أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2017
2595
التاريخ: 30-4-2019
2524
التاريخ: 20-8-2022
2451
التاريخ: 13-4-2017
2237
|
إن الجهة التي تتولى التحقيق مع الموظف المخالف هي تلك التي يحددها القانون صراحة لهذه الغاية. فليس كل مرجع إداري صالحة لإجراء التحقيق، بل ذلك يقتصر حصرا على المراجع التي ينعقد لها هذا الاختصاص في الأحكام التشريعية والتنظيمية المرعية، علما بأن أي مخالفة لهذه الأحكام تجعل التدبير التأديبي صادرة عن مرجع غير مختص مما يستدعي إبطاله لعلة علم الصلاحية المتعلقة بالانتظام العام (1).
في لبنان، تتعدد الجهات التي تتولى عملية التحقيق تبعا لتعد السلطات التي تفرض العقوبة وهي تنقسم إلى السلطة الرئاسية والهيئات التأديبية المتمثلة بالهيئة العليا للتأديب والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة. وتجدر الإشارة إلى أن الصلاحية المعطاة للسلطة الإدارية المختصة لإجراء التحقيق مع الموظف المخالف تعتبر حقا أصيلا تمارسه بصورة تلقائية، وتنبع من مسؤوليتها عن ضمان حسن سير المرفق العام بانتظام وضمان قيام الموظفين لواجباتهم.
أما بالنسبة إلى التحقيقات التي تجريها الهيئات التأديبية، فلا يمكن لها أن تسلب السلطة الرئاسية حقها الأصيل في إجراء هذه العملية وفق ما جاء في التقارير السنوية للتفتيش المركزي:
" إن التفتيش المركزي في الأساس ووفقا للأنظمة الراهنة التي ترعاه، كمال (يكمل الرقابة التسلسلية الداخلية المنوطة بالرؤساء، وليس للحلول محلها على الإطلاق (2).
وكذلك ورد أنه:"... مع أن مهمة الرقابة والتحقيق هي في الأساس من أعمال السلطة التسلسلية قبل أن تكون من أعمال التفتيش المركزي (3)"
ونلاحظ أن أصول التحقيق المتبعة لدى كل مرجع من المراجع المختصة ليست واحدة، وهي تتدرج من حيث مقدار الضمانات التي تمنحها للموظف المجال أمامها، وقد عمد المشرع إلى الموازنة بين هذه الضمانات والحقوق من جهة وصلاحية توقيع العقوبة وجسامتها وخطورة الذنب المرتكب من جهة واخرى. فالضمانات التي منحها المشرع للموظف في مواجهة سلطة التأديب الرئاسية تكاد لا تذكر، بل أن المشرع لم يأت على ذكر أي ضمانة باستثناء الاعتراض، في حين أنه بالمقابل أحاط التحقيق المجرى أمام الهيئة العليا للتأديب بالعديد من الضمانات مما جعلها تشبه إلى حد كبير الأصول المتبعة في المحاكمات الجزائية.
وبرأينا حسنا فعل المشرع، فعلى الرغم من بعض الملاحظات التي سنوردها لاحقا، فهو بمنحه الرئيس الإداري سلطة فرض عقوبة مباشرة بحق مرؤوسيه يكون قد أعطاه القدرة على فرض النظام تحقيقا للمصلحة العامة، وبحصر صلاحيته ببعض العقوبات البسيطة التي لا تؤلم، يكون قد أعطى بالمقابل المرؤوس ضمانة هامة تمنع مغالاة الرئيس. أضف إلى ذلك، لعب مجلس شورى الدولة دورة كبيرة في سد الفراغ التشريعي بمنحه الموظف بعض الضمانات العامة التي أعطاها منزلة القانون وهي ما تعرف بالمبادئ العامة للقانون كحق الدفاع وتعليل القرار التأديبي وغيرها حتى أثناء التحقيق الذي يجريه الرئيس المباشر.
أما من ناحية إجراءات التحقيق الذي تقوم به الجهات الإدارية، فقد تناولتها المادة السابعة من المرسوم الاشتراعي رقم 111 تاريخ 1959 المتعلق بتنظيم الإدارات العامة حول كيفية إجراء التحقيق من قبل الجهات الإدارية، عندما حددت مهام المدير العام الذي يتولى إدارة الدوائر التابعة له وتنسيق الأعمال فيما بينها ومراقبة تنفيذها، كذلك مراقبة سير العمل بتفتيش الدوائر والموظفين واتخاذ التدابير اللازمة لمعاقبة المخطئين واصلاح الأخطاء واتخاذ التدابير التي تؤول إلى تلافيها، والبقاء على اتصال مباشر مع إدارة التفتيش المركزي بشأن تقارير التفتيش وله أن يكلف التفتيش المركزي إجراء التفتيش في الدوائر التابعة له بالإضافة إلى ما يقوم به شخصية من أعمال التفتيش.
