المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8830 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
لا عبادة كل تفكر
2024-04-27
معنى التدليس
2024-04-27
معنى زحزحه
2024-04-27
شر البخل
2024-04-27
الاختيار الإلهي في اقتران فاطمة بعلي (عليهما السلام)
2024-04-27
دروس من مدير ناجح
2024-04-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


من تراث الإمام الرضا ( عليه السّلام )  
  
1074   01:50 صباحاً   التاريخ: 2023-03-25
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 10، ص236-247
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن موسى الرّضا / التراث الرضوي الشريف /

إن الثروة العلمية الهائلة التي قدّمها الإمام الرضا ( عليه السّلام ) للعالم الإسلامي بل للعالم الإنساني عامة ولأتباع أهل البيت خاصة قد شملت ألوان العلوم والمعارف من فلسفة وكلام وطب وفقه وتفسير وتاريخ وتربية وآداب وسياسة واجتماع . . .

وقد أتاح المأمون من حيث لا يشعر فرصة ذهبية لظهور علم الإمام ( عليه السّلام ) وبروزه إلى الساحة الاجتماعية وتحدّيه لكل العلماء الذين جمعهم لتضعيف الإمام وتسقيطه من خلال المواجهة العلمية التي جمع من أجلها علماء الفرق والأديان .

وقد عرفنا كيف استجاب علماء الفرق والمذاهب الاسلامية لدعوة المأمون حتى طرحوا أعقد الأسئلة على الإمام ( عليه السّلام ) تحقيقا لرغبة المأمون ، فسألوه عمّا كان غامضا لديهم ، وقد روى المؤرخون أن ما طرح على الإمام ( عليه السّلام ) يبلغ أكثر من عشرين ألف مسألة في مختلف أبواب المعرفة فأجابهم الإمام ( عليه السّلام ) على جميعها ؛ متحدّيا جبروت المأمون والعباسيين خاصة وسائر من يجهل فضل أهل البيت ( عليهم السّلام ) عامّة .

كما أثرت عن الإمام الرضا ( عليه السّلام ) سوى هذه الاحتجاجات مجموعة من النصوص التي نصّ عليها المعنيّون بالتراجم ، مثل ( طب الإمام الرضا ( عليه السّلام ) ) ، و ( مسند الإمام الرضا ( عليه السّلام ) )[1] ، أو ( صحيفة الإمام الرضا ( عليه السّلام ) ) أو صحيفة أهل البيت والمعبّر عنها بالرضويات ، و ( رسالة جوامع الشريعة ) ، كما نسب إليه أيضا كتاب فقهي عرف ب ( فقه الرضا ( عليه السّلام )[2].

إنّ حديث سلسلة الذهب هو الحديث الذي رواه الإمام الرضا ( عليه السّلام ) عن آبائه المعصومين عن جدّهم سيد المرسلين عن جبرائيل عن ربّ العزّة سبحانه وتعالى ونصّه هو :

« لا إله إلّا اللّه حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي » .

قال أحمد بن حنبل عن مثل سند هذا الحديث : « وهذا إسناد لو قرئ على المجنون لأفاق »[3].

ثم إنّ النصوص التي جمعت في مسند الإمام الرضا ( عليه السّلام ) تناهز الألفين ، وتتنوّع على مجالات شتى ، فالعقائد والفقه والاخلاق والتفسير والتاريخ والاحتجاجات هي أهم الموضوعات التي رتب على أساسها المسند ، ولكن المجالات المعرفية التي اهتمت بها نصوص الإمام ( عليه السّلام ) لا تنحصر في هذه الأبواب .

على أنا نلاحظ اهتماما خاصا بأصول العقيدة والشريعة ولا سيّما قضايا الإمامة بتفاصيلها الكثيرة التي قد نالت اهتماما خاصا كما نلاحظه في هذه النصوص[4] وقد تصدى الإمام ( عليه السّلام ) في هذه النصوص إلى سدّ كل الطرق والمنافذ ردّا على المذاهب والفرق الأخرى التي ابتعدت عن مذهب أهل البيت ( عليهم السّلام ) بشكل أو آخر .

