أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-5-2022
1815
التاريخ: 28-5-2022
1181
التاريخ: 28-5-2022
1240
التاريخ: 28-5-2022
2234
|
نظرا لانفتاح بلاد الرافدين على العالم الخارجي ، فقد ازدهرت التجارة ، وهذا ما تشهد به الأعداد الضخمة من العقود المدونة باللغتين السومرية و الأكدية ، فقد اعتبر المشرع العراقي القديم أن كل نشاط تجاري ، و كل اتفاق ذي وزن يجب بأن يحرر كتابيا وبحضور شهود عليه ، و لهذا فقد رأوا في كل زواج دون عقد مدون باطل (انظر الصفحة)،ولو كان الشريكان قد تزوجا منذ زمن بعيد .وغالبا ما كانت تحفظ هذ ه العقود في غلاف طيني مختوم ، و ذلك بهدف حماية النص المدون قدر الامكان من التخريب والتغييرات التعسفية، و قد يعاد تدوين النص كاملا أو أهم ما جاء فيه على الغلاف . ومن الموضوعات الرئيسية التي تناولتها العقود : مسائل تتعلق بالبيع و الإيجار ومبادلة البضائع ، و تجارة الأراضي الزراعية والبيوت و الحيوانات ، وكذا مسائل الرهن والكفالة ، والشراكة والهبات (1)
ويلاحظ أن التشريعات في بلاد الرافدين لم تتضمن كل القواعد و الأحكام ، لاسيما العرفية منها ، بل تناولت بعض المسائل التي كان تمحل غموض و اختلاف ، و التي برزت من خلال العقود العملية (2) ويبقى التساؤل حول طبيعة العقود العراقية القديمة : هل هي عقود رضائية بحيث تنعقد بمجرد توافق إرادتي البائع و المشتري أم هي عقود شكلية يتم التعبير عنها بشكل معين؟
يذهب الرأي الغالب إلى القول أن العقود في بلاد الرافدين ، و خاصة عقود البيع ،هي عقود رضائية ، بالرغم من كتابتها على ألواح ، ووضع أسماء الشهود و أختامهم عليها حيث تعتبر الكتابة والشهادة وسائل إثبات و ليس ركني في العقد ، ولذا فقد يكون العقد مدونا ،وقد يكون شفاهة ، وبدون حضور شهود . ومع ذلك فقد وردت عقود شكلية حسب ما نص عليه تشريع حمورابي ، فعقد الوديعة مثلا ، ينبغي أن يدون و بحضور شهود ، فالعقد الذي لا يتضمن هذين الشرطين لاتصح بشأنه الدعوى عند إنكار المودع (3) . و هذا ما نصت عليه المادة 122 " لو أراد أحد أن يعطي آخر فضة أو ذهبا أو أي شيء مهما كان نوعه ليحفظها أمانة عنده ، عليه أن يحضر شهود ا ، ويبرم عقد ا ثم يعطيه الأمانة ليحفظها عنده " وتضيف المادة 123 " ولو ائتمنه على شيء دون شهود أو عقد ثم نازعه عليه ، لا يتخذ بحق المؤتمن لديه أي إجراء قانوني " (4) كما وردت عقود أخرى تناولت موضوع الإيجار بمختلف أن واعه ( بيوت ، قوارب حيوانات ، أراضي زراعية ...) ، ويحتل النوع الأخير القسم الأكبر من عمليات التأجير ، حيث يبدو من خلالها حرص المشرعين في بلاد الرافدين على استثمار الأرض بأي ثمن ، لأن الأراضي الخصبة كانت محدودة ، كما أن تضخم عدد السكان ، و ازدياد نسبة الملوحة في الأراضي قد فرض إستغلال كل بقعة ممكنة ، ولذا كان التهاون في استغلالها يعتبر جرما يعاقب عليه المهمل . (5) وهو ما جاء في المادة 42 من قانون حمورابي "لو استأجر سيد حقلا ليقوم بحراثته واستثماره ، لكن الحقل لم يعط حبا لأن الرجل لم يزرعه يثبتون أنه لم يعمل في الحقل ويدفع لمالك الحقل حبا بمقدار محصول الحقول المجاورة له " (6) وهو تقريبا ما تنص عليه المادة 29 من قانون أورنامو " لو أجر أرضا زراعية (لرجل آخ ر) ليعمل على حراثتها لكنه لم يقم بذلك مما جعل الأرض تتحول أرضا بورا غير صالحة للزراعة، يدفعه للمؤجر ثلاث كور من الشعير على كل إيكو من الأرض "(7) كما تطرقت التشريعات العراقية إلى التزامات كل من المؤجر و المستأجر ، و ما يترتب عن عملية التأجير ، إذ يلتزم المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المأجور ، وبالمقابل يلتزم الأخير بدفع الأجرة المتفق عليها ، و أن يحافظ على الشيء الذي استأجره ، وإذا أهمله بحيث أصابه تلف أو هلاك فعليه أن يعوض صاحبه عن الأضرار التي سببها له (8) كما جاء في المادة 60 من قانون حمورابي " إن أعطى سيد حقلا لبستاني ليشتله وقام البستاني بذلك عليه أن يعتني بالبستان لمدة أربع سنوات ، و يتقاسمان الأرباح مناصفة في السنة الخامسة مع أفضلية الحصص لصاحب الحقل " وتضيف المادة 61 ، « لو لم يشتل البستاني الحقل بأكمله و إنما ترك جزء منه بلا غراس يلزمونه بالجزء الخالي منه " (9) وقد لعبت القروض و علاقات الدائن بالمدين دورا بارزا في الحياة اليومية للعراقي القديم ، تشهد على ذلك كثرة الوثائق و العقود المكشفة ، فضلا عن التشريعات التي عالجت قضايا الديون وانعكاساتها على الدولة (10) واحتل موضوع الفوائد حيزا كبيرا من إهتمام المشرع ، و أجبره على تحديد نسبة الفائدة حيث تنص المادة 18 من تشريع أشنونا " فائدة كل شيكل من الفضة 1/6 شيكل وستة قمحات على كل كور من الشعير بانا واحدا وأربع سيه" (11) ونجد نفس النسبة في تشريع حمورابي كما جاء في المادة : 88 " إذا أقرض رجل حبوبا بفائدة يسترد 1/6 شيكل وستة سيه على كل شيكل" وتحذر الماد ة 90 من تجاوز نسبة الفائدة المحددة بالقوانين ، وذلك بفقدان المرابي لقرضه الذي منحه للمدين : " لو رفع تاجر نسبة الفائدة إلى ما فوق الستين كو على كور من الحبوب ، أو إلى ما فوق سدس الشيكل وستة سيه على كل شيكل وأخذها ، يغرم بكل ما أقرض (12) .
____________
1- ف. فون زودن ، مدخل إلى حضارات الشرق القديم ، تر: فاروق إسماعيل ، ط 1، دار المدى ، دمشق ، 2003 ، ص 156.
2 - شعيب أحمد الحمداني ، قانون حمورابي ، المكتبة الوطنية ، بغداد ، 1989 ، ص 129 .
3- المرجع نفسه ص 133 ، إسراء جاسم العمران ، قانون حمورابي (مشروع كتاب)،على الموقع،www.ao-academy.org ص 42 .
4- ألبريشت جونز وآخرون ، شريعة حمورابي وأصل التشريع في العراق القديم ، تر: أسامة سراس، ط 3 ، دار علاء الدين ، دمشق ، 2003 ، ص 111 .
5 - هورست كلينكل ، حمورابي وعصره ، تر: وحيد خياطة، ط 1، دار المنارة ، دمشق، 1990 ، ص 203
6- ألبريشت جونز وآخرون ، المرجع السابق ، ص 101 .
7 - المرجع نفسه ، ص 138 .
8- شعيب أحمد الحمداني ، قانون حمورابي ، المكتبة الوطنية ، بغداد ، 1989 ، ص 136 .
9 - ألبريشت جونز وآخرون ، المرجع السابق ، ص 104 .
10- هورست كلينكل ، المرجع السابق ، ص 211 .
11 - ألبريشت جونز وآخرون ، المرجع السابق ، ص 151.
12- البريشت جونز واخرون ، المرجع نفسه ، ص 106 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|