أما المادة الثامنة من المرسوم ذاته، فحددت صلاحيات كل من المدير ورئيس المصلحة ورئيس الدائرة في ما خص أعمال التحقيق، إذ يتوجب عليهم إدارة الأعمال في الأقسام التابعة لهم والسهر على حسن قيام الموظفين بالمهمات الموكلة إليهم ومراقبة وتفتيش الدوائر.
أما من الناحية التطبيقية، فيجري التحقيق على الشكل التالي: عندما يرتكب الموظف مخالفة مسلكية، يقوم الرئيس التسلسلي المباشر إما شخصية واما بواسطة رئيسة المباشر الأعلى منه، أو بواسطة انتداب أو تكليف موظف من نفس رتبة الموظف المخالف على الأقل بالتحقيق مع الموظف المتهم. ولأجل هذا ينتقل المحقق إلى الإدارة التي ينتمي اليها الموظف المتهم ويتصل برئيس هذا الموظف المباشر معرفا عن نفسه ومبينا صفته، ومن ثم يطلب حضور الموظف المطلوب ويستمع إلى أقواله بعد أن يحيطه علما بالمخالفات المنسوبة إليه وينظم بذلك محضر يتلوه في النهاية، ويوقعه كلاهما مع الكاتب في حال وجوده. وبالطريقة ذاتها يستمع إلى الشهود وينظم محضرا ويضع بالنتيجة تقريرا يرفعه مع اقتراحاته إلى المراجع الإدارية المختصة أو يتخذ هو القرار إذا كان المرجع المختص قانون بهذا الشأن. أما بالنسبة إلى التحقيق المجري من قبل التفتيش المركزي، فتطبق فيه الأصول نفسها من قبل المفتش الذي عليه أن يتصل بالرئيس المباشر للموظف وأن يعرف عن نفسه، ثم يستدعي الموظف ويواجهه بما هو منسوب إليه، ويستمع إلى أقواله ويسجلها في محضر موقع من قبله، ويستمع إلى الشهود ويطلع على المستندات، ويستطيع أن يوقف الموظف المتهم (4).
وقد استقر اجتهاد مجلس شورى الدولة على أنه حتى في حال انتفاء النص القانوني على اتخاذ إجراءات تحقيق معينة، أو النص فقط على إعطاء المفتش جميع الصلاحيات اللازمة وحق الاستجواب والاستماع إلى الأفراد كما هو الأمر في المادة 5 وما يليها من المرسوم رقم 2892 تاريخ 1959 المتعلق بأصول التفتيش، فإن ذلك لا يعني أن حرية المفتش مطلقة أو أن الأمر يجري بهذا الخصوص بغير أصول أو ضوابط، بل يجب على هذه الإدارة استلهام هذه الضوابط وتقديرها في قاعدة أساسية وتحقيق الضمانات القانونية وتوفير الاطمئنان لذوي الشأن ويجب أن يتمكن الفرد من الدفاع عن نفسه بشأن التهم الموجهة إليه بعد التحقيق معه وفقا للأصول والقوانين والمبادئ العامة، فالتحقيق يجب أن تكون له مقومات التحقيق القانوني الصحيح وكفالاته وضماناته من حيث وجوب استدعاء الموظف ومواجهته وسؤاله وتمكينه من الدفاع عن نفسه بما هو مؤاخذ عليه ومناقشته، حتى إثبات الواقعات أو علم كفاية الدليل عليها وسماع من يجب سماعه من شهود وغير ذلك من مقتضيات الدفاع فإذا تخلف التحقيق عن هذه المقومات فلا يمكن وصفه بأنه تحقيق (5).
_________
1- يوسف سعد الله الخوري، الوظيفة العامة في التشريع والاجتهاد، الكتاب الثاني، بيروت، 2004 ص 319
2- التقرير الحدي عشر لرئيس هيئة التفتيش المركزي عن أعمال التفتيش 1973 - 1974، المنشور في الجريدة الرسمية ملحق العدد 25، تاريخ 1975 .
3- تقرير رئيس التفتيش المركزي عن أعمال التفتيش المركزي لعام 2000، المنشور في الجريدة الرسمية، الحد 34، تاريخ 2000 .
4- يوسف سعد الله الخوري ، الوظيفة العامة في التشريع والاجتهاد، مرجع سابق، ص 322
5- شور لبنان قران رقم 578 تاريخ 13-2009.7 ، خليل الخور في الدولة، نرق. 2011، ص 1101 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|