أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-18
561
التاريخ: 2024-07-25
493
التاريخ: 2023-05-20
962
التاريخ: 2023-07-11
980
|
قال الشّيخ الجليل الثّقة جعفر بن محمّد بن قولويه (1): وقد علمنا أنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم ـ أي: الأئمّة (عليهم السلام) ـ في هذا المعنى، ولا في غيره، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا (رحمهم الله برحمته) ولا أخرجت فيه حديثا روي عن الشّذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرّواية المشهورين بالحديث والعلم .... (2).
أقول: العبارة تحتمل وجهين:
الأوّل: إنّه لا يذكر في كتابه ما روي عن الشّذاذ مطلقا.
الثّاني: إنّه لا ينقل عنهم إذا كان الخبر نقل عن غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم. وإن نقل عن المعروفين فهو ينقل عن الشّذاذ.
وعلى كلّ استفاد منه صاحب الوسائل (3) توثيق الرّواة الواقعين في الكتاب وتبعه سيدنا الأستاذ الخوئي (قدّس سرّه) وكان يصرّ عليه في محاضراته (دروس الخارج) فيحكم لأجله بوثاقة جمع كانوا في علم الرجال من المجهولين، ثمّ ذكر ذلك في كتابه معجم رجال الحديث (4)، ثمّ أتعب نفسه الشّريفة في تراجم الرّواة في تمام كتابه فأشار إلى رواية من روي عنه ابن قولويه دلالة على وثاقته.
لكن المحدّث النوري (رحمه الله) فهم منه توثيق الّذين روي عنهم ابن قولويه بلا واسطة، أي: خصوص مشائخه (5).
أقول: ويمكن أن نستدلّ على قول النوري بوجهين:
الأوّل: قوله المعروفين بالرّواية المشهورين بالحديث والعلم؛ إذ من الظاهر أنّ جميع رواة روايات كتابه ليسوا بمعروفين في الرّواية ولا مشهورين بالحديث والعلم، بل حالهم حال سائر الرّواة ولا أظنّ أنّ ابن قولويه كان معتقدا معروفيتهم وشهرتهم في العلم، فضلا عن كونهم كذلك في الواقع ونفس الأمر.
أقول: لكن عبارة ابن قولويه لا تدلّ على أنّه لا يروي إلّا عن المعروف بالرّواية، والمشهور بالحديث والعلم، بل تحتمل الوجهين المتقدّمين.
الثّاني: وجود المراسيل والضعاف في كتابه في غير مشائخه.
لا يقال: إطلاق توثيقه محكم في غير ما علم بطلانه.
فإنّه يقال: إنّ وجود المراسيل قرينة على اختصاص التّوثيق بالمشائخ وحدهم، كيف ولا يحتمل عدوله ـ بناء على عموم التوثيق ـ عن مبنائه في أوّل كتابه؟ فقد ذكر في الباب الأوّل في الرّواية الثالثة عن أحمد بن إدريس عمّن ذكره عن محمّد بن سنان عن محمّد بن علي رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... من هذا الّذي يرويه عنه أحمد بن إدريس، وكيف علم أنّهم من أصحابنا الثّقات؟
وأمّا محمّد بن سنان فحاله معلوم في الرجال، ثمّ من هم الّذين توسّطوا بين محمّد بن علي، وبين النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وفي نفس الباب في الرّواية الرّابعة: عن يحيى وكان خادما لأبي جعفر الثّاني عليهالسلام عن بعض أصحابنا رفعه إلى محمّد بن علي بن الحسين عليهالسلام ... والسّند في غاية الجهالة، حتّى من بعد يحيى المذكور.
ولا يحتمل عدوله عمّا ذكره أوّلا في هذه الفاصلة القليلة جدّا.
وفي الرّواية التّاسعة من الباب الثّاني: عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن أبي حجر الأسلمي. قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ...
أقول: محمّد بن سليمان رمي بالغلوّ.
وأمّا أبو حجر فقال الفاضل المامقاني في باب الكنى: أبو حجر الأسلمي لم يتبيّن اسمه، وإنّما روي محمّد بن سليمان الديلمي عنه من دون ذكر اسمه عن أبي عبد الله عليهالسلام، لكن روي في باب زيارة النّبي (صلى الله عليه وآله) من الكافي هذا الخبر بعينه عن محمّد بن سليمان، عن أبي يحيى الأسلمي، عن أبي عبد الله، فيمكن أن يكون أحدهما مصحّف الآخر، أو كونهما رجلين.
