أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1708
التاريخ: 1-07-2015
1783
التاريخ: 9-1-2019
1527
التاريخ: 1-07-2015
1780
|
أما في البدن فقد اختلف الناس في تفريق الجسم و اتصاله على مذاهب، فأكثر الفلاسفة على ان الجسم مركّب من الهيولي و الصورة الجسمية و الصورة النوعية، و إذا تفرق الجسم و تلاشى قالوا انعدمت صورتاه الجسمية و النوعية، وبقيت الهيولى تفاض عليها صورة جسمية و صورة نوعية مغايرتان للأولى. والمحقق الطوسي و جملة من الحكماء من النافين للهيولى و الجزء الذي لا يتجزأ، يقولون بعدم انعدام جزء من الجسم عند التفرق بل ليس الجسم إلا الصورة و هي باقية في حال الاتصال و الانفصال لا ينعدم شيء منها، بل إنما ينعدم عرض منه من الاتصال و الانفصال اللذان هما عرضان. وهذا القول في غاية المتانة إلا أنه لا يدفع شبهة استحالة إعادة المعدوم، وأكثر المتكلمين لأجل دفع هذه الشبهة قالوا بالجزء الذي لا يتجزأ، وان الأجسام متفقة الحقيقة لا ينعدم شيء منها إذا تفرقت، إذا عرفت ذلك فعلى القول الأول لا بد في القول بإثبات المعاد بمعنى عود الشخص بجميع أجزائه من القول بإعادة المعدوم، إذ بناء على مذهبهم ان الصورة الجسمية والنوعية قد انعدمتا فلا بد من إعادتهما بعد عدمهما بجميع أجزائهما. وأما القائلون بالأخيرين فقد ظنوا التخلص عن ذلك، وانه يمكنهم القول بالحشر الجسماني بهذا المعنى، وعدم القول بجواز إعادة المعدوم و فيه نظر، إذ ظاهر انه إذا أحرق جسد زيد وذرت الرياح ترابه لا يبقى تشخص زيد وان بقيت الصورة و الأجزاء، بل لا بد في عود الشخص بعينه من عود تشخصه بعد انعدامه، اللهم إلاّ أن نختار ما ذهب إليه بعض المتكلمين من ان تشخص الشخص إنما يقوم بأجزائه الأصلية المخلوقة من المني، وتلك الأجزاء باقية في مدة حياة الشخص و بعد موته و تفرق أجزائه، فلا يعدم التشخص و يومئ إلى ذلك رواية عمار المتقدمة.
وروى العامة ما يقرب منها، وعلى هذا
فلو انعدم بعض العوارض الغير الشخصية و أعيد غيرها مكانها لا يقدح في كون الشخص
باقيا بعينه، ثم ان القائلين بامتناع إعادة المعدوم قد أتوا بأدلة واهية :
أولها:
انه لو جاز إعادة المعدوم جاز إعادة
وقته الأول إذ هو من المشخصات، وذلك يقتضي كون الشيء مبتدأ من حيث انه معاد و هو
باطل.
ثانيها:
انه يفضي إلى صدق النقيضين من المبدأ و
المعاد عليه دفعة و هو باطل.
ثالثها:
ان زمان الابتداء و الإعادة يجب ان
يكون واحدا للماهية و الوجود، فلا فرق بينهما إلا بوجود الأول في زمان و الثاني
في غيره فيكون للزمان زمان و يلزم أيضا إعادته فينقل الكلام إليه و يتسلسل.
رابعها:
ان العدم المتخلل بين المبتدأ و المعاد
يقتضي إما تغايرهما أو تخلل العدم بين الشيء و نفسه و كلاهما باطل، أما الأول
فلأنه خلاف المفروض، وأما الثاني فبالبديهة.
خامسها:
ان المعدوم ليس له هوية ثابتة فتمتنع
الإشارة العقلية إليه فلا يحكم عليه بصحة العود.
و الجواب عن الثلاثة الأول:
ان الزمان ليس من المشخصات، وادعاء ذلك
سفسطة. وحكي ان بعض تلامذة أبي علي كان مصرا على ذلك فبحث مع أستاذه فيه، فقال الأستاذ
لا يلزمني جوابك لأني غير من كان يباحثك، على ان المجوزين قائلون بأن الزمان اعتباري
لا تحقق له في الخارج فالتسلسل فيه جائز.
و الجواب عن الرابع:
انه لو تم لدل على امتناع بقاء شخص
ثلاث ساعات لتخلل الوسطى بين الشيء و نفسه.
و الجواب عن الخامس:
ان الصحة بمعنى عدم الامتناع، فيحكم
بها عليه كما يحكم على الأمور العدمية بالأمور العدمية.
