تطلق مفردة الوصية في اللغة ويراد من وراء ذلك الإطلاق معان متعددة، فإما أن يراد منها الفعل الذي قام به الموصي وهو الوصية، أو يقصد به ما يعرف قانونا بالمحل وهو تلك الأعيان الموصى بها.

وهي في الأول (فعل) الموصي مصدراً مشتقاً من الفعل الماضي وصى مثل القول : وصيت الشيء بآخر  (1).

كما في قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ۚ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قربى ۙ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الْآثِمِينَ ))(2).

 أما في الثاني وهو محل الوصية أي الأعيان الموصى بها، فتكون اسم المفعول به كما في قوله تعالى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) (3).

وهنا جاءت الوصية لتدل على ما وقع عليه الفعل وهو الأعيان الموصى بها.

لذلك نجد أنَّ الكثيرون من فقهاء اللغة من لم يفرقوا بين مصطلحا الوصية والتي يراد بها التمليك و الايصاء الذي يراد به العهد بعمل معين بل ويرونهما متشابهان حد التطابق؛ وذلك راجع إلى عدم تفريقهم بين "الفعل المتعدي باللام" و "الفعل المتعدي بـ (إلا) حيث أنَّ كلاهما يطلقان على الوصية سواء كانت تلك الوصية عهدية أم تمليكيه، فعرفوا الوصية بأنَّها : اسم مشتق من الفعل وصى يصي أو وصى يوصي أو أوصي يوصي وهي أفعال دالة على الوصل فيقال وصت الأرض أي اتصل نباتها فهي واصية

قال ذو الرمة : نصي الليل بالأيام حتى صلاتنا        مقاسمة يشتق أنصافها السفر (4).

ومنها أيضاً : أوصيت أي دخلت في الواصي ، ووصت الأرض وصيا و وصاء ووصاة وكلُّ ذلك اتصل نباتها ببعضه فهي واصية (5).

________

1- أبو القاسم محمود بن عمرو بن احمد الزمخشري ، أسس البلاغة، ط 1، ج 2،ص340 ، الناشر دار الكتب العلمية بيروت 1998م .

2- سورة المائدة الآية 106 .

3-  سورة النساء الآية 12.

4- محمد بن مكرم بن على أبو الفضل جمال الدين ابن منظور الأنصاري الأفريقي ، لسان العرب ، ط 2، ج 15، ص22  الناشر دار صادر بيروت 1414 هـ.

5- محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، ج 15، ص 393 ، مصدر سابق.