أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-4-2022
1778
التاريخ: 20-10-2014
1780
التاريخ: 27-3-2022
2669
التاريخ: 2023-03-16
1119
|
الرمز المكتوب
وكما اهتدى الإنسان إلى لغته الشفوية بالأصوات التي تصدرها أشياء
الطبيعة، اهتدى إلى لغته المكتوبة أيضاً بمختلف الآثار الشكلية والحركية
التي تتركها هذه الأشياء.
والكتابة في المعنى اللساني الحديث تعبير عن اللغة المحكية بواسطة
إشارات خطية مكتوبة، وذلك لأغراض شتى منها حفظ الكلام الذي يزول
فور إلقائه شفوياً أو نقله إلى أماكن بعيدة عن المكان الذي ألقي فيه .
ويتناول اللغويون في أبحاثهم الصـوت اللغوي في انتقاله من
الشفاهة إلى الكتابة، ومن الآنية الزائلة إلى ديمومة الرمز المكتوب، فبينا تتم
عملية الكلام في الزمن، وتزول بمروره تأخذ الكتابة من المكان سنداً
يحفظها، وتغدو بذلك نظام تواصل ينتمي إلى الدرجة الثانية من بين أنظمة التواصل اللغوية .
وتظل الكتابة في نظر اللسانيين شكلا من أشكال التعبير اللغوي لا توجـد إلا بوجود الكلام المحكي، وفي معناها العام نظام سيميائي مرئي مكاني أي يرى بالعين، ويحتل حيزاً في المكان. .
وقـديماً كان اختراع الكتـابـة على أنواعها وسيلة وجدها الإنسان
لاستبدال القناة الهوائية التي تزول فور زوال التواصل بقنوات أخرى كتابية
( * ) هناك من يعتقد أن الكتابة وجدت قبل الكلام المحكي على هيئة تكسير الأغصان عند المرور في طريق ما، ولكن هذا الشكل الكتابي ليس هو المقصود هنا وإنها الكتابة الرامزة للمنطوق من الكلام .
101
أبين للعين وأطـول عمـراً، وقد كان لدراسة مختلف أنماط الكتابة التي
استعملها البشر في تاريخهم الطويل علاقة وطيدة مع دراسة الكلام المحكي
والحضارات التي أوجدتها وطورتها .
ويمكن التمييز بين نمطين عامين من أناط الكتابة عرفتها البشرية
في مختلف حقبات تاريخها، ولايزالان مستعملين حتى اليوم هما الكتابة
الرمزية والكتابة الصوتية ، واللذان يتعايشان معاً في هيئة
رسوم وأشكال حرفية تدل على الكليات المسموعة الدالة على ما في النفس العربية، ووسيلة للتعبير عن منطوق الحرف في لغة الضاد ساكنة كانت أو متحركة .
وتعتمد الكتابة الرمزية تدويناً خطياً لا يرجع إلى اللغة المحكية بل
يعتمد على علاقة رمزية مستقلة ،
، وهي تجمع أنظمة كتابية ذات طابع
استمراري ، وتخاطب النظر واللمس، وتتخذ عدة أشكال منها الترميز أو
التمثيل بالأشياء .
ثم نشأت بعد ذلك الكتابة الصوتية نتيجة استحالة تعميم استعمال
الرسم والتصوير، فكانت أولاً أسماء العلم، والمفاهيم المجردة بما فيها
الإعراب والتصريف، ويبدو أن الأصل التاريخي لهذا النوع من الكتابة يعود
جزئياً إلى لغة التواصل بالحركات .
والمبـدأ الأساسي للكتابة الصوتية هو الإشارة المكتوبة الواحدة
ترجع إلى وحدة لغوية ذات معنى هي المفردة المنطوقة ، وليس إلى التصويت
الذي لا يشترط ارتباط الكلمة بمعناها، وذلك قبل ظهور الحاجة للانتقال
إلى مرحلة أعلى من تحلل الكلام إلى مقاطع وأصوات .
كما يبدو أن الكتابتين الهجائية والمقطعية مرتبطتان تاريخياً فقد ظهرت
في بادىء الأمر الكتابة المقطعية عند الشعوب العربية في شرق المتوسط ثم
كتابة وسيطة هي الكتابة الصوامتية وعلى الأخص عند الفينيقيين إلى أن جاء
102
الإغريق، وكتبوا جميع الأصوات الصوامت منها والصوائت بشكل منظم ،
وذلك باستخدام الأحرف الفينيقية الممثلة للصوامت، فشكلوا بذلك أول
ألفباء بالمعنى الحصري للكلمة .