إذا تمهد هذا فاعلم ان القول بالحشر
الجسماني على تقدير عدم القول بامتناع إعادة المعدوم، حيث
لم يتم دليل عليه بيّن لا إشكال فيه. وأما على القول به فيمكن أن يقال يكفي في المعاد
كونه مأخوذا من تلك المادة بعينها، أو من تلك الأجزاء بعينها، لا سيما إذا كان شبيها
بذلك الشخص في الصفات و العوارض بحيث لو رأيته لقلت انه فلان، إذ مدار اللذات و
الآلام على الروح و لو بواسطة الآلات و هو باق بعينه، ولا تدل النصوص إلا على إعادة
ذلك الشخص بمعنى انه يحكم عليه عرفا انه ذلك الشخص، كما انه يحكم على الماء الواحد
إذ أفرغ في إناءين انه هو الماء الذي كان في إناء واحد عرفا و شرعا و ان قيل بالهيولى
و لا تبتني الاطلاقات الشرعية و العرفية و اللغوية على أمثال تلك الدقائق الحكمية والفلسفية،
ولذا يقال للشخص من الصبا إلى الشيخوخة انه هو بعينه و إن تبدلت الصور والهيئات، بل
كثير من الأعضاء و الآلات إذا قطعت يطلق عليه انه ذلك الشخص أيضا، ولا يقال لمن
جنى في الشباب فعوقب في المشيب انها عقوبة الغير الجاني و ذلك إما لبقاء الأجزاء
الأصلية من البدن ...، أو لأن العبرة في ذلك بالإدراك و إنما هو للروح و لو بواسطة
الآلات.
ويرشد إلى ذلك كثير من الآيات و
الروايات كقوله تعالى: { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ
عَلَى أَنْ يَخْلُقَ } [يس: 81] ، وقوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى
أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ } [الواقعة:
60، 61] وقوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا
لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56] ويجمع بينها و بين الآيات الدالة على ان
المعاد في الآخرة هو عين هذا الجسم الميت، كقوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي
أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ } [يس: 79] ونحوها.
ويشهد لذلك ما روي مستفيضا في الاحتجاج
و أمالي الشيخ و غيرهما إن ابن أبي العوجاء
سأل الصادق عليه السّلام عن قوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ
جُلُودًا غَيْرَهَا } [النساء: 56] ما ذنب الغير، قال ويحك هي هي وهي غيرها، قال
فمثّل لي ذلك بشيء من أمر الدنيا، قال نعم أ رأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم
ردها في ملبنها فهي هي وهي غيرها.
وفي رواية الأمالي أرأيت لو أن رجلا
عمد إلى لبنة فكسرها ثم صبّ عليها الماء و
جبلها ثم ردها إلى هيئتها الأولى ألم تكن هي هي و هي غيرها، فقال بلى أمتع اللّه
بك فإن الظاهر ان مراده انه يعود شخصه بعينه، و إنما الاختلاف في الصفات و
العوارض غير المشخصات، أو أن المادة متحدة و إن اختلفت التشخصات و العوارض و يرشد
إلى ذلك ... قول الصادق عليه السّلام في البدن البرزخي، لو رأيته لقلت هذا فلان، و
ما ورد من أن أهل الجنة جرد مرد، وما ورد ان المتكبرين يحشرون على صورة الذر، و
ما ورد في طرق الجمهور انه يحشر بعض الناس على صور تحسن عندها القردة و الخنازير،
و كون ضرس الكافر مثل جبل أحد تغليظا للعقوبة و نحو ذلك. فإن تشخص البدن ليس إلا
بالنفس و لا يتعين إلا بها و لهذا يكون بدن زيد و أعضاؤه تنسب إليه و تعرف به و
تحكم بوحدته، وان تبدل أنواعا من التبدل فجوهرته واحدة في الدنيا والآخرة، وروحه
باق مع تبدل الصور عليه من غير تناسخ باطل ...، وكلما نشأ من عمله الذي كان يعمله
في الدنيا من خير أو شر يعطى قالبا مناسبا لذلك أو يتجسم ذلك العمل و الاعتقاد
بقالب مناسب لذلك على أحد القولين، من تجسم الأعمال في الآخرة أو خلق أجساد
بإزائها تناسبها، فلكل خلق من الأخلاق المذمومة والهيئات الرديئة المتمكنة في
النفس صورة كصور أبدان الأسود لخلق التجبر والتهور، وأبدان الثعالب و أمثالها
للخبث و الروغان، وأبدان القردة وأشباهها للمحاكاة و السخرية، وأبدان الطواويس و
نظائرها للعجب، والخنازير للحرص، والديك للشهوة، ونحو ذلك. وكذا بإزاء كل مرتبة
قوية أو ضعيفة من خلق ما صوره بدن نوع خاص من الحيوانات، كعظم الجثة لشديد ذلك
الخلق و صغرها لضعيفه، هذا والأحوط و الأولى التصديق بما تواتر في النصوص و علم
ضرورة من ثبوت الحشر الجسماني و سائر ما ورد فيه من الخصوصيات، وعدم الخوض فيما
زاد على ذلك إذ لم نكلف به، وربما أفضى التفكر في دقائق هذه الأمور وكيفيتها إلى
القول بخلاف الواقع و لم نعذر في ذلك، والغرض من التعرض لهذه الدقائق دفع شبه
الملحدين و المعاندين و اللّه العالم بحقائق الأمور.
