراره محل قرار المرؤوس بسبب مخالفة قرارات الأخير للقانون أو لكونها غير ملائمة في الظروف التي صدرت فيها ، ويقول في هذا الصدد الأستاذ (جون ميشال دو فورج) ما يأتي: بدءاً ليست ثمة حاجة لنص خاص من أجل إخضاع رجل الإدارة للسلطة السلمية (الرئاسية) لرجل ثان فالسلطة الرئاسية تنتج بقوة القانون من وضعية واقعية أو فعلية وقانونية والمتمثلة في التنظيم التدرجي للمرفق الإداري، فهي تمارس تلقائياً من قبل الرئيس الإداري، ومع ذلك يمكن أن تمارس نتيجة لطلب ملائم صادر عن ذي مصلحة، بمعنى آخر نتيجة ممارسة الطعن الرئاسي، غير أن هذا لا يعني أبداً أنها حقاً شخصياً مطلقاً أو إمتيازاً مقرراً للرئيس الإداري ولكنها مجرد اختصاص يباشر طبقاً للقوانين والأنظمة ووفقاً لحسن سير المرافق العامة (8).
وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية العليا في العراق لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الإدارية العليا وجد . أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً، ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف للقانون ذلك أن المعترض (المميز عليه يطعن بالأمر الجامعي المرقم (6293) في 2018/2/28، المتضمن معاقبته بعقوبة (الإنذار)، وقد قضت المحكمة بإلغاء العقوبة مستندة في ذلك إلى أن التحقيق الانضباطي لم يبين مدى مسؤولية المعترض، لاحظت المحكمة الإدارية العليا أن المعترض كان مديراً للدائرة القانونية في دائرة المدعى عليه - اضافة لوظيفته وانه قد امر بأبطال استناداً دعوى إلى توجيه شفوي من رئيس الجامعة بناءً على كتاب من قسم الشؤون الهندسية ، وحيث أن واجب اطاعة الرؤساء ليس واجباً مطلقاً، وان المعترض بصفته مديراً للقانونية أن يشعر رئيس الجامعة بالأثار المترتبة على إبطال الدعوى، استنادا إلى نص البند (ثالثاً) من المادة (4) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 التي تنص على أن يلتزم الموظف بواجب «احترام رؤسائه والتزام الأدب واللياقة في مخاطبتهم واطاعة أوامرهم المتعلقة بأداء واجباته في حدود ما تقضي به القوانين والأنظمة والتعليمات ...»، وحيث أن المعترض لم يلتزم بالواجب المذكور فقد وضع نفسه تحت طائلة المسؤولية، وحيث أن محكمة قضاء الموظفين اصدرت قرارها المميز دون ملاحظة ما تقدم، مما يجعل من الحكم المميز قد جانب الصواب، لذا تقرر نقضه وإعادة الدعوى إلى المحكمة المذكورة للسير فيها واصدار القرار في ضوء ما تقدم على أن يبقى رسم التمييز تابعاً لنتيجته وصدر القرار بالأكثرية في 21/شوال/ 1442هـ الموافق 2021/6/2م)) (9).
ثالثاً: السلطة الرئاسية سلطة شاملة
من المعروف به أن السلطة الرئاسية تتميز بأنها سلطة شاملة تتسم بالعمومية، وذلك لأن الرئيس الإداري يملك مباشرة رقابة عامة في مواجهة مرؤوسه فهي تسيطر على أشخاصهم وأعمالهم، وذلك عن طريق ما يصدر عليهم من أوامر ملزمــة بحيث يخضع المرؤوس لرئيسه في جميع ما يخص الأعمال والتصرفات الإدارية الصادرة منه أثناء ممارسته لاختصاصاته، كما أنه يخضع لرئيسه في كـل مـا يباشره من سلطات تتعلق بشخصه كموظف عام في خدمة المرافق العامة (10).
