أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-13
356
التاريخ: 2024-07-22
509
التاريخ: 2023-04-18
1136
التاريخ: 12-10-2014
2661
|
حاول فقهاء اللغة أن يبرروا وجود القيد كمرحلة متأخرة من وجود المطلق لأن حسب تفسيرهم بدأت اللغة عند البشر بالمفاهيم الكلية والعامة، ومع التطور الحضاري أتجه الإنسان إلى التدقيق في الجزئيات فصار لزاماً عليه التقييد وحاول بعضهم أن يقارن بين التخصيص والتقييد كما حاول المقارنة بين العام والمطلق.
ولقد صنف أحد الباحثين أدوات التقييد إلى أربعة أصناف:
التقييد بالتوابع.
التقييد بالمفاعيل.
التقييد بالنواسخ.
التقييد بأدوات نحوية متفرقة.
التقيد بالتوابع:
وهي النعت، والتوكيد، البدل، عطف النسق فالنعت تابعٌ مكملٌ لمتبوعه من حيث دلالته على معنى فيه أو في المتعلق فيه [1] والنعت يأتي لبيان صفة من صفات المنعوت قال تعالى:{وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}[2] فالدم هنا مطلق والكذب هو القيد وهو صفة أتبع موصوفهِ بالعلامة الإعرابية.[3]
- وأما التقييد بالتوكيد:
فالتوكيد من الأساليب التي يُراد بها تثبيت المعنى في النفس وإزالة اللبس عن الحديث أو المحدث عنه. [4]
وهو على نوعين: لفظي ومعنوي، واللفظي يكون بأعادة اللفظ كما في قوله تعالى:{كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً}[5]. وفائدة التقييد بالتأكيد هي إنك إذا كررت فقد قررت المؤكد وما علق به في نفس السامع ومكنته في قلبه وأزحت عنه كل شبهة.
- وأما التوكيد المعنوي: فله أدواته وهي: عين، نفس، أجمع، كل... قال تعالى:{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}[6] على الرغم من دلالة كلهم أجمعون على العموم فإن فيه دلالة على التقييد أيضاً، سُئل المبرد عن هذه الآية فقال: لو قال فسجد الملائكة، احتمل أن يكون سجد بعضهم، فلما قال كلهم زال هذا الاحتمال، ثم يبقى احتمال آخر، هل سجدوا دفعة واحدة أم متفرقين[7].
-وأما التقييد بالبدل: وهو إقامة الشيء مقامه، وله أنواع أربعة معرفة مثاله: قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}[8]ففي بداية الآية أطلق الحج على الجميع، وبعدها قيدهُ بالمستطيع فقط دون غيره فجاء القيد بدل بعضهم من الكل.
- التقييد بـعطف النسق: وهو حمل إسم على إسم، أو فعل على فعل أو جملة على جملة بشرط توسط حرف من الحروف التي وضعتها العرب لذلك[9].
وله أربعة أنواع معروفة وهي عطف ظاهر على ظاهر، وظاهر على مضمر ومضمر على مضمر، ومضمر على ظاهر، فإن هذا العطف يفيد التبيين والتفضيل وكذلك التقييد قال تعالى:{فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ}[10] فالإغراق تفصيل للإنتقام وجاء حرف الفاء للتشريك هنا أي إن انتقامنا هو بنفس الغرق.
2- التقييد بالمفاعيل:
وهي المفعول به، المفعول معه، المفعول، المفعول له، المفعول المطلق. تعد المفاعيل كلها أدوات للتقييد في اللغة العربية عامة حيث أن وجود المفعول في الجملة يزيد المعنى توضيحاً وإبانةً، فهذه المفاعيل جاءت لكشف إبهامٍ أو تأكيد قيام الفاعل بالفعل، أو تعليل قيامه به إلى غير ذلك [11].
- فالمفعول به: في الجملة يؤدي إلى حصر أثر الفعل فيه دون غيره لذا يعد مقيداً للحدث، قال تعالى:{وَأَنْزَلَ اللهَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}[12] فالشروط مطلق لكنه قُيد بـ الكتاب والحكمة.