ولكن علماء اللغة في العصر الحديث شعروا بوجوب وجود نظام
إشارات كتابية دقيق أوفى وأكمل من كتابة الإغريق أنفسهم يدون جميع
أصوات اللغة، ويعطي لكل صوت إشارة، ولكل إشارة صوتاً، فكان أن
وضعوا عدة ألفباءات صوتية كان أهمها الألفباء الصوتي العالمي المتعارف
عليه حالياً.
ويجدر بنا استعراض تطور الكتابة منذ وجودها، وحتى ظهور الكتابة
العربية بشكلها الحالي، بما يفيد هذا البحث وبشكل موجز، ودون أن يعني
ذلك مجاراة لأولئك الذين يعتقدون بأن للحرف علاقة في تقدم الشعوب ،
لأن التقـدم تكمن أسراره في العقل والسلوك، وليس في شكـل الحـرف
المكتوب إطلاقاً.
ففي مرحلة التعبير بالإشارة، كان الإنسان القديم يقوم بوضع
علامات وإشارات تدل على حدوث شيء معين، وكان الناس يضعون
السيمة على أجسام الحيوانات لمعرفة ممتلكاتهم من خلال الكي أو التلوين
بينما كان الأفارقة على سبيل المثال يستعملون النار والدخان والطبول في
الإعلان عن بعض الأمور البالغة الأهمية .
وفي مرحلة الكتـابـة التصويرية، كان الإنسان القديم إذا أراد أن
يرسل إلى صديقه رسالة يعلمه فيها أنه ذاهب إلى صيد السمك، فانه يرسل
له صورة رجل بيده قصبة في رأسها شص، وهو متجه نحو بحيرة سمك، وقد
عاشت هذه الكتـابـة ردحاً من الزمن بين الجماعات الصيدية الصغيرة
كأسلوب بسيط للتخاطب .
103
أما في مرحلة الكتابة الرمزية، فقد كانت صورة الشمس المنبثق منها
النور ترمز إلى النهار، وصورة الرجل ويده في فمه ترمز إلى الجوع أي الكتابة
التي تعبر فيها الصورة عن كلمة بعينها، واستمرت إلى أن جاءت بعدها
مرحلة الكتابة المقطعية التي عبر فيها الرمز الواحد عن مقطع في الكلمة ،
وليس عن الكلمة كلها .
وكان الإنسان إذا أراد كتابة كلمة تبدأ بالمقطع يد كما في يدير ويدخل
ويدمر ويدلي الدلو ويدحر، فانه صورة يدويعتبرها مقطعأهجائياً لا
یراد به نفس اليد، وإنما يعبر عن صوت الياء والدال غير المعروفين بعد،
ولكن من الملاحظ أن هذه الأفعال جميعاً يستطيع الإنسان تأديتها باليد فهو
يدير الرحى ويدمر البيت ويدلي الدلو ويدحر الأعداء .
وظهـرت بـعـد ذلك الكتابة الأوائلية التي يأخذ الرسم فيها قيمة
الصوت الأول من الكلمة الذي يستعمل عند التدوين، وأصبحت صورة
الكلب ترمز إلى حرف الكاف، وصورة الغزال ترمز إلى حرف الغين وصورة
الطير ترمز إلى حرف الطاء، وانتهى رسم الألف الذي يعني ثوراً بأن يقرأ
«آ» وهو الصوت الأول من كلمة ألف الصوتية .
وتمثلت الكتابة الهجائية في الكتابة الصوامتية التي ظهرت بشكلها
الفني منذ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وأصبحت هذه الكتابة الحرفية
الهجائية هي الأكثر ملاءمة غيرها، إذ يتراوح عددها بين عشرين حرفاً
وأربعين حرفاً، ولكن لاتزال ملامح الوجه وحركات اليدين من الوسائل
المساعدة في تدعيم ما هو منطوق أثناء الحديث، ولازالت الألوان ترمز إلى
أمور تتعلق بالحياة العامة فالطير يرمز إلى الحرية، والأسد إلى القوة، والغزال
إلى السرعـة بالرغم من وجود هذا الطور الهجائي المتطور، ومن بعده
الألفبائي الأكثر تطوراً اللذين اعتمدا الأبجدية الفينيقية أساساً ككتابة ذات
أشكال خطية بسيطة الرسم، سهلة الاستعمال، ولكل حرف فيها اسمه
الخاص به .
|
|
للتخلص من الإمساك.. فاكهة واحدة لها مفعول سحري
|
|
|
|
|
العلماء ينجحون لأول مرة في إنشاء حبل شوكي بشري وظيفي في المختبر
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يحتفي بإصدار العدد الألف من نشرة الكفيل
|
|
|