روى القمي في تفسيره بسند كالصحيح عن
أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إن إبراهيم
عليه السّلام نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع البر و سباع البحر، ثم تثب السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا، فتعجب
إبراهيم فقال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ
بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ
إِلَيْكَ} [البقرة: 260].
فأخذ إبراهيم الطاوس و الديك و الحمام
و الغراب، قال اللّه تعالى فصرهن أي قطعهن ثم اخلط لحمهن و فرقها على عشرة جبال، ثم
خذ مناقيرهن و ادعهن يأتينك سعيا، ففعل إبراهيم ذلك و فرقهن على عشرة جبال ثم
دعاهن فقال أجبنني بإذن اللّه تعالى، فكانت تجتمع و يتألف لحم كل واحد و عظمه إلى
رأسه و طارت إلى إبراهيم، فعند ذلك قال ابراهيم ان اللّه عزيز حكيم.
وروى الطبرسي في الاحتجاج عن هشام بن
الحكم أنه قال الزنديق للصادق عليه السّلام أنى
للروح بالبعث و البدن قد بلي و الأعضاء قد تفرقت، فعضو في بلدة تأكله سباعها، وعضو
بأخرى تمزقه هوامها، وعضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط.
قال عليه السّلام: الذي أنشأه من غير
شيء و صوّره على غير مثال كان سبق إليه قادر أن يعيده كما بدأه. قال أوضح
لي ذلك. قال: إن الروح مقيمة في مكانها ، روح المحسنين في ضياء و فسحة، و روح المسيء
في ضيق و ظلمة، والبدن يصير ترابا منه خلق و ما تقذف به السباع و الهوام من
أجوافها مما أكلته ومزقته، كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يغرب عنه مثقال ذرة في
ظلمات الأرض و يعلم عدد الأشياء و وزنها، وإن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب،
فإذا كان حين البعث مطرت الأرض فتربوا أي تنمو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير
تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء و الزبد من اللبن إذا مخض، فيجتمع
تراب كل قالب فينقل بإذن اللّه تعالى إلى حيث الروح، فتعود الصور بإذن المصور
كهيئتها و تلج الروح فيها، فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا. الخبر.
وروى الصدوق في الصحيح عن الصادق عليه
السّلام قال: إذا أراد اللّه أن يبعث الخلق أمطر
السماء على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال و نبتت اللحوم.
وعن السجاد عليه السّلام قال: عجبا كل
العجب لمن أنكر الموت و هو يرى من يموت كل
يوم و ليلة، والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة الآخرة و هو يرى النشأة الأولى.
قال بعض العارفين لو سمع عاقل قبل أن
يشاهد أن إنسانا حرك نفسه فوق امرأة مرارا كما
يحرك الممخض، وخرج من بعض أجزائه شيء مثل زبد سيال، فيخفي ذلك الشيء في بعض
أجزاء المرأة و يبقى مدة على هذه الحالة، ثم يصير علقة، ثم العلقة تصير مضغة، ثم المضغة
تصير عظاما، ثم تكسى العظام لحما، ثم تحصل منه الحركة فيخرج من موضع لم يعهد خروج
شيء منه على حالة لا تهلك أمه و لا يشق عليها ولادته، ثم يفتح عنه و يحصل في ثدي
الأم مثل شراب مائع و لم يكن فيها قبل ذلك شيء، ويغتذي به الطفل إلى أن يصير هذا
الطفل بالتدريج صاحب صناعات و استنباطات، بل ربما يكون هذا الذي أصله نطفة وهو عند
الولادة أضعف خلق اللّه عن قريب ملكا جبارا قهارا يملك أكثر العالم و يتصرف فيه، فإن
التعجب من ذلك أكثر و أوفر من التعجب من النشأة الثانية، وإلى ذلك أشير في القرآن
بقوله سبحانه: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ}
[الواقعة: 62].
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|