أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-17
1055
التاريخ: 2023-03-28
1175
التاريخ: 2023-04-06
1083
التاريخ: 2023-04-18
993
|
بمجرد استلام أبي بكر الخلافة، سلب فاطمة (عليها السلام) فدك (1). وقد روى عدد من المفسرين (كالسيوطي في الدر المنثور والثعلبي في كشف البيان) بالإضافة إلى علماء آخرین (كالذهبي في ميزان الاعتدال والمتقي الهندي في كنز العمال وابن كثير في تاريخه) أنَّه لما نزلت الآية: ﴿وآت ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) (2)، دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة فأعطاها فدكاً، وتوفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفدك بيد فاطمة (عليها السلام)، فسلبها أبو بكر فدك بحجة ما رواه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة). ويبدو أنَّ أبا بكر وعمر كانا يعلمان أنَّ عائدات فدك تُشكل خطراً على الخلافة الجديدة، لأنها ستتحوّل إلى مصدر مالي ضخم لأهل البيت (عليهم السلام) والمعارضة، وهذا أمر بالغ الخطورة بالنسبة إلى السُّلطة الجديدة. إذن لا بُدَّ من تجريد أهل البيت من هذا المصدر المالي، بعد أن تم تجريدهم من السلطة. والحقيقة أن فدكاً لم تكن إرثاً أصلاً حتى يُرَدّ على فاطمة (عليها السلام) بهذا الحديث المنسوب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل كانت فدك بيدها (عليها السلام) فعلاً وتحت سيطرتها. وفي فقه القضاء، إذا ادعى شخص أنَّ المال الذي بيدِ شخص آخر (ذي اليد) ملكه، ففي هذه الحالة يكون الأول هو المدعي، والثاني هو المنكر، والقاضي يطلب من المدعي إقامة البينة لإثباتِ مُدَّعاه. وفدك كانت بيدِ فاطمة (عليها السلام) السنين عديدة، وبالتالي هي ذات اليد لذا قالت: فدك نحلة لي، وقد وهبها رسول الله له لها. ويدعي أبو بكر الخليفة الجديد - بأنَّ فدكاً للمسلمين. حينئذ عليه أن يُثبت ذلك بإقامة البينة، لا أن يطالبها هي بالبينة على أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد وهبها لها (3). عندما انتزعت فدك من يد فاطمة (عليها السلام)، جاءت تطالب بها بعنوان آخر. جاءت تطالب بها بعنوان إرثها من أبيها. هنا ردَّ عليها أبو بكر بالحديث المنسوب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). لذا تقول الرواية عن عائشة:
«إنَّ فاطمة(عليها السلام) بنت النبي، أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا المال، وإني والله لا أُغير شيئاً من صدقة رسول الله له عن حالها التي كانت عليها في عهدِ رسول الله له وأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فلم تكلّمه حتى توفيت . . (4) . وقد ردت فاطمة (عليها السلام) على أبي بكر واستدلت على حقها بالقرآن، فالحديث المنسوب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مخالف لصريح القرآن، حيث قال تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَنُ وقد ردت داوود) (5)، وقال على لسان زكريا (عليه السلام): رب فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آل يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيَا) (6). وإن قيل إن المقصود بالتوريث في هاتين الآيتين توريث العلم والحكمة، لا توريث المال، فكيف الحال بالآية: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين (7)، والأصل في الآية وغيرها العُموم والتخصيص يحتاج إلى دليل. لذا يقول الإمام علي (عليه السلام) بألم: (بلى كانت في أيدينا فدك، من كل ما أظلَّته السَّماء، فشحت عليها نفوس قوم (= أبو بكر وعمر)، وسخت عليها نفوس آخرين (= فاطمة وعلي)، ونعم الحكم الله. وما أصنعُ بفدك وغير فدك، والنَّفْسُ مظانها في غدٍ إلى جدث (8). على أي حال عندما ولي معاوية بن أبي سفيان الخلافة، أقطع مروان بن الحكم ثلث فدك، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفان ثلثها، وأقطع يزيد بن معاوية ثلثها، وذلك بعد وفاة الحسن بن علي عليه السلام فلم يزالوا يتداولونها حتى خلصت كلها لمروان بن الحكم أيام خلافته فوهبها لعبد العزيز ابنه فوهبها عبد العزيز لابنه عمر بن عبد العزيز. فلما ولي عمر بن عبد العزيز الأمر، ردَّ فدك إلى ولد فاطمة، فلما ولي يزيد بن عاتكة قبضها منهم، فصارت في أيدي بني مروان كما كانت يتداولونها. فلما ولي أبو العباس السفاح ردها إليهم، ثم قبضها أبو جعفر المنصور لخلافه مع بني الحسن (عليه السلام)، ثم ردَّها ابنه المهدي على ولد فاطمة ثم قبضها موسى بن المهدي وهارون أخوه، فلم تزل في أيديهم حتى ولي المأمون وردّها على ولد فاطمة (9).
.......................................................................................
1- كانت فدك ملكاً خاصاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، فأهل خيبر تحصنوا، وسألوا رسول الله أن يحقن دماءهم ويُسيرهم، ففعل، فسمع ذلك أهل قدك، فنزلوا على مثل ذلك راجع: ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، مج 8، ج 10، 123، أيضاً راجع: البلاذري، البلدان فتوحها وأحكامها تحقيق د. سهيل زكار دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 1412هج - 1992م، بيروت، ص 35 - 40.
2- سورة الإسراء، الآية: 26
3- عندما طالبها أبو بكر بالبينة، جاءت (عليها السلام) بعلي (عليه السلام) فشهد، وجاءت بأم أيمن فشهدت أيضاً. وجاء عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف فشهدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسمها. أنظر: ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة مج 8، ج16، ص 126 - 127.
4- صحيح البخاري، كتاب المغازي، غزوة خيبر، صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، قول
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا نورث ما تركناه صدقة.
5- سورة النمل، الآية: 16.
6- سورة مريم، الآيتان: 5 ــ 6.
7- سورة النساء، الآية: 11
8- نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، (45)، ص 417.
9- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، مج 8، ج16، ص 127.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|