أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-12-2020
1166
التاريخ: 15-1-2023
1439
التاريخ: 27-2-2017
2087
التاريخ: 7-2-2022
1465
|
لعله من المضجر التوسع في شرح كل التنقيحات المفصلة التي شهدها نموذج بور للذرة حتى سنة ١٩٢٦، ولعل الأكثر ضجرا أن يُكتشف عندئذ فقط أن معظم هذه المحاولات لتلمس الطريق نحو الحقيقة كان يجانبه الصواب على أية حال. غير أن ذرة بور كانت تغلب على الكتب الدراسية وكتب تبسيط العلوم على نحو لا يمكن إغفاله، وهي تمثِّل في شكلها النهائي آخر نموذج للذرة يرتبط بأي صلة بالصور التي اعتدنا عليها في حياتنا اليومية. وقد تبين أن الذرةَ التي رآها القدماء مثل كرة البلياردو ولا تنقسم، قابلة للانقسام وتتكون في معظمها من فراغ، تملؤه جسيمات غريبة تسلك مسلكا غريبا. وقد قدم بور إطارا وضع بعض هذه التصورات الغريبة في سياق يحاكي حياتنا اليومية، ومع أنه من الأفضل استبعاد كل الأفكار المتعلقة بحياتنا اليومية قبل الانغماس كليا في عالَم الكم فإن معظم الأشخاص يبدون أكثر سعادة عندما يستعرضون نموذج بور قبل هذا الانغماس. الآن وقد بلغنا منتصف ِ الطريق بين الفيزياءِ الكلاسيكية ونظرية الكم، دعونا نتوقف لنلتقط أنفاسنا ونستريح لوهلة ٍ قبل أن ندخل إلى منطقة مجهولة. ولكن دعونا لا نضيِّع الوقت والطاقة في تتبع كل الأخطاء وأنصاف الحقائق التي تضمنها مزيج الجهود المشتركة لوضع نموذج بور والنواة حتى سنة ١٩٢٦. وبدلا من ذلك، سأستخدم منظور ثمانينيات القرن العشرين لإلقاءِ نظرة إلى الوراء على ذرة بور ولوصف نوع من التوليف ِ الحديث ِ لأفكار ِ بور وأفكار ِ رفاقه، بما في ذلك بعض قطع البازل التي لم تُوضع حقيقة في موضعها الصحيح إلا مؤخرا. إن الذرات متناهية الصغر. وعدد أفوجادرو هو عدد ذرات الهيدروجين في جرام واحد من الغاز. ولكن غاز الهيدروجين ليس من قبيل الأشياء التي نقابلها في حياتنا اليومية؛ ومن ثَم لكي نأخذ فكرة عن مدى صغر الذرات، دعونا نفكر بدلا من ذلك في قطعة من الكربون؛ الفحم أو الماس أو السناج. ولأن كل ذرة كربون يزيد وزنها عن ذرة الهيدروجين بمقدار ١٢ مرة، فإن العدد نفسه من ذرات الكربون المماثل لعدد الذرات في جرام واحد من الهيدروجين يزن ١٢ جراما. ويزيد وزن العشرة جرامات قليلا عن ثلث أوقية، ويقل وزن الاثني عشر جراما عن نصف أوقية. وتزن كل ملعقة كبيرة من السكر، ٍ أو ماسة كبيرة، أو قطعة صغيرة من الفحم حوالي نصف أوقية. وهذه هي كمية الكربون التي يحتوي عليها عدد أفوجادرو من الذرات، 23^10 × 6 (العدد ٦ متبوعا بثلاثة وعشرين صفرا). كيف نقيس القيمة الحقيقية لهذا العدد؟ يُطلق عادةً على الأعداد الضخمة «أعداد فلكية»، والكثير من الأعداد الفلكية تكون كبيرة َ بالفعل؛ ولذا دعونا نحاول إيجاد عدد كبير مكافئ لذلك في علم الفلك. يقدر الفلكيون عمر الكون بأنه يقل قليلا عن ١٥ مليار سنة، 9^10 × 15 سنة. ومن الواضح أن العدد 23^10 أكبر كثريًا من العدد 9^10 لنحول الآن عمر الكون إلى عدد أكبر من ذلك، مستخدمين أصغر وحدات الزمن التي ربما تكون مألوفة لنا، وهي الثانية. تحتوي كل سنة على ٣٦٥ يوما، وكل يوم على ٢٤ ساعة، وكل ساعة على ٣٦٠٠ ثانية. وبتحويل الأعداد تقريبيا، فإن كل سنة تحتوي تقريبا على ٣٢ مليون ثانية أي نحو 7^10 × 3 ثانية. وبذلك، فإن ١٥ مليار سنة تحتوي على 16^10 × 45 ثانية، بتطبيق قاعدة ٍّ جمع الأسس في حالة ضرب الأعداد المرفوعة لأس مثل 9^10, 7^10 ليكون الناتج 16^10 ومرة أخرى، بتحويل ِ الأعداد تقريبيا، فإن عمر الكون بالثواني يصبح 17^10 × 5.