فاحتجاجات الإمام ( عليه السّلام ) صريحة وصارخة في محتواها ولا تجد فيها أي مجال للتقية أو الاقتصار على طرح بعض الحقائق التاريخية دون بعض ، بل نجد الإمام ( عليه السّلام ) يدخل الساحة العقائدية المذهبية بكل ثقله وهو يعلم بأن القتل في سبيل المبدأ والاغتيال الذي ينتظره هو آخر الخطّ . وإنّه يدخل معترك الصراع بكل أبعاده ليقرر حقيقة المذهب وأدلّته ومبررات وجوده وانه هو الخط الوحيد الذي يمثّل رسالة اللّه في الأرض وانه امتداد خط الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) دون سواه .

وإليك بعض ما اخترناه من تراثه ( عليه السّلام ) كنموذج للدلالة على عظمة هذا التراث وتنوع أغراضه ومجالاته .

في رحاب العقل والعلم والمعرفة

1 - « العقل حباء من اللّه والأدب كلفة ، فمن تكلّف الأدب قدر عليه ومن تكلّف العقل لم يزدد الّا جهلا »[5].

2 - « ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم ، وإنّما العبادة التفكّر في أمر اللّه عزّ وجل »[6].

3 - « ما استودع اللّه عبدا عقلا الّا استنقذه به يوما »[7].

في رحاب القرآن الكريم

1 - عن الحسين بن خالد ، قال : قلت للرّضا علي بن موسى ( عليهما السّلام ) : يا ابن رسول اللّه أخبرني عن القرآن أخالق أو مخلوق ؟ فقال : « ليس بخالق ولا مخلوق ، ولكنّه كلام اللّه عزّ وجل »[8].

2 - عن الريّان بن الصلت ، قال قلت للرضا ( عليه السّلام ) : ما تقول في القرآن ؟

فقال : « كلام اللّه لا تتجاوزوه ، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا »[9].

3 - عن أبي حيون مولى الرضا ( عليه السّلام ) ، قال : « من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم » ، ثم قال : « إنّ في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا »[10].

4 - ذكر الرضا ( عليه السّلام ) يوما القرآن فعظّم الحجّة فيه والآية والمعجزة في نظمه ، فقال : « هو حبل اللّه المتين ، وعروته الوثقى وطريقته المثلى ، المؤدّي إلى الجنّة ، والمنجي من النار ، لا يخلق على الأزمنة ولا يغثّ على الألسنة ، لأنه لم يجعل لزمان دون زمان ، بل جعل دليل البرهان والحجّة على كل إنسان لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد »[11].

في رحاب التوحيد

1 - سأله رجل عن الدليل على حدوث العالم فقال : « أنت لم تكن ثمّ كنت وقد علمت أنّك لم تكوّن نفسك ولاكوّنك من هو مثلك »[12].

2 - جاء رجل إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السّلام ) من وراء نهر بلخ ، فقال : « إني أسألك عن مسألة فإن أجبتني فيها بما عندي قلت بإمامتك ، فقال أبو الحسن ( عليه السّلام ) سل عما شئت ، فقال : أخبرني عن ربك متى كان ؟ وكيف كان ؟

وعلى أي شيء كان اعتماده ؟

فقال أبو الحسن ( عليه السّلام ) : إنّ اللّه تبارك وتعالى أيّن الأين بلا أين ، وكيّف الكيف بلا كيف ، وكان اعتماده على قدرته ، فقام إليه الرجل فقبّل رأسه وقال : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه وأنّ عليا وصيّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) والقيّم بعده بما قام به رسول اللّه ، وأنكم الأئمة الصادقون وأنك الخلف من بعدهم »[13].

3 - حدثنا الحسين بن بشار ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا ( عليهما السّلام ) فقال : سألته أيعلم اللّه الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون ؟ أو لا يعلم إلّا ما يكون ؟ فقال : « إنّ اللّه تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء .

4 - عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : قلت : لأبي الحسن الرضا ( عليه السّلام ) :

روينا أن اللّه علم لا جهل فيه ، حياة لا موت فيه ، نور لا ظلمة فيه ، قال :

« كذلك هو »[14].

