أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-27
1018
التاريخ: 25-3-2021
2185
التاريخ: 11-7-2016
7923
التاريخ: 17-5-2016
4890
|
إن فيزياء القرن العشرين مبنية على نظريتين ثوريتين؛ النسبية وميكانيكا الكم. وهما تشكلان ركيزتين أساسيتين يستند عليهما وصفنا للكون. بدأت ميكانيكا الكم كنظرية للمادة على المستويين الذري ودون الذري، لكن أغلب الفيزيائيين يؤمنون أنها تنطبق على كل شيء، بما في ذلك الفضاء والزمان على جميع المستويات ومع ذلك فإن الآثار الجلية لميكانيكا الكم تتبدى بالأساس على المستوى الميكروسكوبي. (الاستثناء الملحوظ لهذا هو البنية الضخمة للكون الظاهرة للعيان دون شك!)
بدأت نظرية الكم عام 1900 حين اقترح ماكس بلانك أنه حين ينبعث الإشعاع الحراري من جسم ساخن، فسيخرج فقط على صورة حزم منفصلة صغيرة، أو «كمات». توسع أينشتاين في هذه الفكرة بحيث تشمل فوتونات الضوء التي عاملها كما لو كانت جسيمات ضئيلة. ومع ذلك، فإن الإشعاع الكهرومغناطيسي كالحرارة والضوء معروف عنه أيضًا أنه يتصرف كالموجات، وعلى هذا ألمحت تلك الأفكار الكمية المبكرة، على نحو مستغرب، إلى أن الضوء يمكن أن يتصرف كالجسيمات وكالموجات في الوقت ذاته، وهو ما سبب الكثير من الارتباك في العشرينيات وجد أن جسيمات المادة على غرار الإلكترونات يمكنها أن تظهر هي الأخرى خصائص موجية. وقد صار جليًّا أن الطبيعة الفعلية للمادة على المستوى الذري تتسم بالغرابة وأن ازدواجية الجسيم / الموجة كانت ملمحاً أساسيًا للمادة. إن الجانب الذي تظهره المادة - الموجي أو الجسيمي - كان يعتمد على التجربة المجراة أو الملاحظة المرصودة. ليس من الممكن أن نحدد بشكل عام هل الفوتون أو الإلكترون (أو البروتون أو النيوترون ...) هو في «حقيقته» موجة أو جسيم؛ لأنه قادر على التصرف كالاثنين. يرتبط بهذا الإبهام أحد المبادئ الأساسية التي تقوم عليها ميكانيكا الكم ويسمى مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج Heisenberg's Uncertainty Principle. يمنع هذا المبدأ أي جسم كمي من امتلاك مجموعة كاملة من الخصائص الفيزيائية في أي وقت بعينه في الحياة العادية يمكننا أن نعزو لأي جسم كرة مثلا عددًا من الخصائص على غرار الموضع والسرعة ومعدل الدوران والطاقة. تحمل الجسيمات دون الذرية، كالإلكترونات، خصائص مماثلة، لكن لا يمكنها جميعًا أن تأخذ قيما محددة في الوقت ذاته. قد نستطيع تحديد موضع أحد الإلكترونات في نقطة محددة من المكان، وبهذا ننسب له موضعًا محددًا، لكن وقتها، وفق مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج، لا يمكننا أيضًا أن نحدد حركته تحديدًا قاطعًا. وبالمثل، قد نحدد سرعة الإلكترون، لكن لن نستطيع وقتها تحديد موضعه بدقة. إن مقدار هذا التفاوت ليس اعتباطيًّا، بل هو محدد بدقة وفق مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج. إن مقدار عدم اليقين الكمي هذا واضح بصورة جلية على المستويات الذرية ودون الذرية للجسيمات، حيث أنه يصير أقل أهمية بكثير في أنظمة أكبر حجمًا أو أكثر تعقيدًا. إن التأثيرات الكمية محددة وفق معامل ثابت يعرف بـ «ثابت بلانك»، ويرمز له بالحرف (h). وهو أحد ثوابت الفيزياء إلى جوار سرعة الضوء (c) وثابت الجاذبية لنيوتن (G).
