المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



المساواة  
  
3439   04:52 مساءاً   التاريخ: 26-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص30
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / المعاني /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015 11736
التاريخ: 26-03-2015 81438
التاريخ: 26-03-2015 32960
التاريخ: 26-03-2015 5739

وهذا الباب مما فرعه قدامة من الباب المتقدم عليه، وشرحه بأن قال: هو أن يكون اللفظ مساوياً للمعنى حتى لا يزيد عليه ولا ينقص عنه وهذا من البلاغة التي وصف بها بعض الوصاف بعض البلغاء فقال: كانت ألفاظه قوالب لمعانيه، ومعظم آيات الكتاب العزيز كذلك، ومنها قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فإن قيل: معظم هذه الآية من باب الإشارة، لأن العدل والإحسان والفحشاء والمنكر على قلة هذه الألفاظ تدل على معاني من أفعال البر وضدها لا تنحصر، ولا معنى للإشارة إلا دلالة اللفظ القليل على المعاني الكثيرة، فكيف تجتمع المساواة والإشارة؟ قلت: المساواة تطلق ويراد بها معنيان: أحدهما أن تكون ألفاظها ألفاظ المعنى الموضوعة له، فتلك هي التي لا تزيد على المعنى ولا تقصر عنه، وهي التي لا تجتمع مع الإشارة ولا الإرداف ولا غيرهما من الكلام الذي لفظه أقل من معناه، والثاني أن يكون لفظ الكلام غير لفظ معناه الموضوع له، كالإشارة والإرداف وما جرى هذا المجرى، فإن كانت كذلك ولم يأت المتكلم في أثناء الكلام وخلاله بلفظة زائدة على لفظ المقصد الذي قصده لإقامة وزن أو لاستدعاء قافية أو تتميم معنى، أو لإيغال أو سجعة، فتلك أيضاً مساواة لأن لكل باب لفظاً يخصه، فمتى زاد على ذلك اللفظ الدال على ذلك المعنى المقصود كان الكلام غير موصوف بالمساواة.
ومن هذا الباب في الكتاب العزيز قوله تعالى: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ الآية فإن قيل: لفظة القوم في قوله تعالى: وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ زائدة يمنع الآية أن توصف بالمساواة، فإنه لو قال وقيل بعداً للظالمين أجزأ. قلت: لما سبق قوله تعالى: وكلما مر عليها ملأ من قومه وقوله سبحانه: ولا تخاطبني في الذين ظلموا أوجبت البلاغة أن يقول في آخر الكلام: بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، ولو اقتصر سبحانه على لفظة الظالمين دون لفظة القوم لتوهم متوهم أن آلة التعريف في الظالمين للجنس وهو خلاف المراد، فإن المراد بالظالمين هاهنا قوم نوح الذين قدم ذكرهم ووصفهم بالظلم، ونهاه عن المخاطبة فيهم ليرتد عجز الكلام على صدره، ويعلم أن المدعو عليهم هم الذين تقدم ذكرهم احتراساً من وقوع هذا التوهم، ولا يحصل ذلك إلا بذكر القوم فقد صار الإتيان بها يفيد معنى لم يفده الكلام بدونها.
واعلم أن البلاغة قسمان: إيجاز، وإطناب، والمساواة معتبرة في القسمين معاً، فأما الإيجاز فكقوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ والإطناب في هذا المعنى كقوله: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ وكقوله سبحانه في قسم الإيجاز من غير هذا المعنى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ وكقوله تعالى في الإطناب: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ الآية، ولا بد من الإتيان بهذا الفصل لئلا يتوهم أن الإطناب لا يوصف بالمساواة.
ومن شواهد المساواة قول امرئ القيس [متقارب]:
فإن تكتموا الداء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
وإن تقتلونا نقتّلكم ... وإن تقصدوا لدم نقصد
وكقول زهير [طويل]:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وكقول طرفة [طويل]:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.