ولا يزال هذا العدد أقل كثيرا من 23^10 × 6؛ فالأس المرفوع له الأساس ١٠ أقل بمقدار ٦. ولا يبدو ذلك سيئا جدا عندما نكون بصدد التعامل مع عدد أساسه ١٠ مرفوعا لأس ٢٣، ولكن ماذا يعني ذلك؟ نقسم 23^10 × 6 على 17^10 × 5، وبطرح الأسس فإننا نحصل على عدد يزيد قليلا عن 6^10 × 1؛ أي مليون. والآن تخيَّل كائنا خارقًا يراقب تطور عالمنا منذ لحظة الانفجار العظيم حتى لحظة الخلق. ويحمل هذا الكائن معه نصف أوقية من الكربون النقي وملقطا فائق الصغر بحيث يمكنه التقاط ذرة كربون واحدة من هذه الكمية. وبدءًا من لحظة بداية الانفجار العظيم التي شهدت نشأة الكون، يزيل هذا الكائن ذرة كربون واحدة من هذه الكمية كل ثانية ويلقي بها بعيدا. وحتى الآن، يكون قد أزال 17^10 × 5 ذرة، فما هو المقدار المتبقي؟ بعد كل ذلك النشاط، والعمل على مدى ١٥ مليار سنة، سيكون الكائن الخارق قد أزال حوالي جزء واحد من مليون جزء من ذرات الكربون؛ ومن ثَم فإن ما تبقى في الكمية التي معه لا يزال يزيد عن الجزء الذي أزاله بمقدار مليون مرة. لعلك الآن قد استوعبت مدى صغر الذرة. وليس المستغرب في الأمر أن نموذج بور للذرة كان تقديرا تقريبيا وسانحا، ولا أن قوانين الفيزياء للحياة اليومية لا تنطبق على الذرات. المعجزة هي أن نفهم أي شيء عن الذرات، وأن نستطيع إيجاد طرق لاجتياز الفجوة ما بين الفيزياء الكلاسيكية لنيوتن وفيزياء الكم الذرية.
وبقدر الصورة الفيزيائية التي يمكن تكوينها لأي شيء متناهي الصغر، فهكذا هو مدى الصغر الذي تكون عليه الذرة. وكما أوضح رذرفورد، فإن النواة المتناهية الصغر التي تقع في مركز الذرة تكون محاطة بسحابة من الإلكترونات التي تدور حولها بزخم كالنحل. في البداية، كان الاعتقاد السابق هو أن النواة تتكون من بروتونات فقط، وكل بروتون منها يحمل شحنة موجبة بنفس مقدار الشحنة السالبة للإلكترون، وبذلك فإن العدد المتساوي من البروتونات والإلكترونات يجعل كل ذرة متعادلة كهربيا، وقد اتضح فيما بعد أن هناك جسيما أساسيا آخر في الذرة يشبه البروتون لكنه لا يحمل شحنة كهربية. إنه النيوترون، وفي كل الذرات باستثناء ذرة الهيدروجين، التي هي أبسط الذرات على الإطلاق، توجد النيوترونات إلى جانب البروتونات في النواة. ولكن عدد البروتونات يكون مساويا حقا لعدد الإلكترونات في الذرة المتعادلة. يحدد عدد البروتونات في النواة نوع العنصر الذي تمثله هذه الذرة، ويحدد عدد الإلكترونات في السحابة (المساوي تماما لعدد البروتونات) الخصائص الكيميائية لهذه الذرة، وهذا العنصر. ولكن، نظرا لأن بعض الذرات التي يتساوى فيها عدد البروتونات والإلكترونات قد تحتوي على عدد ِ مختلف من النيوترونات، فإن العناصر الكيميائية يمكن أن تجيء في صور مختلفة تُسمى النظائر. وقد أدخل سودي هذا الاسم سنة ١٩١٣ مستعيرا إياه من لفظة إغريقية تعني «الموضع نفسه»، وذلك بسبب اكتشاف وجود ذرات ذات أوزان مختلفة تنتمي إلى الموضع نفسه في جدول الخصائص الكيميائية؛ الجدول