في رحاب النبوة والأنبياء

1 - قال ابن السكيت لأبي الحسن الرضا ( عليه السّلام ) لماذا بعث اللّه عزّ وجلّ موسى بن عمران بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر وبعث عيسى ( عليه السّلام ) بالطب وبعث محمدا ( صلّى اللّه عليه واله ) بالكلام والخطب ؟

فقال له أبو الحسن ( عليه السّلام ) : « إنّ اللّه تبارك وتعالى لما بعث موسى ( عليه السّلام ) كان الأغلب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند اللّه عز وجلّ بما لم يكن في وسع القوم مثله ، وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم وإنّ اللّه تبارك وتعالى بعث عيسى ( عليه السّلام ) في وقت ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند اللّه عزّ وجل بما لم يكن عندهم مثله وبما أحيا لهم الموتى وأبرأ لهم الأكمه والأبرص بإذن اللّه وأثبت به الحجة عليهم .

وإنّ اللّه بعث محمدا ( صلّى اللّه عليه واله ) في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب والكلام [ وأظنه قال : ] والشعر ، فأتاهم من كتاب اللّه عز وجلّ ومواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجة عليهم ، فقال ابن السكيت : تاللّه ما رأيت مثلك اليوم قطّ ، فما الحجة على الخلق اليوم ؟ فقال ( عليه السّلام ) : العقل يعرف به الصادق على اللّه فيصدّقه والكاذب على اللّه فيكذّبه » فقال ابن السكيت هذا واللّه الجواب[15].

2 - وعن أبي الحسن الرضا ( عليه السّلام ) : « إنما سمي أولوا العزم ، اولي العزم لأنهم كانوا أصحاب الشرايع والعزايم وذلك أنّ كل نبي بعد نوح ( عليه السّلام ) كان على شريعته ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل ( عليه السّلام ) .

وكل نبي كان في أيام إبراهيم وبعده كان على شريعته ومنهاجه ، وتابعا لكتابه إلى زمن موسى ( عليه السّلام ) وكل نبي كان في زمن موسى وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى أيام عيسى ( عليه السّلام ) وكل نبي كان في أيام عيسى ( عليه السّلام ) وبعده كان على منهاج عيسى وشريعته وتابعا لكتابه إلى زمن نبينا محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) فهؤلاء الخمسة أولوا العزم فهم أفضل الأنبياء والرسل . وشريعة محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) لا تنسخ إلى يوم القيامة ولا نبي بعده إلى يوم القيامة ، فمن ادّعى بعده النّبوّة أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه »[16].

في رحاب الإمامة والأئمّة

1 - عن عبد العزيز بن مسلم قال : كنّا مع الرضا ( عليه السّلام ) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا اكثرة اختلاف الناس فيها ، فدخلت على سيّدي ( عليه السّلام ) فأعلمته خوض الناس فيه ، فتبسم ( عليه السّلام ) ثمّ قال : « يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم ، ان اللّه عزّ وجلّ لم يقبض نبيه ( صلّى اللّه عليه واله ) حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء ، بيّن فيه الحلال والحرام ، والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج اليه الناس كملا ، فقال عزّ وجلّ : ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ[17]  ، وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره ( صلّى اللّه عليه واله ) : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً[18]  وأمر الإمامة من تمام الدين ، ولم يمض ( صلّى اللّه عليه واله ) حتى بيّن لامّته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق وأقام لهم عليا ( عليه السّلام ) علما واماما ، وما ترك [ لهم ] شيئا يحتاج اليه الأمة إلّا بيّنه ، فمن زعم أن اللّه عزّ وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب اللّه ، ومن رد كتاب اللّه فهو كافر به .

هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم ، إنّ الإمامة أجلّ قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم ، إنّ الإمامة خص اللّه عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل ( عليه السّلام ) بعد النبوة والخلّة مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره ، فقال : إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً[19] فقال الخليل ( عليه السّلام ) سرورا بها : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قال اللّه تبارك وتعالى : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ، ثم أكرمها اللّه تعالى بأن جعلها في ذريّته أهل صفوة والطهارة فقال :

وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ * وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ[20]

فلم تزل في ذرّيته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورّثها اللّه تعالى النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) ، فقال جلّ وتعالى : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [21] فكانت له خاصّة فقلّدها ( صلّى اللّه عليه واله ) عليّا ( عليه السّلام ) بأمر اللّه تعالى على رسم ما فرض اللّه ، فصارت في ذرّيته الأصفياء الذين آتاهم اللّه العلم والإيمان بقوله تعالى : وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ[22] فهي في ولد عليّ ( عليه السّلام ) خاصّة إلى يوم القيامة ؛ إذ لا نبي بعد محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) فمن أين يختار هؤلاء الجهّال .

إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء ، وإرث الأوصياء ، انّ الإمامة خلافة اللّه وخلافة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) ومقام أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وميراث الحسن والحسين ( عليهما السّلام ) ، انّ الإمامة زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين ، انّ الإمامة اس الاسلام النامي ، وفرعه السامي ، بالامام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد ، وتوفير الفيء والصدقات ، وامضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف .

الإمام يحلّ حلال اللّه ، ويحرّم حرام اللّه ويقيم حدود اللّه ويذبّ عن دين اللّه ، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، والحجة البالغة ، الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار ، الإمام البدر المنير ، والسّراج الزاهر ، والنور الساطع ، والنجم الهادي في غياهب الدجى وأجواز البلدان والقفار ، ولجج البحار ، الإمام الماء العذب على الظماء ، والدالّ على الهدى والمنجي من الردى ، الإمام النار على اليفاع ، الحارّ لمن اصطلى به والدليل في المهالك من فارقه فهالك ، الإمام السحاب الماطر ، والغيث الهاطل ، والشمس المضيئة ، والسماء الظليلة ، والأرض البسيطة ، والعين الغزيرة ، والغدير والروضة .

الإمام الأنيس الرفيق ، والوالد الشفيق ، والأخ الشقيق ، والامّ البرّة بالولد الصغير ، مفزع العباد في الداهية ، الإمام أمين اللّه في خلقه وحجته على عباده وخليفته في بلاده ، والداعي إلى اللّه ، والذاب عن حرم اللّه .

الإمام المطهّر من الذنوب ، والمبرأ من العيوب ، المخصوص بالعلم ، الموسوم ، بالحلم ، نظام الدين ، وعزّ المسلمين ، وغيظ المنافقين ، وبوار الكافرين[23].

2 - عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه عن آبائه ( عليهم السّلام ) قال : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ، ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل اللّه المتين فليوال عليا بعدي ، وليعاد عدوّه وليأتمّ بالأئمة الهداة من ولده فإنهم خلفائي وأصيائي ، وحجج اللّه على الخلق بعدي وسادة أمتي وقادة الأتقياء إلى الجنة ، حزبهم حزبي وحزبي حزب اللّه ، وحزب أعدائهم حزب الشيطان[24].

3 - عنه ( رحمه اللّه ) - بهذا الاسناد قال : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « يا علي أنت أخي ووزيري ، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة ، وأنت صاحب حوضي ، من أحبّك أحبّني ومن أبغضك أبغضني[25].

في رحاب الغدير 

روي عن أبي الحسن الرضا في يوم الغدير أنه قال : « وهو يوم التهنئة يهنّئ بعضكم بعضا فإذا لقى المؤمن أخاه يقول : الحمد للّه الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين والأئمة ( عليهم السّلام ) ، وهو يوم التبسّم في وجوه الناس من أهل الإيمان فمن تبسّم في وجه أخيه يوم الغدير نظر اللّه إليه يوم القيمة بالرحمة ، وقضى له ألف حاجة ، وبنى له قصرا في الجنة من درّة بيضاء ونضر وجهه .

وهو يوم الزينة فمن تزيّن ليوم الغدير غفر اللّه له كلّ خطيئة عملها ، صغيرة وكبيرة وبعث اللّه إليه ملائكة يكتبون له الحسنات ، ويرفعون له الدرجات إلى قابل مثل ذلك اليوم ، فإن مات مات شهيدا ، وإن عاش سعيدا ، ومن أطعم مؤمنا كان كمن أطعم جميع الأنبياء والصدّيقين ومن زار فيه مؤمنا أدخل اللّه قبره سبعين نورا ووسع في قبره ويزور قبره كلّ يوم سبعون ألف ملك ويبشّرونه بالجنة .

