أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-11-2018
24238
التاريخ: 11-7-2022
1155
التاريخ: 17-5-2017
2550
التاريخ: 22-10-2016
2008
|
أسباب الفقر
تختلف أسباب الفقر من بلد إلى آخر، فيكون للفقر عادة عوامل داخلية و عوامل خارجية تعمل على نماء الفقر أو تدني نسبته، وتساهم ندرة الموارد الطبيعية والبشرية في بروز ظاهرة الفقر، أو عدم وجود الكوادر البشرية القادرة على استغلال تلك الموارد، أو غياب التخطيط التنموي، أو الإسراف في استغلال الموارد من قبل الأجيال السابقة، وأحيانا يظهر الفساد المالي والإداري كعامل مهم في سلب خيرات الشعوب وانتشار الفقر، لذا فالظاهرة معقدة ولكل بلد أو أقليم أسبابه، فعدم وجود الموارد الطبيعية لا يتسبب دائما في انتشار الفقر. إذ أوضحت تجارب التنمية خلال النصف قرن الأخير أن العنصر البشري قادر على تحقيق التنمية، حتى مع ندرة أو قلة الموارد المادية في المجتمع، كما هو الحال في اليابان ودول جنوب شرق آسيا، عن طريق تحسين نوعية حياة البشر وتوسيع الخيارات المتاحة أمام الناس، بتمكينهم من الحصول على الموارد اللازمة وتطوير قدراتهم الفنية والصحية وإكسابهم المعارف والمهارات المختلفة وتحسين ظروف البيئة المحيطة بهم(1).
إن أسباب انتشار الفقر لا تقتصر على ندرة الموارد الطبيعية والسياسات الاقتصادية للدولة، بل تتوقف أيضا على اتجاهات الاقتصاد العالمي والمتغيرات الخارجية المؤثرة على ظاهرة الفقر أو على الحد منها. إذ أن فقر الدول المتخلفة لا يعتبر دليلا على عدم وجود العوامل والقوى الكامنة المؤدية إلى التقدم، وإنما هو الافتقار إلى الطرق والوسائل التي بواسطتها يمكن لهذه العوامل وتلك القوى أن تصبح قادرة على خلق نمو منشود. تعود ظاهرة الفقر إلى جملة من الأسباب والمتغيرات المعقدة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وأهمها ما يتعلق بالمؤشرات الخاصة بتوزيع الدخل والضمانات الاجتماعية، إذ أن برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولاسيما في الدول النامية، لم تنطلق من رؤى وحاجات داخلية، بل جاءت في سياق تنفيذ استراتيجية اقتصادية عامة، والمقلق هو اتساع ظاهرة الفقر، كونه يرتبط بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية، إذ تعتبر السياسات الاقتصادية الموجهة لصالح الطبقة الغنية إحدى أهم آليات إنتاج الفقر، والسياسة النقدية التي تؤثر على سعر الفائدة هي أهم السياسات المسببة للفقر، باعتبار أن سعر الفائدة يؤثر في خفض الحوافز المرتبطة بالاستثمار سواء المحلي أو الاجنبي، ويسبب ذلك انخفاض الطلب على العمالة. وقد ارتفع متوسط معدل البطالة في البلدان العربية إلى أكثر من 15٪، كما أدى انخفاض النمو الاقتصادي العربي إلى ارتفاع معدل البطالة، إذ لم تتجاوز نسبة النمو 1.2، وذلك في الفترة الممتدة من عام 1980 إلى العام 2000. وأدت السياسات النقدية إلى ارتفاع معدلات التضخم، خاصة في البلدان العربية المنخفضة الدخل، مثل السودان واليمن والصومال وموريتانيا، وأثر ذلك سلبية على خفض القيمة الشرائية، ومن ثم على السياسات المالية للدولة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عبر آليات توزيع الدخل، ومن خلال الضرائب المباشرة وغير المباشرة. وأفضت الأوضاع غير التنافسية إلى التطرف في توزيع الفائض الاقتصادي لصالح رأس المال دون الأجر، إضافة إلى أن تخصيص مبالغ هائلة للإنفاق العسكري أدى إلى تراجع الاهتمام بالرعاية الاجتماعية، وتراجعت دور الرعاية الاجتماعية تبعا لسياسات الأنفاق المتبعة، فضلا عن أن الأزمات الاقتصادية في بعض البلدان العربية أدت إلى هروب رؤوس الأموال الدولية، وأسهمت في إنتاج الفقر، بسبب انخفاض الطلب على العمل وتدني الأجور(2).
