أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2017
4327
التاريخ: 16-3-2017
3184
التاريخ: 13-4-2016
4036
التاريخ: 12-6-2021
2971
|
أن عقد الوكالة من الباطن وعقد المقاولة من الباطن يتفقان في أن كلا منهما عقد يرد على عمل وهذا العمل يؤديه كل من الوكيل من الباطن والمقاول من الباطن لمصلحه الغير، ولكنهما يختلفان في أن العمل في عقد الوكالة هو تصرف قانوني في حين انه في عقد المقاولة هو عقد مادي (1). وانه للتمييز بين المقاولة من الباطن والوكالة من الباطن أهمية عملية ، تظهر في أن المقاولة تكون دائما مأجورة ولا تخضع الأجرة فيها لتقدير القاضي إما الوكالة بصورة عامة فالأصل فيها أن تكون بغير اجر وإذا كانت بأجر خضع الأجر لتقدير القاضي وكذلك تظهر في أن المقاول من الباطن لا ينوب عن رب العمل إما الوكيل من الباطن فانه ينوب عن الموكل إذا كان يعمل باسمه . وتظهر في أن الوكالة من الباطن تنتهي حتما بموت الموكل ، إما المقاولة من الباطن فلا تنتهي بموت رب العمل ولا بموت المقاول إلا إذا كانت شخصيته محل اعتبار وكذلك أن الوكالة من الباطن في الأصل عقد غير لازم إما المقاولة من الباطن فهي فالأصل عقد لازم .
أن الوكالة من الباطن قد تلتبس بالمقاولة من الباطن وخاصة في العقود التي تبرم مع أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامي والمهندس المعماري ، وأن المحل في هذه العقود هو عمل مادي وان كان يتميز بأنه عمل فكري فتكون هذه العقود عقود مقاولة من الباطن وقد يختلط بها عقد الوكالة من الباطن . فالعقد مع المحامي يقع على خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية ، ويغلب فيها عنصر الوكالة ، وعلى العكس من ذلك العقد مع المهندس المعماري ، فأنه إذا وقع على خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية فان عنصر المقاولة يكون هو الغالب (2).
وبعد هذه المقارنة سوف أتناول عقد المقاولة من الباطن وكيف تناولها المشرع العراقي والـمصري والفـرنسـي ثـم ، بعــد ذلك أتـطرق إلى الوكالة من الباطن مـن خـلال رأي الـمـشـرع الـعـراقـي والـمـصـري والـفـرنـسـي .
ففي عقد المقاولة من الباطن تنص المادة (882 / ف1). من القانون المدني العراقي على انه يجوز للمقاول أن يكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول آخر إذا لم يمنعه من ذلك شرط في العقد أو لم تكن طبيعة العمل مما يفترض معه قصد الركون إلى كفايته الشخصية يتضح من النص أعلاه أن القاعدة العامة في القانون المدني العراقي هي جواز التعاقد من الباطن والاستثناء هو المنع (3). وذلك في حالة وجود اتفاق بين رب العمل والمقاول الأصلي على تضمين العقد الأصلي المبرم بينهما شرطاً يمنع المقاول الأصلي من أن يعهد تنفيذ المقاولة إلى مقاول آخر من الباطن ، أو إذا كانت طبيعة العمل موضوع المقاولة تقتضي ذلك ، كما لو تفترض الاعتماد على كفاءة المقاول الشخصية ، فإذا قاول شخص رساما أو طبيباً أو مهندساً فانه يستخلص من الظروف أن رب العمل قد اعتمد على كفاية المقاول الشخصية، فلا يجوز لهذا الأخير أن يقاول من الباطن (4).
هذا وقد تتنوع المبررات التي تدفع المقاول الأصلي اللجوء إلى المقاولة من الباطن، فقد يكون مبعث ذلك هو رغبة المقاول الأصلي في تحقيق ربح مالي ، وقد يكون الدافع إلى اللجوء إلى المقاولة من الباطن ، هو تطلب الأعمال محل التعاقد درجة عالية من الخبرة والتخصص الفني ، إذ أسفر التطور الذي شهدته المجتمعات الحديثة ، وبصفة خاصة في المجال المهني ، عن أيجاد نوع من تقسيم العمل والتخصص فيه وذلك لأن وجود المشروعات الكبيرة التي تتضمن أعمالا متعددة ومتباينة قد تجعل من المتعذر على المقاول الأصلي أن يتولى تنفيذ العقد بمفرده ، وقد يكون اللجوء إلى المقاولة من الباطن ، هو رغبة المقاول الأصلي في تقليل مخاطر المشروع محـل التـعاقد وذلك عـندما يكون المشروع ذا تكلفة مرتفعة وتحفه مخـاطر عـديـدة، فيفضـل المقاول الأصلي أن يـشـترك مـعه مقاولـون آخرون فـي التـنفـيذ (5).
