المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
الجهاز التناسلي الذكري في الدجاج الجهاز التنفسي للدجاج محاسبة المسؤولية في المصرف (الإدارة اللامركزية والعلاقات الإنسانية ـــ الإدارة اللامركزية في المصرف) أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون المدني أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون الإداري دور التشريعات والسلطات الرقابية في تسعير المنتجات والخدمات المصرفية موضوع الملاحظة في الاستنباط القضائي ملكة الاستنباط القضائي الجهاز الهضمي للدجاج إستراتيجيات تسعير المنتجات والخدمات المصرفية في الاطار الرقابي (انواع المنتجات والخدمات المصرفية) طـرق تـحديـد سعـر الفـائـدة علـى القـروض السـكـنـيـة (العـقاريـة) تـحليـل ربحيـة العميـل من القـروض الاستـهلاكيـة (الشخصيـة) المـقـسطـة الدجاج المحلي العراقي معجزة الدين الاسلامي موضوع الإعجاز


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الوصايا الذهبية  
  
1246   03:24 مساءً   التاريخ: 5-6-2022
المؤلف : محَّمد الكَاتب
الكتاب أو المصدر : كيف تُسعِدُ ابناءَكَ وتُربيهُم بِنجاح؟
الجزء والصفحة : ص247 ـ 261
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /

إذا أحسست بالرغبة أو الحاجة، في نصح أبنائك، وتقديم الوصـايا الحياتية لهم، أرجو منك ـ قبل ذلك ـ أن تقرأ وتدرس هذه الوصايا الذهبية الخالدة.. إنها وصايا قدمها أعظم قائد في الإسلام بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهو الإمام علي (عليه السلام)، وقد قدمها لأبنه الإمام الحسن بعد معركة صفين.. ولعل سر عظمتها وخلودها أنها تنبع من وحي الرسالة الإلهية، وتفيض بالتجارب في كل كلمة منها، وتورق بالحكمة في كل عبارة من عباراتها.. ما زالت الوصايا تنشر منذ أكثر من ألف وثلاثمائة عام، ويعاد نشرها في مئات الكتب والدراسات التربوية في طول البلاد وعرضها.

كما أنها ترجمت الى عدة لغات أجنبية، واُلقيت في المحـاضـرات والمجالس، ومن فوق أعـواد المنابر واُذيعت على أمواج الأثير في مناسبات عديدة. وتعتبر من جملة الوصايا المهمة في كتاب نهج البلاغة، وهي بحق أفضل وصايا قدمها أب لأبنه على مدى التاريخ.. وقيمتها أنها لازالت تنضح بالحيوية والفائدة بالرغم من قدمها، ومرور القرون والدهور عليها.

والآن لنطلع على جواهرها، ومضمونها العميق بكل تفكر، وتدبر، وهي بالطبع ليست للأبناء فقط، وإنما لكل إنسان في هذه الحياة، حيث يقول الإمام علي (عليه السلام): (من الوالد الفان..

المقر للزمان، المدبر العمر، المستسلم للدنيا، الساكن مساكن الموتى، والظاعن عنها غداً.. الى المولود المؤمل ما لا يدرك..

السالك سبيل من قد هلك، غرض (هدف) الأسقام، ورهينة الأيام، ورمية المصائب، وعبد الدنيا، وتاجـر الغـرور، وغريم المنايا، وأسيـر الموت، وحليف الهموم، وقرين الأحزان، ونصب الآفات (العلل) وصريع الشهوات، وخليفة الأموات.

أما بعد..

فإن فيما تبينت من أدبار الدنيا عني، وجموح الدهر (تغلبه) علي، وإقبال الآخرة إليّ، ما يزعني (يكفني) عن ذكر من سواي، والاهتمام بما ورائي غير أني حيث تفرد بي دون هموم الناس هم نفسي، فصدفني (صرفني) رأيي، وصرفني عن هواي، وصرح لي محض أمري، فأفضى لي الى جدٍ لا يكون فيه لعب، وصدق لا يشربه كذب.

