تتأثر نوعية الحياة والخواص الكيميائية بشكل كبير، بالخواص الفيزيائية للأوساط المائية. فأثناء تعاقب فصول السنة وكنتيجة للعلاقة الغريبة بين الكثافة ودرجة الحرارة في الأوساط المائية، تتشكل طبقات متمايزة في المياه الراكدة مثل البحيرات، الشكل (4-1). ففي فصل الصيف وبفعل الأشعة الشمسية تسخن الطبقة السطحية Epilimnion، وبسبب انخفاض كثافة هذه الطبقة الدافئة نسبياً، فإنها سوف تطفو فوق الطبقات السفلية Hypolimnion ، لتتشكل طبقات مائية غير ممتزجة، وتدعى حينها هذه الظاهرة بظاهرة التطابق الحراري.

عندما ينشأ اختلاف واضح في درجة الحرارة بين الطبقات السطحية والطبقات الأخفض فإنها لن تمتزج بل تتصرف بشكل مستقل، وتأخذ كل طبقة صفات كيميائية وحيوية مختلفة عن الأخرى. فمثلاً، تكون الطبقة السطحية (Epilimnion) المعرضة للضوء والجو الخارجي، وسطاً جيداً لنمو الأشنيات Algae. وبسبب عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها هذه الأشنيات، تشبع الطبقة السطحية بالأوكسجين. أما الطبقات السفلية Hypolimnion فتكون غير مشبعة بالأوكسجين، وذلك بسبب وجود البكتيريا التي تتغذى بشكل دائم على النباتات المائية أو تفسخ بعض المواد العضوية، ولا تعتمد على الأوكسجين لذلك تدعى هذه الطبقة السفلية، غير هوائية Anaerobic، والمواد الكيميائية الموجودة فيها بشكلها المرجع هذا ما يؤدي بدوره إلى انقطاع في الحلقة البيئية وفي السلسلة الغذائية بين الطبقات العليا القريبة من الغلاف الجوي والطبقات الأدنى. يقل وجود الكائنات الحية المائية كالأسماك في الطبقات الدنيا بسبب هذه الظاهرة، لعدم توفر الأوكسجين اللازم لوجودها.

تزول هذه الظاهرة بانخفاض درجة حرارة الجو المحيط، ففي فصلي الربيع والخريف عندما تنخفض درجة حرارة الطبقة السطحية وتتساوى مع درجة حرارة الطبقات الداخلية والسفلية ليصبح الجسم المائي واحداً (Hydrological Unit) وتمتزج جميع الطبقات المائية فتتماثل الخواص الفيزيائية والكيميائية للوسط المائي، وتدعى حينها الظاهرة بالتقلب (Overturn)، إن الظاهرة التي ينتج عنها تزايد في الفعالية الحيوية نتيجة لمزج المغذيات، وتتغير بذلك الخواص الكيميائية والفيزيائية والحيوية للوسط المائي.