أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-29
1044
التاريخ: 2023-11-09
1178
التاريخ: 5-4-2016
2611
التاريخ: 2023-08-01
1112
|
وسائل إغواء الشيطان
إن السلوك على الصراط المستقيم لا يتسنى لأحد دون امتلاكه النِّعم المعنوية والباطنية، لأن النعم الظاهرية وسائل شيطانية يزينها الشيطان ليخدع بها الناس ويغويهم: {لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 39] ، {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} [النساء: 119]. فهو بتزيين وتجميل نعم الدنيا وزخارفها يوقع الإنسان في فخ الآمال والأمنيات البعيدة والطويلة.
والقرآن الكريم يعد الزينة الظاهرية كزينة الدار والبستان زينة للأرض ووسيلة لامتحان الإنسان وليست عامل زينة للإنسان، ويصفها بأنها زائلة: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا } [الكهف: 7، 8] لأن كل نعمة من نعم الدنيا، وكذا الجاه والمنصب الدنيوي فله فصل ربيع وبهجة وسرور، ثم يتبعه فصل ذبول وخريف، إذن فالجمال والمتع الظاهرية زينة الأرض وعاقبتها هي أن تصبح (جرزاً) وحطاماً، وتتحلل وتتبدل إلى أجزاء الأرض (الصعيد).
وأما زينة الإنسان من وجهة نظر القرآن فهي (الإيمان): {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: 7]. وعليه فإن المخدوعين بزينة الأرض هم تحت ولاية الشيطان، والتابعين للقيم المعنوية هم تحت ولاية الرحمن.
والتمييز بين (زينة الأرض) و(زينة القلب) ليس أمرا صعبة للغاية، لكن الإنسان بسبب إغواء الشيطان، تارة يرى النقمة نعمة فيفرح ويأنس . بها كالمنافقين ومرضى القلوب الذين يرون الافتراق عن أمة الإسلام وترك الجهاد نعمة.
والله سبحانه بعد الأمر بالاستعداد واتخاذ الحيطة والحذر من هجوم و الأعداء، وإعلان النفير العام والفردي يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 71 - 74].
فالحفظ من الضرر والإصابة في جبهات القتال وعدم الحضور في ميادين الجهاد نعمة كاذبة، ولم يعترف بها الخطاب القرآني كنعمة وأولئك الذين إذا رأوا شهداء جبهات القتال قالوا (قد من الله علينا إذ لم نذهب إلى القتال) وإذا قرأوا زيارة شهداء كربلاء قالوا: "يا ليتنا كنا معكم"(1) فهم كاذبون، لأنهم لو كانوا حقا من أهل الجبهة والحرب، لكانوا إلى جانب المقاتلين أو مع الشهداء: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 45، 46] ، أي أن الله يكره أن تكون نصرة دينه على يد أمثال هؤلاء، لذلك قال لهم: اقعدوا، وقول الله سبحانه نفس فعله: "وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله"(2)، فهذا الأمر إذن فعل من أفعال الله ونحو عقوبة لهؤلاء أقعدتهم في جنب القاعدين (المرضى والأطفال والشيوخ و...).
وعلى هذا، فإن ما يذكر في القرآن بعنوان كونه نعمة فهو على ثلاثة أقسام
أ. النعم المعنوية والباطنية: وهي المواهب الإلهية الممهدة لسعادة الإنسان.
ب. النعم الظاهرية: وهي التي تستخدم تارة في خدمة الدين وتارة تكون سببا لنزول الغضب والضلال عن الدين.
ج. النعم الكاذبة والمتوهمة: كالحفظ من الضرر والإصابة في جبهات حرب الحق ضد الباطل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. مفاتيح الجنان، الزيارة المطلقة للإمام الحسين (عليه السلام).
2. نهج البلاغة، الخطبة 186، المقطع 17.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|