المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الدين يدين الخونة  
  
1586   08:17 صباحاً   التاريخ: 24-8-2022
المؤلف : مجتبى اللّاري
الكتاب أو المصدر : المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة : ص136 ـ 140
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

عبر الله تعالى عن مقرراته التي وضعها لعباده بعنوان الأمانة، ونهى عن الخيانة بشدة في موارد متعددة من قرآنه الكريم، منها قوله سبحانه عز من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال: 27]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء: 58].

وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (غاية الخيانة خيانة الخل الودود ونقض العهود)(1).

وقال (عليه السلام) أيضاً: (شر الناس من لا يعتقد الأمانة ولا يجتنب الخيانة)(2).

وقال (عليه السلام) أيضاً: (إياك والخيانة فإنها شر معصية، وأن الخائن لمعذب بالنار على خيانته)(3).

وكان الإمام الصادق (عليه السلام) كما قال أحد أصحابه: ما ودعنا قط إلا أوصانا بخصلتين يقول: (عليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البر والفاجر فإنهما مفتاح الرزق)(4).

إن الإسلام دعا الناس جميعاً إلى حياة سعيدة ومستقرة تحت ظل العمل بالوظائف المقررة في ضمن أوامره السامية، وأوصى في ضمنها كثيراً بحفظ الأمانات وأدائها، يقول الإمام السجاد (عليه السلام) ايضاً: (عليكم بأداء الأمانة، فوالذي بعث محمداً ـ صلى الله عليه وآله ـ، بالحق نبياً لو أن قاتل أبي الحسين بن علي ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديته إليه)(5).

إن الخائن لا قيمة له في نظر الإسلام حتى أنه حكم بقطع يد من يخون بأموال المسلمين طبق شرائط خاصة، وهو يجري قانون العقوبات في حق الخونة بكل قسوة ليرعى بذلك حقوق المجتمع ويحفظ به الأمن العام، وليحي بذلك روح المسؤولية في المجتمع، ولتتوفر به الأرضية المساعدة لنشوء المجتمع الصالح.

إن كل عمل يخالف الحق يشتمل على آثار سيئة لمرتكبيه وسيصابون بنتائجه في الدنيا قبل الآخرة، بالإضافة إلى أنه يكون من عوامل سقوط الإنسانية وانحطاطها.

يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من عمل سوءاً يجز به في الدنيا)(6).

ويقول الدكتور روسكين: (أن كل عمل خطأ أرتكبه في حياتي سيقوم بوجهي فيسلبني سعادتي وهنائي، ويخل بقوة فهمي وإدراكي، والعكس صحيح ايضاً، فإن أي سعي ظهر مني وكل صدق وحق بدى من عملي أو فكري فإنه كان يصاحبني ويشوقني ويقويني في سبيل الوصول إلى المقاصد والآمال. إن القانون الميكانيكي الذي يقول: إن العكس ورد الفعل يتساويان، يصح في علم الأخلاق ايضاً، فإن الأعمال الحسنة والسيئة لها الأثر الإيجابي والسلبي أو الفعلي وردّ الفعلي في أصحابها ومن يتبعهم ويقلّدهم)(7).

يقول مولى المتقين (عليه السلام): (صحة الأمانة عنوان حسن المعتقد)(8).

ويقول أيضاً: (الخيانة دليل على قلة الورع وعدم الديانة)(9).

إن الإيمان سلاح الدفاع للروح، وهو من أهم العوامل التي تستطيع أن تنفذ إلى أعماق روح الإنسان، وهو ينظم أعمال الإنسان وسلوكه بتنظيم دقيق إن الإيمان يحيي في الإنسان حس المسؤولية الفردية والاجتماعية، ويحذره من التلوث بفساد المجتمع، ويسوق المجتمع إلى الحق والصدق، ويسد سبيل المفاسد والخيانات، وهو يضع على الأبوين مسؤولية مهمة في تأسيس أسس السعادة لأولادهم، وأن يمعنوا النظر في أولى عادات أطفالهم، وأن يسرجوا مصابيح الإيمان في قلوبهم، وأن يقووا فيهم المزايا والصفات العالية.

يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام): (إنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته)(10).

ويقول الدكتور ريموند بيج: (أنه لا يكفي أن يراعى الدين في البيت بصورة إجمالية، كلا، بل يجب على الوالدين أن يسلطوا أضواء من الإيمان على جزئيات أعمالهم وسلوكهم وأحاسيسهم وعواطفهم. نزهوا الدين لهم عن القيود المضافة إليه ثم قوموا بترسيخ أصوله ومبانيه المنجية والمتسامية في أعماق أرواحهم الطاهرة والطيبة المنتظرة لنصائحكم ومواعظكم، فإن ذلك يحافظ على اعتمادهم وإيمانهم في أدق مراحل الحياة، وأن ذلك سيمنعهم عن السقوط والانحراف والانحطاط)(11).

وقال علي أمير المؤمنين (عليه السلام): (إن بذوي العقول من الحاجة إلى الأدب كما يظمأ الزرع إلى المطر)(12).

ويقول الدكتور زيلبرت روبن: (قد لا يرضى البعض لو قلت أن الآداب في مثل المشي والتكلم تحصل للإنسان بصورة طبيعية، وبعبارة أخرى، أن ألفباء الحياة نتعلمها في أولى وظائفنا الاجتماعية، وليعلم أن العقل ليس هو الذي يساعد الإنسان على التأدب بالآداب، بل أن الآداب تحكم الإنسان قبل أن يتنبه الفكر لذلك وقبل أن تبدو علائم التكامل في العقل، أي أن الآداب تحكم الإنسان قبل أن يوجد للإنسان فكر أو عقل. نعم إن الآداب لا تستمد من العقل ولكنها تستفيد منه، ولهذا فإني أتألم حينما أسمع أماً تقول في ادب ولدها: أنه سوف يكبر ويفهم، فإنه ما لم يتعود الطفل في صغره على الآداب لم يحصل عليه في الكبر بالعقل والفهم. نعم نستطيع أن نقول: أن الأدب هو العقل الفعال الذي يهدينا من الضلال ويفتتح لأعمالنا أقصر الطرق الصحيحة. وهو يبعدنا عن كل أنواع الركود والجمود. وهو كما يخالف الميول والشهوات والعواطف المتطرفة كذلك يبعدنا عن العداوة والبغضاء والحقد والتنفر عن الناس. وبكلمة أنه هو الذي يجعلنا اجتماعيين ويحذرنا عن إهمال الآخرين والاعتناء بأنفسنا خاصة، إن ذا الأدب لا يصبح وحده بل يكون عالمياً ومن ألسنة المجتمعات، وهو من دواعي يقظة الناس وانتباههم)(13).

أنه على الرغم من المساعي التي تبذل في وضع القوانين الشديدة للتقليل من جرائم الخيانة، وما يبذلونه من يقظة وانتباه في تعديلها، وما هنالك من مؤسسات قضائية وتنفيذية واسعة ومجهزة تكافح عوامل الخيانة، فقد باتت هذه كلها عقيمة لا تنتج كثيراً بل تتسع على رغمها دائرة الجرائم والجنايات يوماً بعد يوم بصورة مهولة وبشكل رهيب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ غرر الحكم: ص505.

2ـ المصدر السابق: ص446.

3ـ المصدر السابق: ص150.

4ـ سفينة البحار: ج1، ص41.

5ـ أمالي الصدوق: ص149.

6ـ نهج الفصاحة: ص592.

7ـ عن الترجمة الفارسية: أخلاق ساموئيل.

8ـ غرر الحكم: ص453.

9ـ المصدر السابق: ص53.

10ـ الوافي: كتاب الكفر والايمان، ص127.

11ـ عن الفارسية: ما وفرزندان ما.

12ـ غرر الحكم: ص224.

13ـ عن الترجمة الفارسية: مجموعة جه ميدانم؟. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.