الدوري للعناصر. وقد حصل سودي على جائزة نوبل (في الكيمياء) سنة ١٩٢١ عن أبحاثه حول النظائر. إن أبسط نظير لأبسط عنصر هو الصورة الأكثر شيوعا للهيدروجين التي تحتوي فيها الذرة على بروتون واحد مصحوب بإلكترون واحد. وفي الديوترييوم، تحتوي كل ذرة على بروتون واحد ونيوترون واحد مصحوبين بإلكترون واحد، إلا أن الخصائص الكيميائية لذرة الديوترييوم تكون مماثلة للخصائص الكيميائية لذرة الهيدروجين العادية. ولأن كتلة البروتونات والنيوترونات تكون متساوية تقريبا، وكل منها أثقل ٢٠٠٠ مرة تقريبًا من الإلكترون، فإن العدد الكلي للبروتونات والنيوترونات في النواة يحدد الكتلة الكلية للذرة بفارق ضئيل للغاية. ويرمز إلى هذا العدد عادةً بالعدد A، ويُطلق عليه العدد الكتلي. ويطلق على عدد البروتونات في النواة الذي يحدد خصائص العنصر، العدد الذري Z. وتسمى الوحدة التي تُقاس بها كتلة الذرة وحدة الكتلة الذرية، وهو اسم منطقي جدا وفي محله، وتعرف بأنها جزء من اثني عشر جزءًا من كتلة نظير الكربون، يحتوي على ستة بروتونات وستة نيوترونات في نواته. ويُسمى هذا النظير الكربون-12، أو يكتب اختصارا 12C، ويوجد نظيران آخران للكربون هما 13C و14C، ويحتوي كل منهما على التوالي على سبعة نيوترونات وثمانية نيوترونات في نواته.
تزيد النظائر بزيادة كتلة النواة (زيادة عدد البروتونات التي تحتويها). فالقصدير — على سبيل المثال — يحتوي على خمسين بروتونًا في نواته (50Z = ) وله عشرة نظائر مستقرة يتراوح العدد الكتلي لكل منها من 50 = A ( 62 نيوترونا) الى 124 = A (74 نيوترونا) . في الأنوية المستقرة (باستثناء ذرة الهيدروجين التي هي أبسط الذرات على الإطلاق) يكون عدد النيوترونات مساويا دائما على أقل تقدير لعدد البروتونات، وتساعد النيوترونات المتعادلة في تماسك البروتونات الموجبة معا التي تميل إلى التنافر فيما بينها. يرتبط النشاط الإشعاعي بالنظائر غير المستقرة التي تتحول إلى صورة مستقرة وتبعث بالأشعة أثناء ذلك. وما أشعة بيتا سوى إلكترون انبعث لدى تحول نيوترون إلى بروتون، وجسيمات ألفا هي أنوية ذرية قائمة بذاتها، فهي عبارة عن زوج من البروتونات وزوج من النيوترونات (نواة ذرة الهيليوم-٤) انبعث من نواة غير مستقرة أثناء تعديلها لتركيبها الداخلي، أما الأنوية غير المستقرة ذات الكتلة الكبيرة للغاية، فإنها تنشطر إلى اثنتين أو أكثر من الأنوية المستقرة الأخف وزنًا، وذلك عن طريق العملية المعروفة بالانشطار النووي أو الذري، التي يصاحبها أيضا انطلاق جسيمات ألفا وبيتا من هذا الوسط. ويحدث كل ذلك في حيز ضئيل للغاية يصعب تخيله من الذرة نفسها. يبلغ قطر الذرة العادية 10−10مترًا، بينما لا يزيد نصف قطر النواة عن − 1015 مترًا؛ أي أصغر من الذرة بمقدار 105 مرة. ولأن الحجم يساوي مكعب نصف القطر، فعلينا أن نضرب الأس في ثلاثة لنجد أن حجم النواة أصغر بمقدار 1015 مرة من حجم الذرة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|