غير أن ما تمتاز به السلطة الرئاسية من خصيصة الشمولية قد لا تمنع من وجود حالات يخول المشرع فيها المرؤوس من سلطة إصدار القرار بشكله النهائي وذلك باتخاذ قرارات معينة دون تعقيب من رئيسه عليها، وبذلك يمتنع على الرئيس بهذه الحالات تعديل القرارات الصادرة من المرؤوس أو أن يحل نفسه محلـه فـي اتخاذها (11)، بيد أن شمولية السلطة الرئاسية وما يتمتع به الرئيس الإداري من رقابة شاملة وعامة في مواجهة تابعيه لا تعني امتدادها إلى الأعمال ذات الصبغة القضائية (12)، وهذا ما تمتاز به كافة أنواع الرقابة الإدارية (13).
رابعاً: السلطة الرئاسية سلطة داخلية
أن ما تمتاز به السلطة الرئاسية كونها رقابة داخلية، والتي يقصد بها الرقابة الذاتية التي يمارسها الجهاز الإداري للدولة على نفسه (14) ، أي قيام الإدارة بمراقبة نفسها بنفسها وهذه هي الرقابة الذاتية الرئاسية (15).
والتي يمارس فيها الرئيس الإداري رقابته على أعمال مرؤوسه، وقد تكون هذه الرقابة إما سابقة على اتخاذ القرار أو لاحقة عليه (16).
والأصل هنا أن السلطة الرئاسية تسري بحق جميع المرؤوسين إلا إذا وجد نص خاص يقضي بخلاف ذلك، كأن يمنح القانون اختصاصاً نهائياً لأحد الموظفين في موضوع معين، وفي هذه الحالة لا يجوز للرئيس الإداري أن يعقب على ممارسة الموظف لهذا الاختصاص، كما قد يخول القانون الموظف المرؤوس اختصاصاً معيناً مع إخضاع قراراته لرقابة الرئيس الإدارية، وهنا يجوز للأخير أن يمارس رقابته على أعمال المرؤوس تعديلاً أو إلغاء أو سحباً ولكن لا يحق له أن يحل محله في ممارسة هذا الاختصاص ابتداء، أي عليه أن ينتظر حتى يقوم المرؤوس بالعمل ثم يباشر رقابته عليه (17)، وبهذا نجد أن هذه الرقابة تمتد إلى أشخاص المرؤوسين وأعمالهم على حد سواء.
ومما لا يدع مجالا للشك فهذه الخصائص هي التي تحوز الصفة القانونيــة الممارسة صلاحيات واختصاصات السلطة الرئاسية كل حسب مركزه في السلم الإداري للتنظيم الإداري في كل دولة، مع الأخذ بنظر الاعتبار الاختصاص المخول لكل منهم، حيث أن هذه السلطة تفرض خضوع موظفي كل درجة من درجات السلم الإداري إلى موظفي الدرجة الأعلى حتى الوصول إلى قمة الجهاز الإداري وإلى الرئيس الأعلى وهو الوزير أو رئيس الدائرة أو من يخوله (18).
____________
1- أستاذدا الدكتور أحمد خورشيد حميدي المفرجي ود صدام حسين ياسين العبيدي، الوجيز في القضاء الإداري العراقي، مكتبة القانون المقارن، بغداد، 2017، ص 6 .
2- د. عدنان عمرو، مبادئ القانون الإداري، التنظيم الإداري المرافق العامة دراسة مقارنة، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2010 ، ص77
3- مما يعاب على هذه النظرية أنها تجعل الإدارة (خصماً) و (حكماً) في آن واحد سواء قدم الفرد شكواه إلى ذات الإدارة مصدره القرار أو إلى سلطتها الرئاسية، الأمر الذي يجعل منها رقابة غير فعالة، وكان لها فترة لا بأس بها في تأريخ الرقابة على أعمال الإدارة، ففي فرنسا عرف نظام (الإدارة القاضية) وظل معمولاً بها قبل أن تتكون الرقابة القضائية منذ عام 1790 وحتى عام 1797، عندما منعت المحاكم من النظر في كافة المنازعات التي كانت الإدارة طرفاً بالموضوع، وعند تشكيل مجلس الدولة الفرنسي أول مرة عام 1797 ظلت قراراته خاضعة لتصديق رئيس الدولة ويطبق عليها مبدأ التظلم الوجوبي لدى الإدارة حتى عام 1872م، فقبل إعطاء مجلس الدولة الفرنسي صلاحية الحكم القضائي المطلق في عام 1872 طلب الإدارة الفرنسية وهي المختصة بالنظر في منازعات الأفراد مع الإدارة وفق نظام (الوزير القاضي). للمزيد ينظر : د. محمود خلف الجبوري، القضاء الإداري في العراق وفق أحدث التطورات التشريعية والقضائية، دار المرتضى، بغداد سنة 2014، ص 23-24 . ود. عبد الغني بسيوني عبد الله، القضاء الإداري، منشأة المعارف، الإسكندرية، ط3، 2006، ص 74 .
