أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-7-2016
1394
التاريخ: 2023-04-16
1341
التاريخ: 14-7-2020
3448
التاريخ: 24/10/2022
1423
|
قال الله تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 84 - 86]، وما كان حزنه إلاّ عبادة الله تعالى لا جزعاً.
وروي أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان دائم الفكر، متواصل الحزن، وانّ الحزن من أوصاف الصالحين، وانّ الله يحب كلّ قلب حزين، وإذا أحب الله قلباً نصب فيه نائحة من الحزن، ولا يسكن الحزن إلاّ قلباً سليماً، وقلب ليس فيه الحزن خراب، ولو أنّ محزوناً كان في اُمة لرحم الله تلك الاُمة.
قال مصنف الكتاب: ليس العجب من أن يكون الإنسان حزيناً، بل العجب كيف يخلو من الحزن ساعة واحدة، وكيف لا يكون كذلك وهو يصبح ويمسي على جناح سفر بعيد، أوّل منازله الموت، ومورده القبر، مصدره القيامة، وموقفه بين يدي الله تعالى. أعضاؤه شهوده، وجوارحه جنوده، وضمائره عيونه، وخلواته عيانه، يمسي ويصبح بين نعمة يخاف زوالها، ومنيّة (1) يخاف حلولها، وبليّة لا يأمن نزولها، مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل، صريع بطنته، وعبد شهوته، وعريف زوجته، ومتعب في كل أحواله حتّى في أوقات لذّته، بين أعداء كثيرة: نفسه، والشيطان، والعمل (2)، والعائلة يطلبونه بالقوت، وحاسد يحسده، وجارٍ يؤذيه، وأهل يقطعونه، وقرين سوء يريد حتفه، والموت موجّه إليه، والعلل متقاطرة عليه.
ولقد جمع هذا كله مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: عين الدهر تطرف بالمكاره والناس بين أجفانه، والله لقد أفضح الدنيا نعيمها ولذّتها الموت، وما ترك لعاقل فيها فرحاً، ولا خلّى القيام بالحق للمؤمن في الدنيا صديقاً ولا أهلاً. ولا يكاد من يريد رضى الله تعالى وموالاته يسلم إلاّ بفراق الناس، ولزوم الوحدة والتفرّد منهم والبعد عنهم، كما قال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50]، أراد سبحانه بالفرار إليه اللجأ من الذنوب، والانقطاع عن الخلق، والاعتماد عليه في كل الأحوال، وما يكاد يعرف الناس من يقاربهم، والوحشة منهم تدل على المعرفة بهم.
وأوصى حكيم حكيماً فقال له: لا تتعرّف إلى من لا تعرف، فقال له: يا أخي أنا أزيدك في ذلك: وأنكر من تعرف لأنّه لا يؤذي الشخص من لا يعرفه.
والمعرفة بين الرجلين خطر عظيم لوجوه، منها قيام الحق بينهما، وحفظ كل واحد منهما جانب صاحبه في مواساته (3) ومؤازرته وعيادته في مرضه، وحفظه في غيبته برد غيبته، ويحفظه (4) في أهله بأحسن حفظه وخلفه ونصيحته له بعظة (5) وأن يريد له في كل أحواله كما يريد لنفسه.
وهذا ثقيل جسيم لا يكاد يقوم به إلاّ من أيّده الله بعصمته، والله لو لا الغفلة والجهل ما التذّ عاقل بعيش، ولا مهد فراشاً، ولا توق طعاماً، ولا طوى له ثوباً، وكان لا يزال مستوفراً قلقاً مقلقاً متململاً كالأسير في يد من يذبحه، وكذلك نحن مع ملك الموت في الدنيا كذئب الغنم، وملك الموت قصّابها.
من المصنّف:
... ومن عجب الدنيا أن يحثو المرء التراب على من يحب، ويعلم انّه عن قليل يُحثى عليه التراب كما حثاه على غيره وينسى ذلك، وأعجب من ذلك انّه يضحك والله تعالى يقول: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} [النجم: 59، 60]. وروي أنّه كان في الكنز الذي حفظه الله تعالى للغلامين: عجب (6) لمن أيقن بالموت كيف يفرح ويضحك، وعجب (7) لمن أيقن بالحساب كيف يذنب، وعجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجب لمن عرف الدنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئنّ إليها؟! وأعقل الناس وأفضلهم المحسن الخائف، وأحمقهم وأجهلهم مسيء آمِن (8).
وقال المصنّف: كنت في شبيبتي إذا دعوت بالدعاء المقدّم على صلاة الليل، ووصلت إلى قوله: "اللهم انّ ذكر الموت، وهول المطلع، والوقوف بين يديك نغّصني مطعمي ومشربي، وأغّصني (9) بريقي، وأقلقني عن وسادي، ومنعني رقادي" (10)، أخجل حيث لا أجد هذا كله في نفسي، فاستخرجت له وجهاً يخرجه عن الكذب، فأضمرت في نفسي انّي أكاد أن يحصل عندي ذلك. فلمّا كبرت السن، وضعفت القوة، وقربت سرعة (11) النقلة إلى دار الوحشة والغربة ما بقي يندفع هذا عن الخاطر، فصرت ربّما أرجو لا اُصبح إذا أمسيت، ولا اُمسي إذا أصبحت، ولا إذا مددت خطوة أن أتبعها اُخرى، ولا أن يكون في فمي لقمة أسيغها، فصرت أقول: "إلهي إذا ذكرت الموت وهول المطلع، والوقوف بين يديك نغّصني مطعمي ومشربي، وأغصّني بريقي، وأقلقني عن وسادي، ومنعني رقادي، ونغّص عليّ سهادي، وابتزّني راحة فؤادي. إلهي وسيدي ومولاي مخافتك أورثتني طول الحزن، ونحول الجسد، وألزمتني عظيم الهم والغم ودوام الكمد، واشغلتني عن الأهل والولد والمال والعبيد، وتركتني مسكيناً غريباً وحيداً، وان كنت بفناء الأهل والولد ما أحس بدمعة ترقأ من آماقي، وزفير يتردد بين صدري والتراقي.
سيدي فبرّد حزني ببرد عفوك، ونفّس غمّي وهمّي ببسط رحمتك ومغفرتك، فانّي لا آمن إلاّ بالخوف منك، ولا أعزّ إلاّ بالذل لك، ولا أفوز إلاّ بالثقة بك والتوكل عليك يا أرحم الراحمين وخير الغافرين".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|