ولا يختلف حكم القانون المدني المصري عن حكم القانون المدني العراقي بهذا الصدد ، فقد نصت المادة (661/ ف1). من القانون المدني المصري على انه: يجوز للمقاول أن يكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول من الباطن ، إذ لـم يـمنـعه من ذلك شرط فـي الـعقـد أو لم تـكـن طـبيعـة العمل تفـترض الاعتماد علـى كفايته الـشخـصيـة (6). إما بـخـصـوص مــوقــف القـانــون الفــرنـســي فـقـد نظـم المـشرع الـفـرنـسي أحـكام عقـد المقاولـة مـن الباطن فـي القانـون رقـم (1334) الصادر في 31/12 /1975(7). فبعد أن عرفت المادة الأولى منه (8). المقاولة من الباطن بأنها : تلك العملية التي بموجبها يعهد المقاول الأصلي وعلى مسؤوليته إلى شخص آخر يسمى بالمقاول من الباطن، تنفيذ عقد المقاولة أو الصفقة العامة مع صاحب العمل كلياً أو جزئياً. أوجبت المادة الثالثة منه على المقاول الأصلي أن يحصل على موافقة رب العمل على المقاولة من الباطن، وكما يجب عليه المقاول الأصلي أن يقدم عقد المقاولة من الباطن إلى رب العمل بناء على طلبه، فإذا لم يقبل الأخير بهذا العقد، فان عقد المقاولة من الباطن يكون غير نافذ في حق رب العمل ولكنه لا يقع باطلاً، إما فيما بين أطرافه فان من حق المقاول من الباطن أن يتمسك بعقد المقاولة من الباطن في مواجهة المقاول الأصلي الذي يبقى ملتزماً إمامه، إما المقاول الأصلي فلا يجوز له التمسك به قبل رب العمل، فهذا الأخير لم يكن طرفاً فيه (9).
إلا أن موافقة رب العمل ليست شرطاً لانعقاد المقاولة من الباطن ، لان هذه الموافقة يمكن أن تصدر عند إبرام عقد المقاولة من الباطن أو أثناء تنفيذه كما أن هذه الموافقة يمكن أن تكون صريحة أو ضمنية ، إلا أن الموافقة الضمنية لا تستنتج إلا من أفعال واضحة في دلالتها على إرادة رب العمل في قبول المقاول من الباطن (10). وفي حالة غياب هـذه المـوافـقة يستـطيـع المقاول مــن الباطن أن يـطالــب بـفــســخ عـقــد المقاولـة مـن الباطن (11).
تبين لنا من خلال ما تقدم أن التشريعات المدنية محل المقارنة متفقة بشان عقدي الإيجار من الباطن والمقاولة من الباطن بان الأصل العام في هذين العقدين هو جواز التعاقد من الباطن والاستثناء هو المنع ، إلا أن ثمة تشريعات قد اتخذت اتجاهاً مغايراً بصدد عقد الوكالة من الباطن ، فقد نصت المادة (939). من القانون المدني العراقي على انه ( ليس للوكيل أن يوكل غيره إلا أن يكون قد أذنه الموكل في ذلك أو فوض الأمر لرأيه ويعتبر الوكيل الثاني وكيلاً عن الموكل فلا ينعزل بعزل الوكيل الأول ولا بموته ). إذا يتضح من هذا النص بان الأصل (12). هو عدم جواز التعاقد من الباطن أي المنع والاستثناء هو الجواز(13). فليس للوكيل الأصلي أن ينيب غيره عنه في التصرف الموكول إليه إلا في حالتين ، حالة إذا أذن له الموكل في التوكيل صراحة وحالة إذا فوض الموكل الأمر لرأيه ، وذلك لان الموكل قد راعى عند اختيار وكيله اعتبارات شخصية معينة ، فالموكل لا يختار الشخص وكيلاً عنه فـي مـباشـرة التـصـرف القانوني إلا عن قناعته برأيه وثقته وأمانته ، وان امراً كهذا يحتم على الوكيل أن يجري التصرف بنفسه ، وان لا يوكل غيره في إجرائه إلا بأذن الموكل (14).
