أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-2-2017
2597
التاريخ: 22-7-2019
2121
التاريخ: 16-11-2018
2423
التاريخ: 1-6-2021
2663
|
ومن هذه الأمثلة القليلة يتمثل للنظر ما وصل إليه القوم من الثروة، مع الأمانة والإيثار وحب الخير والزهد بما في أيديهم، فقد رأينا عبد الله بن الزبير لم يشأ أن يقسم تركة أبيه حتى نادى في الحج أربع سنين ليوفي دينه، وليس يغلو من يدعي أن تركة الزبير بن العوام تعد ثروة غني من أغنياء الغرب اليوم ، وما ندري ما تعادل لو حسبناها بسكة زماننا، وما هي أقل من بضعة ملايين من الجنيهات، وبعض هذه الثروات كانت لأكثرهم قبل الإسلام أو كان لهم أكثرها فزادت في العهد الجديد، ولا شك أنهم جهزوا منها جيوشهم وغزاتهم، واستعان الرسول (صلى الله عليه وآل وسلم) بها على الفتوح الأولى، وكلهم سواء في الإنفاق منها على مصالح المسلمين وفقرائهم، واجتمعت لهم معظم هذه الأموال من التجارة، وقليل منها من الزراعة والصناعة ؛ فقد كان أبو طالب (1) يبيع العطر والبز، وأبو بكر وعمر وطلحة وعبد الرحمن بن عوف كانوا بزازين، (2) وكان سعد بن أبي وقاص يبري النبل (وفي رواية يعذق النخل)، وكان أخوه عتبة نجارًا، والعوام أبو الزبير خياطا، والزبير جزارًا، وعمرو بن العاص جزارًا ثم يبيع الأدم والطيب، وأبو سفيان بن حرب يبيع الزيت (الزبيب) ؟ والأدم، وعبد الله بن جدعان نخاسًا، وعثمان بن طلحة خياطًا، ولبعضهم موارد يعيشون منها وتزيد عن حاجته. وغلب التقشف على أكثر هؤلاء العظماء عملا بسيرة الرسول، فقد ذكروا أنه كان عند رسول الله لما مرض مرضته التي مات فيها سبعة أو تسعة دنانير فقسمها في الأنصار، وقال: «ما ظن محمد لو لقي الله وهذه عنده؟» ولم يخلف عند موته درهما ولا دينارًا ولا عبدًا ولا أمةً ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضا تركها صدقة، وترك درعه رهنا عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير، وكان يأخذ من الأنفال خمسها ويردها على المسلمين عملًا بقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾، ثم بين توزيعها بقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. وكانت العرب (3) في الجاهلية تغنم وتوزع الغنيمة على المحاربين وتجعل للرئيس قسطًا كبيرًا منها، أشار إليه أحد شعرائهم، فقال:
لك المرباع منها والصفايا وحكمك والنشيطة والفضول (4)
... إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نلتمس العز بغيره، وهكذا كانت خلافة الأربعة الراشدين أشبه بالرتب الدينية من الرتب الدنيوية (5) في جميع الأشياء؛ كان أحدهم يلبس الثوب من الكرباس (6) الغليظ، وفي رجله نعلان من ليف وحمائل سيف ليف، ويمشي في الأسواق كبعض الرعية، وإذا كلم أدنى الرعية أسمعه أغلظ من كلامه، وكانوا يعدون هذا من الدين الذي بعث به النبي.
......................................
1- المعارف لابن قتيبة، والأعلاق النفيسة لابن رسته.
2- المحاسن والأضداد للجاحظ.
3- تاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري.
4- المرباع: ربع الغنيمة، والصفي: ما يصطفيه الرئيس لنفسه مما يستحسن، والنشيطة: ما يقع في أيدي المقاتلين قبل الموقعة، والفضول: ما يفضل عن القسمة.
5- الفخري لابن طباطبا.
6- الكرباس بالكسر: ثوب من القطن الأبيض.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|