أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-02-2015
1588
التاريخ: 5-10-2014
1800
التاريخ: 23-10-2014
1773
التاريخ: 5-10-2014
1608
|
أنّ
للوحي مفهوماً واسعاً سواء في آيات القرآن أو في كتب اللغة ، كما ...إنّ أحد
مصاديقه هو الإدراك الغريزي عند الحيوانات ، ولا يمكن تحليله بأي تحليل مادي ، بل
وجوده في الحيوانات دليل على وجود ذلك المصدر الغني والعظيم للعلم والمعرفة فيما
وراء الطبيعة.
وقد
أشار القرآن المجيد إلى هذا الأمر العجيب بالنسبة للنحل في الآيات 68 و 69 من
سورة النحل.
لقد
اتّضح لنا- بعد التحقيقات التي اجريت على هذه الحشرة في العصر الحاضر- أنّ النحل
يعيش حياة اجتماعية وتمدناً عجيباً يفوق تمدن الإنسان في بعض نواحيه ، فالعمران
والبناء يتمّ عنده بدقّة كاملة وطبقاً للمواصفات الهندسية ، وكيفية تجميع العسل
وتهيئته وادخاره وحفظه من التلوث ، وكيفية تربية الصغار ، والتعذية الخاصة للملكة
، والتحقق من عدم تلوث بعض النحل بالزهور الملوثة ، وكيفية الدفاع ضد العدو ،
وكيفية إخبار أعضاء الخلية عن الزهور بواسطة النحل المكلّف بالبحث ، وإعطاء
المواصفات الدقيقة من حيث المسافة والانحراف وذلك للحركة الجماعية نحو ذلك المصدر
، وغير ذلك من الامور العجيبة التي لا يمكن تفسيرها إلّا بالقول بأنّ لها إلهاماً
غريزياً.
ويقال:
إنّه تم التعرف على 4500 نوع من أنواع هذه الحشرة ، والعجيب في الأمر أنّ جميعها
تتبع طريقة واحدة في كيفية البناء والمَصّ والتغذية من الزهور «1».
إنّ
البحث يستدعي عدم الخروج عن صلب الموضوع كثيراً ، وإلّا فالحديث عن الحياة الغامضة
للنحل طويل ، ويكفينا منه الحديث عن بنائه لبيت سداسي الاضلاع مع زوايا هندسية
دقيقة.
يقول
العلماء في هذا المجال: إنّ البيوت المبنية من قبل النحل بنيت بدقّة وظرافة بحيث
لا تحتاج إلى مواد أوليه كثيرة للبناء ، رغم سعة محتواها ، لوجود ثلاثة أشكال فقط
من بين الأشكال الهندسية المتعددة- يمكن بناء البيوت على أساسها من دون حصول فراغ
بينها والأشكال هي ، المثلث متساوي الأضلاع والرباعي ، والسداسي ، وقد كشفت
الدراسات الهندسية أن سداسي الأضلاع يتطلب مواد بناء أقلّ مع شدّة مقاومته ، ولهذا
السبب رجحه النحل على الشكلين الآخرين.
من
أين حصلت له هذه الالهامات الغريزية ؟ وفي أي مدرسة تعلم هذه التعاليم ؟
لا
يقتصر هذا الالهام الغريزي على النحل فحسب ، بل نجده في كثير من الحيوانات تفوق
عجائب كلٍّ منها الاخرى ، نذكر لذلك الأمثلة الآتية :
يقول
أحد العلماء في كتاب له باسم «البحر
بيت العجائب» :
«إنّ
الحركات التي تقوم بها بعض الأسماك تعتبر من غرائب الطبيعة ولا أحد يستطيع أن يكشف
أسرار هذا السلوك ، فهناك نوع من الأسماك يسمى «النُقْط» يغادر البحر المالح
الأنهر العذبة وهي الأماكن التي ولدت فيها نفسها ، وقد يقتضي ذلك أن تسير عكس
اتّجاه حركة المياه ، أو تصعد الشلالات من أسفلها إلى أعلاها ، وقد يبلغ عددها
حداً بحيث تملأ النهر ، وعندما تصل إلى المحل المقصود تضع بيوضها ثم تموت !
يا
تُرى : كيف تستطيع هذه الأسماك أن تختار المياه المناسبة لها؟ إنّه أمر عجيب ،
والأعجب ، لأنّها تفتقد الخارطة ، كما أنّ بصرها تحت الماء محدود ، ولم يدلها أحد
على الطريق ، وبالرغم من ذلك فهي تصل إلى المكان المقصود والمناسب».
