المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

حصار عمر على الصحابة
22-3-2016
Demonstrative Adjective
12-5-2021
أهلية مؤسسي الشركة المساهمة
10-10-2017
عمل الرجل لعفة المرأة
2024-05-19
أقلّ أيام الحيض
27-12-2015
تطور السياحة والرحلة في العصور الوسطى - اوربا في العصور الوسطى - رحلات الحجاج
9-1-2018


اهتمام الإنسان بالمحسوسات  
  
1326   01:40 صباحاً   التاريخ: 2023-10-24
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص421ــ426
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13/9/2022 1210
التاريخ: 2024-08-24 286
التاريخ: 2024-10-31 173
التاريخ: 13/12/2022 1231

ينظر عالمنا اليوم إلى المادة والماديات على أنها أساس حياة الإنسان، ولا يهتم بالجوانب المعنوية، والإنسان بدوره بات يهتم بالمحسوسات بشكل كبير بحيث باتت شعوب البلدان المتطورة تبحث عن سعادتها في الماديات ومظاهرها فقط متجاهلة المعنويات تماماً.

لقد حقق الإنسان المعاصر نجاحات عظيمة في مجال العلم والمعرفة، بيد أن هذه النجاحات لم تتجاوز حدود المسائل المادية والأمور المحسوسة في عالم الطبيعة، والإنسان ليس فقط لم يحقق تقدماً يذكر في المسائل المعنوية والشؤون الإنسانية، بل إنه ألغى كل ما يمت إلى المعنويات بصلة من قاموس العلم والمعرفة.

ويعتبر عالمنا اليوم العلم عبارة عن دراسة وتحقيق حول دنيا المادة وكشف أسرارها. والإنسان العالم هو ذاك الذي يضيء زاوية مظلمة في دنيا الحس والمادة، ويكشف سراً من أسرار الطبيعة ، ويخطو نحو تحسين الحياة المادية للبشر ويزيد من لذاتها. والعلم باختصار في عالمنا اليوم مجرد وسيلة في خدمة الحياة المادية وإشباع الغرائز وإرضاء الميول والرغبات النفسية للبشر، ولا يمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد موضوع بناء الإنسان وإحياء الجوانب الروحية والمعنوية فيه.

قال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: 7]

ضرورة إحياء المعنويات:

(يقول الدكتور «كارل» : علينا أن نرسي قواعد علم حقيقي للإنسان ، علم يكون قادراً وبمساعدة كل التقنيات والأساليب المعروفة على اكتشاف المزيد من عالمنا الداخلي واعتبار كل جزء فيه عاملاً يؤدي وظيفته بين مجموعة من العوامل. وتحقيقاً لهذا الهدف علينا أن نصرف اهتمامنا ولو لبعض الوقت عن التطور التقني وفي بعض الحالات عن الصحة والطب والعلوم الأخرى التي تبحث في الجوانب المادية لحياتنا. إن اهتمام الإنسان ينصب عادة على الأمور التي تبعث على ارتياحه وتزيد من ثروته، ولكن ما من أحد يدرك أن ضرورة تحسين الوضع الهيكلي والعملي والنفسي لوجودنا لا يمكن إنكارها ، وأن سلامة العقل والأحاسيس والنظم الأخلاقية وبسط القوى الروحية والمعنوية تتساوى في أهميتها مع صحة وسلامة الأبدان والوقاية من الأمراض السارية«(1).

«لم يدرك الإنسان من الحقيقة إلا جانباً منها ، ولم يقطف من شجرة العلم سوى الفاكهة أو الثمرة المحرمة ، إلا أن هذه الثمرة لم تكن قد نضجت بعد وقد جعلتنا نرى كل شيء إلا أنفسنا. لقد جلبت التكنولوجيا لنا الثروة والسلامة والاستقرار وكافة أنواع التسهيلات الحياتية ، ولكن ثمة خطأ كبير حصل في مشروعنا ، فالعلوم الحياتية تخلفت كثيراً عن علوم المادة غير المحسوسة ، وبتنا نسيطر على عالم المادة قبل أن ننجح في اكتشاف أسرار أجسامنا وأرواحنا. فالإنسان الحديث جعل المادة من أولويات اهتماماته وضحى بالمعنى في مقابل الاقتصاد ، وإذا ما تم حصر الإنسان بنشاطه الاقتصادي فإنه يصبح كالشيء الذي يقتطع منه جزء كبير(2).

الوعد الإلهي:

لقد وعد الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز قبل أربعة عشر قرناً باليوم السعيد الذي يتجلى فيه الحق وتسوده الحقيقة.

قال تعالى : {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53].

