أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-6-2016
37816
التاريخ: 13-6-2016
5265
التاريخ: 8-6-2016
4382
التاريخ: 7-4-2022
3996
|
إن ما نلاحظه فيما اتجه اليه القضاء في كل من فرنسا الى سنة 1995 ومصر، هو أن مهمة القاضي الإداري في دعوى الإلغاء تقتصر على تحقيق مدى مشروعية القرار المطعون فيه من حيث مطابقته مع القانون نصاً وروحاً فإذا كان مطابقاً حكم القاضي برفض الدعوى أما إذا ثبت له أن القرار المطعون فيه مشوب بأحد العيوب حكم بإلغاء القرار كلاً أو جزءاً . وذلك دون أن يملك إصدار أوامر للإدارة أو أن يحل محل الإدارة بإصدار قرار إداري صحيح بدلاً من القرار الباطل الذي حكم بإلغائه (1) ، ولا يستطيع أن يعدل القرار الملغى أو يصدر الأوامر الى الإدارة بفعل شيء أو بالإمتناع عن عمل شيء، لأن ذلك من شأنه أن يجعل القاضي بمثابة سلطة رئاسية تجاه الإدارة (2)، وذلك عملاً بمبدأ حظر توجيه الأوامر لجهة الإدارة، إذ بموجبه يحظر على القاضي
الإداري توجيه أمر الى جهة الإدارة أو الحلول محلها بناء على طلب مقدم من الأفراد (3) وهذا المبدأ كان سائداً في القضاء الإداري الفرنسي الى حين صدور قانون رقم 125 لسنة 1995 في 1995/2/8 بشأن تنظيم الهيئات القضائية والمرافعات المدنية والإجراءات الجنائية والإدارية، حيث اعترف المشرع فيه بسلطة المحاكم الإدارية بمختلف درجاتها في توجيه الأوامر للإدارة لإتخاذ ما يراه مناسباً لتنفيذ ما يصدره من أحكام ، وإعترف لتلك المحاكم بإمكانية الحكم بغرامة تهديدية لضمان تنفيذ الاحكام الصادرة منها، وقد أعقبها الإصلاح التشريعي الحديث في 2000/6/30 ومقتضاه توسيع سلطات القاضي الإداري المستعجل لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الحريات الأساسية.(4) أما بالنسبة لمصر فقد خلا النظام القانوني المصري من نصوص قانونية صريحة تحظر على القاضي الإداري توجيه أوامر الى جهة الإدارة، ولم يتدخل المشرع بنص صريح يجيز توجيه أوامر للإدارة أو يحظره، أما قضائياً فقد بقي متأثراً بالنهج الفرنسي القديم (5)، ويبدو أنه لم يلحق بالتطورات التشريعية التي أجراه المشرع الفرنسي، وهذا يرجع برأينا الى مدى إقتناع الدولة بالمبادئ الديمقراطية، وحرصها على ترسيخ أساسيات دولة القانون من خلال إحترام مبدأ الفصل بين السلطات مع تفعيل وسائل الرقابة المتبادلة ما بينهم. ومن الأسانيد التي يشير اليها الفقهاء لمبدأ حظر توجيه الأوامر للإدارة طبيعة سلطة القاضي الإداري التي عبارة عن وصف مهام القاضي الإداري بصورة ضيقة في رأينا، فقد يرى القضاء أن سلطة القاضي الإداري تنحصر في تحديد مشروعية القرار الإداري المطعون فيه، وأنه في حالة عدم مشروعيته لا تتعدى سلطة القاضي في إلغائه، وليس له أن يرتب أي أثر على الإلغاء (6)، ونحن لا نؤيد بدورنا هذا الوصف الضيق لسلطات القاضي الإداري، لأن هذا الوصف يؤدي في النتيجة الى ضعف الأحكام القضائية الإدارية من حيث قوتها التنفيذية تجاه السلطة التنفيذية المحكوم عليها، ويعمق إشكالية تنفيذ أحكامها من قبل الإدارة المتمتعة بسلطات وأساليب متنوعة في الامتناع عن تنفيذها، ومع ذلك نلاحظ وجود بعض الاستثناءات الواردة على هذا المبدأ ومصدرها القانون والقضاء نفسه ويمارسها القضاء الإداري أثناء النظر في الدعوى، ومن هذه الاستثناءات التي قررها القانون سلطات القاضي الإداري بإصدار أوامر للإدارة عند نظرها لطلبات المدعي بشأن الأمور المستعجلة كالأمر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
