أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-18
1142
التاريخ: 9-10-2014
1968
التاريخ: 10-02-2015
1826
التاريخ: 11-10-2014
2055
|
يقول تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 63]
مع أن الخطاب {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63] بحسب ظاهر اللفظ موجه إلى خصوص بني إسرائيل، بيد أن روح هذا الخطاب تشمل جميع المسلمين بل كل الموحدين في العالم؛ لأن الدين الذي أتى به جميع الأنبياء هو الإسلام: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] وأن الإسلام هو أيضاً دين إبراهيم الخليل (عليه السلام) الذي أقر بصحته جميع الأنبياء (عليهم السلام اجمعين) وإذا لوحظ تفاوت بين ما جاء به الأنبياء فهو راجع إلى شريعتهم ومنهاجهم ليس غير: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]
ففي الخطوط العامة والأساسية للدين في مجال العقائد والأخلاق والحقوق والفقه فإنه لا فرق بين الأديان السماوية. وإن كان ثمة فرق فإنه من قبيل الفرق بين الدقيق والأدق، والكامل والأكمل. وعلى الرغم من أن الشريعة اللاحقة تنسخ الشريعة السابقة في المسائل الجزئية وفي فروع الدين وأنها دوماً في حالة تكامل فيما يتعلق بالأصول والخطوط العامة أيضاً: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] غير أنها لا تنطوي على أي نفي أو ردع بالنسبة للخطوط العامة والأصيلة للأديان السابقة.
ومحصلة الكلام فإن الأمر بحماية الدين وبالدفاع عنه بشدة وقوة وعلى كافة المستويات يتعلق بجميع الأمم ولا يختص بقوم يهود؛ كما أن روح الخطابات التي تبدو ظاهراً وكأنها موجهة للمؤمنين، نحو: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] فإنها تستوعب جميع البشر وإن كل مسلم مكلف بأن يفهم معارف الدين بالقوة الفكرية والاستدلال المنطقي حتى لا تزلزله أي شبهة، بل عليه الرد على شبهات غير رداً قاطعاً، وحتى لا تزله أي شهوة، بل عليه السعي أيضاً لتعديل مشتهيات الآخرين وحتى لا يدع لأي وهن أو حزن سبيلاً إلى نفسه: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران: 139] بل لابد له من الاجتهاد في تأمين خوف وحزن من سواه، فإن الذي يأخذ الدين بحزم وقوة شاملة فإنه لن يقع فريسة «الشبهة» في البعد العلمي، كما أنه لن يبتلى بـ «الشهوة» على الصعيد العملي وسينأى بنفسه عن كل ما يضعف عزم الإنسان على القيام بالعمل الصالح. فإن تعبير: (ولا تهنوا) هو ذلك البعد السلبي لعبارة: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63] فلو كان بنو إسرائيل قد فهموا كلام موسى الكليم (عليه السلام) ومنه التوحيد، من خلال البرهان والاستدلال ما كانوا ليتبعوا عجل السامري، وما كانوا ليتمنوا إلهاً مرئياً بمشاهدتهم لعبدة الأصنام، وما كانوا ليقترحوا على موسی (عليه السلام) أن يجعل لهم مثل هذا الإله الزائف: {يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138].
ففي الوقت الذي يقول الله سبحانه وتعالى فيه: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل:20] ، ويرى أن قراءة القرآن عبادة، ويضفي على البيت الذي يقرأ فيه القرآن النورانية، ويرتب على التلاوة اللفظية للقرآن آثاراً وفوائد جمة فهو يقول: خذوا دينكم بقوة كي لا تزل قلوبكم في مواجهة الشبهات؛ فالقلب ليس تحت سيطرتكم، بل إنه مقهور ومحكوم بالدليل. فإن وجدت شبهة ما طريقها إلى قلوبكم ولم تستطيعوا الإجابة عليها فإنها ستهيمن على حريم قلوبكم وتزلزلكم.
لقد وجه هذا الخطاب في موطن آخر إلى موسى (عليه السلام) بصيغة المفرد: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: 145] ومن الواضح أن أخذ موسی (عليه السلام) للتوراة بقوة هو بمعنى أن يكون جاداً في العمل بها وأن يبذل كل ما بوسعه لاستمالة بني إسرائيل نحو دينه.
كما أن الله (جل وعلا) يقول لنبيه يحيى (عليه السلام) : {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا } [مريم: 12] ويحيى (عليه السلام) بدوره قد أخذ كتاب الدين بكل ما أوتي من قوة وسار في هذا الطريق حتى الشهادة، بحيث إن سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) كان يكرر ذكر قصة یحیی الشهيد في اثناء مسيره الى كربلاء، حيث كان يقول: «من هوان الدنيا على الله أن رأس یحیی إلى بغي من بغايا بني إسرائيل» [1]، كذلك فإن الله عز وجل عندما يتطرق إلى الذين يأخذون كتاب الله بقوة وشدة فهو يذكرهم كأناس مصلحين لا يضيع أجرهم: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170]. فالتمسيك بالكتاب السماوي يختلف عن مجرد التمسك به؛ لأن صيغة التفعيل تفيد معنى المبالغة والكثرة والشدة.
[1] مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، ج 4، ص 92 – 93؛ وبحار الأنوار، ج 44، ص 365.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|