المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



متطلبات عصر الإمام الصادق ( عليه السّلام )  
  
1479   03:54 مساءً   التاريخ: 26/11/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 8، ص99-102
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام جعفر بن محمد الصادق / قضايا عامة /

بعد الوقوف على مظاهر الفساد والانحراف التي عمّت ميادين الحياة في عصر الإمام الصادق ( عليه السّلام ) نستطيع ان ندرك عمق المأساة التي كان الإمام ( عليه السّلام ) قد واكبها منذ نشأته حتى هذا التأريخ .

وفي هذا الظرف الذي خفّت فيه المراقبة بسبب ضعف الدولة الأموية ووجد الإمام ( عليه السّلام ) أنّ جانبا كبيرا من الاسلام قد أقصي عن واقع الحياة وأنّ قيم الجاهلية قد عادت تظهر للوجود ، وأن الصيغ الغريبة عن الدين أخذت تدخل في فهم القرآن والسنة الشريفة وتسبّبت في تغيير مضمون الرسالة وجوهرها ، لاحظ أن الأمر أخذ يزداد تفاقما في أواخر العهد الأموي الذي نمت فيه مدارس فكرية وتيارات سياسية بعيدة عن الاسلام ، وكان يرى ( عليه السّلام ) أن الأكثرية الساحقة من الأمة قد ركنت إلى الطمع بسبب ما شاهدته من صور الظلم والتعسّف الذي قد ارتكب بحق كل من كان يعترض على سياسة الحكّام المنحرفين عن الدين . كل هذه الأمور قد لاحظها الإمام ( عليه السّلام ) بدقّة وبدأ يعالجها بكل أناة . لنقرأ معا حوار سدير الصيرفي مع الإمام ( عليه السّلام ) :

قال سدير الصيرفي : دخلت على أبي عبد اللّه ( عليه السّلام ) فقلت له : واللّه ما يسعك القعود . فقال ( عليه السّلام ) : ولم يا سدير ؟ قلت : لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك ، واللّه لو كان لأمير المؤمنين ( عليه السّلام ) مالك من الشيعة والأنصار والموالي ما طمع فيه تيم ولا عديّ .

فقال : يا سدير ! وكم عسى أن يكونوا ؟ قلت : مائة ألف . قال : مائة الف ! قلت : نعم ، ومائتي ألف ؟ فقال : ومائتي ألف ؟ قلت : نعم ، ونصف الدنيا . قال :

فسكت عني ثم قال : يخفّ عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع[1] ؟ قلت : نعم . فأمر بحمار وبغل أن يسرجا ، فبادرت ، فركبت الحمار فقال : يا سدير ! أترى ، إنزل بنا نصلّي ، ثم قال : هذه أرض سبخة لا تجوز الصلاة فيها فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء ، ونظر إلى غلام يرعى جداء[2].

فقال : واللّه يا سدير ! لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود .

ونزلنا وصلّينا فلما فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء ، فعددتها فإذا هي سبعة عشر ![3].

فالإمام ( عليه السّلام ) إزاء هذا الواقع المملوء بالفساد والضياع قد وجد أن الأمر أحوج ما يكون إلى إيجاد تيّار اسلامي أصيل يحمل قيم الرسالة التي جاء بها الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ولا بدّ أيضا أن يتم عزل الأمة عن الحكومات الظالمة لئلّا تكون مرتعا لمظالمها ، فعن طريق غرس القيم الاسلامية وايجاد تيار فاعل يساهم في اجتثاث المظالم أو تقليلها يمكن التحرّك لاصلاح الواقع الفاسد حيث إنه قد يرغم الولاة على العدل استجابة لإرادة قطاع كبير من الأمة حينما يرفض هذا القطاع الكبير الاستبداد ويدعو إلى العدل بوعي اسلامي عميق .

لقد تخلّى الإمام الصادق ( عليه السّلام ) عن ممارسة العمل المسلح ضد الحكّام المنحرفين بشكل مباشر وكان موقفه هذا تعبيرا واقعيا عن اختلاف صيغ العمل السياسي التي تحددها الظروف الموضوعية وإدراكا عميقا لطبيعة العمل التغييري .

فالإمام ( عليه السّلام ) حاول أن ينشر قيمه ومفاهيمه ودعوته بعيدا عن التصريحات السياسية الثوريّة واتّجه نحو بناء تيار شعبي عامّ في الأمة كما ركّز على بناء الجماعة الصالحة الممثّلة لخطّ أهل البيت ( عليهم السّلام ) والإشراف عليها وتنظيم أساليب عملها في مواجهة الانحراف المستشري بحيث يجعلها كتلة مترابطة في العمل والتغيير وإعداد أرضية صالحة تؤدّي إلى قلب الواقع الفاسد على المدى القريب أو البعيد .

وقد استهدف الإمام ( عليه السّلام ) في نشاطه الرسالي لونين من الانحراف :

اللون الأول : الانحراف السياسي المتمثّل في زعامة الدولة ، واللون الثاني : الانحراف العقائدي والفكري والأخلاقي ثم الانحراف السياسي عند الامّة .

كما اتّجه الإمام ( عليه السّلام ) في حركته التغييرية الشاملة إلى حقلين مهمّين :

أحدهما : الانفتاح العام والشامل على طوائف الأمة واتجاهاتها السياسية والفكرية .

ثانيهما : مواصلة بناء جامعة أهل البيت ( عليهم السّلام ) العلمية .

وأما حقل النشاط الخاصّ بمحاوره المتعددة فيتلخّص في إكمال بناء الجماعة الصالحة .

 


[1] ينبع حصن له عيون ونخيل وزروع بطريق حاج مصر .

[2] الجدي : من أولاد المعز .

[3] الكافي : 2 / 242 ، وبحار الأنوار : 47 / 372 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.