ومن الناحية الفلسفية، هناك من يفسر مشكلة الفقر وفقاً لسياقات التدرج الاجتماعي، إذ ينظر للتفاوت في الثروة بصفته البديهية الأساسية في تاريخ المجتمعات البشرية منذ القدم على عدها جزءاً من التكوين الطبيعي الضروري لقيام الحياة، حيث يأخذ كل شخص دوره في الحياة، من خلال تباين الاستعدادات الفطرية والمهارية المكتسبة، فضلاً عن اختلاف المهن والأدوار والمهام الاجتماعية. لذا نجد أن من يمتلك إمكانات ومهارات وخبرات يحصل على دخول مادية ومعنوية أكبر، في حين تبقى النشاطات والمهن والدخول الأدنى لأصحاب العطاء المتواضع. وتأسيساً على ذلك، يؤكد أصحاب هذا القول على أن محاولة التمرد على الفقر تسهم في تولد المشكلات والعلل الاجتماعية.
إن الرأي الأكثر قبولاً هو أن الفقر ليس حالة ملازمة للإنسان وكذلك الغنى، كما أن هذا الاختلاف لا يشترط كونه من الضروريات الأساسية للتفاعل الاجتماعي في الحياة، مع الاعتراف بتعدد الأدوار التي يؤديها بنو البشر تبعاً لاستعداداتهم الذهنية والمهارية، سواء كانت فطرية أو مكتسبة. كما أن محاولة التمرد على الفقر بكل أنواعه لا يشترط معها وجود مشكلات أو تحديات اجتماعية، لأنها وفقاً للفطرة السليمة، لا تتم إلا من خلال الجوانب والأسباب الطبيعية والمشروعة. ويسهم التنوع الاثني والعرقي في بروز ظاهرة الفقر من خلال تأثيراته على التنمية الاقتصادية وتراجع المردودات الاقتصادية، وفي السنوات الأخيرة كان هناك اهتمام متزايد بالنتائج الاقتصادية لعدم التجانس العرقي. ففي العديد من الحالات، يولد الاختلاف العرقي النزاعات التي يمكن أن تسهم في عدم الاستقرار السياسي واندلاع الحروب الأهلية، الأمر الذي يمكن أن يؤثر سلبياً على معدل الاستثمار وزيادة الاستهلاك العام على الأسلحة، وانخفاض مستوى الاستثمار بصورة عامة، الأمر الذي يؤدي إلى تفشي الفقر(3). كما أن الاقتصاد وحيد الجانب من الأمور الذي يعرض الاقتصاد إلى هزات اقتصادية تؤدي إلى تفشي ظاهرة الفقر ببعديها الفردي والمجتمعي، كما هو الحال بالنسبة للارتفاع المتسارع في استثمار الثروة النفطية الذي يؤدي إلى انهيار أسعار النفط وبالتالي تراجع وتيرة التنمية والاستثمار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سعد طه علام، التنمية والمجتمع، عربية للطباعة والنشر، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2007، ص147 .
(2) سمير التنير، الفقر والفساد في العالم العربي، دار الساقي، بيروت، 2009.
(3) Jose G., (2005), Ethnic diversity and economic development, Montalvoa, p293. journal of development economics, Spain, pp. 293.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|