أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-01
945
التاريخ: 2023-05-02
934
التاريخ: 2023-05-04
900
التاريخ: 2023-04-29
870
|
بدأ ابن رشد مناقشة مسألة انتشار الحرارة عن طريق الإشعاع بسؤال: «هل الضوء مسخّن أو ليس بمسخّن؟» ثم يُجيب بعد تَمْحِيصٍ للمَسْألة مع ما عَالَجَهُ السَّابقون عليه، طبعًا بالدرجة الأولى أرسطو، ثم يُمَهّد بطرح مجموعة من الفرضيات التي يقول فيها: «ففيه أيضًا موضع فحص وعويص شديد؛ وذلك أنه إذا اعتبرنا ما يظهر من ذلك في المرايا المحرقة والزُّجاجة المملوءة بالماء التي تُحرق القُطن، ظن من ذلك أنَّ الشعاع يَحْرق بذاته، وبخاصة إذا كان الانكسار على زوايا قائمة؛ أعني إذا انكسر الشُّعاع على نفسه أو انكسرت أشعة من مواضع كثيرة إلى موضع واحد. وإذا رجعنا إلى المعارف الأول في ذلك وهو أنَّ الشيء إنما يخرج من القوة إلى الفعل بمُخرج من نوعه بالفعل، لَزِمَ أَلا تكون الحَرَارة تتولد إلا عن حار، والنار عن ناري، فنقول: إنه قد تبين أنَّ الضوء ليس بجسم مضيء، فإن كانت فيه قوة التسخين بالذات فإنَّ المسخّن يكون الجسم المضيء بما هو مضيء، لا الضوء على حياله، وإذا كان المسخّن هو الجسم المضيء، وكان يظهر انه كلما كان الجسم أشد إضاءةً كان أشد تسخينا، فقد يُظن أن الضوء فيه هو سبب التسخين، فتكون الحرارة لا تتولد عن حرارة مثلها بالنوع ولا النَّار عن نار. وإذا كان ذلك كذلك، فقد يجب عليها أحد أمرين؛ إما ألا نعترف بكلية هذه المقدمة، وإما أن يكون هذا الفعل للضوء بالعرض، والاعتراف بكلية هذه المقدِّمة هو واجب في الأمور الطبيعية والصناعية، وقد فُصل الكلام فيها في غير هذا الموضع، وحُلَّت الشكوك الواردة فيها.»98
ومن المُقَدِّمة السَّابقة – التي تحمل بصمات نظرية أرسطو – يؤكد ابن رشد أنَّ الضوء شيء والحَرَارة شيء آخر، ولا يشترط وجود تناسب طردي بين زيادة شدة الإضاءة والحرارة، وإذا قبل القارئ بهذه المقدمة، فإنَّ ابن رشد يطلب منه أن يفهم حقيقة ما يحدث، وهو أنَّ التلازم بين الضوء والحرارة مُجرد ظنّ ظاهري، والسبب الحقيقي هو حركة أجزاء الهواء فهي المسئولة عن التسخين، ولكن الناس تعتقد أنَّ الضوء يحملُ الحرارة؛ لأنه عندما ينعكس شعاع الضوء تنعكس معه الحرارة، وإذا انكسر الضوء انكسرت الحرارة، وهي في الحقيقة مجرد حالةٍ عَرَضية وليست دائمة.
يتابع ابن رشد: «وإذا أنزلنا الأمر هكذا فلننظر على أي وجه يُمكن أن يكون هذا للمضيء بالعَرَض، فنقول: إنَّ الجسم المضيء لو كان ساخنًا لم يسخن، إذ ليس هو بخارا، وإنما يعرض له أن يسخن من قِبَل الحركة، كما يقول أرسطو، والحرارة الشائعة من قبل الحركة في المتسخن والسارية فيه تعرض للشُّعاع فيُظن ملازمتها الشعاع دائمًا أَنَّ الشعاع هو السبب في التسخين، وليس الأمر كذلك، بل ذلك بالعَرَض؛ أعني أنَّه حيث تكثر الإضاءة تكثر الحَرَارة، فيُظن أنَّ الإضاءة هي سبب الحرارة، وهذا النوع من الانكسار العارض للحرارة النارية في الهواء إنما عرض لها من قبل الحركة الحادثة في أجزاء الهواء عند تحريك الكواكب له، فتصير هذه الحرارة مُلازمةً للشعاع للمناسبة التي بينهما، فإذا استقام الشعاع استقامت هذه الحرارة، وإن انعكس الشعاع انعكست، فإن تحركت منعكسةً تضاعفت السخونة، وإن تحرّكت من مواضع كثيرة إلى موضع واحد، كالحال في المرآة المحرقة، كان الأمر كذلك.» 99
_________________________________
هوامش
98- ابن رشد، تلخيص الآثار العلوية، تحقيق: جمال الدين العلوي، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1994م، ص 32.
99 ابن رشد تلخيص الآثار العلوية، ص33.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|