أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2016
5487
التاريخ: 2023-05-22
2157
التاريخ: 18-10-2016
1211
التاريخ: 2023-07-12
974
|
(يَا سَيِّدِي):
قد جاء «سيّد» لمعانٍ.
قال في المجمع: «السيّد: الرئيس الكبير في قومه المطاع في عشيرته وإن لم يكن هاشمياً ولا علوياً، والسيّد: الذي يفوق في الخير، والسيد: المالك. ويطلق علىٰ: الربّ، والشريف، والفاضل، والكريم، والحليم، والمتحمّل أذى قومه، والزوج، والمقدّم» (1) انتهى.
و(السيّد) من أسمائه تعالى، فهو في حقّه بمعنى الربّ المالك الشريف، الفاضل الكريم الحليم المقدّم، الفائق في الخير. والمعاني الاُخر لا [تناسبه] (2) تعالى إلّا إذا جُرّدت عمّا يدلّ علىٰ التقسم.
ثم لمّا وصف السائل طائفة من نعمه تعالى ومننه بالنسبة إليه ـ وأبرز غصّته من جرائمه وآثامه، وسوء أحواله وآلامه، وعظم بلائه، وخداع الدنيا، وخيانة نفسه ومماطلتها إياه صار المقام مقام الالتجاء والاستعاذة إليه تعالى، ولذا قال:
(فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أنَ لا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعائي): أي لا يستر عنك.
(سُوءُ عَمَلي وَفِعالي):
جمع «فِعل» ـ بالكسر ـ: وهو الاسم من: فَعَلَ يَفَعلُ، كقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ}.
يريد أنّ قبح أعمالي وسوء أفعالي كاد أن يحجب ويستر عنك دعائي فأسألك بعزّتك وقدرتك التي لا يمتنع معها شيء أن تُبدّل سيئات أفعالي بالحسنات، ولا تجعلها حجباً بينك وبين دعواتي وأسئلتي.
والباء في قوله: (بعزّتك) للسببيّة، ويجوز أن يكون للاستعانة.
(وَلا تَفْضَحَني بِخَفِيّ مَا اَطَلَعْتَ عَليهِ مِنْ سِرّي):
الفضيحة: العيب، والجمع: فضائح، ويجيء بمعنى الكشف.
وفي الدعاء: (اللهمّ لا تفضحنا بين خلقك) (3) أي استر عيوبنا ولا تكشفنا.
السرّ: خلاف الجهر، وكلمة (من) بيان لـ (ما)، والجملة معطوفة علىٰ ما قبلها.
(وَلَا تُعاجِلْنِي بِالعقُوبَةِ عَلىٰ ما عَمِلتُهُ في خَلَواتي):
العقوبة: العذاب.
(مِنْ سُوءِ فِعْلِي وَإساءَتي، وَدَوَامِ تَفْريطي وجَهالَتي، وَكَثْرَةِ شَهَواتي وَغَفْلَتي):
كلمة (من) أيضاً بيان لـ (ما).
الإساءة: خلاف الإحسان، ومراده الإساءة في طاعة الله وعبادته، كما أن الإحسان في العبادة أن تعبد الله كما تراه، علىٰ ما روي عنهم عليهالسلام.
وقال النبي صلى الله عليه وآله ـ في تفسير الإحسان المذكور في الآية الشريفة: {ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا} ـ: (الإحسان أن تعبدوا الله كما ترونه) (4).
التفريط: التقصير عن الحدّ، كما مرّ ذكره.
الجَهالة ـ بالفتح ـ مصدر ـ جهل يجهل جهلاً وجهالة: وهي عدم العلم والمعرفة كما مرّ، قال الله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّـهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ}.
وقيل: الجهالة: هي اختيار اللذة الفانية علی اللذة الباقية، وهي أيضاً منشؤها عدم العلم.
الشهوات ـ جمع «الشهوة» ـ: وهي والغضب قوّتان مودعتان في النفس الحيوانية، والمراد هنا كل ما تشتهيه النفس وتلتذّ به، كما قال تعالى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}.
