أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-26
![]()
التاريخ: 2025-02-23
![]()
التاريخ: 2024-05-08
![]()
التاريخ: 23-10-2014
![]() |
لقد آل قوم يهودا يوماً إلى منتهى الضعف والذلة في الوقت الذي كان فيه عدوهم في أوج المنعة والعزة، إلا أن مجريات الأمور قد انقلبت بشكل جعل آل فرعون يتورطون بذات سوء العذاب الذي كانوا يسومون به بني إسرائيل، بل ابتلوا بعذاب هو أبشع من ذبح الأبناء؛ وذلك لأن الذبح يفضي إلى موت سريع بحيث ينال معه المذبوح الخلاص بسرعة في حين أن الغرق هو موت بطيء وهو من أشد أنواع الموت إيذاء (من أجل ذلك عد الغريق المسلم في حكم الشهيد) (1). فقد انعكست الأمور على نحو تجرع معه آل فرعون ذلة الغرق في البحر، وذلة حصول ذلك أمام أنظار بني إسرائيل وعلى مرأى منهم ومسمع.
هذه القضية هي من جهة - إتمام للحجّة وإنذار لليهود وبني إسرائيل في ذلك الزمان من أنكم إذا تشبهتم بالفرعونيين وفعلتم بالآخرين فعلتهم بكم، فسنصنع بكم نفس هذا الصنيع، ومن جهة أخرى هي إنذار ووعيد للجبابرة والمتسلطين من يهود هذا العصر من أنكم إذا سلكتم مع شعب فلسطين مسلك الفراعنة فلتعلموا أن السحر سرعان ما ينقلب على الساحر؛ كما انقلب تاريخ أجدادكم بغلبة بخت النصر وأهل الروم.
كما وفيه أيضاً دق لناقوس الخطر وتنبيه لمؤمني هذا العصر من أنكم إن انتهجتم سبيل الطغيان والفساد فإن تلك السنة القطعية لا تقبل الاستثناء وسيطالكم شررها أيضاً؛ كما ابتلي أسلافكم بعد رحيل النبي الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) - جراء ما أبدوه من الخيانة ونقض العهد وسلوك طريق الطغيان والفساد بجبابرة وسفاحين من أمثال حكام بني أمية وبني العباس. وبعبارة أخرى، ففي الوقت الذي تكون فيه رواية هذه المعجزة الجليلة والعظيمة من جانب الوحي وبواسطة النبي الأعظم مؤثرة بحيث تدخل السكينة في القلوب المتزلزلة المضطربة وتبعث الأمل والرجاء في نفوس جميع السائرين على نهجه المبارك بأنّكم إذا اتكلتم على الله عز وجل فإن القدرة الإلهية التي لا تزول سوف تُسعفكم على نحو معجز في أحلك الظروف وأشدها، فإنها تتوجه بالإنذار لهم بأن تنبهوا وتفطنوا إلى العاقبة المريرة والأليمة التي تنتظر أصحاب المعصية؛ فنحن قد أبدنا آل فرعون بما اجترحوه من الذنوب {فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} [الأنعام: 6] وإن ذات "سوء العذاب" الذي كانوا يمارسونه مع بني إسرائيل هو يُعرض الآن عليهم في عالم البرزخ صباحاً ومساءً على هيئة سوء العذاب أيضاً: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 45-46] وسيُبدل يوم القيامة إلى أشد العذاب: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] وهذا هو عين ما جاء في آيات أخرى من القرآن الكريم حيث تؤكد على أن مكر الماكرين سيعود عليهم، وما من عمل ينفصل عن عامله، وإن دسيسة السوء ستحيق بحائكها: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] استناداً لما مر من بيان فإن الاحتمال الذي ابتكره بعض المفسرين، والقائل بأن قوله: {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: 50] هي بمعنى "تنتظرون"؛ أي إنّكم أيضاً إذا لم تؤمنوا بالنبي الأكرم تكونون قد انتظرتم وتنتظرون نفس هذه العاقبة الشنيعة، يكون قابلاً للتبرير؛ وذلك لأن "النظر" قد استعمل بمعنى الانتظار في آيات من قبيل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] بالطبع إن مجيء "النظر" بمعنى الانتظار يكون في طول معناه الشائع، لا أن يُنفى المعنى الأصلي تماماً (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. دعائم الإسلام، ج 1، ص 280؛ وبحار الأنوار، ج 79، ص1، (ضمن شرح المؤلف).
2. راجع رحمة من الرحمن، ج 1، ص 135.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|