وفي يوم الغدير عرض اللّه الولاية على أهل السماوات السّبع ، فسبق إليها أهل السماء السابعة فزيّن بها العرش ، ثمّ سبق إليها أهل السّماء الرابعة ، فزيّنها بالبيت المعمور ، ثمّ سبق إليها أهل السماء الدنيا فزيّنها بالكواكب ثمّ عرضها على الأرضين فسبقت مكة فزيّنها بالكعبة ثمّ سبق إليها المدينة فزيّنها بالمصطفى محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) ، ثم سبقت إليها الكوفة فزيّنها بأمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وعرضها على الجبال فأوّل جبل أقرّ بذلك ثلاثة أجبل : العقيق وجبل الفيروزج وجبل الياقوت فصارت هذه الجبال جبالهن وأفضل الجواهر .

في رحاب فقه الإمام الرضا ( عليه السّلام )

إن التراث الفقهي للإمام الرضا ( عليه السّلام ) يتمثل في النصوص الفقهية التي وصلتنا بشكل مسند . فالعبادات المتمثلة في الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج والزيارة تبلغ عدد النصوص الواصلة عنه ( 437 ) نصا . ونصوص النكاح والطلاق تبلغ ( 162 ) نصا ونصوص المعيشة والعيد والأطعمة والأشربة تبلغ ( 255 ) نصا ونصوص التجمل ( 82 ) نصا والجهاد ( 12 ) نصا والحدود والديات والقضاء والشهادة تبلغ ( 39 ) نصا والأيمان والنذور والوصايا والجنائز والمواريث تبلغ ( 62 ) نصا ويبلغ مجموع هذه النصوص الفقهية حوالي ( 1049 ) نصا وهذا الحجم يشكل أكثر من نصف النصوص التي وصلتنا عنه ( عليه السّلام ) حيث احصيناها وبلغت حوالي ( 2033 ) نصا .

وفي هذا دلالة واضحة على مدى الاهتمام الذي بذله الإمام ( عليه السّلام ) لإحكام قواعد وأصول مدرسة أهل البيت الفقهية[26].

في رحاب مواعظه وقصار كلماته

1 - قال الرضا ( عليه السّلام ) : « لا يكون المؤمن مؤمنا حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنّة من ربّه وسنّة من نبيّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وسنّة من وليّه ( عليه السّلام ) . فأما السنّة من ربّه فكتمان السرّ . أمّا السنّة من نبيّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فمداراة الناس . وأمّا السنّة من وليّه ( عليه السّلام ) فالصبر في البأساء والضراء » .

2 - وقال ( عليه السّلام ) : « صاحب النعمة يجب أن يوسّع على عياله » .

3 - وقال ( عليه السّلام ) : « من أخلاق الأنبياء التّنظّف » .

4 - وقال ( عليه السّلام ) : « لم يخنك الأمين ، ولكن ائتمنت الخائن » .

5 - وقال ( عليه السّلام ) : « إذا أراد اللّه أمرا سلب العباد عقولهم ، فأنفذ أمره وتمّت إرادته .

فإذا أنفذ أمره ردّ إلى كل ذي عقل عقله ، فيقول : كيف ذا ومن أين ذا » .

6 - وقال ( عليه السّلام ) : « الصمت باب من أبواب الحكمة ، إنّ الصمت يكسب المحبّة ، إنّه دليل على كل خير » .

7 - وقال ( عليه السّلام ) : « التودّد إلى الناس نصف العقل » .

8 - وقال ( عليه السّلام ) : « إنّ اللّه يبغض القيل والقال وإضاعة المال وكثرة السؤال » .

9 - وسئل عن خيار العباد ؟ فقال ( عليه السّلام ) : « الذين إذا أحسنوا استبشروا . وإذا أساؤا استغفروا ، وإذا أعطوا شكروا ، وإذا ابتلوا صبروا ، وإذا غضبوا عفوا » .

10 - وسئل ( عليه السّلام ) عن حد التوكّل ؟ فقال ( عليه السّلام ) : « أن لا تخاف أحدا إلّا اللّه » .

11 - وقال ( عليه السّلام ) : « من السنّة إطعام الطعام عند التزويج » .