(وَكُن اللّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لِي في الأَحْوالِ كُلِّها رَؤُوفاً):
حرف الباء للقَسَم، أي اُقسم عليك بعزتك. وإظهار لفظ الجلالة مع استتاره في كلمة (كن) للتأكيد ولمزيد الاهتمام به، ولتحلية اللسان بذكره، ولإعادة ذكر الحبيب. (الأحوال) ـ جمع «الحال» ـ: وهو الهيئة التي عليها الإنسان من التذكّر والتفكّر، والطاعة والمعصية، والأكل والشرب، والنوم واليقظة وغيرها.
الرأفة: الرحمة، وقيل (5): هي أرق من الرحمة؛ لأنّها تُقطع مع الكراهة لمصلحة، بخلاف الرأفة فإنّها لا تقطع معها.
و(الرؤوف) من أسمائه تعالى، ونصبه علىٰ أنّه خبر (كن) واُريد معناه الوصفي.
(وَعَلَيَّ فِيْ جَميعِ الاُمورِ عَطُوفاً):
معطوفة علىٰ ما قبلها، أي وكن اللّهم عليَّ في جميع الاُمور عطوفاً.
العطوف: المشفق.
(إلهي وَرَبِّي، مَنْ لِي غَيْرُكَ):
كلمة: (مَن) للاستفهام، ومَن ذا الذي غيرك؟ (أغيرك من الظهور ما ليس لك)؟ وغيرك الذي يطلبه الجاهلون {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّـهَ عِندَهُ فوفاة حِسَابَهُ}.
وإنّما اختص السائل بنفسه وقال: (من لي غيرك)، والحال أنه مَن للجميع غيره تعالى؟ إشعاراً بأنّ عدم رؤية غيره ديدن الموحّدين، ودأب المفردين وغيرهم نصب أعينهم رؤية غيره تعالى في حوائجهم، ومآربهم، وإذا يئسوا عن الأغيار اُلجئوا في الاتجاه إلىٰ الله الواحد القهّار، وهو تعالى حينئذٍ يجيبهم ويكشف عنهم السوء، ويعطي مثالاتهم، كما قال تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}.
ثم إنّه أردف «الإله» بذكر «الرب»؛ ليخرج العموم والشمول من معنى «الإله»، الذي هو بمعنى المعبود، حقاً كان أو باطلاً، ويخصّه بالإله الذي هو معبوده الحقيقي، وربّه وربّ العالمين.
والربّ يطلق علىٰ: المالك، والمدبّر، والسيّد، والمربّي، والمتم، والمنعم، والصاحب، وهو غير مضاف لا يطلق إلّا علىٰ الله تعالى.
(أَسْأَلُهُ كَشفَ ضُرّي، وَالنَّظَرَ فِي أمري):
وفي المجمع قال: «قال الشيخ أبو علي رحمه الله: الضُرّ ـ بالضم ـ: هو الضرر في النفس، من مرض وهُزال ووجع غيره، وبالفتح: الضرر من كلّ شيء» (6).
أقول: إن كان مراد السائل هو الضُرّ ـ بالضم ـ كما هو المشهور في الألسنة والمسطور في النسخ، فيقول: مالي أحد أسأله ارتفاع ضرّ نفسي من الآلام والأمراض والهموم والغموم غيرك، كما هو المراد في قوله تعالى حكاية عن أيوب النبي عليه السلام: {إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
وإن قرئ ـ بالفتح ـ فمراده أسأله كشف جميع مدراتي، سواء كانت نفسانية أو جسمانية أو غيرهما. والأمر في قوله: (والنظر في أمري) أعمّ من الاُمور الدينيّة والدنيويّة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «مجمع البحرين» ج 3، ص 71، مادة «سيد».
(2) في المخلوط: «يناسب به».
(3) «بحار الأنوار» ج 94، ص 269، وفيه:
«لا تفضحنا علىٰ رؤوس الخلائق».
(4) «سنن الترمذي» ج 5، ص 7، ح 2610، باختلاف.
(5) «النهاية في غريب الحديث والأثر» ج 2، ص 176.
(6) «مجمع البحرين» ج 3، ص 372.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|