أقول: سواء أكان الأسلمي من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كما هو ظاهر كامل الزيارات، أم لا، تكون الرّواية مرسلة، وعلى كلّ الأسلمي مهمل مجهول.
هذا ما نقلناه من أوّل هذا الكتاب ومثله كثير إلى آخر الكتاب، لكن يبعّد قول المحدّث النوري أمران:
أحدهما: عدم ذكر المشايخ في كلام ابن قولويه، بل فيه كلمة الأصحاب، والمتعارف إطلاق كلمة المشايخ على الأساتيذ.
وثانيهما: كلمة الاسترحام؛ إذ يبعّد وفاة جميع مشائخه حين تأليف أوّل كتابه.
ثمّ إنّ وثاقة جميع رواة الكتاب أمر مهمّ، فكيف لم يتعرّض لها الشّيخ والنجّاشي (قدس سرهم)؟ وكيف لم تشتهر في زمن ابن طاووس. والعلّامة وابن داود وغيرهم؟
والحقّ: انّ الاستدراك في قول ابن قولويه: ولكن ما وقع لنا من جهة الثقات ليس راجعا إلى عدم النقل والذكر ونحوه، ليكون ظاهرا في أن جميع المذكورين في أسناد روايات الكتاب، أو خصوص مشائخه من الثقات، بل هو راجع إلى عدم الإحاطة المذكور في كلامه إنّا لا نحيط.
وهذا لا يدلّ على أنّ جميع من روي عنه ثقات، فيجوز أن ينقل في جملة من الموارد من الضعفاء بقرينة أخرى.
دعم وتأكيد:
قلنا إنّ عبارة ابن قولويه لا تدلّ على وثاقة جميع من روي عنهم، كما عن سيّدنا الأستاذ (قدّس سرّه) ولا على وثاقة كلّ مشائخه، كما عن المحدّث النوري. ونتعرّض هنا لحال بعض من وقع في أسناد كامل الزيارات، حتّى يطمئن الباحث الناظر في هذا الكتاب بضعف القولين المذكورين.
1. الحسن بن علي بن أبي عثمان سجادة.
ذكره النجّاشي، وقال: ضعّفه أصحابنا.
ووصفه الشيخ: بالغالي.
وذمّه الكشّي يقوله: على السجادة لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، فلقد كان من العليائيّة الّذين يقعون في رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ وليس لهم في الإسلام نصيب.
وهذا الرجل وقع في أسناد كامل الزيارات.
ويقول الأستاذ في ضمن كلامه: نعم، لو لم يكن في البين تضعيف، لأمكننا الحكم بوثاقته مع فساد عقيدته، بل مع كفره (6).
أقول: وقد ذكره نحوه في ترجمة أحمد بن هلال أيضا، ولعلّه لا خلاف بين الرجاليّين في اشتراط الإسلام في الرّاوي، وكيف يمكن الاعتماد في الدّين على الكافر، وحصول وثاقته أمر نادر جدّا؟
2. محمّد بن جمهور العمّي ـ منسوب إلى بني العمّ من تميم ـ:
ضعيف في الحديث فاسد المذهب. وقيل: فيه أشياء الله أعلم بها من عظمها.
[قول النجّاشي فيه]
ويقول الشّيخ في فهرسته ...: أخبرنا برواياته وكتبه كلّها إلّا ما كان فيه من غلوّ أو تخليط ... ويقول في رجاله في حقّه: بصري غال.
وهذا الرجل وقع في أسناد أحاديث كامل الزيارات، وتفسير القمّي، والطرفة أن السّيد الأستاذ الخوئي (قدّس سرّه) يقول في معجمه: الظّاهر أنّ الرّجل ثقة، وإن كان فاسد المذهب؛ لشهادة ابن قولويه بوثاقته، غاية الأمر أنّه ضعيف في الحديث، لما في روايته من تخليط وغلوّ.
أقول للأستاذ: فمن أين جاء الغلوّ؟ أهو من وضع ثقات أصحابنا أم من وضع الغلاة الكاذبين؟
3. عبد الله بن القاسم الحارثي:
جرّحه النجّاشي بقوله: ضعيف غال، وقد وقع في أسناد أحاديث كامل الزيارات وقد ذكر السّيد الأستاذ حول البحث كلاما لا يحسن به (7).