أغلب الفيزيائيين يرون أن عدم اليقين الكمي سمة متأصلة في المادة وليس راجعا إلى الجهل البشري أو الخطأ في القياس. يمكن التعبير عن ذلك بأن نقول إنه حتى الإلكترون نفسه غير متيقن من خصائصه. وعلى هذا لا يمكن تحسين عدم اليقين الكمي عن طرق النظر بجدية أكبر، وهو في هذا الصدد يعد على النقيض من الصدفة العشوائية الموجودة في لعبة الروليت مثلا أو حركة أسهم سوق المال، فأسعار الأسهم المتقلبة لها أسبابها الكامنة، وإذا بدا لنا أنها تتحرك حركة عشوائية لا يمكن التنبؤ به فهذا يرجع إلى أن البشر لا يملكون كل المعلومات التي يحتاجونها لحساب كيفية تقلبها. على العكس، لا يمكن تفتيت العشوائية الكمية، بمعنى أن العمليات الكمية عفوية بصورة ما؛ أي تحدث دون سبب محدد.
من الممكن أحيانًا تصور عدم اليقين الكمي، من خلال خاصية التفاوتات. يمكن أن يفكر المرء في إحدى الخصائص، مثل موضع الإلكترون، على أنها تتسم بالتفاوت؛ حيث يتذبذب الإلكترون بحرية بصورة غير متوقعة. جميع الكميات القابلة للقياس عرضة للتفاوتات الكمية، وذلك حتى الحد الذي قرره مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج. من تبعات ذلك أنه يمكن لموقفين متماثلين أن يأتيا بنتائج مختلفة تمامًا. على سبيل المثال، تخيل إطلاق أحد الإلكترونات مباشرة صوب إحدى الذرات، قد يرتد عنها إلى اليمين أو اليسار باحتمالات متساوية. فإذا أجريت التجربة اليوم فقد يرتد إلى اليسار، لكن من الممكن أن تجري التجربة غدًا، تحت ظروف مماثلة، ويرتد الإلكترون وقتها إلى اليمين.
مع أن نظرية ميكانيكا الكم يمكنها تقديم الاحتمالات الأكثر ترجيحاً، فإنه على وجه العموم لا يمكن للمرء أن يعرف مقدمًا ما سيحدث في كل حالة بعينها من الأمثلة الشهيرة لذلك النشاط الإشعاعي. إن ذرة اليورانيوم غير مستقرة وتتحلل عبر فترة تقدر بمليارات السنوات. كل ذرة لها احتمال للتحلل في إطار فترة زمنية معينة، من خلال عملية كمية عشوائية، إلا أنه من المحال أن نعرف مقدمًا متى تتحلل ذرة بعينها. وبالمثل، عندما تطلق ذرة غير مستقرة فوتونا، يكون للعملية إجمالاً احتمالية معينة، ومع ذلك يستحيل التنبؤ بأي حدث بعينه بشكل محدد. ينطبق عدم اليقين الكمي ليس فقط على الجسيمات، بل على المجالات أيضًا، وبذلك نجد أن المجال الكهرومغناطيسي، مثلا عرضة للتفاوتات في شدته حتى في الفراغ التام الذي تكون فيه قوة المجال «بالتقريب» صفرًا. يمكن وصف تفاوتات الفراغ هذه من خلال الفوتونات الافتراضية التي تظهر بصورة عفوية ثم تختفي في الفضاء الفارغ. يتضح لنا أن تفاوتات الفراغ ضرورية لفهمنا للطاقة المظلمة والجاذبية المضادة، التي يعتمد عليها مصير الكون بأكمله. إن عدم الحتمية المتأصلة في الطبيعة هي التي دعت أينشتاين - الذي كان يكره ميكانيكا الكم - لأن يقول (وقد جانبه الصواب): إن الله لا يلعب النرد بالكون.10
لميكانيكا الكم العديد من الخصائص الغريبة، على سبيل المثال، هي تتنبأ بأن الجسيمات لها لف مغزلي ذاتي، وهذا اللف المغزلي يكون له عدد ثابت من الوحدات الأساسية ويمكنه أن يتم فقط في اتجاهات بعينها. أيضًا بإمكان الجسيمات الكمية النفاذ من حواجز القوة، أو الالتفاف حول الزوايا، أو الوجود في أكثر من مكان في نفس الوقت. بعض من هذه الخصائص لها أهمية في قصة الكون، خاصة الكون المبكر للغاية.
هوامش
(10) The Born-Einstein Letters, translated by Irene Born (London: Macmillan, 1971), p. 91.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|