أما قضائياً فهناك تطبيقات شتى لهذه الاستثناءات ومنها ما توجه المحاكم الإدارية من أوامر للإدارة في مرحلة التحقيق وتحضير الدعوى بتقديم ما لديها من الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع الدعوى حيث تساعد القضاء في حسمها، وقد سبق أن بحثنا ذلك في إجراءات تحضير الدعوى، وفي السياق نفسه كان للقاضي الإداري أيضاً أن يوجه للإدارة أمراً بالقيام بإجراءات تحقيق إدارية من طرفها . (7) وفي مرحلة الحكم أيضاً عند الإلغاء الجزئي للقرار الإداري غير المشروع حيث يعد تعديلاً له كما . الحال في حالة تعديل القرارات التأديبية، وقد يتدخل القضاء في كيفية تنفيذ أحكامه وذلك من خلال إلزام الإدارة بمراعاة النتائج الحتمية التي تترتب على الحكم بالإلغاء . (8) وعلى الرغم من وجود هذه الاستثناءات القانونية والقضائية الموجودة، يمكننا أن نستدل بموقف القانون والقضاء الإداري في كل من العراق والإقليم أيضاً بصدد سلطة القاضي الإداري في نطاق الحكم الإداري لتأييد ما نراه في رأينا أكثر ملائماً، حيث كان موقف المشرع واضحاً في إعطاء سلطة توجيه الأوامر للإدارة، ومن تلك الاستثناءات ما جاء في الفقرة / ثامناً - أ من المادة / 7 من قانون مجلس الدولة العراقي، لا نرى مثيلاً له في القانون المصري عند نصه على أنه تبت محكمة القضاء الاداري في الطعن المقدم اليه، ولها ان تقرر رد الطعن او الغاء الامر او القرار المطعون فيه او تعديله مع الحكم بالتعويض ان كان له مقتضى بناء على طلب المدعي. وهنا تعطي سلطة تعديل القرار الإداري غير المشروع على الوجه الذي يراه مناسباً وفي حدود نطاق المشروعية كما قضت المحكمة الإدارية العليا العراقي " ليس للمحكمة أن تحل محل الإدارة أو تأمرها بالقيام بأمر معين لا يقتضيه تطبيق مبدأ المشروعية" (9).
وكذلك الأمر في المادة / 18 من قانون مجلس الشورى لإقليم كوردستان رقم 14 لسنة 2008 عند نصه على أنه " تبت المحكمة الادارية في الطعن المقدم إليها ولها ان تقرر رد الطعن أو إلغاء او تعديل الامر او القرار المطعون به ....
ويظهر هذا التعديل أكثر وضوحاً حينما يكون القرار المطعون فيه صادراً عن الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية فيظهر فيه عدم التناسب بين السبب ومحل القرار الإداري، وهو ما يدخل في نطاق رقابة عنصر الملاءمة مع القرار الإداري. (10) وعبرت الهيئة العامة لمجلس الدولة العراقي في قرارها المرقم 8/تمييز / 1993 في 1993/2/7 عن سلطة القاضي الإداري في نظر الطعون بالإلغاء مصحوباً بمبرر عملي ومنطقي قد نعتبره بدورنا خطوة قيمة لحل بعض الصعوبات أو الإشكالات التي تواجهه الأفراد عند تنفيذ الحكم الصــــــادر لصالحهم ضد الإدارة من قبل الإدارة، وقالت " إن اختصاص القضاء الإداري هو اختصاص إلغاء الأوامر والقرارات الإدارية أو تعديلها بما يتفق مع المشروعية القانونية، ولا يتعدى لحمل الإدارة بطريق الإلزام، لأنه باشر بنفسه تصحيح الخطأ القانوني أو التعسف أو الخرق القانوني، فليس هناك ما يوجب الإلزام في إجراءات القضاء الإداري فيما لا يجد طريقة للتنفيذ إلا عن طريق الأمر الإداري اللازم للتنفيذ (11).