4. عبد الله بن القاسم الحضرمي:
وصفه النجّاشي بالكذّاب الغالي، وروي عنه في الكامل. ويرى السّيد الأستاذ تعارض التضعيف بالتوثيق الّذي استفاده من كلام ابن قولويه.
6. سهل بن زياد:
يقول النجّاشي: إنّه كان ضعيفا في الحديث غير معتمد، وكان أحمد بن محمّد بن عيسى يشهد عليه بالغلوّ والكذب، وأخرجه من قمّ إلى الريّ وضعفّه غير واحد. ويقول الأستاذ في معجمه: بل الظّاهر من كلام الشّيخ في الاستبصار إنّ ضعفه كان متسالما عليه عند نقاد الأخبار، ومع ذلك فقد وقع في أسناد كامل الزيارات وتفسير علي بن إبراهيم. (8).
والحقّ أنّ وقوع مثل هؤلآء الرّواة في كامل الزيارات دليل واضح على ما قلنا من عدم إرادة ابن قولويه وثاقة جميع رواة أحاديث كتابه، بل دليل على تضعيف التّوثيق العامّ المذكور، حتّى إن أراده.
ولو فرضت صحّته لأصبح 388 شخصا من الثّقات، كما قيل.
خاتمة: اطّلعت على كلام للسّيد السيستاني (طال عمره) حين التّصحيح للطبعة الثالثة، في كتابه: قاعدة لا ضرر ولا ضرار، وهو: لكن الصّحيح أنّ العبارة ـ أي: عبارة ابن قولويه المتقدّمة ـ المذكورة لا تدلّ على هذا المعنى ـ أي: وثاقة رواة كتابه ـ بل مفادها إنّه لم يورد في كتابه روايات الضعفاء والمجروحين، لم يكن قد أخرجها الرجال الثقات المشهورون بالحديث والعلم ... وأمّا لو كان قد أخرجها بعض هؤلآء فهو يعتمدها ويوردها في كتابه، فكأنّه يكتفي في الاعتماد على روايات الشّذاذ من الرجال ـ على حدّ تعبيره ـ بإيرادها من قبل بعض هؤلآء الأعاظم من نقّاد الحديث (9).
أقول: وهذا الكلام لا بأس به كما مرّ.
ثمّ إنّه شاع في أواخر حياة سيّدنا الأستاذ الخوئي (قدّس سرّه) أنّه رجع عن قوله بوثاقة جميع رواة الأحاديث المذكورة في كامل الزيارات في غير فرض التعارض، وقال باختصاص كلام ابن قولويه بمشائخه فبني على وثاقتهم فقط كالشّيخ النّوري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: كامل الزيارات: 4.
(2) انظر: مستدرك الوسائل، فإنّه نقل العبارة فيه بتفاوت يسير، وعلى كلّ العبارة غير خاليّة عن التعقيد.
(3) وسائل الشيعة: 68 / 20، الطبعة الحديثة. لكن عبارته غير واضحة في أنّه هل قبل هذا التّوثيق العام أم لا؟ فالعمدة هو قبول سيّدنا الأستاذ (قدّس سرّه).
(4) معجم رجال الحديث: 1 / 44.
(5) مستدرك الوسائل: 3 / 523. وهذا الاعتدال من مثله عجيب، فإنّه أفرط في خاتمة كتابه مستدرك الوسائل في توثيق الرّواة، وخرج عن الحقّ، وجانب الإنصاف في اعتبار الرّوايات وتوثيق الرّواة ولا يجوز لطلّاب الحقّ وأرباب الاستنباط أن يغتروا بتوثيقاته وأن يعتمدوا على آرائه، فإنّ ذلك يبعدهم عن الحقّ بعداً عفى الله عنه وعنّا. وعلى كلٍّ إنّ مشائخه يبلغون 32 شخصا، كما ذكرهم بعض المؤلّفين تفصيلا.
(6) معجم الرجال الحديث: 5 / 22.
(7) المصدر: 10 / 297.
(8) المصدر: 8 / 341.
(9) قاعدة لا ضرر ولا ضرار: 21.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|