أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-12-2015
2519
التاريخ: 14-8-2017
1330
التاريخ: 2023-09-23
2955
التاريخ: 2023-10-16
1156
|
يخطىء من يظن أنّ الإِسلام انتشر بين الناس بعامل القوة، بل على العكس من ذلك تماماً فهو دين رائده الرحمة وهدفه انقاذ الإِنسان من ظلم أخيه الإِنسان وبالتالي إيجاد مجتمع إنساني مرتبط بخالقه، مؤمن بكل الرسالات السماوية من لدن نوح وإبراهيم (عليهما السلام) حتى محمداً صلوات الله عليه وعلى آله.
ولعلّ في العرض المتقدّم لما واجهه (صلى الله عليه وآله) مع أصحابه من ضغوطات وعداوة معلنة فيها دليل كافٍ على أنه كان الطرف المعتدى عليه منذ البداية.
بيد أنّ أي فئةٍ من الناس أو جماعة حينما تواجه في حياتها مثل تلك المواقف العدائية من أطراف أخرى تهدّد كيانها ومصيرها فانّها لا تملك في هذا الحال دون أن تبادر إلى صدّ ذلك الاعتداء بكل الوسائل المتاحة لديها صدّاً يتناسب مع جنسه، إعلامياً كان أو اقتصادياً أو عسكرياً، سيما لو تكرّرت تلك الاعتداءات على أكثر من صعيد، ولا شك أنّ سكوت الطرف المعتدى عليه لا يحتمل سوى أحد تفسيرين، إمّا الجبن والخور، وإمّا القلة في العدّة والعدد التي لا تسمح بالمواجهة ممّا يضطرّه إلى الصبر وانتظار الفرصة للطلب بالثأر طلباً مشروعاً تقره كل النظم الإِنسانية والشرائع السماوية. والمتتبّع المنصف لتاريخ المسلمين يلمس مدى الصبر والأناة والعض على الجرح لديهم وهم يواجهون أقسى وأعتى عدوان يواجهه إنسان من خصمه وبالطبع فانّ ذلك لم يكن عن جبنٍ وإلا لاستسلموا وأراحوا واستراحوا، وإنّما كان عن قلة في العدد والعدّة من جهة، وانتظاراً لأمر الله تعالى من جهة أخرى فما كان لرسول الله أن يبرم أمراً دون أمر الله.
لذلك رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينتدب أصحابه موقظاً في عيونهم الثأر الذي نام طويلاً، ليعترضوا عير قريش قائلاً لهم: عسى أن ينفلكموها الله! وذلك في أول غزوة في الإِسلام ألا وهي غزوة "بدر الكبرى".
وربّما يستشف القارئ أو السامع العدوانية في هذا الموقف من المسلمين، ولكنّه حين يلم بما سبق هذه الواقعة من أحداث فانّه لا يلبث إلا أن يقر ويذعن بأنّ ما جرى حق مشروع، فقريش ومن معها لم تترك للمسلمين شيئاً في مكة ولم تكتفِ بإخراجهم من ديارهم حتى صادرت كل ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة بالإِضافة إلى مصادرتها أعز ما يملكه إنسان في هذه الدنيا وهو الوطن:
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}(1)
لقد كانت أول واقعةٍ عسكرية بين المسلمين وخصومهم تسجّل النصر للمسلمين نصراً ساحقاً ماحقاً اختزل حماقات قريش واعتداءاتها وبغيها على مدى سنين في ساعة، اختزلها جثثاً لساداتها مطروحةً في قليب بدر وفوق الرمال.
ويمكننا الجزم بأنّ مواقف الرسول (صلى الله عليه وآله) ومن معه في حروبه وغزواته كانت مواقف دفاعيّة ولم تكن عدوانيّة هجوميّة كما يتصور البعض، ونلمس ذلك جليّاً في واقعة «أحد» و«الخندق» و«خيبر» إلى فتح مكة، حتى ما يوهم بدواً بأنّ المسلمين هم البادؤون فانّه بعد التدقيق نجد أنّ الأمر على العكس بل إنّ تحرّكهم إنّما يكون نتيجةً لما يبلغهم من نكثٍ للعهود، أو تجميع للقوى المعادية للمسلمين ممّا يدفعهم للأخذ بزمام المبادرة لا أكثر.
وكان عمّار بن ياسر ممّن شهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدراً وأبلى فيها بلاءً حسناً كما ساهم في حرب «الخندق»، وبينما المسلمون منشغلون بحفره ورسول الله يعاطيهم حتى أغبر صدره وهو يقول: اللهم انّ العيش عيش الآخرة *** فاغفر للأنصار والمهاجرة
إذ يجيء عمّار فيلتفت إليه النبي (صلى الله عليه وآله) ويقول: تقتلك الفئة الباغية!!(2).
وأبلى في ذلك اليوم بلاء حسناً، بل «وشهد المشاهد كلها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)» (3) شأنه في ذلك شأن النخبة من الصحابة رضوان الله عليهم الذين بذلوا وضحوا من أجل أن ينتشر هذا الدين وتتركز دعائمه وبالتالي تصبح الشريعة الإِسلامية هي القانون الذي باركته السماء لأهل الأرض، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ.. وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحج: 39 ـ 40.
(2) الطبقات 3 / 251.
(3) الإِصابة 2 / 481.
(4) آل عمران 19 ـ و85.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|