ووجدتك بعضي، بل وجدتـك كلي، حتى كأن شيئاً لو أصابـك أصابني، وكأن الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي، فكتبت إليك كتابي مستظهراً (مستعيناً) به أن أنا بقيت لك أو فنيت.

فإني أوصيك بتقوى الله ـ أي بُني ـ ولزوم أمره، وعمرة قلبك بذكره. والاعتصام بحبله، وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله أن أنت أخذت به!

أحي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهادة، وقوة باليقين، ونوره بالحكمة، وذلـله بذكر الموت، وقرره بالفناء، وبصره فجائع الدنيا، وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الليالي والأيام، واعرض عليه أخبار الماضين، وذكره بما أصاب من كان قبلك من الأولين..

وسر في ديارهم وآثارهم، فانظر فيما فعلوا وعما انتقلوا، وأين حلوا ونزلوا! فإنك تجدهم قد انتقلوا عن الأحبة، وحلوا ديار الغربة، وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم..

فأصلح مثواك، ولا تبع آخرتك بدنياك، ودع القول فيما لا تعرف، والخطاب فيما لم تُكلف، وامسك عن طريق إذا خفت ضلالته، فإن الكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال.

وأمر بالمعروف تكن من أهله، وأنكر المنكر بيدك ولسانك، وباين (باعد) من فعله بجهدك، وجاهد في الله حق جهاده، ولا تأخذك في الله لومة لائم.

وخض الغمرات للحق حيث كان، وتفقه في الدين، وعـود نفسـك التصبر على المكروه، ونعم الخُلق التصبر في الحق! والجئ نفسك في أمورك كلها الى إلهك، فإنك تلجئها الى كهف حريز، ومانع عزيز.

وأخلص المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان وأكثر استخارة (جالـة الرأي) وتفهم وصيتي، ولا تذهبن صفحاً، فإن خير القول ما نفع، واعلم أنه لا خير في علم لا ينفع، ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه.

أي بني.. إني لما رأيتني قد بلغت سناً، ورأيتني أزداد وهناً، بادرت بوصيتي إليك، وأوردت خصالاً منها قبل أن يعجل بي أجلي دون أن أفضي إليك بما في نفسي، أو أن أنقص في رأي كما نُقصتُ في جسمي أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا، فتكون كالصعب النفور (الفرس غير المذلل) وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته.

فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك، ويشتغل لبك، لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته (طلب) وتجربته، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب، وعوفيت من علاج التجربة، فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه واستبان لك ما ربما أظلم علينا منه.

أي بُني.. إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي، فقد نظرت في أعمالهم، وفكرت في أخبارهم، وسرت في آثارهم، حتى عدت كأحدهم، بل كأني بما أنتهي إلي من أمورهم قد عُمرت مع أولهم الى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره.

فاستخلصت لك من كل أمر نخيلة (المصفّى) وتوخيت لك جميله، وصرفت عنك مجهولة، ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق واجمعت عليه من أدبك أن يكون ذلك وأنت مقبـل العمر ومُقتبل الدهر، ذو نية سليمة، ونفس صافية، وأن ابتدئك بتعليم كتاب الله (عز وجل) وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه، وحلاله وحرامه، لا أجاوز ذلك بك الى غيره.

ثم أشفقت (خفت) أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهـوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم، فكان إحكام، ذلك على ما كرهت من تنبيهك له أحب إلي من إسلامك إلى أمر لا أمن عليك به الهلكة، ورجـوت أن، يوفقك الله فيه لرشدك، وأن يهديك لقصدك فعهدت إليك وصيتي هذه.

واعلم يا بُني.. أن أحب ما أنت آخذ به إلي من وصيتي تقـوى الله والاقتصار على ما فرضه الله عليك، والأخـذ بما مضى عليه الأولون من آبائك، والصالحون من أهل بيتك، فإنهم لم يدعوا إن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر، وفكروا كما أنت مفكر، ثم ردهم آخر ذلك الى الأخذ بما عرفوا، والإمساك عما لم يكلفوا، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك أن تعلم كما علموا فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلم، ولا بتورط الشبهات، وعُلق الخصومات.

وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك، والرغبة إليه في توفيقك وترك كل شائبة أو لجتك في شبهة، أو أسلمتك إلي ضلالة، فإن أيقنت أن قد صفا قلبـك فخشع، وتم رأيك فاجتمع، وكان همك في ذلك هماً واحداً، فانظر فيما فسّرتُ لك، وإن لم يجتمع لك ما تحب في نفسك، فراغ نظرك وفكرك، فاعلم لك إنما تخبط العشـواء (الناقة الضعيفة البصر) وتتورط الظلماء، وليس طالب الدين من خبط أو خلط، والإمساك عن ذلـك أمثل.

فتفهم يا بُني وصيتي..

واعلم أن مالك الموت هو مالك الحياة وإن الخالق هـو المميت، وإن المفني هو المعيد، وإن المبتلي هو المعافي، وإن الدنيا لم تكن لتستقـر إلا على ما جعلها الله عليه من النعماء، والابتلاء، والجزاء في المعاد، أو ما شاء مما لا تعلم، فإن أشكل عليك شيء من ذلك فاحمله على جهالتك، فإنك أول ما خُلقت به جاهلاً ثم عُلمت، وما أكثر ما تجهل من الأمر، ويتحير فيه رأيك، ويضل فيه بصرك ثم تبصره بعد ذلك!

فاعتصم بالذي خلقك ورزقك، وليكن له تعبدك وإليه رغبتك، ومنه شفقتك.

واعلم يا بُني.. أن أحداً لم ينبيء عن الله كما أنبأ عنه الرسول - صلى الله عليه وآله ـ فارض به رائداً، والى النجاة قائداً، فإني لم آلك (لم أقصر) نصيحة، وأنك لن تبلغ في النظر لنفسك ـ وإن اجتهدت ـ مبلغ نظري لك.

واعلم يا بُني.. إنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار مُلكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه، ولا يُضاده في ملكه أحد، ولا يزولُ أبداُ ولم يزل.

أول قبل الأشياء بلا أولية، وآخر بعد الأشياء بلا نهاية، عظم عن أن تثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر، فإذا عرفت ذلك فافعـل كما ينبغي لمثلك أن يفعله في صغر خطره (قدره) وقلة مقدرته، وكثرة عجزه، وعظيم حاجته الى ربه، في طلب طاعته، والخشية من عقوبته، والشفقة من سخطه: فإنه لم يأمرك إلا بحسن، ولم ينهك إلا عن قبيح.

يا بُني إني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها، وزوالها وانتقالها، وأنبأتك عن الآخرة وما اُعد لأهلها فيها، وضربت لك فيهما الأمثال، لتعتبر بها، وتحذو عليها.

إنما مثل من خبر الدنيا (عرفها كما هي) كمثل قوم سفر (مسافرون) نبا بهم منزل جديب (لا خير فيه) فأموا (قصدوا) منزلاً خصيباً وجناباً مريعاً (كثير العشب) فاحتملوا وعثاء (مشقة) الطريق، وفراق الصديق، وخشونة السفر، وجشوبة المطعم، ليأتوا سعة دارهم، ومنزل قرارهم، فليس يجدون من ذلك ألماً، ولا يرون نفقة فيه مغرماً، ولا شيء أحب إليهم مما قربهم من منزلهم، وأدناهم من محلتهم.

ومثل من إغترّ بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصيب فنبا بهم الى منزل جديد، فليس شيء أكره إليهم ولا أفظع عندهم من مفارقة ما كانوا فيه، إلى ما يهجمون عليه، ويصيرون إليه.

يا بُني..