تبدأ هذه الآية الشريفة بحرف السين وهو حرف استقبال، وقد وعد الله تبارك وتعالى البشر بأنه سيريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم جنباً إلى جنب ليتعرف الإنسان على العالم ونظام التكوين وعلى نفسه وأبعادها المادية والمعنوية ، ويتبين من خلال هذه المعرفة الحق لعامة الناس وينال الإنسان شرف الإيمان بالله والعبودية له .

التطور غير المتكافئ :

رغم التطور الكبير الذي أحرزه الإنسان المعاصر في معرفة العالم ونفسه ووقف إلى حد ما على آيات الآفاق والأنفس، إلا أن هذا التطور لم يجر بشكل متكافئ وموزون ، بمعنى أن الحق والحقيقة لم يظهرا بشكل مطلوب ولم تتمتع المجتمعات البشرية بنعمة الإيمان بالله كما ينبغي.

فقد تقدم الإنسان اليوم خطوات ملحوظة على طريق معرفة عالم المادة واكتشاف آيات الآفاق ، فمن ناحية إكتشف نواة الذرة وسخر طاقتها ، ومن ناحية أخرى فتح الفضاء ونزل على سطح القمر ، لكنه كان ثقيل الخطوات على طريق اكتشاف ذاته ومعرفة آيات نفسه ، ولم يتوصل سوى إلى حدود بعض المسائل المادية والأمور المحسوسة ، فالعلم لم يخض في الأبعاد المعنوية للإنسان ولم يكتشف أسرار روحه. معرفة الذات والحياة الإنسانية: 

إن الإنسان سيعرف يوماً ما نفسه ويعي دقائق آياتها كما وعد بذلك القرآن الكريم، عند ذاك يصبح هناك نوع من التوازن بين المادة والمعنى ، ومن الطبيعي أن الحق في مثل ذلك اليوم سيتجلى ليعيش الإنسان حياته في ظل الإيمان لا تشوبها شائبة ولا يعكر صفوها شيء. لكن الإنسان في هذه المرحلة حيث يركز كل اهتمامه على الشؤون المادية متجاهلا الأمور المعنوية ، يسير في طريقه نحو التفسخ الخلقي، ويزيد من جرائمه وآثامه يوماً بعد آخر ويعيش في قلق وضغط نفسي شديد.

قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124].

جمود العواطف:

«لقد ابتعد الإنسان عن السعادة مسافة طويلة نتيجة تسلط المادة والآلة عليه والانتفاع منها بشكل كبير. فالإنسان المعاصر يغزو الفضاء معتمداً على العلوم المادية، لكنه يجهل كل شيء عن عالمه الداخلي، ولا يبدي أي اهتمام لهذا الموضوع، أو بالأحرى لنقل إنه ليس لديه متسع من الوقت للإهتمام بهذا الموضوع» .

«فالإنسان المعاصر قد طوى مراحل الرقي مادياً نتيجة اختراع الآلة، وهذا الإنسان وللأسف إما يأمر بقتل الناس بواسطة الآلات والمعدات الحربية الفتاكة أو يعمل على قتلهم أو يشاهد قتلهم في مناطق مختلفة من العالم، أو أنه يرى الناس يموتون جوعاً ، وأن منطق القوة لا يزال يتغلب على منطق الحق، وأن قانون الغاب غالباً ما يحكم البشرية في السر والعلانية».

«ومن الناحية الفردية بات الإنسان مسكيناً نتيجة حالة الخوف والهلع وعدم الشعور بالأمن والاستقرار التي يعيشها. وقد سلبت سرعة تطور الآلة من الإنسان فرصة معرفة النفس والنظر إلى الذات، ولم يعد الإنسان إنساناً ، بل اصبح آلة تعمل على وتيرة واحدة ، فيأكل وينام لمجرد استعادة القوى للعمل ثانية ، وينبغي عليه أن يعمل على إنجاب جيل جديد لمواصلة هذه الدورة الجهنمية ، فيأتي الإنسان تلو الإنسان كالآلة فيعملون ويموتون وهكذا دواليك ، وهذه الدورة هي التي تبعد الإنسان يوماً بعد آخر عن السعادة والرضى ومعرفة الذات وحب الغير والتوحيد ، وذلك كله لأنه لا يهتم بالمعنى».

«يعاني الإنسان نتيجة اختراع الآلة من تذبذب ما بين الرقي المادي والحضيض المعنوي ، فعقله وتفكيره وعواطفه كلها أصيبت بالجمود، والحس والحركة فقط هما اللذان يعملان ، وهكذا حال الحيوان، إذن ، هل الإنسان المعاصر أشبه ما يكون بالحيوان»(3) ؟.

__________________________

(1) الإنسان ذلك المجهول ، ص 39.

(2) سنن الحياة، ص 33.

(3) مجلة الطب النفسي، السنة الثانية، العدد 1، ص8. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.