إلا أن النص السابق لم يبين لنا الحكم في حالة إطلاق الوكالة ، بأن لم ينه الموكل الوكيل عن التوكيل من الباطن كما لم يأذن له بذلك صراحةً ولا ضمناً ومع ذلك يذهب القضـاء العراقـي إلى أن التوكيل فـي هـذه الحالة يكون باطلاً وتكون التصـرفات التـي قام بها الوكيل من الباطن باطله ولا ترتب أي أثر بالنسبة إلى الموكل(15). وقد اختلف القانون المدني العراقي (16). في اتجاهه هذا مع القانون المدني المصري الذي أجاز للوكيل الأصلي أن يوكل غيره ما لم يمنعه الموكل من ذلك وكما أشـارت المادة (708). مـن القانـون المدنـي المصري(17). على ذلك فإذا كان للوكيل الأصلي أن ينيب عنه غيره لتنفيذ التصرف محل الوكالة دون حاجة إلى ترخيص من الموكل، فمن باب أولى أن يكون له ذلك إذا رخص له الموكل بذلك، فللوكيل الأصلي إذن كقاعدة عامة حق توكيل الغير من الباطن ، ما لم يمنعه الموكل من ذلك ، فإذا منعه الأخير، ومع ذلك قام بتوكيل الغير من الباطن ، فان الوكالة من الباطن تكون باطله ، ومن ثم لا تكون للوكيل من الباطن أية صفة قانونية في مباشرة التصرف القانوني محل الوكالة ، ويبقى الوكيل الأصلي وحده هو المسؤول عن تنفيذ هذا التصرف ، إلا إذ اقر الموكل الوكالة من الباطن بعد وقوعها، فيكون لها عندئذ حكم الوكالة من الباطن التي وقعت بترخيص من الموكل (18).
إما بخصوص موقف القانون المدني الفرنسي من عقد الوكالة من الباطن فنجد أن المادة (1994). من هذا القانون ، تجيز للوكيل الأصلي أن ينيب غيره عنه في تنفيذ التصرف محل الوكالة حتى ولو من دون موافقة الموكل ، ولا يمنع الوكيل من ذلك إلا في حالة كون الموكل قد منعه صراحة في سند الوكالة من هذا التصرف.
إذ تنص المادة (1994). من القانون المدني الفرنسي على انه : ( يجوز للوكيل، عند سكوت العقد، أن يوكل غيره للقيام بتنفيذ الوكالة، ويكون مسؤولاً عمن ينيبه عنه. 1 - إذا لم يكن مأذوناً بإنابة غيره عنه .2 - إذا كان الأذن المعطى أياه لم يعين النائب عنه وكان النائب الذي اختاره مشهوراً بعدم الأهلية أو بالإعسار ). وفي جميع الأحوال يجوز للموكل أن يقاضي مباشرة الشخص الذي ينيبه الوكيل عنه، فالأصل في القانون المدني الفرنسي هو جواز التـوكـيـل مـن الباطن والاستثناء هـو المـنـع وذلك فـي حـالـة النـص صـراحـة فــي سـنـد الـوكـالـة عـلـى هـذا الـمـنـع (19).
___________
1- ينظر عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، ج 7 ، ط 2 ، تنقيح المستشار ، محمد مصطفى ألفقي 1989، ص 376 .
2- ينظر عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، ج 7 ، ط 2 ، تنقيح المستشار ، محمد مصطفى ألفقي 1989 ، ص 377 .
3- ينظـر عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، ج 7 ، ط 2 ، تنقيح المستشار ، محمد مصطفى ألفقي 1989، ص 376 .
4- ينـظـر جعفر الفضلى عقد المقاولة من الباطن، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، تصدر عن كلية القانون، جامعة الموصل، العدد6، آذار، 1999م ، ص52 وما بعدها .
5- ينظر سعـيد عبد الكريم مبارك ، مسؤولية المقاول الثانوي وفقاً لأحكام القانون المدني والشروط العامة لمقاولات أعمال الهندسة المدنية ، مطابع دار الحكمة للطباعة والنشر، بغداد ، 1990، ص43 ، و ينظر أحمد عبد العال أبو قرين ، المركز القانوني للمتدخلين في تنفيذ عقود المقاولات ، ط 1، دار النهضة العربية ، القاهرة، 2001، ص17.
6- وتقابلها المواد: (627/1) مدني سوري (660/1) مدني ليبي (635) موجبات وعقود لبناني .
7- ينظر هذا القانون المنشور في الجريدة الرسمية في 3/1/1976، ص145، وعلى الموقع الآتي :
http://www.degt.fr/degt/regLe.Entgtion/75-1334-31-12-75-sous trqitqnce. htm
8- وقد عدلت هذه المادة بموجب القانون المرقم 1168 في 11/12/2001.