اجعـل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيـرك، فأحبب لغيـرك مـا تحب لنفسك، وأكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحب أن تُظلم، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسـك مـا تستقبحه من غيـرك. وارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، ولا تقل ما لا تعلم وأن قل ما تعلم، ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك.

واعلم أن الإعجاب (استحسان ما يصدر عن النفس) ضد الصواب، وآفة الألباب، فأسع في كدحك، ولا تكن خازناً لغيرك، وإذا أنت هديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربك.

واعلم أن أمامك طريقاً ذا مسافة بعيدة، ومشقة شديدة، وأنه لا غنى بك فيه عن حسن الارتياد (إتيانه من وجه)، وقدرِ بلاغِك (الكفايـة) من الزاد، مع خفة الظهر، فلا تحملن على ظهرك فوق طاقتك، فيكون ثقل ذلك وبالاً عليك، وإذا وجدت من أهل الفاقة (الفقر) من يحمل لك زادك الى يوم القيامة، فيوافيك به غداً حيث تحتاج اليه فاغتنمه وحمله إياه.

وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه، فلعلك تطلبه فلا تجده، واغتنم من استقرضك في حال غناك، ليجعل قضاءه لك في يوم عسرتك.

واعلم أن أمامك عقبة كؤودا (صعبة)، المخُفُ فيهـا أحسن حالاً من المُثقل، والمبطئ عليها أقبح حالاً من المسرع، وإن مهبطك بها لا محالة أما على جنة أو على نار، فارتد (أبعث رائداً من طيبات الأعمال) لنفسك قبل نزولك، ووطئ المنزل قبل حلولك، (فليس بعد الموت مستعتب) ولا إلى الدنيا مُنصرف.

واعلم أن الذي بيده خزائن السموات والأرض قد أذن لك في الدعاء وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يُعيرك بالإنابة (الرجوع) ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى، ولم يشدد عليك في قبول الإنابة، ولم يُناقشك بالجريمة ولم يُؤيسك من الرحمة، بل جعـل نزوعك (رجوعك) عن الذنب حسنة، وحسب سيئتـك واحـدة، وحسب حسنتك عشراً، وفتح لك باب المثاب، وباب الاستعتاب،  فإذا ناديته سمع نداك، وإذا ناجيتـه علم نجواك (المكالمة سراً) فاقضيت (ألقيت) إليه بحاجتك، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك (طلبت کشف همومك)، واستعنته على أمورك.

وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعـطائه غيره من زيادة الأعمار، وصحة الأبدان، وسعة الأرزاق.

ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنـه بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته، واستمطرت شآبيب (دفعات المطر) رحمته، فلا يقنطك إبطاء إجابته، فإن العطية على قدر النية، وربما اُخرت عنك الإجابة، ليكون ذلك أعظم لأجر السائل، وأجزل العطاء الأمل.

وربما سألت الشيء فلا تُؤتاه، وأوتيت خيراً منه عاجلاً أو أجلاً، أو صُرف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبتـه فيه هـلاك دينك لو اُتيته، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك حماله، ويُنفى عنك وباله، فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له.

واعلم يا بني!

إنك إنما خُلقت للآخرة لا للدنيا..

وللفناء لا للبقاء..

وللموت لا للحياة..

وأنت في قُلعة (لا يدري متى ينتقل عنها) ودار بلغه (الكفاية) وطريق إلى الآخرة، وأنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه، ولا يفوته طالبه، ولا بد أنه مدركه، فكن فيه على حذر أن يدركك وأنت على حال سيئة، قد كنت تُحدثُ نفسك منها بالتوبة، فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك.

يا بُني!

أكثر من ذكر الموت، وذكر ما تهجم عليه، وتفضي بعد الموت إليـه. حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك، وشددت له أزرك، ولا يأتيك بغتة فيبهرك (يغلبك على أمرك).