- وأما المفعول معه: فهو إسم فضله بعد واو، أريد بها التنصيص على المعية مسبوقة بفعل أو ما فيه صروفه ومعناه سرتُ والليل [13] قال تعالى:{فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً..}[14].
نلاحظ أنه سبحانه وتعالى قيد بـالمفعول معه وهو شركاؤكم بـالواو بمعنى مع أي فاجمعوا أمركم مع شركائكم وهو دلالة عدم مبالاة نوح بعدوه مهما حشدوا من أمرهم وشركائهم.
- المفعول فيه: وهو كل إسم زمان ومكان سلط عليه عامل على معنى في كقولك صمتُ يومَ الجمعة [15] ويضيف السامرائيأن المفعول فيه يعدُ قيداً للزمان والمكان والمقدار والعدد [16]. ومثاله قوله تعالى:{وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ}[17] فقيد الزمان عشاءً مفعول فيه أفاد بيان وقت مجيئهم.
- المفعول له: فإن التقييد بالمفعول له يأتي لبيان علة الفعل وسببهِ وتفسير الدافع الذي دفع الفاعل للقيام بالفعل، قال تعالى:{وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهَُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[18]. ورد القيد معذرةً في الآية ليجيب عن تساؤل القوم فجاء القيد فقطع التساؤل وأوقفهم على السبب، فالمراد نعظهم إعتذاراً إلى ربكم لئلا يقول لنا لِمَ لم تعظوهم، ولعلهم بالوعظ أيضاً يتقون ويرجعون [19].
- المفعول المطلق: وهو المصدر سميَّ بذلك لأن الفعل يصدر عنه [20] وصحيح أن المفعول المطلق هو مطلق من حيث نسبتهُ إلى المفاعيل ولأنه حدث مجرد من الزمن، لكنه في الوظيفة البيانية مُقيَّد. حيث يأتي في سياق الجملة ليؤدي واحداً من ثلاثة أغراض وهي: توكيد لحدث الفعل{وَكَلَّمَ اللهَُ مُوسَى تَكْلِيماً}[21] فـتكليماً قيدٌ زائد أفاد اختصاص موسى(عليه السلام) بالتكليم وهو منتهى مراتب الوحي خص به موسى من بينهم وقد فضل الله تعالى محمداًصلى الله عليه واله وسلمبأن أعطاهُ ما أعطى كل واحدٍ منهم. [22]
3- التقييد بالنواسخ:
وهن كان وأخواتها، إنّ وأخواتها، ظن وأخواتها، كاد وأخواتها.
مثال كان: قوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[23] نرى أن خبر كان وهو القد قُيد بها أي بكان فعُرف الزمان ماضياً.
إن وأخواتها: قال تعالى:{يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ}[24] وهذا ما يقوله الخسران يوم القيامة، ونجد أن تقييد الخبر بالتمني أفاد معنىً جديداً لا يكون لو رفع القيد بل يختل الكلام برفعهِ..
كاد وأخواتها: وهي التي تعمل عمل كان وتسمى بأفعال المقاربة. قال تعالى:{إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً}[25]، فالقيد كاد أفاد معنيين، الأول: مدى إجتهاد رسول اللهصلى الله عليه واله وسلمفي دعوته إلى دين الله والثاني مدى حقد المشركين على رسول اللهصلى الله عليه واله وسلمحتى إنهم إتهموه بالضلالة صراحةً. [26]
ظن وأخواتها: تدخل على المبتدأ والخبر إذا قصد إمضاؤها على الشك واليقين فتنصب الجزئين على المفعولين، وهما على شرائطهما وأحوالهما وأصلهما[27].{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ}[28].
نجد أن ما يفعل بهذه الوجوه الظالمة لنفسها يوم القيامة، مقيد بـظن وهو توقع أن يفعل بها الفعل.
4- التقييد بأدوات نحوية أخرى:
كالحال والتمييز، ضمير الفصل، الجار والمجرور، الإضافة، الشرط.