4- وهذا ما قضت به محكمة العدل العليا الأردنية في احد أحكامها في هذا المجال وجاء في الحكم أن غاية المشرع بقانون التقاعد المدني من هيمنة مجلس الوزراء أعلى سلطة إدارية في الدولة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق المصلحة العامة على أكمل وجه وذلك بتخويله سلطة إحالة أي موظف أكمل عشرين سنة خدمة مقبولة للتقاعد بدون تسبيب، وللوزير المختص من أسباب تبرره بدون التزام بالإفصاح عنها"، للمزيد: ينظر حكم محكمة العدل العليا الأردنية، رقم 1989/220 ؛ أشار إليه: د. عدنان عمرو، المصدر السابق، ص79.
5- د. مصطفى أبو زيد فهمي الوسيط في القانون الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2005 ، ص109.
6- عمار عوابدي، مبدأ تدرج فكرة السلطة الرئاسية، دار هومه للطباعة والنشر، الجزائر، 1419 هـ ، ص 223.
7- د. عدنان عمرو، المصدر السابق، ص79.
8- بدرية ناصر ، نطاق السلطة الرئاسية في القانون الجزائري، رسالة ماجستير، معهد العلوم القانونية والإدارية، المركز الجامعي، الدكتور مولاي الطاهر ، الجزائر، 2009، ص12-21
9- حكم المحكمة الإدارية العليا، رقم القرار 2021/1930، رقم الإضبارة 498 قضاء الموظفين تمييز / 2019، في تاريخ 2021/6/2. (قرار غير منشور).
10- د. عبد الغني بسيوني عبد الله، القانون الإداري، الإسكندرية، منشأة المعارف، 2003، ص 121 .
11 بدرية ناصر ، نطاق السلطة الرئاسية في القانون الجزائري، رسالة ماجستير، معهد العلوم القانونية والإدارية، المركز الجامعي، الدكتور مولاي الطاهر ، الجزائر، 2009، ص 25
12- وهذا ما تمتاز به الحكومة المركزية في النظام الفرنسي كونها رقابة فاعلة وشاملة كون هذه الرقابة تمارس على الهيئات والمجالس اللامركزية ذاتها وقد تمارس على أعمالها . للمزيد يُنظر : د. ماهر صالح علاوي الجبوري الوسيط في القانون الإداري دار ابن الأثير ، جامعة الموصل، 2009، ص 99 .
13- د. حمدي سليمان القبيلات الرقابة الإدارية والمالية على الأجهزة الحكومية، ط1، دار الثقافة، عمان، 2010، ص 53
14- د. سليمان محمد الطماوي، الوجيز في القضاء الإداري، ط 2 ، دار الفكر العربي، القاهرة، 1972، ص 64.
15- د. نجيب خلف أحمد الجبوري ود. محمد علي جواد كاظم القضاء الإداري، ط6، مكتبة يادكار، العراق، 2016، ص 50 وما بعدها.
16- د. ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص 58.
17- د. نجيب خلف الجبوري ود. محمد علي جواد كاظم المصدر السابق، ص 51 .
18- يُنظر نص المادة (2) من قانون الخدمة المدنية العراقي رقم (24) لسنة 1960 المعدل .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|