9- Francois collart Dutilleul et Philippe DeLebecque, contrats civils et commerciaux, 6e edition, DALLOZ, Paris, 2002, P.859.
10- Civ. 3e. 27 marc et 30 October 1991 et com.
نقلا عن التعاقد من الباطن ، كلية القانون ، جامعة الموصل ، 2008 م ، ص 33
11- Alain Benabentm Droit civil, Les contrats speciaux civils et commerciaux, Editions Montchrestien, Paris, 1999, P.362.
نقلا عن حسن حسين البراوى التعاقد من الباطن- كلية الحقوق – جامعة القاهرة – دار النهضة العربية 32 شارع عبد الخالق ثروت – القاهرة 2002 ، ص 154 .
12- بينما نجد أن الأصل في قانون المحاماة العراقي رقم 173 لسنة 1965 المعدل هو جواز الوكالة من الباطن والاستثناء هو المنع في حالة وجود ما يقتضي منع توكيل الغير فـي سـند الوكالة ، فقد نصت المادة (25) منه على انه ( للمحامي سواء كان خصماً أصيلاً أو وكيلاً في دعوى أن ينيب عنه في الحضور أو في غير ذلك من إجراءات التقاضي محامياً آخر تحت مسئوليته … ما لم يكن في سند الوكالة ما يمنع من ذلك).
13- وهذا ما قضت به محكمة استئناف بغداد بصفتها التمييزية حيث جاء في قرارٍ لها بأنه ( ليس للوكيل أن يوكل غيره إلا إذا أذنه الموكل في ذلك أو فوض الأمر لرأيه ، ويعتبر الوكيل الثاني وكيلاً عن الموكل حسب أحكام المادة (939) مدني ). قرار رقم 2353/ حقوقية /1980 صادر في 7/10/1980، منشور في مجموعة الأحكام العدلية ، السنة 11، العدد 4، ص102.
14- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني الوكالة في الشريعة والقانون مطبعة العاني . بغداد . 1975 ص292.
15- قضت محكمة التمييز في قرار لها بأن : المحامي (ح) ميز الحكم باعتباره وكيلاً عن (ن) وكيلة المدعي (م ) في هذه الدعوى ، ولدى الرجوع إلى الوكالة الخاصة المتضمنة توكيل المدعي ( م ) شقيقته ( ن ) وجد أنها لا تتضمن تخويل الوكيلة (ن) حق توكيل الغير، وبذلك فان توكيل الوكيلة المذكورة المحامي المذكور ليس له اعتبار قانوني لكونها غير مخولة حق توكيل الغير في هذه الدعوى، وعليه فان تمييز المحامي المذكور للحكم قد وقع من غير من له حق الطعن تمييزاً ، القرار رقم 125/ شخصية / 1972 صادر في 26/11/1972 منشور في النشرة القضائية ، السنة 3، العدد 4، أيلول ، 1972، ص101.
16- بينما يتفق القانون المدني العراقي في اتجاهه هذا، بوجه عام، مع اتجاه قانون الموجبات والعقود اللبناني ولم يختلف عنه إلا في انه قد خلا من مثل ما ورد في هذا القانون الأخير من نص يقضي بان للوكيل إنابة غيره إذا كانت ماهية العمل أو الظرف تقتضي ذلك إذ نصت المادة (782) منه على انه ( لا يجوز للوكيل أن ينيب عنه شخصاً آخر في تنفيذ الوكالة إلا في الأحوال الآتية : أولا. إذا كان الموكل قد خوله هذا الحق صراحة. ثانياً. إذا كان تخويله هذا الحق ناجمةً عن ماهية العمل أو عن الظروف…).
17- أن ما ورد في المادتين (674) مدني سوري (708) مدني ليبي جاء مطابقاً تماما لما ورد في المادة (708) مدني مصري.
18- ينظر السنهوري ، مرجع سابق، ص485. و ينظر جمال مرسي بدر النيابة في التصرفات القانونية طبيعتها وإحكامها ، ط 2 1968 ، دار النهضة العربية 32 شارع عبد الخالق ثروت .، ص223.
19- ALain Benabent, Droit civil, les contrats speciaux civils et commerciaux, Op .Cit., p.389.
نقلا عن حسن حسين البراوى التعاقد من الباطن- كلية الحقوق – جامعة القاهرة – دار النهضة العربية 32 شارع عبد الخالق ثروت – القاهرة 2002 ، ص 154 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|