وإياك أن تفتر بما ترى من إخـلاد أهل الدنيا إليها، وتكالبهم عليها، فقد نبأك الله عنها، ونعت هي لك عن نفسها، وتكشفت لك عن مساويها، فإنما أهلها كلاب عاوية، وسباع ضارية، يهر (ينبح) بعضها على بعض، ويأكل عزيزها ذليلها، ويقهر كبيرها صغيرها، نعم (إبل) معقلة (مشـدودة) وأخرى مهملة، قد أضلت عقولها، وركبت مجهولها (طريقها المجهول) سُروح (المال السارح من إبل ونحوها) عاههة (يسرحون لرعي الآفات) بـوادٍ وعث (رخو)، ليس لها راع يقيمها، ولا مُسيم يُسيمها.

سلكت بهم الدنيا طريق العمى، واخذت بأبصارهم عن منار الهدى، فتاهوا في حيرتها، وغرقوا في نعمتها، واتخذوها رباً فلعبت بهم ولعبوا بها، ونسوا ما وراءها.

رويداً يسفر الظلام، كأن قد وردت الاظغان (الهودج للسفر)، يوشك من أسرع أن يلحق!.

واعلم يا بني! أن من كانت مطيته الليل والنهار، فانه يسار به وأن كان واقفاً، ويقطع المسافة وأن كان مقيما وادعا.

واعلم يقينا أنك لن تبلغ املك، ولن تعدو أجلك، وأنك في سبيل من كان قبلك فخفض (ارفق) في الطلب، وأجمل في المكتسب، فـانـه رب طلب قـد جـر الى حرب؛ فليس كل طالب مرزوق، ولا كـل مُجملٍ بمحروم، وأكرم نفسـك عن كل دنيـة (حقيرة) وإن ساقتك إلى الرغائب، فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا (بدلا).

ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً.

وما خيرُ خيرٍ لا ينال إلا بشر، ويُسر لا يُنال إلا بعسر؟!

وإياك أن تُوجف (تسرع) بك الطمع فتـوردك مناهل الهلكة، وأن استطعت ألا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فإنك مـدرك قسمـك وآخذ سهمك، وأن اليسير من الله أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وان كان كلٌ منه.

وتلافيك ما فرط (قصر عن افادة الغرض) من صمتك أيسر من أدراكك ما فات من منطقك، وحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء (الرباط) وحفظ مـا في يديك أحب إلي من طلب ما في يدي غيرك.

ومرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس، والحرفة مع العفـة خير من الغنى مع الفجور، والمرء أحفظ لسره، ورب ساع فيما يضره!

من أكثر أهجر (هذي) ومن تفكر أبصر.

قارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن (تبعد) عنهم، بئس الطعام الحرام!

وظلم الضعيف أفحش الظلم!

إذا كان الرفق خرقا (عنفا) كان الخرق رفقا.

ربما كان الدواء داء، والداء دواء.

وربما نَصَحَ غير الناصح، وغش المستنصح.

واياك والاتكال على المنى فأنها بضائع النوكى (الحمقى)، العقـل حفظ التجارب، وخير ما جربت ما وعظك.

بادر الفرصة قبل أن تكون غصة.

ليس كل طالب يصيب، ولا كل غائب يؤوب.

ومن الفساد إضاعة الزاد، ومفسدة المعاد.

ولكل أمر عاقبة، سوف يأتيك ما قدر لك.

التاجر مخاطر، ورب يسير أنمى من كثير!

لا خير في مُعين مهين (حقير) ولا في صديق ظنين.

ساهل الدهر (خذ حظك منه بسهولة) ما ذل بك قعوده، ولا تخاطر بشيء رجاء أكثر منه، وإياك أن تجمع بك مطية اللجاج (الخصومة).

إحمل نفسك من أخيـك عند صرمه (قطيعته) على الصلة، وعنـد صدوده (الهجر) على اللطف والمقاربة، وعند جموده (بخله) على البذل، وعند تباعده على الدنو، وعند شدته على اللين، وعنـد جرمه على العذر، حتى كأنك له عبد، وكأنه ذو نعمة عليك.

وإياك وأن تضع ذلك في غير موضعه، أو أن تفعله بغير أهله.

لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك، وامحض أخاك النصيحة، حسنة كانت أو قبيحة، وتجرع الغيظ، فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة، ولا ألذ مغبة.

ولن لمن غالظك، فإنه يوشك أن يلين لك، وخذ على عدوك بالفضـل فأنه أحلى الظفرين، وأن أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية يرجع إليها أن بدا له ذلك يوما ما.

ومن ظن بك خيراً فصدق ظنه، ولا تضيعن حق أخيـك اتكالا على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه.

ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك، ولا ترغب فيمن زهد عنك ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته، ولا تكونن على الاساءة منك على الاحسان.

ولا يكبرن عليك ظلم من ظلمك، فانه يسعى في مضرته ونفعك. وليس جزاء من سرك أن تسوءه.

واعلم يا بني!

إن الرزق رزقان رزق تطلبه، ورزق يطلبك، فإن أنت لم تأته أتاك.

ما أقبح الخضوع عند الحاجة، والجفاء عند الغنى!

إنما لك من دنياك ما أصلحت له مثواك (منزلتك في الآخرة، وان كنت جازعا على ما تغلت (تملص) من يديك، فاجزع على كل ما لم يصل إليك.

استدل على ما لم يكن بما قد كان، فإن الأمور اشباه، ولا تكونن ممن لا تنفعه العظمة إلا إذا بالغت في إيلامه، فإن العاقل يتعظ بالآداب، والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب.

اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين.

من ترك القصـد (الاعتـدال) جار (مال عن الصواب) والصاحب مناسب، والصديق من صدق غيبه، والهوى (الشهوة الغير منضبطة) شريك العمى.

ورب بعيد أقرب من قريب، وقريب أبعد من بعيد، والغريب من لم يكن له حبيب.

من تعدى الحق ضاق مذهبه، ومن اقتصر على قدره كان أبقى له.

وأوثق سبب أخذت به سبب بينك وبين الله سبحانه.

ومن لم يبالك (يعتني) فهو عدوك، قد يكون اليأس ادراکا، إذا كان الطمع هلاكا.

ليس كل عورة تظهر، ولا كل فرصة تصاب، وربما أخطأ البصير قصده، وأصاب الاعمى رشده.

أخر الشر فأنك إذا شئت تعجلته (استبقت حدوثه) وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل.

من أمن الزمان خانه، ومن أعظمه (هانه) أهانه.

ليس كل من رمى أصاب، إذا تغير السلطان تغير الزمان.

سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار.

إياك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكاً، وأن حكيت ذلك عن غيرك.

وإياك ومشاورة النساء فان رأيهن إلى أفن (نقص) وعزمهن الى وهن (ضعف) وأكفف عليهن من أبصارهن بحجابك اياهن، فان شدة الحجاب أبقى عليهن، وليس خروجهن بأشد من ادخالك من لا يوثق به عليهن، وان استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل.

ولا تُملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فان المرأة ريحانة وليست بقهرمانة.

ولا تعد بكرامتها نفسها، ولا تُطمِعها في أن تشفع لغيرها.

وإياك والتغاير في غير موضع غيرة فإن ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم، والبريئة إلى الريب، واجعل لكل انسان من خدمك عملاً تأخذ به، فانه أحرى إلا يتواكلوا في خدمتك.

وأكرم عشيرتك، فإنهم جناحك الذي تطير به، واملكَ الذي إليه تصير، ويدك التي بها تصول. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






العتبة العباسية تطلق مسابقة فن التصوير الفوتوغرافي الثانية للهواة ضمن فعاليات أسبوع الإمامة الدولي
لجنة البرامج المركزيّة تختتم فعاليّات الأسبوع الرابع من البرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسيّة
قسم المعارف: عمل مستمر في تحقيق مجموعة من المخطوطات ستسهم بإثراء المكتبة الدينية
متحف الكفيل يشارك في المؤتمر الدولي الثالث لكلية الآثار بجامعة الكوفة