12 - وقال ( عليه السّلام ) : « الإيمان أربعة أركان : التوكل على اللّه ، والرضا بقضاء اللّه ، والتسليم لأمر اللّه ، والتفويض إلى اللّه ، قال العبد الصالح : وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ . . . * فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا[27].

13 - وقال ( عليه السّلام ) : « صل رحمك ولو بشربة من ماء . وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها وقال في كتاب اللّه : لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى »[28].

14 - وقال ( عليه السّلام ) : « إنّ من علامات الفقه : الحلم والعلم ، والصمت باب من أبواب الحكمة إنّ الصمت يكسب المحبّة ، إنّه دليل على كل خير » .

15 - وقال ( عليه السّلام ) : « إنّ الذي يطلب من فضل يكفّ به عياله أعظم أجرا من المجاهد في سبيل اللّه » .

16 - وقيل له : كيف أصبحت ؟ فقال ( عليه السّلام ) : « أصبحت بأجل منقوص ، وعمل محفوظ ، والموت في رقابنا ، والنار من ورائنا ، ولا ندري ما يفعل بنا » .

ونكتفي بهذه الجولة السريعة في رحاب تراثه الثرّ الذي لازال ينبوعا فيّاضا بالعلوم والمعارف الربّانية التي تأخذ المتفقّه فيها إلى منازل السعداء .

 


[1] يشتمل المسند على ( 240 ) حديثا رواها عنه ( عليه السّلام ) عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي .

[2] اختلف الأصحاب في صحة انتسابه إلى الإمام ( عليه السّلام ) على أقوال ثلاثة ، راجع عبد الهادي الفضلي ، تاريخ التشريع الإسلامي : 175 .

[3] مناقب آل أبي طالب : 3 / 433 وعنه في بحار الأنوار : 48 / 107 وأعيان الشيعة : 1 / 100 .

[4] تبلغ نصوص الإمامة حوالي 500 نص ويضاف إليها ما جاء في احتجاجاته التي دارت حول الإمامة وما جاء في كتابي الاصطفاء والنبوة والأدعية وتفسير القرآن مما يرتبط بالإمامة فيها فتكون حجما هائلا بالقياس إلى ما سواها فهي تشكّل ربع تراث الإمام تقريبا .

[5] الكافي : 1 / 24 .

[6] الكافي : 2 / 55 .

[7] أمالي الطوسي : 1 / 55 .

[8] التوحيد : 223 .

[9] التوحيد : 223 ، والأمالي : 226 .

[10] عيون أخبار الرضا : 1 / 290 .

[11] عيون أخبار الرضا : 2 / 130 .

[12] التوحيد : 293 .

[13] الكافي : 1 / 88 .

[14] التوحيد : 138 .

[15] علل الشرايع : 1 / 115 ، والعيون : 2 / 79 .

[16] عيون الأخبار : 2 / 80 .

[17] الأنعام ( 6 ) : 38 .

[18] المائدة ( 5 ) : 3 .

[19] البقرة ( 2 ) : 124 .

[20] الأنبياء ( 21 ) : 72 - 73 .

[21] آل عمران ( 3 ) : 68 .

[22] الروم ( 30 ) : 56 .

[23] راجع تمام الحديث في : من لا يحضره الفقيه : 4 / 300 ، والخصال : 527 ، وعيون أخبار الرضا : 1 / 212 .

[24] أمالي الصدوق : 13 .

[25] أمالي الصدوق : 37 .

[26] راجع في ذلك مسند الإمام الرضا : 2 / 155 .

[27] أراد ( عليه السّلام ) بالعبد الصالح مؤمن آل فرعون والآية في سورة غافر ( 40 ) : 44 - 45 .

[28] البقرة ( 2 ) : 266 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






قسم الشؤون الفكرية يقيم برنامج (صنّاع المحتوى الهادف) لوفدٍ من محافظة ذي قار
الهيأة العليا لإحياء التراث تنظّم ورشة عن تحقيق المخطوطات الناقصة
قسم شؤون المعارف يقيم ندوة علمية حول دور الجنوب في حركة الجهاد ضد الإنكليز
وفد جامعة الكفيل يزور دار المسنين في النجف الأشرف