ويضيف
في نفس الكتاب : «إنّ الأعجب من ذلك هو سلوك الأسماك الانجليزية «سمك يشبه الحيّة»
فحين تبلغ ثمان سنوات تغادر النهر أو المستنقع الذي كانت تعيش فيه ، وتزحف ليلًا
على الأعشاب المتشابكة حتى تصل إلى شاطىء البحر ، ثم تجتاز المحيط الأطلسي
عرضاً حتى تصل إلى المياه القريبة من «برمودا» ! وتغوص في المحيط آنذاك وتضع
البيوض ثم تموت ... إنّ صغار هذه الأسماك تطفو على سطح البحر وتبدأ سفرها عائدة
إلى وطنها ، وتستغرق هذه السفرة سنتين أو ثلاثاً حتى تصل إلى المحل الذي كان
فيه أسلافها.
كيف
وجدت هذه الأسماك طريقها رغم أنّها لم تسلكه سابقاً؟ إنّه سؤال لا يمكنك الإجابة
عنه ، كما لا يستطيع أعلم العلماء الإجابة عنه ، إنّه سرّ ، ولا أحد يعرفه» «2»!
وكثير
من الطيور المهاجرة تجتاز طرقاً ومسافات طويلة ، وبعضها يجتاز طريق «اوربا» إلى
«أفريقيا الجنوبية» دون خطأ في الاتّجاه ، ولم نكتشف كيفية اهتداء هذه الطيور إلى
الطريق
حتى فترة ليست ببعيدة.
وقد
أثبت بعض العلماء- بعد التحقيق والتجارب على هذه الطيور- أنّها تهتدي الطريق
بواسطة مواقع النجوم ، وأثبتت التجارب أنّها تعرف مواقع النجوم غريزياً ، وتعلم
تغير مواقعها حسب فصول السنة ، وحتى عندما تتلبد السماء بالغيوم ، فإنّ وميض بعضٍ
من النجوم يكفيها للاهتداء إلى الطريق ، كما أثبتت تجارب اخرى أنّها ورثت معرفتها
عن الفلك ومواقع النجوم ، أي أنّها تعلم كل شيء عن السماء ومواقع النجوم وإن لم
تشاهد السماء سابقاً ، بالطبع لم تُكتشف كيفية انتقال هذه المعلومات التفصيلية
لهذه الطيور بالوراثة ، خاصة وأنّ السماء تتغير أشكالها بمرور الزمان ، ثم: من أين
حصل الجيل القديم على هذه المعلومات؟! «3».
و
النموذج الآخر لهذه الغريزة هو سلوك طير باسم «آكسك لوب» عندما تضع البيوض ، فيقول العالم الفرنسي
«وارد» حول هذا الحيوان :
«إني
درست حالات هذه الطيور ، فوجدت من خصائصها أنّها تموت بعد أن تبيض ، ولا ترى
أفراخها أبداً ، كما أنّ الأفراخ لا ترى امهاتها ، وعندما تفقس البيوض تخرج
كالديدان بلا أجنحة ولا ريش ، ولا قدرة لها على تحصيل الطعام ، ولا قدرة لها
للدفاع عن نفسها من الحوادث والمخاطر التي تهدد حياتها ، ولهذا ينبغي أن تبقى في
مكان محفوظ فيه طعام يكفيها لمدّة سنة ، ومن بعدها تقوم الام- عندما تشعر أنّها
على وشك أن تبيض- بالبحث عن قطعة من خشب ثم تثقبها ثقباً عميقاً ، وتجمع فيها
المؤونة الكافية ، فتجمع أولًا أوراق الأشجار ما يكفي لفرخ واحد لمدّة سنة وتلقيها
في نهاية الثقب العميق ، ثم تضع عليها بيضة وتبني عليها سقفاً محكماً من عجينه
خشبية ، ثم تبدأ ثانياً في جمع مؤونة فرخ آخر لمدّة سنة وبعد جمعها المؤونة ووضعها
على سطح الغرفة الاولى ، تضع بيضة ثانية عليها وسقفاً آخر ، وهكذا تبني الغرفة بعد الغرفة حتى تموت «4».
من
الذي علم هذا الطير هذا الحجم من المعلومات رغم أنّه لم ير امه ولا أفراخه ؟ لا
جواب لأحدٍ على هذا السؤال إلّا القول ، بأنّها الهامات غريزية من قبل الخالق
العظيم.
____________________________
(1). اول
جامعة ، ، ج 5 ، ص 55 «بالفارسية».
(2). البحر
بيت العجائب ، ص 116 و 117 (بالفارسية).
(3). حواس
الحيوانات الغامضة ، تأليف (ويتوس دروشر) ، ترجمة لا له زاري ، ص 167- 71 (ملخص) «بالفارسية».
(4)
المتلبسون بالفلسفة ، ص 229 ، «بالفارسية».