- فالحال: كما في قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً}[29] فالحال مفصلاً جاء قيداً للكتاب.
- والتمييز: كأسمه جاء مبيناً وموضحاً لكل إبهام أو إطلاق لذا يصلح أن يكون مقيداً بأنواعه، مثالهُ{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً}[30] فجاء القيد عيوناً ومقيداً لنوعه، وهكذا أورد الباحث باقي الأدوات مع أمثلتها فالتراجع[31].
ثانياً:المطلق والمقيد عن المفسرين:-
لم أجد هذا المصطلح في النصوص الإسلامية الواردة عن النبي وأهل بيته وأصحابه. ولكني وجدتهُ عند أهل اللغة والأصول والفقه والتفسير. فقد ذكرهُ كلٌ من الزركشي في البرهان[32] وتبعهُ السيوطي في الإتقان [33].
المطلق قال هو اللفظ الدال على الماهية بلا قيد، وهو مع القيد كالعام مع الخاص، وقال العلماء متى وجد دليل على تقييد المطلق صير إليه وإلا فلا، بل يبقى المطلق على إطلاقه والمقيد على تقييدهِ لأن الله تعالى خاطبنا بلغة العرب.
الضابط: أن الله إذا حكم في شيء بصفةٍ أو شرط، ثم ورد حكم آخر مطلقاً نظر، فإن لم يكن له أصل يرد إليه إلا ذلك الحكم المقيد وجب تقييدهِ به، وإن كان له أهل غيره لم يكن ردهُ إلى أحدهما بأولى من الآخر.
مثال الأول: اشتراط العدالة في الشهود على الرجعة والفراق والوصية، قال تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[34] وقوله:{شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}[35] وقد أطلق الشهادة في البيوع وغيرها في قوله:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[36]،{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}[37]، والعدالة شرطٌ في الجميع.
والثاني: مثل تقييد الصوم بالتتابع في كفارة القتل والظهار، وأطلق كفارة اليمين وقضاء رمضان، فيبقى على إطلاقه من جوازه مفرقاً ومتتابعاً لتنافي القيدين، ولا على أحدهما لعدم المرجح. [38]
[1] السيوطي: همع الهوامع 2/116، ابن جني: اللمع في العربية ص161.
[2] يوسف /18.
[3] ط. الطبرسي، مجمع البيان 3/215.
[4] الأشبيلي: شرح جمل الزجاجي 1/262.
[5] الفجر /21.
[6] الحجر /30.
[7] الرازي، التفسير الكبير 19/182.
[8] آل عمران /97.
[9] الأشبيلي: شرح جمل الزجاجي /223.
[10] الزخرف /55.
[11] ينظر المخزومي: في النحو العربي نقد وتوجيه /98.
[12] النساء /113.
[13] ابن هشام، شرح قطر الندى /323.
[14] يونس /71.
[15] ابن هشام، شرح قطر الندى /320
[16] د. فاضل السامرائي / معاني النحو 2/607.
[17] يوسف /16.
[18] الأعراف /164.
[19] الطوسي، التبيان 5/13.
[20] الزمخشري: المفصل في علم العربية /31.
[21] النساء /164.
[22] الميرزا محمد المشهدي /كنز الدقائق 3/599.
[23] يوسف /72.
[24] الحاقة /27.
[25] الفرقان /42.
[26] الطوسي: التبيان 7/492، الرازي: التفسير الكبير 24/85.
[27] الزمخشري، المفصل في اللغة العربية /260.
[28] القيامة /24-25.
[29] الأنعام /114.
[30] القمر /12.
[31] د. سيروان عبد الزهرة، الإطلاق والتقييد ص165-197.
[32] بدر الدين حميد بن عبد الله الزركشي، البرهان في علوم القرآن، النوع الثاني والثلاثون، معرفة أحكامه 2/18.
[33] جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، الإتقان في علوم القرآن النوع التاسع والأربعون 3/77.
[34] الطلاق /2.
[35] المائدة /106.
[36] البقرة /382.
[37] النساء /6.
[38] السيوطي، الإتقان 3/78.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|