ومن التطبيقات الأخرى للقضاء الإداري في العراق في هذا الصدد قرار محكمة القضاء الإداري الصادر في 2004/1/14 بالغاء قرار مديرية التسجيل العقاري العامة المتضمن رفض تسجيل العقار الذي إشتراه المدعون باسمهم وألزم وزير العدل / إضافة لوظيفته بتسجيل معاملة شراء العقار في سجلات دائرة التسجيل العقاري المختصة باسم المدعين (12).
ويلاحظ هنا توسيع في سلطة القاضي في القضاء الإداري العراقي بصدد تعديل القرارات الإدارية حيث لا تكتفي بتعديل جزئي للقرار المطعون وإنما تعدل القرار بشكل كلي، وهذا ما يعني محو القرار وإحلال قرار جديد محله، وأقرت محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار الصادر عن وزير الأوقاف والشؤون الدينية السابق لتضمنه رفض ذكر اسم المدعي في واجهة الجامع الذي قام بإنشائه، وقررت اعتماد مرتسم الخبير المنظم المثبت لحقوق المدعي والشخص الثالث في تأسيس الجامع وإعادة تشييده على الواجهة الأمامية والقاعة الداخلية (13).
___________
1- د. أحمد سلامة بدر، إجراءات التقاضي أمام محاكم مجلس الدولة، دار النهضة العربية ، القاهرة، 2003، ص 336.
2- د. محمد عبدالله الفلاح أحكام القضاء الإداري، ط1، دار الفكر الجامعي، الأسكندرية، 2017 ص150.
3- د . شريف يوسف ،خاطر القضاء الإداري دعوى الإلغاء ، دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع، القاهرة، 2016 ، ص259.
4- د. حمدي علي عمر، سلطة القاضي الإداري في توجيه أوامر للإدارة، منشأة المعارف، الأسكندرية، 2018 ، ص 162 و 163.
5- د.يسرى محمد العصار، مبدأ حظر توجيه أوامر من القاضي الإداري للإدارة وحظر حلوله محلها وتطوراته الحديثة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011، ص 34 وما بعدها.
6- د. أبوبكر أحمد عثمان النعيمي، حدود سلطات القاضي الإداري في دعوى الإلغاء، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، ، ص 193 وما بعدها.
7- في ص 121 الى 128 من هذه الأطروحة.
8- للمزيد أنظر د. حمدي علي عمر، سلطة القاضي الإداري في توجيه أوامر للإدارة، منشأة المعارف، الأسكندرية، 2018 ص 47 وما بعدها ود أبوبكر أحمد عثمان النعيمي، مصدر سابق، ص 200 وما بعدها ود. يسرى محمد العصار، مبدأ حظر توجيه أوامر من القاضي الإداري للإدارة وحظر حلوله محلها وتطوراته الحديثة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011 ، ص 231 وما بعدها .ود شريف يوسف خاطر، مصدر سابق، ص 259 وما بعدها
9- قرار رقم 279/قضاء موظفين تمييز / 2018 في 2018/2/11 نقلاً عن خميس عثمان خليفة المعاضيدي الهيتي، قضاء المحكمة الإدرية العليا ، طلا ، المكتبة القانونية، بغداد، 2020 ، ص 136.
10- د وسام صبار العاني القضاء الإداري، ط 1 ، مكتبة السنهوري، بغداد، 2013 ، ص 267.
11- وسام صبار العاني القضاء الإداري، ط 1 ، مكتبة السنهوري، بغداد، 2013 ، ص 266 .
12- قرار رقم 2004/11 الصادر في 200۴/3/31 غير منشور نقلاً عن د. أبو بكر أحمد عثمان النعيمي، مصدر سابق، ص 234.
13- قرار رقم 2004/72 الصادر في 2004/12/1 غير منشور نقلاً عن د. أبو بكر أحمد عثمان النعيمي، مصدر سابق، ص238.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|