أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1466
التاريخ: 27-11-2014
1529
التاريخ: 11-10-2014
2088
التاريخ: 11-10-2014
2870
|
المؤمنون والكافرون في مقابل أمثال القرآن
قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} [البقرة: 26].
بعد التمثيل بالعنكبوت يقول القرآن الكريم: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] ؛ أي نحن نضرب الأمثال لعامة الناس، لكنه لا ينتفع من هذه الأمثال، من بين هؤلاء، إلا العالمون الذي بلغوا مرحلة العقل من خلال الانتفاع من علمهم؛ إذن فالذي لا يكون من أهل العلم والتفكر لا يصيب إلاً منفعة ضئيلة من هذه الأمثال ولا يحصل منها إلا على العلم والاطلاع. في حين أنه لو كان من أهل العلم فإنه سيرتقي سلم العلم ليصل إلى مقام العقل، وإن ما يمتاز بالقيمة والعزة لدى الباري تعالى هو العقل، الذي هو حصيلة امتزاج العلم والعمل.
في جملة {فأما الذين ءامنوا فيعلمون...} يمتدح الله المؤمنين بعلمهم فيقول: العلم هو ما اختلط بالإيمان، وعرف الوحي؛ مثلما يقول جل اسمه في موضع آخر: إن العلماء يعلمون أن ما أتيت به هو الحق. ويرى الذين اوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق)2؛ يعني: أن العلم هو ما يعرف الوحي. إذن فليس مقصود الآية هو مجرد العلوم الاكتسابية المدرسية؛ لأنه من الممكن أن لا يكون المرء من اهل القراءة والكتابة، ولكن تكون له روح واعية ومؤمنة، وعلى العكس، فقد يكون الشخص من أهل الدرس والتعلم، إلاً أنه غافل وجاهل. ومن هذا المنطلق يقول علي ع : ما اكثر العلماء الذين أمسوا قتلى جهلهم ولم ينفعهم علمهم: «رب عالم قد قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه»(1).
إن العلوم المدرسية هي نوع من الحرفة والصنعة مما قد ينسى بعضها في سني الشيخوخة: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} [النحل: 70]. على الرغم من أن هذا الأمر لا يمتاز بالعمومية، وأن بعض أساطين العلم يستمرون على وعيهم وعقلهم حتى في فترة الشيخوخة، وهؤلاء هم الذين تكون قلوبهم وعاء للقرآن. العلوم المدرسية حتى وإن أصبحت ملكة فإنها تنسى في الفترة ما بين الموت والقيامة لعدم الممارسة؛ أما العلوم المرتبطة بمعرفة الله، وأسمائه الحسنى، والملائكة، والنبوة، والرسالة، والولاية، والتي تنور وجود الإنسان، فليس أنها تبقى بعد الموت فحسب، بل إنها تزدهر وتتفتح أكثر؛ لأن نشأة الآخرة هي موطن ظهور وبروز مثل هذه العلوم الإلهية.
الله سبحانه وتعالى هو المبدأ الفاعلي لكل الفيوضات، وإنه تعالى -استناداً إلى هذه النقطة بالذات - يقول: المؤمنون يعلمون أن هذا المثل هو حق؛ لأنهم هم أنفسهم على حق، ويعرفون منشأ الحق؛ أما الكفار الذين لا يعرفون الحق، فإنهم يقولون على نحو الاستفهام الاستنكاري: ما هو مراد الله من هذا المثل؟!
القرآن الكريم يثني على المؤمن لعلمه، ويوبخ الكافر على جهله. وهو، وإن لم يصرح بجهل الكافر، إلاً أن التقابل المذكور يظهر أن العلم مختلط بالإيمان وأن المؤمن عالم، وأن الكفر مقترن بالجهالة وأن الكافر جاهل.
تنويه: 1. جملة (فيعلمون ...) الواردة في وصف المؤمنين تستبطن الأمر والإرشاد أيضاً؛ بمعنى: المؤمنون يعلمون، وعليهم أن يعلموا ويتعلموا.
إن جملة (فيقولون) هي ذكر للازم بعد حذف الملزوم، وهي بمعنى: «فأما الذين كفروا فهم جهال» ولكونهم جهالاً فهم يقولون: ماذا أراد ال بهذاً مثلاً». من هذا المنطلق يقول عز من قائل بخصوص المعصية: {يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: 17]: أي: إن المجرمين يرتكبون المعاصي جراء الجهالة (جهل العقل العملي)، لا على خلفية الجهل بالموضوع أو الحكم (جهل العقل النظري)؛ لأن ارتكابهم للخطيئة إذا كان بسبب الجهل القصوري، فإنه لا يعد معصية في الكثير من الموارد.
2. جملة (فيقولون ...) التي جاءت في وصف الكفار هي كذلك تنطوي على لون من الأمر والنهي عن المنكر؛ أي: يتحتم على الكفار أن يجتنبوا الكفر ولوازمه، وينخرطوا في سلك المؤمنين والعلماء.
ــــــــــــــــــــــ
1. نهج البلاغة، الحكمة 107.
|
|
أكبر مسؤول طبي بريطاني: لهذا السبب يعيش الأطفال حياة أقصر
|
|
|
|
|
طريقة مبتكرة لمكافحة الفيروسات المهددة للبشرية
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|